الإصلاح التشريعي: إعادة المناطق الحرة بعد أقل من 5 أشهر من إلغائها تثير تساؤلات عن السياسة التشريعية للدولة.. و«سالمان»: القرار أضر ب223 مشروعًا وزير الاستثمار: اختيار المُستثمرين بنظام القرعة لا يتلاءم مع المشروعات الكبيرة.. واللجنة: إلغاؤها دون بديل يخلق «فراغًا تشريعيًا» هيئة الاستثمار: إعفاء المواد العابرة ترانزيت من الرسوم أثر على حصيلة «البنك المركزي «من النقد الأجنبي» قال المستشار إبراهيم الهنيدى، وزير العدالة الانتقالية وشئون مجلس النواب، إن اللجنة العليا للإصلاح التشريعى قررت خلال اجتماعها الأخير، إرسال التعديلات على قانون ضمانات وحوافز الاستثمار ومشروعى قانونى شركات الأفراد وشركات الأموال إلى مجلس الوزراء لمزيد من الدراسة، من خلال وزراء المجموعة الاقتصادية، على أن تتم إعادة القوانين للجنة الإصلاح التشريعى مرة أخرى، وذلك انطلاقا من اعتبارات الصالح العام والملائمة. تصريحات «الهنيدى» تعتبر محاولة من جانبه لوضع حد للخلاف الدائر بين وزارة الاستثمار من ناحية ولجنة التشريعات الاقتصادية المُنبثقة عن لجنة الإصلاح التشريعى من ناحية خرى، حول تعديلات قانون الاستثمار الجديد، إذ أدى اعتراض «سالمان» على تمرير القانون من خلال لجنة الإصلاح التشريعي، إلى عدم طرح القانون للمُناقشة خلال اجتماع اللجنة الأخير الأسبوع الماضي، لأن التعديلات التى أعدتها وزارة الاستثمار على القانون لم ترد إلى اللجنة. سعى «سالمان» خلال الفترة الماضية للضغط من أجل تمرير القوانين الاقتصادية من خلال مجلس الوزراء مباشرة عبر لجنة خاصة تابعة لوزارة الاستثمار، لقناعته بأن الوزارة هى الأقدر على وضع التعديلات الملائمة للتنفيذ، من خلال خبرتهم العملية فى تطبيق القانون. غياب التنسيق بين سالمان والهنيدى كشفه تضارب تصريحات الوزيرين حول القانون، فبينما أكد «الهنيدى» قبل اجتماع اللجنة العليا الأخير، أن اللجنة ستناقش جميع القوانين الاقتصادية وعلى رأسها قانون الاستثمار، نفى «سالمان» إجراء أى تعديلات على مشروع القانون، لافتًا إلى أنه لم يعرض على اللجنة من أساسه، وهو ما أكده الهنيدى عقب انتهاء اجتماع اللجنة، معلنًا إرجاء مناقشة القانون بناءً على طلب من وزارة الاستثمار. المذكرات الإيضاحية حول القانون- سواء التى تقدم بها سالمان أو ما صاغته اللجنة من ملاحظات حول تلك التعديلات- تكشف الأسباب الحقيقية للخناقة بين الوزارة واللجنة، وهى الأسباب التى دفعت «سالمان» لتعديل القانون بعد أقل من 5 أشهر من إصداره، كما تكشف أسباب رفض اللجنة لتعديلات الوزارة على قانون الاستثمار، وفيما يلى عرض لأبرز نقاط الخلاف بين الجانبين. صراع رجال الأعمال على كعكة المناطق الحرة تعتبر المناطق الحرة أبرز مناطق الخلاف بين الوزارة واللجنة، إذ يرى «سالمان»، ضرورة إجراء تعديل تشريعى يقضى بإعادة العمل بنظام المناطق الحرة الخاصة مع تقييد سلطة الترخيص بإقامة تلك المناطق، لتكون بناءً على قرار من مجلس الوزراء، بعد عرضه على الوزير المُختص ووزير المالية بدلا من الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، للحفاظ على المشروعات القائمة بنظام المناطق الحرة الخاصة والعاملين بها، واتساقًا مع نهج الدولة فى عدم التوسع فى العمل بنظام المناطق الحرة الخاصة. بناءً على ذلك جاء التعديل فى بعض المواد الخاصة بالمناطق الحرة مستندا على رغبة من