ديمبيلي يفي بوعده ويحضر كأس دوري أبطال أوروبا إلى رولان جاروس    «غرفة الإسكندرية» تستقبل وفدًا تجاريًا بولنديًا لتعزيز التعاون بين البلدين (صور)    مي عبد الحميد: مد فترة الحجز ب"سكن لكل المصريين 7" استجابة لمطالب المواطنين    "الخارجية": مصر تخسر 8 مليار دولار سنويا بسبب تعطل الملاحة في البحر الأحمر    لن ندخل الحزام الزلزالي.. البحوث الفلكية توضح مدى تأثير العواصف الشمسية    نشاط مكثف للرئيس السيسي اليوم الإثنين.. فيديو وصور    مران الزمالك - انتظام نبيل عماد بعد تعافيه من الإصابة    رومانو: الفحوصات الطبية تفصل انضمام لويس هنريكي ل إنتر    عدلي القيعي يكشف مفاجأة بشأن رحيل معلول عن الأهلي    "السكة الحديد" توضح حقيقة تشغيل القطارات الإضافية خلال عطلة عيد الأضحى    النيابة الإدارية بالأقصر تجري معاينة لقصر ثقافة الطفل    الجوزاء.. تعرف على صفات برج الفرعون المصري محمد صلاح    القاهرة الإخبارية: ليالٍ دامية في غزة.. الاحتلال يرتكب مجازر جديدة بحق المدنيين    مدير تلال الفسطاط يستعرض ملامح مشروع الحدائق: يتواءم مع طبيعة القاهرة التاريخية    «ربنا مايكتب وجع لحد».. تامر حسني يكشف تفاصيل تعرضه ونجله لأزمة صحية ودخولهما المستشفى    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة لطلاب الثانوية العامة وتيسير الأمور.. ردده الآن    "مطروح للنقاش" يسلط الضوء على قرارات ترامب بزيادة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم    الإصلاح والنهضة: 30 يونيو أسقط مشروع الإخوان لتفكيك الدولة ورسّخ الوعي الوطني في مواجهة قوى الظلام    أرامكو السعودية تنهي إصدار سندات دولية ب 5 مليارات دولار    طرح البرومو الرسمي لفيلم "في عز الضهر".. وهذا موعد عرضه في السينمات    إيساف: «أبويا علّمني الرجولة والكرامة لو ماعييش جنيه»    جوعى غزة في بئر ويتكوف    خالد الجندي: الحج المرفّه والاستمتاع بنعم الله ليس فيه عيب أو خطأ    ضربات الشمس في الحج.. الأسباب والأعراض والإسعاف السريع    أهم أخبار الإمارات اليوم.. محمد بن زايد يهنئ نافروتسكي بفوزه بالانتخابات الرئاسية البولندية    تعرف على محطات الأتوبيس الترددي وأسعار التذاكر وطريقة الحجز    رئيس جامعة المنوفية يرأس اللجنة العليا لتكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي    واشنطن بوست: فوز ناوروكي برئاسة بولندا تعزز مكاسب اليمين في أوروبا    الثلاثي الذهبي للكاراتيه ينتزع جائزة «جراند وينر» من الاتحاد الدولي    ديلي ميل: إلغاء مقابلة بين لينيكر ومحمد صلاح خوفا من الحديث عن غزة    رئيس الوزراء الفلسطيني يدعو لوكسمبورج للاعتراف بدولة فلسطين قبيل مؤتمر السلام في نيويورك    مياه الفيوم تطلق حملات توعية للجزارين والمواطنين بمناسبة عيد الأضحى المبارك    شرح توضيحي للتسجيل والتقديم في رياض الأطفال عبر تعليم القاهرة للعام الدراسي الجديد.. فيديو    هل يجوز للمرأة ذبح أضحيتها بنفسها؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    في رحاب الحرم.. أركان ومناسك الحج من الإحرام إلى الوداع    موعد أذان مغرب الاثنين 6 من ذي الحجة 2025.. وبعض الآداب الواردة في عشر ذي الحجة    رئيس جهاز العاشر من رمضان يتدخل لنقل سائق مصاب في حريق بمحطة وقود إلى مستشفي أهل مصر للحروق    مدينة الأبحاث العلمية تطلق سلسلة توعوية بعنوان العلم والمجتمع لتعزيز الوعي    بريطانيا: الوضع في غزة يزداد سوءًا.. ونعمل على ضمان وصول