حينما تتعرض للظلم من أقرب الناس لديك، ولاتجد ما تدافع به عن نفسك، ينتابك إحساس مرير بالعجز والمهانة، تبحث عن المخرج هنا وهناك أملًا فى رد الظلم. هكذا هى حال «هند» شابة فى منتصف العشرينات من عمرها، التقيناها داخل ردهات محكمة الأسرة وهى تحمل طفلها الصغير على كتفيها، حيث جاءت بحثًا كما قالت عمن يرد لها حقها وكرامتها التى أهدرت على يد زوجها السابق. وبدموع باكية بدأت هند تقص حكايتها قائلة: «رغم أن الله منحنى جمال الوجه، إلا أننى عشت حياة بائسة منذ طفولتى، حيث أصبت بإعاقة منذ الصغر جعلتنى غير قادرة على التحرك والسير إلا بصعوبة بالغة، مما دفعنى إلى ترك الدراسة وأنا فى المرحلة الإعدادية ومكثت فى المنزل وتقبلت قضاء الله وقدره صابرة، حتى جاء يوم ما لا أنساه حتى الآن، حيث أصيب شقيقى الأصغر بالصرع وتعرض لنوبات كادت تودى بحياته، وزادت حدتها لأننا بسبب الفقر لم نستطع معالجته أو شراء أى أدوية تواجه أو تخفف من قسوة المرض. وأضافت هند وهى تحاول جمع شتات نفسها «وفى يوم ما طلبت منى والدتى التوجه إلى رجل معروف ببره وإحسانه في الحي الذى نقيم فيه ويدعى الحاج سمير، لطلب مساعدته، وبالفعل ذهبت إليه وعرضت عليه حالتنا، وحاجة شقيقى إلى العلاج وعجزنا عن شراء الدواء له، ولم يتأخر الرجل عن المساعدة بل وطلب منى المجىء إليه بأى وقت أحتاج فيه إلى مساعدته، ومع مرور الأيام ترددت كثيرًا عليه طالبة مساعدته التى لم يتأخر فى تقديمها، وبدأ فى التودد لى ومغازلتى ثم عرض علىّ الزواج به عرفيًا خوفًا من أن تعلم زوجته بالأمر، وراح يمطرنى بالوعود البراقة الجميلة، ووافقت على أمل أن ينتشلنى أنا وأسرتى من الفقر والمعاناة التى نعيشها، وبالفعل تزوجنا سرًا عرفيًا، ولم يعلم بالأمر أحد غيرنا أنا وهو. واستطردت هند بصوت حزن قائلة: «ظل الأمر سرًا حيث كنت أتردد عليه فى غرفة ملحقة بمصنع يمتلكه، ومرت شهور وفى يوم ما شعرت بتعب مفاجئ فذهبت إلى طبيب ليخبرنى أنى حامل، هزنى الخبر وعدت إلى الرجل الذى تزوجته عرفيًا لأخبره بالأمر، وأطالبه بإعلان زواجنا خوفًا من الفضيحة، لكنه نهرنى وطردنى، وخرجت ألملم نفسى حائرة حزينة، ولكنى استجمعت أمرى وذهبت إلى زوجته وحكيت لها قصتى مع زوجى وزوجها، ووعدتنى بإصلاح الأمر، وبعد أيام اتصلت بى وأخبرتنى أن زوجها سوف يعلن زواجنا بشرط أن أضع مولودى فى مستشفى بعيدًا عن القاهرة ووافقت، واصطحبونى إلى مدينة شرم الشيخ بعدما أقنعونى أن عملية الولادة ستتم فى مستشفى هناك، لكنهم وبمجرد ولادتى لطفلى تركوا المدينة، ووجدت نفسى وحيدة دون سند أو معين، واضررت إلى العودة للقاهرة، وفى طريق العودة تعرضت لمحاولة اغتصاب من سائق سيارة نقل عرض علىّ توصيلى مع طفلى دون أجر، إلا أننى تمكنت من الهرب منه، وسرت فى الطريق لوحدى حتى غشى علىّ، حيث عثر علىّ رجل شهم فى تلك الحالة فأبلغ قسم الشرطة التى تحفظت علىّ وأخطرت النيابة التى استدعت أبى لاستلامى. وواصلت هند رواية قصتها الحزينة قائلة: «عقب عودتى مع أبى إلى منزلنا، قررت البحث عن الرجل الذى خدعنى، توجهت إلى مصنعه فاكتشفت أنه باعه لآخرين، وأنه ترك أيضا مكان سكنه، وبحثت عن عنوانه الجديد حتى توصلت إليه، فذهبت إليه برفقة أبى وأشقائى إلا أنه استدعى لنا الشرطة واتهمنا بالاعتداء عليه، وحولنا إلى النيابة التى استدعته وأمامها اعترف بأنه والد طفلى وتعهد بالزواج منى، إلا أنه تهرب من وعده، ولم أجد مفرًا سوى المجىء إلى محكمة الأسرة، طالبة إثبات نسب طفلى لزوجى الغادر.