اليوم.. منتدى القاهرة ل«التغير المناخى» يحتفل بمرور 100 عام على فعالياته بين مصر وألمانيا    استشهاد 3 فلسطينيين وإصابة العشرات في قصف جوي إسرائيلي على شقة سكنية بخان يونس    هزة أرضية تضرب جزيرة «كريت» اليونانية الآن    اليونيسف: دخول 107 شاحنات لغزة أمر لا يكفي مطلقا إزاء الوضع الكارثي بالقطاع    ردا على من يشكك في دور مصر.. خبير عسكري ل"أهل مصر": امتلاك الاقتصاد والمال لا يعني النفوذ والتأثير بالمنطقة    حلمي طولان: تراجعنا عن تعيين البدري مدربًا للمنتخب لهذا السبب    أبوقير للأسمدة يسعى لتجاوز ديروط وحجز المقعد الأخير المؤهل إلى الدوري الممتاز    وزير الزراعة: صادرات مصر الزراعية إلى السعودية تتجاوز 12% من إجمالي صادراتها للعالم    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 24 مايو 2025    جهاز مستقبل مصر: نستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح بنهاية 2027    تدخل الخدمة قريباً.. مميزات القطارات الجديدة للخط الأول للمترو    محافظ كفر الشيخ: إعادة تشغيل 50 معدة نظافة متهالكة بدسوق    مسابقة ال30 ألف معلم.. أسماء المقبولين في وظيفة مدرس مساعد بالمنوفية    قبول 648 مدرسًا جديدًا ببني سويف ضمن مسابقة 30 ألف معلم    ننشر أسماء المقبولين في وظيفة «معلم مساعد» بالمنوفية| صور    بالأسماء.. «تعليم الإسكندرية» تعلن قائمة المقبولين بمسابقة ال30 ألف معلم    وزارة الخزانة الأمريكية تصدر ترخيصًا بتخفيف بعض العقوبات المفروضة على سوريا    صور عودة 71 مصريا من ليبيا تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي    وول ستريت تهبط بعد تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية على الاتحاد الأوروبى    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. جوتيريش يرفض أى خطة لا تحترم القانون الدولى بشأن قطاع غزة.. ترامب يتوعد "أبل" ب25% رسوم جمركية.. وإصابة 12 فى هجوم بسكين بمحطة قطارات هامبورج بألمانيا    أسماء المقبولين في مسابقة 30 ألف معلم الدفعة الثالثة بالشرقية (مستند)    سعر الذهب اليوم السبت 24 مايو محليا وعالميا بعد الارتفاع.. بكام عيار 21 الآن؟    يوريشتش يستقر على تشكيل بيراميدز أمام صن داونز.. يجهز القوة الضاربة    إسقاط كومو لا يكفي.. إنتر ميلان يخسر لقب الدوري الإيطالي بفارق نقطة    نابولي يهزم كالياري بهدفين ويحصد لقب الدوري الإيطالي    كرة سلة - نهائي دوري السوبر بدون جماهير    "إعلان بطل الدوري الأربعاء".. المحكمة الرياضية ترفض الشق المستعجل لبيراميدز في أزمة القمة    تعرف على نتائج المصريين فى اليوم الثانى لبطولة بالم هيلز المفتوحة للإسكواش    الأرصاد الجوية: طقس الغد شديد الحرارة نهارا والعظمى بالقاهرة 37 درجة    مصر تعيد 71 مواطنا مصريًا من ليبيا    وفاة 3 شباب إثر حادث سير أليم بكفر الشيخ    أسماء المقبولين بمسابقة 30 ألف معلم المرحلة الثالثة بمحافظة الجيزة    النظام الملاحي الجديد يعزّز قدرات غواصات البحرية التشيلية بتقنيات متطورة من OSI    اليوم| محاكمة 35 متهمًا ب شبكة تمويل الإرهاب    مبلغ بغرقه في العياط.. انتشال جثة شاب طافية في نهر النيل بالمعادي    السيطرة على حريق بمخزن كراتين بالدقهلية    عمرو أديب: الناس بتقول فيه حاجة مهمة هتحصل في البلد اليومين الجايين (فيديو)    بعد وفاة زوجها.. كارول سماحة لابنتها: هكون ليكي الأمان والسند والحضن لآخر لحظة من عمري    تامر حسني يقدم "كوكتيل تسعيناتي" مع حميد الشاعري في حفله بالقاهرة الجديدة (فيديو)    "الثقافة" تصدر "قراءات في النقد الأدبي" للدكتور جابر عصفور    «خليك فضولي».. 