قناة السويس الجديدة إنجاز مصري عظيم بما تحمل الكلمة من معنى، كما أنها مشروع عملاق يخدم مصر والعالم، لأنها الممر الملاحي الأسرع عالميًا، رغم أن فترة حفرها لم تتجاوز العام الواحد. ونظرًا لمكانة مصر، أصبح أعداء الوطن يتربصون بها، ومن هنا بدأ الكثيرون في البحث عما يمكن أن ينال من عزيمة المصريين، التي تحدت العالم والظروف بالقوة والسرعة والإصرار والإرادة، حيث زعُم البعض أنها مجرد تفريعه بلا قيمة ولن تؤثر ايجابيا في الاقتصاد المصري، لكن المصريون وقفوا متكاتفين حتى انتهى المشروع وأصبح واحدًا من الإنجازات العالمية التي يتحدث عنها العالم بأسره، وما أن خرجنا من تلك المكائد، حتى بدءوا يبحثون عن غيرها، فتناولت بعض الصحف مؤخرا معلومات مغلوطة عن تأثر قناة السويس بالاحتباس الحرارى نتيجة ذوبان القطب الشمالى وفتح مجرى ملاحي جديد ينافس القناة. ومن جانبها، التقت "البوابة نيوز"، الدكتور "مسلم شلتوت" أستاذ بحوث الشمس والفضاء ونائب رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، حيث أكد على معرفة القائمين بحفر قناة السويس الجديدة بمعنى الاحتباس الحراري وما يمكن أن يُحدثه في القطب الشمالي، فهم ليسوا هواة كما أن مشروع القناة ضخم ولا يتحمل سوء الدراسة، وأضاف: الاحتباس الحراري عبارة عن ظاهرة طبيعية بدأت تتسبب في ذوبان بعض الأجزاء من القطب الشمالي منذ ما يقرب من 10 سنوات، حيث يتكسر الثلج وتحدُث عملية أقرب ما تُشبه بالذوبان، حيث أن الثلج لا يذوب تماما بل يكون على هيئة قطع طافية فوق الماء، وهي عملية تحدث خلال ثلاثة أو أربعة أشهر فقط من العام وهو فصل الصيف، ثم تعود الأمور لنصابها حيث يتجمد القطب مرة أخرى بأكمله. وبربط هذه المعلومات بمساهمة عملية الإحتباس الحراري في عمل مجرى ملاحي في القطب الشمالي ينافس قناة السويس أوضح "شلتوت" أن هذا المجرى الملاحي غير آمن على الإطلاق نظرًا لوجود قطع عملاقة من الثلج التي لا تذوب تماما، ومن الممكن أن تصطدم بالسفن وتُحدث بها العديد من الأعطال، مضيفا:قناة السويس آمنة تمامًا ولها مسار محدد ومرسومة بالمسطرة، وأضاف بأن هذا الممر الملاحي الناتج عن الاحتباس الحراري يعيبه طول المسار، فالسفن تعبر فيه مخترقة المحيط الهادي حتى تصل لشمال الأطلنطي، وان كان مفيدًا لبعض الدول كاليابان ودول شمال أوربا، إلا أن قناة السويس هي الأفضل للدول الأوربية المطلة على البحر المتوسط. وأضاف ايضًا أن قناة السويس لا يمكن وضعها في منافسه مع تلك الممرات المؤقتة نظرًا لما تتميز به من مياه دافئة، إلى جانب الخدمات والدعم التي تقدمها للسفن العابرة بها، مقارنة بالسفن العابرة بالقطب الشمالي التي تكون عُرضة لحدوث أي أعطال وبلا أي إسعافات أو خدمات. ومن جانبه، أكد الدكتور "عبدالتواب حجاج" المستشار الاقتصادي لهيئة قناة السويس ومُحاضر اقتصاديات النقل البحري بالأكاديمية العربية للنقل البحري، أنه لا يوجد منافسة حالية بين قناة السويس ومجرى القطب الشمالي الملاحي، موضحًا أن هذا الطريق لو أصبح آمنًا تمامًا لن يكون منافسًا أيضا، فهو في حاجه إلى كاسرات ثلوج وهي سفن عملاقة تستخدم لتمهيد الطريق للسفن العابرة، مما يستنفذ منهم الوقت والمال، وعلى الرغم من قِصر المسافة لبعض الدول مقارنة بقناة السويس إلا إن هناك مشكلة أكبر وهي درجات الحرارة المنخفضة جدا والتي تمثل عائقًا لبعض البضائع التي لا تتحمل مثل تلك البرودة وهو ما يُحد من المنافسة للقناة. وأشار عبدالتواب إلى أن تلك المنافسة مأخوذه في الاعتبار فهناك دراسات مستمره وتتابع لحدود المنافسة، والتي أشار إلى انها ليست عائقًا إلى ما قبل ال50 عام، حتى وان استطاعوا التغلب على المشكلات الجغرافية في تلك المناطق، مؤكدا أيضا انها لن تكون بديلا حتى لو استقطبت جزءا من التجارة، وأوضح ذلك في أن الملاحة بقناة السويس عاي مدى العام، كما أنه من السهل توسعتها وتعميقها لتناسب احتياجات سفن الشحن العالمية. فيما جاءت أبحاث أخرى تشير إلى أن عدد السفن التي استخدمت الشمالي للملاحة لم تتجاوز 71 سفينة في العام، وهو تقريبًا العدد الذي يعبر قناة السويس في اليوم الواحد وكان هذا في عام 2013 ثم انخفض في العام الذي يليه ليصبح 53 سفينه فقط، وأشارت تلك الأبحاث أيضا إلى عدم وجود خرائط تفصيلية لتلك المناطق بالقطب الشمالي، الأمر الذي يجعلها غير آمنة.