"أماية... وأنتي بترحي بالرّحي على مفارق ضحى، وحدك وبتعدّدي على كل حاجة حلوة مفقودة ما تنسينيش يا أمة في عدُّودة عدّودة من أقدم خيوط سودا في توب الحزن لا تولولي فيها ولا تهللي وحطي فيها اسم واحد مات كان صاحبي يا أمه واسمه ناجي العلي". بتلك الكلمات الشعرية بدأ الخال عبدالرحمن الأبنودي، رثاءه الخاص لناجي العلي صديقه رسام الإنتفاضة الفلسطينية، وكانت كلماته من ديوان "الموت على الأسفلت". ناجي العلي.. رسام كاريكاتير ممن صنعت منهم القضية الفلسطينية، نموذجًا جديدا لمحارب يخوض معاركه بالريشة والألوان، ورسخ بأساليبه الإبداعية كيفية مقاومة الاحتلال، وقهره، فناجي العلي خاض نحو أربعين ألف معركة كاريكاتورية، هي رصيده الإبداعي، الذي مازال يواجه الكيان الصهيوني بمنتهى الفروسية. عام 1948 هاجر مع عائلته إلى مخيم عين الحلوة بجنوب لبنان، بعد قيام دولة "إسرائيل"، جسد الفنان الكبير الراحل ناجي العلي، بعد ما اعتقله الكيان الصهيوني في صباه، أوجاع القضية الفلسطينية على الجدران، نشرت أولى لوحاته الفنية في مجلة "الحرية" عام 1961، وكان الصحفي الفلسطيني "غسان الكنفاني"، مكتشف عبقرية لوحاته، حين تقابلا في مخيم عين الحلوة بلبنان، ولاقت لوحة له عن "خيمة تعلو قمتها يد تلوّح"، صدي مدويًا في الأوساط الفنية اللبنانية والفلسطينية، وفي عام 1963 سافر إلى الكويت ليعمل محررًا ورسامًا ومخرجًا صحفيًا فعمل في عدد من الصحف مثل "الطليعة الكويتية"، و"السياسة الكويتية"، و"السفير اللبنانية"، و"القبس الكويتية"، ثم "القبس الدولية". كان للرسام الكبير الراحل ناجي العلي شخصية كاريكاتورية مشهورة، كتب عنها "الأبنودي" في قصيدته قائلا: "رسم الكفوف زي الصبّار حنضل بمرار صبي قصير واقف محتار قدام صورة صورة لا تعرف تتحادق ولا بتنافق عيب ناجي إنُّه عاش صادق عاش للصورة". ""حنظلة" هي الشخصية التي ظهرت في جريدة السياسة الكويتية، وهو الطفل ذو العشرة أعوام، الذي أدار ظهره للعرب، وعقد يداه خلف ظهره، معترضًا على سنوات ما بعد انتصار مصر في حرب 1973، وانتقادًا لحال القادة العرب آنذاك ومعاهدة السلام "كامب ديفيد"، وأصبحت شخصية "حنظلة"، بعد ذلك توقيع ناجي العلي على رسوماته، وقال عنه ناجي العلي إنه "بمثابة الأيقونة التي تمثل الانهزام والضعف في الأنظمة العربية. في 22 يوليو عام 1987، أطلق شاب مجهول الهوية النار على ناجي العلي، وأصابه تحت عينه اليمنى، ومكث في غيبوبة طويلة حتى وفاته في 29 أغسطس، وتم دفنه في مقبرة بروك وود الإسلامية في لندن، رغم طلبه أن يُدفن في مخيم عين الحلوة بجانب والده، ولكن القدر كان له قرار آخر.