4 عادات صغيرة تجعل الناس يعجبون بك    أثارت جدلا بسبب «بطانة فستان» و«برنامج» وضعها في أزمة.. 16 معلومة عن البلوجر أروى قاسم    إلهام شاهين تشيد بخالد منتصر: "أحترم فكرك ووعيك.. ومبروك دماء على البالطو الأبيض"    سجين يرسم الحرية| سنوات السجن.. وولادة الكاتب من رماد القيد الذي أنضج الرواية    نصائح لتجنب الارتجاع المريئي، و7 أطعمة تساعد على تخفيف أعراضه    ارتفاع حالات الحصبة في الولايات المتحدة وسط مخاوف من انتشار واسع    أخبار × 24 ساعة.. حصاد 3.1 مليون فدان قمح وتوريد أكثر من 3.2 مليون طن    وفقا للحسابات الفلكية.. موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى 2025    ما حكم الكلام فى الهاتف المحمول أثناء الطواف؟.. شوقى علام يجيب    انطلاق امتحانات العام الجامعي 2024–2025 بجامعة قناة السويس    مستشفى الحوض المرصود يطلق يوما علميآ بمشاركة 200 طبيب.. و5 عيادات تجميلية جديدة    حزب الإصلاح والنهضة: نؤيد استقرار النظام النيابي وندعو لتعزيز العدالة في الانتخابات المقبلة    هل يحرم على المُضحّي قصّ شعره وأظافره في العشر الأوائل؟.. أمين الفتوى يوضح    إيفاد قافلتين طبيتين لمرضى الغسيل الكلوي في جيبوتي    خطيب المسجد النبوى يوجه رسالة مؤثرة لحجاج بيت الله    البريد المصري يحذر المواطنين من حملات احتيال إلكترونية جديدة    بحضور انتصار السيسي، "القومي لذوي الهمم" ينظم احتفالية "معًا نقدر"    يدخل دخول رحمة.. عضو ب«الأزهر للفتوى»: يُستحب للإنسان البدء بالبسملة في كل أمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الباز يكتب : أنيس منصور يطالب بمنح سوزان مبارك جائزة نوبل.. وبعد الثورة: «دى ست فاضية ماعجبتنيش» انقلب تدريجيًا على الأسرة التى كان يُسبّح بحمدها ويتقرب منها ويسليها (2)
نشر في البوابة يوم 25 - 08 - 2015

قال عن «سوزان»: اختارت أول كلمة فى القرآن شعارها وأعتبرها مثلًا أعلى للسيدات العرب بإنجازاتها الإنسانية
لم يكن أنيس منصور متوازنًا فى حديثه عن سوزان مبارك، كان يتعمد ذكرها فى كثير من مقالاته، وافتتاحيات كتبه، حتى لو لم يكن لهذا الذكر مناسبة أو ضرورة، فى مقدمة كتابه «وأنا اخترت القراءة»... يقول نصًا: أهلًا وسهلًا بالسيدة سوزان مبارك فى بلدنا المنصورة، البلد الذى عرف القراءة والكتابة أكثر من أى بلد آخر فى مصر».
وبعد التحية يأتى الثناء، يقول عنها: «لقد عايشت الخطوات الأولى للسيدة سوزان مبارك من مدرسة إلى مدرسة فى الأحياء المجهولة الفقيرة، وهنأتها على اختيارها لهذا المجال فى الخدمة الوطنية، وأشهد أنها لا عرفت الملل ولا الكلل، وإنما استطاعت أن تجعل الكتاب طعامًا يوميًا، واختارت أول كلمة فى القرآن الكريم شعارها وشعارنا: اقرأ، وقد قرأنا وقرأت لنا، فلا سبيل للتقدم إلا بالعلم الذى هو النور، وإلا بالتسامح الذى هو السلام».
