نائبة محافظ القليوبية عن 30 يونيو: تجسيد لإرادة شعبية خالصة وقيادة سياسية حكيمة    «لأول مرة».. البابا تواضروس يزور كنيسة القديسين مكسيموس ودوماديوس بالإسكندرية ويلقي عظة روحية عن «الشجرة المغروسة»    رسميًا بعد الهبوط الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 26 يونيو 2025    عيار 21 لآن بعد آخر ارتفاع في سعر الذهب (تحديث مباشر )    مروة عبد الجواد: الإنسان يتحرك داخل قفص تاريخه الرقمي في زمن الذكاء الاصطناعي    ضياء رشوان: إسرائيل أقنعت ترامب بضرب إيران لكن الواقع خالف التوقعات    ضياء رشوان: إيران وأمريكا لم تعودا خصمين    «مثل الكلبة».. ترامب يدعو لطرد صحافية من «CNN» بسبب تقاريرها حول حجم دمار المنشآت النووية الإيرانية    ترتيب مجموعة صن داونز في كأس العالم للأندية 2025 بعد التعادل مع فلومينينسي    مدرب العين: لا بديل عن الفوز على الوداد المغربي في مونديال الأندية    «قالي لو هاخد ملايين مش هلعب في الأهلي.. كفاية اللي اتعرضتله».. طاهر أبوزيد يكشف سرًا صادمًا عن أبوتريكة    تعرف على حالة الطقس في قنا اليوم الخميس 26 يونيو 2025    خبير ذكاء اصطناعي: التكنولوجيا تحولت لسلاح رقمي لنشر الفوضى واستهداف الدول العربية    ابنة وزير شؤون مجلس الشورى الأسبق تكشف تفاصيل مشكلة بشأن ميراث والدها.. ومحامية تعلق    هذا ما يحبه الرجال..3 أشياء تفعلها النساء الجذابات بشكل منتظم    4 أبراج «عارفين كويس همّ بيعملوا إيه».. غامضون لا يحتاجون إلى نصيحة وقراراتهم غالبًا صائبة    Askı Hatırla «تذكر الحب».. رومانسية على الشاشة تشعل حياة هاندا آرتشيل وباريش أردوتش    أجمل رسائل تهنئة العام الهجري الجديد 1447ه مكتوبة.. أرسلها الآن للأهل والأصدقاء    دعاء العام الهجري الجديد 1447ه مستجاب.. ردده الآن لزيادة الرزق وتحقيق الأمنيات    «التأمين الصحي» توقع بروتوكول تعاون مع «إيفا فارما» لتعزيز التحول الرقمي في خدمات رعاية المرضى    ترامب يهاجم أول من نشر التقييم الاستخباراتي بشأن إيران.. ويطالب بطردها    النيابة العامة بالمنيا تقرر تشريح جثة مدير المخلفات الصلبة بالمحافظة    حرس الحدود يقيم معارض توعوية ضمن فعاليات اليوم العالمي لمكافحة المخدرات 2025 في مختلف مناطق المملكة    "الجبهة الوطنية" يعلن تشكيل أمانة العلاقات الحكومية برئاسة عبدالظاهر    الوادي الجديد تُطلق تطبيقًا رقميًا لتسهيل حصول المواطنين على الخدمات الحكومية    الحكومة عن قانون الإيجار القديم: الطرد ليس حتميا بعد انتهاء المدة الانتقالية    عمرو دياب يحتل "إكس" في نصف ساعة .. و"ابتدينا" كلمة السر    السعودية تستبدل كسوة الكعبة المشرفة مع حلول العام الهجري الجديد    عاجل.. عرض خليجي ل طاهر محمد طاهر بعد مونديال الأندية    أبو عبيدة: جنائز وجثث جنود الجيش الإسرائيلي ستصبح حدثًا دائمًا ما دام استمر العدوان ضد شعبنا    قائد الحرس الثوري الإيراني يحذر من "رد قوي" حال خرق الهدنة مع إسرائيل    تغيير الاستراتيجيات وتطوير الجيش المصرى    التشكيل الرسمي لمواجهة صن داونز وفلومينينسي