المساعدات    «أجد نفسي مضطرًا لاتخاذ قرار نهائى لا رجعة فيه».. نص استقالة محمد مصيلحى من رئاسة الاتحاد السكندري    رئيس جامعة بنها: تبادل التهاني في المناسبات الدينية يؤكد التماسك    عبد الرازق يهنىء القيادة السياسية والشعب المصري بعيد الأضحى    «صحة الاسكندرية» تعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد الأضحى    يديعوت أحرونوت: وفد إسرائيل لن يذهب إلى الدوحة للتفاوض    تسرب 27 ألف متر غاز.. لجنة فنية: مقاول الواحات لم ينسق مع الجهات المختصة (خاص)    وزير الثقافة ينفي إغلاق قصور ثقافية: ما أُغلق شقق مستأجرة ولا ضرر على الموظفين    الهيئة العامة للأوقاف بالسعودية تطلق حملتها التوعوية لموسم حج 1446    السجن 3 سنوات لصيدلى بتهمة الاتجار فى الأقراص المخدرة بالإسكندرية.. فيديو    للمشاركة في المونديال.. الوداد المغربي يطلب التعاقد مع لاعب الزمالك رسميا    تخريج 100 شركة ناشئة من برنامج «أورانج كورنرز» في دلتا مصر    الرئيس السيسى يستقبل مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية    حزب السادات: فكر الإخوان ظلامي.. و30 يونيو ملحمة شعب وجيش أنقذت مصر    «تعليم الجيزة» : حرمان 4 طلاب من استكمال امتحانات الشهادة الاعدادية    توريد 169 ألفا و864 طنا من محصول القمح لصوامع وشون سوهاج    تحكي تاريخ المحافظة.. «القليوبية والجامعة» تبحثان إنشاء أول حديقة متحفية وجدارية على نهر النيل ببنها    «التضامن»: انطلاق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة لتعزيز دور رجال الدين في بناء الأسرة المصرية    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاريخ "الصفقات الحرام" بين بريطانيا والإسلاميين
نشر في البوابة يوم 29 - 09 - 2015

إنجلترا استغلت «الإخوان» لتحقيق مصالحها في الشرق الأوسط
حركت «الإسلاميين» للتصدى للقومية وخططت معهم لاغتيال «عبدالناصر وسوكارنو»
التنظيمات الدينية ساعدت أمريكا في اختبار أسلحة فتاكة في أفغانستان وتهريب أسلحة سوفيتية وإخفاء مصدرها
ما أشبه الليلة بالبارحة.. بالأمس كانت المملكة المتحدة توظف التيارات الدينية في الشرق الأوسط لخدمة أهدافها، واليوم ورثتها الولايات المتحدة في القيام بالدور نفسه، ليس هذا كلامًا مرسلًا بل معلومات تدعمها الوثائق الصادرة عن محركى عرائس الماريونت أنفسهم، صادرة عن وزارة الخارجية والمخابرات البريطانية بعد أن رفعت عنها السرية.
الوثائق التي تكشف عورة التنظيمات الدينية تضمنها كتاب «التاريخ السرى لتآمر بريطانيا مع الأصوليين» للمؤلف مارك كورتيس وترجمة كمال السيد، والصادر عن المجلس القومى للترجمة، وهى تفضح تآمر الحكومة البريطانية مع المتطرفين والإرهابيين، دولًا وجماعات وأفرادًا، في أفغانستان وإيران والعراق وليبيا والبلقان وسوريا وإندونيسيا ومصر وبلدان رابطة الدول المستقلة حديثًا، بل حتى في نيجيريا التي تآمرت بريطانيا على خلافة سوكوتو فيها في أوائل القرن العشرين مع متأسلمين هناك، وذلك لتحقيق مصالحها.
يوضح المؤلف، وهو صحفى وكاتب ومستشار، عمل زميلًا باحثًا في المعهد الملكى للشئون الدولية، ومديرًا لحركة التنمية الدولية ورئيسًا لقسم السياسة في مؤسسة المعونة بالعمل والمعونة المسيحية، كم كانت بريطانيا ماهرة وماكرة في التلاعب بكل الأطراف، وأن أكثر من استغلتهم ثم نبذتهم عندما لم يعد لهم جدوى وانتفى الغرض، هم المتأسلمون، بدءًا من جماعة الإخوان السعودية لأسامة بن لادن والأفغان والفرق الإندونيسية.