وفى عموده اليومى مواقف (18 ديسمبر 2003) يسأل أنيس: هل ممكن أن تفوز السيدة سوزان مبارك بجائزة نوبل للسلام؟.. ويجيب هو: ممكن جدًا، وقبل أن يستفز أحدًا بما يقول، قدم مبرراته: «فكثيرات من الحاصلات على هذه الجائزة قدمن لبلادهن وللإنسانية أقل كثيرًا مما قدمته السيدة سوزان مبارك، ولو ذكرت أسماء الفائزات بهذه الجائزة، فإن 99 بالمائة من القراء لا يعرفون هذه الأسماء، ولا من أى البلاد، ولا ماذا قدمن لبلادهن».
وقبل أن يختم أنيس مقاله، لا ينسى التأكيد على أحقية وجدارة سوزان بجائزة نوبل، يقول: سجل السيدة سوزان مبارك طويل وعريض فى التوعية والتنوير، مكتبات فى الريف وفى المدن، وكتب بالملايين رخيصة الثمن، ومساندة للفتيات والمرأة فى أن تنال حقوقها، وتتقدم وتجلس إلى جوار الرجل، ما دامت الكفاءة واحدة والموهبة واحدة، وليس غريبًا أن تجاهر سيدات قياديات فى البلاد العربية بأن سوزان مبارك هى المثل الأعلى، لقد تجاوزت سوزان مبارك الآفاق المصرية والعربية إلى الآفاق الدولية والإنسانية، فليس غريبًا ولا بعيدًا أن نرى على رأسها تاج نوبل للسلام.
لم يكتب أنيس منصور هذا المقال لقرائه فقط، ولكنه كان يكتبه لقارئة واحدة هى سوزان مبارك، فلم يوجه رسالته للجهة المانحة لنوبل، ولم يطالب جهات دولية لترشح زوجة الرئيس للجائزة، اكتفى فقط بأن غازل سوزان بما كان يعرف جيدًا أنها تسعى إليه، فلم تخف أنها تستحق الجائزة، وكانت تسعى إليها بكل الطرق.
■ ■ ■
لم يكن أنيس منصور كاتبًا مقربًا من الرئيس مبارك، تواجد على خريطة الرجل لا شك فى ذلك، لعب أدوارًا سياسية، احتفظ بأسرارها ولم يفصح عنها، فكما كان رسولًا للرئيس السادات إلى إسرائيل، استخدمه حسنى مبارك لنفس المهمة.
لقد صرح أنيس منصور بأنه يمتلك تسجيلات خاصة بينه وبين الرئيس السادات، بها أسرار كثيرة تمس الأمن القومى المصرى، وأنه لا يستطيع أن ينشرها فى مقالات أو فى كتاب، إلا بعد أن يوافق الرئيس مبارك بنفسه على نشرها.
كانت هذه أمنية لم يحققها مبارك أبدا لأنيس منصور، وعندما أصدر فى سنوات حياته الأخيرة كتابه «من أوراق السادات» اعتقدت أن هذا الكتاب الموعود، وأن مبارك سمح أخيرًا بأسرار أنيس عن السادات أن ترى النور، لكن الكتاب كان خدعة كبيرة، وأكذوبة من أكاذيب أنيس الكثيرة، فلم يكن سوى مقالات سابقة وحوارات نشرها فى مجلة أكتوبر فى أعدادها الأولى، وتقريبًا لم يكن فيها أى جديد من أى نوع.
نفس الأمر فعله أنيس بعد أن رحل مبارك، قال إن لديه أسرارًا خاصة تخص الرئيس مبارك، وتخص الأمن القومى فى آن واحد، وهو ليس مخولًا لينشرها إلا بعد أن يحصل على إذن من المجلس العسكرى الذى كان وقتها يدير شئون البلاد، إلا أن أحدًا لم يتفاعل مع أنيس، فعلى ما يبدو كان الكثيرون يعرفون أنه لا يملك شيئًا حقيقيًا، فمات دون أن يكتب شيئًا له قيمة عن مبارك.