في كأس العالم للأندية    مينا مسعود يخطف الأنظار ب "في عز الضهر".. والإيرادات تقترب من 3 ملايين في أسبوعه الأول    فوز رجال الطائرة الشاطئية على النيجر في بطولة أفريقيا    لجنة التعاقدات في غزل المحلة تواصل عملها لضم أفضل العناصر المرشحة من عبد العال    «التعليم العالي»: 21 طالبًا مصريًا في برنامج التدريب البحثي الصيفي بجامعة لويفيل الأمريكية    علاج 686 شخصًا مجانًا في قنا.. وحملة توعية لتحذير المواطنين من خطورة الإدمان    رئيس الوزراء: مصر نجحت في إنتاج وتصنيع أجهزة السونار محليًا لأول مرة    محافظ بورسعيد: هذه إنجازات الدولة المصرية على أرض المحافظة خلال عام    أيمن سليم: "عبلة كامل حالة استثنائية وهتفضل في القلب"    الصين: مستعدون للعمل مع "بريكس" لإحلال السلام في الشرق الأوسط ودعم الأمن الإقليمي    مصدر من اتحاد الكرة ل في الجول: إقامة كأس مصر خلال تحضيرات المنتخب لكأس الأمم    أجمل عبارات ورسائل التهاني بمناسبة رأس السنة الهجرية الجديدة 1447ه    بعد قليل.. الإفتاء تعلن موعد أول أيام العام الهجري 1447    محافظ الغربية يتابع سير العمل بمشروع الصرف الصحي في عزبة الناموس بسمنود    مصرع طفل غرقا في بحر يوسف ببني سويف    بيان عاجل بالنواب حول أزمة الرسوم القضائية    شرب الماء أثناء الأكل يزيد الوزن- هل هذا صحيح؟    الرقابة الإدارية تنفى صدور أى تكليفات لها بضبط عضو نيابة عامة أو ضباط    الحرية المصرى: 30 يونيو استردت هوية الدولة المصرية.. والاصطفاف الوطني "ضرورة"    زد يضع الرتوش النهائية على صفقة ضم خالد عبد الفتاح من الأهلي    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 1447    قصور الثقافة تقدم "عرض حال" بالمهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية    من البحر إلى الموقد.. كيف تؤمن سفن التغويز احتياجات مصر من الغاز؟    محافظ الجيزة يتابع ميدانياً جهود إطفاء حريق بمخزن دهانات بمنطقة البراجيل بأوسيم    قرار جمهوري بتعيين سلافة جويلي مديرا للأكاديمية الوطنية للتدريب    خالد عبد الغفار يوجه بضرورة تطوير التقنيات الحديثة في مجال الصحة الرقمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مريم المسلمة.. السيدة العذراء في القرآن
نشر في البوابة يوم 21 - 08 - 2015

التصور القرآني ليس أقل تمجيدًا من مقابلة فى الإنجيل: «عابدة ناسكة طاهرة وخير نساء العالمين»
اسم «مريم» ورد في سور «آل عمران» و«الأنبياء» و«الصف» و«الأعراف» و«المؤمنون».. وتحدث عنها الإمام مالك ومجاهد
رفع القرآن الكريم مقام السيدة مريم العذراء، فلم نجد تقديرا أعظم من تقدير الله لمكانتها، فهى أشرف نساء العالمين، بما اصطفاها المولى وطهرها، وقد كرمها الله بأن رفع ذكرها فى أمة الإسلام كرمز وقدوة، وسيدة لنساء الإسلام، ومن أوضح الشواهد على تقدير الإسلام للسيدة العذراء أن أكثر من سورة فى القرآن بسطت لقصتها وتناولتها بتفاصيلها، بل هناك سورتان سميتا باسمها، إحداهما بشكل مباشر، وهى سورة «مريم»، وأخرى بشكل غير مباشر، وهى سورة «آل عمران».
