فور تعافى الاتحاد الأوربي نسبيا من أزمة اقتصادية غير مسبوقة، شهد اقتصاد القارة الأفريقية نموا مطردا مما ساعد على محو التردد وعدم الثقة لدى المستثمرين، الذين على الرغم من المخاطر يتفقون على أن أفريقيا هى مستقبل الاقتصاد في العالم ويأملون في تعزيز وجودهم واستثماراتهم في القارة السمراء. وترى صحيفة "ليزيكو" الفرنسية المتخصصة في الشئون الاقتصادية أن عددا قليلا من المؤسسات الأوربية وخاصة الفرنسية يسعى إلى الالحاق بالركب والاستفادة من الفرص التي تقدمها أفريقيا، فبعدما كانت على هامش الاقتصاد العالمى، أصبحت الآن تحتل الصدارة. فمنذ عام 2001، يشهد إجمالى الناتج المحلى في القارة الأفريقية نموا ملحوظا بارتفاع متوسط يقدر بنحو 5% في الوقت الذي يعانى فيه العالم من أزمة مالية. وأوضحت "ليزيكو" أنه من المتوقع أن يرتفع معدل النمو هذا العام في شرق أفريقيا حيث بلغ متوسط النمو الاقتصادي العام الماضى 7% ويتراوح في غرب ووسط أفريقيا ما بين 5 و6%. وترى الصحيفة الفرنسية أن الانتعاش الاقتصادى في القارة الأفريقية يرجع إلى تغير نموذج التنمية ؛ لأنه إذا اعتمدت اقتصاديات الدول الأفريقية على الموارد الطبيعية، فانها ستكون في مهب الريح نظرا لتقلبات سوق السلع وانخفاض معدلات التبادل التجاري. لذا فانها تعطى الأولوية لتنوع مصادر الاقتصاد لاسيما القطاع الرقمى الذي كان محلا للنقاش في منتدى "فوربس" الأفريقي الذي عقد في مدينة برازافيل مؤخرا. وتجدر الإشارة إلى أن القارة الأفريقية تعانى من زيادة ملحوظة في تعداد السكان وهو عامل يساعد على النمو وفى الوقت ذاته معيار يحدد مستوى الاستثمارات وتنتج عن هذه الزيادة السكانية طبقة متوسطة يصل عددها إلى 300 مليون نسمة تمتلك قدرة شرائية عالية حسبما أفادت الصحيفة الفرنسية. وسجلت القارة الأفريقية رقما قياسيا في عام 2013 بأكثر من 50 مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة وما يقرب من 80 مليار دولار في عام 2014 مما يدل على تغيير وجه نظر المستثمرين تجاه أفريقيا خلال الأعوام القليلة الماضية حيث لاحظوا تعدد الفرص وارتفاع النمو بفضل الموارد الطبيعية (مساحة زراعية كبيرة، وموارد معدنية وفيرة تقدر بأكثر من 30% من احتياطيات العالم) وتوظيفها لتلائم التكنولوجيا الحديثة وخاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية (الكابلات، والالياف البصرية، والأقمار الصناعية...). ويبدو أن أفريقيا أصبحت ديناميكية وحديثة ومتجددة وأكبر دليل على ذلك النجاحات التي حققتها بعض المؤسسات مثل "ايكوبنك" ومجموعة "سبار". ومن مظاهر التكنولوجية الحديثة أيضا توافر الخدمات البنكية المتنقلة وتطبيقاتها. وتستثمر كبرى المؤسسات الدولية مثل "اورنج" و"هاواى" أو "روكيت إنترنت" في القارة السمراء حتى كادت بعض الدول الأفريقية أن تصبح من بين شركائهم الاستراتيجيين وينبغى اليوم حث المؤسسات الأوربية وخاصة الفرنسية على انتهاز الفرص على غرار الصين والبرازيل وتركيا والاستثمار في أفريقيا ؛على أن يتم ذلك في إطار هيكيلى تعاونى مبنى على القيم الاقتصادية والاجتماعية والمجتمعية المشتركة.