وإذا راجعت ما كتبه أنيس عن مبارك فدع جانبًا الحوارات التى أجراها معه فى سنواته الأولى عندما كان لا يزال يتولى رئاسة تحرير مجلة أكتوبر ولكننى أقصد ما رواه عن مبارك بشكل خاص، فلن تجد شيئًا له قيمة، إلا ما يؤكد أن أنيس كان يلعب دور النديم لا أكثر ولا أقل.
هل تريدون دليلًا على ذلك؟
فى كتابه «الكبار يضحكون أيضًا» كتب أنيس: كلفنى الرئيس حسنى مبارك بمهمة خاصة، فذهبت إلى رئيس دولة إسرائيل إسحاق نافون، ونقلت إليه رسالة الرئيس، وقبل أن أعود إلى القاهرة علمت من أحد الزعماء السياسيين أن نافون مندهش جدًا لكلمة جاءت على لسانى، وأنا أتحدث عن الرئيس مبارك، أنا قلت له: إن الرئيس مبارك رجل شجاع واضح ووطنى وعنده صبر أيوب، وهو ليس كويز أى ليس لغزًا ولا فزورة، ولكن الرئيس نافون فهم أننى أقول إنه ليس كويز لنج، وهو الضابط النرويجى الذى خان بلاده وباعها للألمان، فجعلوه رئيسًا لها، وبعد هزيمة ألمانيا حاكمه شعبه وأعدمه.
تجاهل أنيس تمامًا المهمة التى ذهب إلى إسرائيل من أجلها، لم يفصح عن شىء، وركز فقط على قصة مسلية.
هل تريدون تسلية أكبر من هذه ؟
فى نفس الكتاب «الكبار يضحكون أيضًا» كتب أنيس:
اتصل بى الرئيس حسنى مبارك، وقال لى: أنا عازمك على الغدا.
شكرًا يا ريس.
طيب إنت عارف فين؟
أى مكان يا ريس.
عند بطرس.
بطرس مين يا ريس؟
بطرس غالى هو قاعد قدامى وسامعنى.
بطرس ماعندوش أكل يا ريس، ده كانت عنده فرخة ومقسمها مربعات زى استاد القاهرة، وبقى له دلوقت سنتين فى منطقة الجزاء.
ويعلق أنيس: وكان الرئيس مبارك يضحك ويردد ما أقول، وسمعت بطرس غالى يقول للرئيس: يا فندم أنيس أكل عندى فى البيت خمس مرات، وكان الرئيس يردد ما يسمعه من بطرس غالى.
لا أنكر أن أنيس أجرى حوارات عديدة مع الرئيس مبارك، سجل فيها آراءه وكان حريصًا على صياغتها بما يوحى بمبارك المفكر والفيلسوف، ولكنه عندما كان يكتب عنه، وللأمانة حدث هذا ومبارك فى السلطة، لم يكن يهتم بإبراز ما يدل على عظمة الرجل، بقدر ما يدل على أنه لطيف ودمه خفيف وابن نكتة، وبقدر ما يؤكد أن أنيس نفسه كان مضحكاتى عظيم.
وهذه عودة ثالثة وأخيرة هنا إلى «الكبار يضحكون أيضًا».
من بين ما يرويه أنيس أنه عندما أقامت مصر حفلة لتكريم بطرس غالى، وبعد أن صافحهم الرئيس مبارك اتجه إلى أحد الأركان ليجلس ومعه الإمام الأكبر طنطاوى، والبابا شنودة، وعاطف صدقى رئيس الوزراء، وعصمت عبدالمجيد أمين عام الجامعة العربية، وبطرس غالى والسفير الأمريكى كرتسنر، قال أنيس للرئيس: يا ريس عاوز أحكى لك عن غراميات بطرس غالى، كنت أنشر مذكراتى فى مجلة «آخر ساعة» وفوجئت ببطرس غالى يطلبنى من باريس صارخًا: يا أنيس إنت تعرف البنت ميشلين إزاى.. تعرفها منين؟
ويكمل أنيس، وقلت: وميشلين يا ريس دى كانت مذيعة فى القسم الفرنسى بالإذاعة المصرية، جميلة جدًا، وقد فوجئت أنا بأن ثلاثة يحبونها، والثلاثة لا يعرفون بعضهم البعض، بطرس غالى وسليم رزق وأنا، وكنت أنتظر ميشلين على باب الإذاعة فى شارع الشريفين، وكانت شقراء طويلة زرقاء العينين موسيقية الصوت والصورة والحركة.