فى كتابه «مريم المسلمة»، ذكر الكاتب الفرنسى ميشيل دوس، وهو باحث فى تاريخ الديانات ومتخصص فى الديانات التوحيدية الإبراهيمية، أن اسم مريم مذكور فى القرآن الكريم أكثر مما هو مذكور فى العهد الجديد برمته، فقد ورد اسم مريم الصدّيقة فى أربعة وثلاثين موضعا فى القرآن فى مقابل تسعة عشر موضعا فى الأناجيل وأعمال الرسل، كما يلاحظ الكاتب ورود اسم مريم الصديقة ثلاثا وعشرين مرةً بين الأربع والثلاثين مرة، مصحوبا أو مشفوعا بالإعلان عن اسم ابنها المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام.
وفى ذلك يعد الكاتب هذه الإحصائية دليلاً لا يجب إهماله عند إبداء كل من الفريقين وجهة نظره المتميزة.
فى سورة مريم يقول الله تعالى: «اذْكُرْ فِى الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِن أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا قَالَتْ إِنِّى أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا قَالَتْ أنَّى يَكُونُ لِى غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا أَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِى مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِى قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِّى عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِى إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى الْمَهْدِ صَبِيًّا قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيًّا وَجَعَلَنِى مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِى بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّارًا شَقِيًّا وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِى فِيهِ يَمْتَرُونَ مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّى وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيم».
أما سورة آل عمران، فهى أيضا تصف السيدة مريم بأن الله اصطفاها وطهرها وفضلها على نساء العالمين، وكذلك تصف تلك السورة المسيح عيسى ابن مريم وشأنه ومقامه فى الدنيا والآخرة، فيقول الحق تبارك وتعالى: «يَا مَرْيَمُ اقْنُتِى لِرَبِّكِ وَاسْجُدِى وَارْكَعِى مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44) إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِى الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِى الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِى وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48) وَرَسُولًا إِلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنِّى قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّى أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِى الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِى بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (49) وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِى حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50) إِنَّ اللَّهَ رَبِّى وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (51)».
أما سورة الأنبياء، فهناك آيات كريمة أيضا نزلت فى السيدة مريم العذراء البتول التى أحصنت فرجها فنفخ فيه الله من روحه، فيقول الحق تبارك وتعالى: «وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِين».
ويقول الإمام مالك: بلغنى أن عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا ابن خاله، كان حملهما معا، فبلغنى أن أم يحيى قالت لمريم: «إنى أرى ما فى بطنى يسجد لما فى بطنك»، قال مالك: «أرى ذلك لتفضيل عيسى لأن الله تعالى جعله يحيى الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص».
وروى عن مجاهد أنه قال: «قالت مريم: كنت إذا خلوت حدثنى وكلمنى، وإذا كنت بين الناس سبح فى بطنى»، وهنا تقصد ب«سبح فى بطنى» أى التسبيح لله، وروى ابن عساكر عن طريق عبد الله ابن بديل العقيلى، عن عبد الله بن عوسجة قال: «أوحى الله إلى عيسى ابن مريم: «أنزلنى من نفسك كهمك، واجعلنى ذخرا لك فى معادك، وتقرب إلىّ بالنوافل أحبك، ولا تتول غيرى فأخذلك، واصبر على البلاء وارض بالقضاء.. وكن منى قريبا، وأحي ذكرى بلسانك، ولتكن مودتى فى صدرك، تيقظ من ساعات الغفلة واحكم فى لطيف الفطنة.. يا عيسى ابن مريم، ما آمنت بى خليقة إلا خشعت ولا خشعت لى إلا رجت ثوابى، فاشهد أنها آمنة من عقابى ما لم تغير أو تبدل سنتى».