بالوقائع والتفاصيل الموثقة يوضح الكتاب أن المبادئ والقيم ليس لهما مكان في سياسة بريطانيا الخارجية، وأنها اعتمدت سياسة فرق تسد، وتقلبت في التعامل مع كل الأطراف المتضاربة، فبعد أن مولت طالبان وسلحتها انقلبت عليها، وساندت حيدر علييف الشيوعى السابق، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعى السوفيتى والذي أباد خصومه بوحشية ضد معارضيه المتأسلمين، وبعد أن تآمرت مع الولايات المتحدة لإعادة الشاه لعرشه في 1953 بتدبير انقلاب على القائد الوطنى مصدق، رفضت طلبه للجوء إليها بعد أن أطاحه الخومينى، وبعد عداء مرير لعدم الانحياز قالت تاتشر إن أفغانستان بلد من بلدان حركة عدم الانحياز العظيمة! وبعد إدانتها للمتمردين عادت لتقول إن كلمة المتمردين خاطئة وإنهم مقاتلون في سبيل التحرير، وبعد رفض الإسلام، رجعت لتقول إنه بديل جيد للماركسية وإن الحكم الدينى الإسلامى مصد للسوفيت.
يعرض الكتاب دور بريطانيا القيادى في التآمر مع المتأسلمين، ثم تحولها إلى «جزمة» - كما يقول - في رجل الأمريكيين، تقوم بالأعمال القذرة التي يأنف الأمريكيون عن القيام بها، ويضرب الكتاب أمثلة للرياء البريطانى، أشهرها «إسراف» السيدة تاتشر، وحديثها عن «بعد نظر وروعة» ضياء الحق ديكتاتور باكستان، والمحرك الأول للإرهاب العالمى، كذلك حديثها عن بعد نظر الشاه وخبرته التي لا تباري وعلى ذلك، ففى جنازته في القاهرة أرسلت أمريكا ريتشارد نيكسون للمشاركة، وأرسلت فرنسا سفيرًا واكتفت بريطانيا بموظف في السفارة.
يقدم الكتاب الذي يتجاوز 500 صفحة من الحجم الكبير بالوثائق نماذج عن طبيعة السياسة البريطانية التي شاركتها الولايات المتحدة كثيرًا من آثامها، ومنها أن بريطانيا كانت هي المحرك للقوى المتأسلمة في تصديها للقومية والعلمانية، وفى هذا خططت لاغتيال قادتها في مصر وسوريا والعراق وإندونيسيا خاصة عبدالناصر وسوكارنو.
ويكشف أن جميع الحروب التي اتخذت طابعًا جهاديًا لعبت بريطانيا الدور الرئيسى فيها بداية من أفغانستان للبوسنة حتى الحرب بين أذربيجان وأرمينيا حول ناجورنو كاراباخ والحرب في كشمير وفى بلدان رابطة الدول المستقلة، وأنها شجعت الملا عمر قائد طالبان على أن يوافق في محادثاته على تسليم بن لادن، وهو نفس ما عرضه حسن الترابى المتأسلم، ودفعت لتخصيص الملايين من الدولارات لإبادة الجيش العراقى في 1991، وشجعت بن لادن على أن يعرض على السعوديين أن تدافع قواته بعد أفغانستان عن المملكة، ودفعت هي والأمريكيون الشيعة في جنوب العراق للثورة على صدام، ثم تخليتا عنهم، بل وقامتا بحماية قوات صدام التي سحقتهم وذبحت آلافًا منهم.
من المعلومات التي يكشفها المؤلف أن بريطانيا قامت هي وأمريكا باختبار أسلحة جديدة فتاكة في أفغانستان لبيان مدى فاعليتها، ومن جانب آخر وردت أسلحة لم تثبت فاعليتها في حربها في فوكلاند لأتباعها المتأسلمين في حروبهم، وهربت لهم أسلحة سوفيتية حتى لا يعرف مصدرها. وأرسلت حمولة 100 طائرة من القذائف لمسعود في أفغانستان وتولت تهريب المجاهدين الأفغان بأسماء مزورة لبريطانيا لتدريبهم في معسكرات هناك.