تصور أن أنيس يحكى هذه الحكاية لمبارك وهو يجلس بين شيخ الأزهر وبابا الكنيسة ورئيس الوزراء والسفير الأمريكى، يمكن أن تتعجب بالطبع، وتتساءل، كيف سمح له مبارك بذلك؟ وقبل أن أجيبك، ستعرف أن مبارك سأل أنيس: إزاى تلاتة بيحبوها ومحدش منهم يعرف؟
لمح أنيس أن الحكاية عجبت مبارك، فقال له: هأقول لك يا ريس، كانت حلوة جدًا جدًا، فسأله مبارك طيب وبعدين، قال أنيس: فى ذلك الوقت من سنة 1949 يا ريس كنت مؤمنًا بنظرية تقول: إن الطريق إلى قلب المرأة كلبها، وكان عند ميشلين كلب طويل ورشيق، جمال ودلال وحلاوة.
رد مبارك: هو كمان، فأكد أنيس: كل شىء له علاقة بها كان جميلًا جدًا، فضحك مبارك قائلًا: فيما عدا بطرس طبعًا، فقال أنيس: طبعا يا ريس، وكنت أرافقها وفى يدى كلبها إلى الاستديو وأنتظر حتى تفرغ من قراءة النشرة، وعندما تنزل إلى الشارع نجد شابًا أبيض أحمر أصلع يعمل فى شركة شل اسمه سليم رزق الله، وقد حمل قرطاسًا به عضم للكلب، آخذ القرطاس ونتركه واقفا على الباب يتحسر على المنظر الذى يراه كل يوم، أنا وميشلين معا، أحيانا تضع يدها على كتفى، ويجرنا الكلب إلى سيارة واقفة أمام محال الصالون الأخضر، إنها سيارة بطرس غالى الذى لا أعرفه ولا رأيته حتى ذلك الوقت.
مؤكد أنك تتعجب من طريقة أنيس فى الحكى أمام الرئيس لتفاصيل غرامية تافهة، لكنك ستتعجب أكثر عندما تسمع أنيس يقول: ولما وجدت الرئيس يريد أن يضحك مضيت أقول : وتضايقت جدًا من أن بطرس غالى قد توهم أنه هو وحده الذى كان يعرف ميشلين، وإنها كانت تحبه ويحبها، حتى ذهبنا إلى إسرائيل، أسامة الباز وأنا وطلبت من وكيل وزارة الخارجية أن يساعدنى فى معرفة أين ميشلين بريتداى، وهذا اسمها، وهى نمساوية الأصل، وأبوها طبيب أسنان الملك فاروق، وبعد الغداء جاءتنى ورقة طويلة فيها أن ميشلين تزوجت ثم مات زوجها، وأنها تعيش الآن فى مدينة لوفان ببلجيكا، وكلمتها فى التليفون لأول مرة منذ أربعين سنة، وكاد قلبى يخرج من حلقى وقلت: ميشلين أنا أنيس منصور.
أوه.. إزيك.. إنت كويس.. وحشتنى.
ميشلين وأنت كمان، قوللى هل عرفت واحدا اسمه بيير جالى؟
لا.
ولا بيتر جالى؟
لا.
ولا بطرس غالى؟
لا.
ولا تعرفين أنه سكرتير عام الأمم المتحدة وقبل كده كان وزير خارجية مصر؟
لا.
إنه يقول إنك وإنه.
ها ها... كثير زيه فى حياتى.
ويعلق أنيس أخيرًا: وكلما سمع الرئيس مبارك جانبًا من هذه الحكاية يسأل بطرس غالى، الذى أحنى رأسه ولم تنطفئ ابتسامته الماكرة: الكلام ده صح يا بطرس.
أعتقد أن حكايات مثل هذه كافية لتعرف الدور الذى كان يقوم به أنيس منصور فى حياة مبارك، ولهذا ربما أراد بعد أن رحل مبارك أن يسترد بعضًا من كرامة الكاتب.