فى سورة الصف يقول الحق تبارك وتعالى، واصفاً عيسى ابن مريم فى دعوته لبنى إسرائيل: «وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِى إِسْرَائِيلَ إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِى مِنْ بَعْدِى اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7) يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ».
ثم يخاطب الحق تعالى بنى إسرائيل والحواريين فى قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِى إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ».
ويذكر ابن كثير أن عيسى ابن مريم هو خاتم أنبياء إسرائيل، وقد قام فيهم خطيبا فبشرهم بخاتم الأنبياء الآتى بعده ونوه باسمه، وذكر لهم صفته ليعرفوه ويتابعوه إذا شاهدوه، إقامة للحجة عليهم وإحساناً من الله إليهم.
وذلك يظهر فى سورة الأعراف، فيقول الحق تبارك وتعالى: «الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِى يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِى أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».
أما فى سورة المؤمنون، فيقول الحق تبارك وتعالى: «وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ»، وهنا تقرر التفاسير تفسير النسفى والبيضاوى وأبى مسعود أن الربوة ذات القرار هى أرض مرتفعة ذات مستقر من أرض سهلة يستقر عليها ساكنوها، وغذ ذات ثمار، أما وزرع ليخلدوا إلى ذلك القرار، بمعنى أن ساكنيها إنما يستقرون عليها لما فيها من ثمار، أما المعين فهو الماء الجارى الظاهر، ولكنهم فى ذات الربوة قد افترضوا جملة فروض، لم يفضلوا مصر فى أى افتراض مما أخرجوا، فقال هى بيت المقدس أو دمشق أو مصر.
أما جلال الدين السيوطى فقد نقل عن السلف ما يفسر تلك الآية، ويؤول الربوة بأنها مصر فقال: أخرج ابن أبى حاتم عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فى الآية قال: هى مصر، قال: وليس الربى إلا بمصر، والماء حين يرسل الربى عليها أى القرى، ولولا الربى لفرت القرى.
وأخرج ابن المنذر فى تفسيره عن وهب بن منبه فى قوله: «إلى ربوة ذات قرار ومعين» قال: مصر، وأخرج ابن عساكر فى تاريخ دمشق من طريق جرير عن الضحاك عن ابن عباس: أن عيسى كان يرى العجائب فى صباه إلهاماً من الله، ففشا ذلك فى اليهود وترعرع عيسى، فهمت به بنو إسرائيل فخافت أمه عليه، فأوحى الله إليها أن تنطلق به إلى أرض مصر.
أما عن الحديث الخاص بالمسيح فى كتاب الله، فهو من المقربين إلى الله ومن الصالحين، علّمه الله الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل، ومنحه الله المعجزات: خلق الطير من الطين، إبراء الأكمه والأبرص (المصاب بمرض البرص) ويحيى الموتى، كل ذلك بإذن الله، فهو الخالق وهو الذى منح المعجزات لأنبيائه.
ويبدأ السيد المسيح رسالته التى يوضحها إنجيل متى فى الإصحاح بأن قال: «لا تظنوا إنى جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل جئت لأكمل»، وأكمل السيد المسيح شريعة الناموس لأنه جاء بشريعة الحب، وأن الناموس عهد إلى الإنسان بقضاء الواجب، أما الحب فيزيد على الواجب، ولا ينتظر الأجر ولا ينتظر الجزاء، الحب لا يحاسب بالحروف والشروط، والحب لا يعامل الناس بالشكوك والشهود، ولكنه يفعل ما يطلب منه ويزيد عليه، وهو مستريح إلى القضاء غير متطلع إلى الجزاء، لقد كان هم السيد المسيح فى الإصلاح النفسى تغيير البواعث لا تغيير المقادير، كان همه أن ينقل الآداب من محور إلى محور، ولا قيمة للمسافات ولا للأبعاد إذا كان انتقالا لمحور هو المقصود كانت العروض هى المحور الذى تدور عليه حياة الأمم والآحاد فى عصره، فوجب أن يكون الجوهر الصميم هو محور الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.