«الزومبي».. الميت الحي، تلك الأسطورة التى تثير الرعب فى القلوب خلال مشاهدتها فى الأفلام السينمائية، ليست محض خيالات، وإنما تعتبر حسب اعتقادات ديانة «الفودو» المنتشرة فى أجزاء من إفريقيا اسما للشخص الميت ثم تتم إعادته إلى الحياة، فيما يعتقد البعض الآخر أن الشخص الذى تمت سرقة روحه بواسطة قوى خارقة، وتعويذات سفلية معينة وتم من خلالها إجباره من قبل الساحر الذى قام بالتعويذة على إطاعته. فهناك الكثير من القصص المتعلقة بالزومبى فى الفلكلور الفرنسى القديم، حيث وجد الباحثون عددا لا يحصى من القصص عن أشخاص تمت إعادتهم إلى الحياة عن طريق الأسياد «علماء الدين فى الفودو»، بحيث يتحول «الزومبي» إلى عبيد لأسيادهم بدون إرادة أو وعي، ولا يشكلون خطرا إلا فى حالة رشهم بالملح حيث يستعيدون وعيهم وشعورهم، ونظراً للأبحاث الكثيرة التى تناولت الموضوع، فإنه أصبح من غير الممكن تكذيب حقيقتها، وذلك على الرغم من السرية الكبيرة التى تحيط عقيدة «الفودو»، التى تجعل من الصعب التعرف على الطريقة الحقيقية فى صياغة وصنع «الزومبي»، والتى يعتقد أنها تتم بواسطة مجموعة من العقاقير الطبية السرية حيث يرجح الكثير من العلماء أن عملية إعادة المخلوقات الميتة تنقسم إلى مرحلتين، الأولى من خلال إدخال الشخص الضحية فى حالة شلل أو لا وعى تام تشبه الموت عن طريق بعض العقاقير، ومن ثم إعادة الوعى لهذا الشخص، بعد أن يتم دفنه. الباحثة الأمريكية «زورا هيوستن» إحدى المهتمين بالفلكلور فى هاييتى «الجزر الفرنسية القديمة»، بينما كانت تعمل على أصول عقيدة «الفودو» فانتبهت عام 1937 إلى قضية من نوع خاص عن سيدة تدعى «فليسيا مينتور»، والتى ماتت ودفنت فى عام 1907 فى سن التاسعة والعشرين، بينما ادعى أهل قريتها أنهم رأوها تسير فى شوارع مدينة «دازي» بعد 30 سنة على وفاتها، كما شاهدوا قبلها العديد من الأشخاص الذين ماتوا ودفنوا ثم عادوا للحياة، فى نفس القرية. إن هذه المشاهدات جذبت اهتمام «هيوستن» وجعلتها تتابع هذه الشائعات وتدرسها وقد وصلت إلى نتيجة مفادها أن هؤلاء الأشخاص «زومبي» يكونون خاضعين إلى تأثير عقاقير قوية تؤثر فى تصرفاتهم وتسلبهم الإرادة، ولكنها لم تستطع العثور على أشخاص يمدونها بالمزيد من المعلومات عن ظاهرة «الزومبي» فكتبت تقول: إذا تمكن العلماء من التعمق أكثر فى معتقدات «الفودو» فى هاييتى فسيجدون بعض الأسرار الطبية المحاطة بسرية كبيرة والتى لا تزال مجهولة، والتى تعد العامل الرئيسى فى عملية تنشيط أو إعادة الحياة إلى «الزومبي» وليس القوى الخارقة بالطبع كما يدعى رجال الدين الفوديون. وبالانتقال إلى قصة أخرى، وترجع إلى عام 1980، حيث ظهر شخص فى قرية ريفية فى «هاييتي» وادعى أن اسمه هو «كورليس نارسيز»، وهو شخص كان قد مات فى أحد المستشفيات «الهاييتية» عام 1962 وتم دفنه، «كورليس» ادعى أنه كان فى وعيه ولكن مصاب بالشلل خلال موته السابق حتى إنه رأى وجه الدكتور الذى غطى وجهه بالغطاء القماشى ليعلن موته، مشيراً أن سيدة أعادته إلى الحياة وجعلت منه «زومبي»، وبما أن المستشفى الذى مات فيه «كورليس» كان يحتفظ بمستندات وسجلات تؤكد مرضه ووفاته عام 1962 فقد نظر له العلماء على أنه تأكيد أو إثبات لقصص «الزومبي». ولقد أجاب كورليس عن أسئلة عن عائلته وطفولته بحيث لا يمكن لأى شخص سواه معرفتها، حتى عائلته والكثير من الناس تعرفوا عليه وتأكد لديهم بأنه «زومبي» أعيدت له الحياة، وقد خضعت حالة «كورليس» للدراسة والتحليل خلال الفترة 1982-1984 وكشفت للعلماء بعض أسرار عملية تحويل الشخص إلى زومبي. ففى عام 1982 قام الباحث «ويد ديفز» بالسفر إلى هاييتي، وتبعا لمشاهداته وأبحاثه، فقد ادعى أن عملية تحويل الشخص إلى «زومبي» تتم عن طريق مسحوقين خاصين يدفعان إلى جسم الضحية عن طريق إحداث جرح فى مجرى الدم، المسحوق الأول يسبب للضحية حالة تشبه الموت عن طريق «التيدرودوتاكسين»، وهو سم مميت فاستعمال كمية ضئيلة جدا منه سوف يسبب الشلل الشبيه بالموت للضحية لعدة أيام وفى نفس الوقت لا يفقد الضحية وعيه، والمسحوق الثانى هو «هولكينجينس» وهو مخدر قوى يؤثر على النظام العصبى للضحية كالانفعالات والمشاعر وهو الذى يستعمل فى عملية تكوين أو صياغة شخصية الزومبى بحيث يبدو بدون أى إرادة ويطيع سيده طاعة عمياء. وقد قام «ديفز» بتقديم مجموعة من الدراسات والمشاهدات لدعم نظريته، وقام بجمع مجموعة من المساحيق وعند تحليلها وجد بها بعض المواد الطبية التى تسبب حالة شبيهة بالموت عند استعمالها، وهناك الكثير من الناس ممن يؤيدون نظرية «ديفز» على أنها التفسير الوحيد للزومبي، فيما انتقد هذه النظرية الكثير، وهناك الكثير من الدراسات الأخرى التى تناولت «الزومبي».. لكن رغم هذا تبقى آلية تحويل الشخص إلى «زومبي» مجهولة بالنسبة للعلماء، وهذا السر يظل إخفاؤه السبب الوحيد فيه يرجع لأن «الفودو» تحتوى على الكثير من الطقوس والنصوص السرية، والتى من المستحيل لشخص أجنبى الاطلاع عليها.