■ ■ ■
تحول أنيس منصور أو لتقل وأنت مرتاح الضمير انقلب على سوزان مبارك تدريجيًا، كانت الطلقة الأولى فى 29 مارس 2011، بعد أيام من رحيل مبارك عن عرشه، ودخول سوزان منطقة الظل، كتب أنيس بزاويته فى جريدة الشرق الأوسط مقالًا ساخرًا من القاعدة الأولى التى وضعها مبارك لنفسه وهى «الكفن مالوش جيوب»، كان عنوانه «الكفن مالوش جيوب يا ريس!.. وعلامة التعجب من عند أنيس وليست من عندى.
بدأ أنيس مقاله ب«كان الرئيس مبارك».. رغم أنه لا يزال حيًا يرزق، لكنه فيما يبدو استخدم الماضى صيغة للحديث عنه للتأكيد على أنه انتهى تمامًا.
الطعن فى مبارك بدأ ناعمًا ومن بين ما قاله أنيس عنه:
رغم أن الرئيس مبارك رجل رياضى وله بنيان قوى، فإن السادات لم يسمح له بأن يمشى معنا كل يوم ساعة أو ساعتين.
كان مبارك يقول: الكفن ليس له جيوب، إذا كان هذا رأيك يا ريس، فلماذا المليارات التى تملأ الجيوب، يا ليتك ورثت هذه المليارات، وإنما كانت من قوت الشعب يا ريس، وقد قال لى الرئيس مبارك: أنا عندى مليارات وعندما تتورط الحكومة أفرج عن شوية فلوس.
من ناحية يؤكد أنيس أنه كان أقرب إلى السادات من مبارك، كان يمشى معه، ويبعد مبارك عن معيته الصباحية، ومن ناحية ثانية، يؤكد أن مبارك أخذ ما لا يستحق من مال الشعب، وقد استخدم منهجه المفضل لديه، وهو «الرئيس قال لى وقلت له» وهو بالمناسبة اسم كتاب صدر لأنيس، سجل فيه بعضا من حواراته من السادات ومبارك.
ما يهمنى هنا هو ما قاله أنيس عن سوزان، فقد كانت حاضرة، ومتهمة أيضًا.
ينقل أنيس أن مبارك حكى له كيف كانت مؤامرة اغتياله فى إثيوبيا، قال: طلبت من ابنى علاء أن يرافقنى، ولكنه رفض، وقال: سوف أبقى هنا وأرجو أن تبلغنى بوصولك وعودتك، ولما طلبت علاء بالتليفون قال لى حمد لله على السلامة يا بابا، فقال له الرئيس: أنا عائد فقد حدثت محاولة لاغتيالى، وكلم ماما فى ألمانيا، وقل لها قبل أن تراها وتسمعها من وكالات الأنباء العالمية، وهذه المكالمة أذاعها راديو إسرائيل.
لا يمكن أن تشكك فى معلومات أنيس، فهو يتحدث بما سمعه، لكن يمكن أن تتوقف قليلًا عند آرائه، فهو يرى أن مبارك طلب من علاء، ولم يطلب من جمال، لأن علاء ابن مبارك، وجمال ابن سوزان، ومن أجل أن يرث والده كانت سوزان على استعداد أن تهدم الدنيا من أجل أن يكون رئيسًا، فهى كانت معجبة ببربارا بوش، كان زوجها رئيسًا وابنها رئيسًا لأمريكا.
يلخص أنيس رأيه فى سوزان إذن بأنها كانت راعية مشروع التوريث، لكن هل توقف الانقلاب عند هذا الحد؟
فى حوار مع جريدة أخبار اليوم أجراه معه صديقه ونديمه مجدى عفيفى، ونشره فى إبريل 2011 قال أنيس كلمته الأخيرة فى مبارك وسوزان.
لم يخف أنيس تعاطفه الشديد مع مبارك، قال عنه إنه اتبهدل، ونفسه اتكسرت، ومسح المصريون بكرامته وكبريائه الأرض، ولفوا حول رقبته كل الحبال والسلاسل، فلا مهرب له من الشيخوخة والمرض، ويسخر أنيس: تطلع حرامى وتخسر أولادك وفلوسك حرام، ثم تطلع على قناة العربية وتقول أحاسب الناس، أما صحيح إنك حرامى وطنى.