تقول الوثائق إن الإنجليز مع تزلفهم لدول الخليج بل وتذللهم لها، كانوا ينقمون عليها ما تملكه من ثروات طبيعية، ويقول سفير بريطانى عن الملك سعود إنه «يبدو أنه ليس لديه فكرة عن أن الأموال ينبغى إنفاقها على أغراض أخرى غير نزواته الشخصية، أو أن هناك حدودًا لما يمكن أن يأتى منها».
نظر البريطانيون للعرب باستمرار نظرة دونية، فكان السير كونجريف يرى «أن العرب، مسلمين ومسيحيين ويهود، كلهم بهائم، ومصيرهم لا يعادل حياة إنجليزى واحد»، وكذلك عارض تشرشل إقامة دولة نيابية عربية في فلسطين، وقال إن العرب أقل شأنًا وقدرة من اليهود ومثالًا لعدم مبدئية البريطانيين، فإنه مع ظهور بوادر الحرب العالمية في الأفق، قال تشمبرلن «إنه من المهم كسب العرب لصفنا، وإذا كان علينا أن نغضب طرفًا فلنغضب اليهود»، ورغم إشادات تاتشر بالدين الإسلامى فإنها لم تعتبره أبدًا حليفًا استراتيجيًا واعتبره تشرشل «القوة الأكثر رجعية في العالم».
كانت بريطانيا باستمرار تخلف وعودها للعرب، فبعد أن أوهمت الشريف حسين بأنها ستنصبه خليفة للعرب بعد هزيمة العثمانيين، أخذت صف عبدالعزيز بن سعود لأن مطالبه اقتصرت على شبه الجزيرة العربية، رغم أنه في حربه مع حسين قتل 400 ألف وهرب أكثر من مليون، وعند انتصاره شنق 40 ألفًا وبتر أعضاء 350 ألفًا.
تلك عينة صغيرة مما أورده الكتاب من جرائم بريطانيا في العالم الإسلامى، ومع ذلك لم ينس الكتاب إنجازات الأمريكيين الذين نافسوا البريطانيين في هذا الصدد، فقد اعترف هؤلاء بأن عبدالناصر أجبرهم على مساندة نظم ظلامية ورجعية وضارة بسمعة مؤيديها، وأنهم جعلوا القومية عدوهم الأول، ونال اليساريون الجزء الأول من اهتمامهم، فقد لعبوا الدور الأساسى في ذبح أعضاء حزب تدوه الإيرانى في 1953، وفى إبادة الحزب الشيوعى الإندونيسى الذي كان يضم مليونى عضو على أيدى صديقهم سوهارتو ومن معه من المتأسلمين، كذلك فعلوا في العراق والأردن وفى أفغانستان التي كان عميلهم حكميتار فيها يسلخ جلود أعدائه، خاصة اليساريين، أحياء، فقد ساندوه بكل قوتهم رغم أن الكونجرس قال إنه أكثر القادة الأفغان فسادًا.
ويبرز الكتاب دور أمريكا وتابعتها بريطانيا في تأييد الديكتاتور (ضياء وسوهارتو والشاه وغيرهم) وآية الله (الملالى في انقلاب 1953 ثم الخومينى قبل أن تنقلب عليه، وكذلك ملالى طالبان قبل أن توليهم ظهرها لرفضهم توقيع عقد نفط مع شركة أمريكية)، وقد أورد الكتاب أن مخابرات أمريكا جندت كثيرين من قادة المتأسلمين منهم سعيد رمضان، مؤسس التنظيم الدولى للإخوان، الذي مولوه بمبلغ 10 ملايين دولار وأجبروا الأردن على منحه جواز سفر.
وتشير الوثائق إلى أن أمريكا بدأت من أوائل الخمسينيات تمول الإخوان في مصر ومساعدتهم في سوريا لتدبير مؤامرتين، وتعاونت معهم هي وشركة أرامكو لتكوين خلايا منهم في السعودية لمحاربة القومية العربية. كذلك تآمرت أمريكا مع المتأسلمين الذن كانوا يتحدون النظام السوفيتى في آسيا الوسطى من بين رجال القبائل. وكان دور أمريكا بارزًا في تمويل ملالى إيران وتسليحهم في انقلاب 1953، وحتى بعد الثورة على الشاه أغدقت أمريكا بعدها على الملالى قبل أن تنقلب عليهم، بحيث راجت نكتة في طهران كما تقول: «أشرف بهلوى إنك إذا رفعت ذقن أحد الملالى فسترى عبارة «صنع في أمريكا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.