وبحدة يلخص أنيس رأيه فى مبارك، يقول عنه: لم يكن زعيمًا وورث ثروة مصر بدون أى مجهود، مثله مثل واحد يجلس بجوار سائق تاكسى، وفجأة ضرب هذا السائق بالنار فأخذ مكانه، لقد تسلم مصر جاهزة، فلم يقل شيئًا ولم يفعل شيئًا، فقط رفع العلم على طابا، وأشهد أن حكاية الضربة الجوية لم يكن له فيها دور، فقد كانت طلعة جوية عادية «مافيش حاجة اسمها الضربة الجوية»، وقد قال له صحفى إسرائيلى فى مؤتمر إنه لم يسمع أحدً عن هذه الضربة، وطلب منه معلومات عنها، فأجابه: بعدين ح تسمع.
لا أبرئ مبارك من شىء بالطبع، فهذا خارج اهتماماتى الآن على الأقل، لكن أنيس لم يكن دقيقًا فيما نقله عن الصحفى الإسرائيلى الذى تحدث إلى مبارك فى مؤتمر صحفى وسأله عن الضربة الجوية، كان صحفيًا إسرائيليًا نعم، لكنه كان يجرى حوارًا تليفزيونيًا مع مبارك، وحاول أن يستفزه، فقلل من شأن الضربة الجوية المنسوبة إليه، قال له إنه لم يسمع عنها، فرد مبارك بسخرية واستخفاف: اسأل القادة بتوعك هم سمعوها كويس، وهذا المقطع الصوتى موجود ومتداول، وحاول به أبناء مبارك أن يؤكدوا على أنه كان بطلًا ولا يستحق كل ما جرى له.
ولأن الحديث عن مبارك لا يكتمل إلا بالحديث عن سوزان مبارك، فقد أتى أنيس عليها، وتقريبًا هذا هو الهجوم الأكبر على سوزان من قبل أنيس، الذى وصل به الأمر إلى المطالبة بمنحها جائزة نوبل فى السلام.
يقول أنيس عنها: «خطيئة السيدة سوزان أنها كانت تريد ابنها جمال رئيسًا مثل زوجها، زوجة رئيس وأم رئيس، وأنا أشبه السيدة سوزان ب«الأرملة السوداء فى عالم العناكب»، فهى بعد أن تتزوج الذكر تقتله وتحتفظ به حتى تبيض ويفقس البيض، ويخرج الأبناء فتقدم جثته لهم فيأكلوه، وهى تتزوج فى اليوم خمس مرات، وفى كل مرة تقطع زوجها لأولادها».
هل زاد أنيس على ما قال شيئًا، زاد بالطبع، قال: جلست مع سوزان مبارك 17 جلسة باحثًا عن جوانب تستحق الكتابة عنها فاكتشفت أنها فاضية وماعجبتنيش، كانت تختلف تمامًا عن زوجات أى رئيس سابق، فتحية عبدالناصر كانت نموذجًا لا يتكرر، أما جيهان السادات فخدمت المرأة المصرية.
هل كان يحب أنيس منصور سوزان مبارك؟
قد يكون السؤال بهذه الصيغة غير مناسب، فعندما نتحدث عن علاقة كاتب بزوجة رئيس، فمن المنطقى أن نسأل: هل كان يعرفها جيدًا؟ هل تحدث إليها؟ ما رأيه فيها وفى أفكارها ومشروعاتها وإنجازها؟ هل كان قريبًا منها؟ أم استبعدته ضمن غيره ممن لم تسمح لهم بالاقتراب؟
أما الحديث عن الحب والكره، فلا مكان له هنا، رغم أننى قصدت أن أبدأ بالسؤال، لأن ما كتبه أنيس عن سوزان وهى السيدة الأولى، كان يشى بالحب والتقدير والاحترام عندما كانت قابضة على السلطة إلى جوار زوجها، لكن بعد أن زال عنها سلطانها، وغابت شمسها، تحدث عنها بما ينتقص من قدرها، ويهينها، ويهيل التراب على ما سبق أن اعتبره إنجازًا خاصًا وخالصًا لها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.