وزارتى المالية والصناعة والتجارة الخارجية، إذ تم استبدال المادة 29 من قانون ضمانات وحوافز الاستثمار مع إغفال تنظيم المناطق الحرة الخاصة، إلا أن هذا التعديل أثار اعتراض كثير من المستثمرين فى تلك المناطق حيث يؤثر- من وجهة نظرهم - بالسلب على المشروعات القائمة بهذا النظام، والتى تبلغ 223 مشروعا برأس مال قدره 5.2 مليار دولار، وتكاليف استثمارية قدرها 10.5 مليار دولار، وبلغت صادرات هذه المشروعات لخارج البلاد 2.3 مليار دولار عن عام 2014- وذلك حسبما ورد بكتاب الرئيس التنفيذى للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة رقم 2546، وبتاريخ 28/4/2015، وتعمل بعض هذه المشروعات منذ 15 عامًا، مما سيترتب عليه تحولها للعمل بنظام الاستثمار الداخلي، والذى سيؤثر بالسلب على تلك المشروعات التى أقامت دراسات الجدوى اقتصادية لها، على اعتبارات العمل بنظام المنطقة الحرة. كما تضمن مشروع القرار الصادر عن الوزارة تحديدا لبعض المشروعات كثيفة استخدام الطاقة، والتى لا يجوز الاستثمار فيها بنظام المناطق الحرة، مع ترك سلطة إضافة مشروعات أخرى، ولا يجوز الاستثمار فيها بنظام المناطق الحرة لمجلس الوزراء، لإحداث مرونة فى عملية الإضافة والحذف لتلك المشروعات، إلا أن هذا التعديل أثار اعتراض بعض المستثمرين ومنظمات الأعمال لما قد يترتب عليه من حرمان تلك المشروعات من الاستثمار بنظام المناطق الحرة، إذا ما قامت بتوفير مصدر للطاقة للمشروع، ويرى المشرع أنه يجب إجراء تعديل تشريعى بتعديل الفقرة الخامسة من المادة 29 ليكون نصها كالآتي: «فى جميع الأحوال لا يجوز الترخيص بإقامة مشروعات كثيفة استخدام الطاقة بنظام المناطق الحرة إلا فى المجالات وبالضوابط التى يصدر بهما قرار من مجلس الوزراء»، وهو ما يسمح لمجلس الوزراء بتقدير الحالات التى يمكن الترخيص بها. رد الإصلاح التشريعي فى تقرير لجنة التشريعات الاقتصادية المُنبثقة عن لجنة الإصلاح التشريعي، الذى حصلت «البوابة» على نسخة منه، عرضت اللجنة أسباب رفضها التعديلات المقترحة من وزير الاستثمار حول إعادة العمل بالمناطق الحرة بعد أقل من خمسة أشهر على إصدار القانون الذى ينص على إلغائها، وقالت اللجنة إن هذا التعديل يثير تساؤلات عن السياسة التشريعية للدولة فى مجال الاستثمار، لاسيما وأن وزارة المالية قد أوردت فى مذكرتها المؤرخة فى 91/6/2015، رفضها العودة لنظام المناطق الحرة الخاصة، استنادا إلى ما كشف عنه هذا النظام من سلبيات بصفة خاصة فى مجال التهرب الجمركي، وما يلحق من آثار جانبية للصناعة الوطنية، حيث ترى اللجنة الإبقاء على المادة 29 الفقرة الثانية كما هى دون إدخال التعديل الوارد بمذكرة وزارة الاستثمار. وبشأن المادة رقم 29 الفقرة الخامسة، ترى اللجنة أن التعديل الوارد على الفقرة الخامسة من المادة رقم 29 بجواز إقامة مشروعات كثيفة استخدام الطاقة بنظام المناطق الحرة فى الأحوال والضوابط التى يصدر بها قرار من مجلس الوزراء، وتضمنت مذكرة وزارة الاستثمار فى هذا الشأن شرط متمثل فى توفير المشروع للطاقة المستخدمة وورد ذات الشرط بمذكرة وزارة المالية، مما ترى معه اللجنة الموافقة على التعديل الوارد، شريطة توفير مشروع كثيف استخدام الطاقة المقام بالمناطق الحرة لتلك الطاقة. أزمة النفايات السامة وجه الخلاف الآخر بين الوزارة واللجنة يتعلق بالضرائب والرسوم المفروضة على المواد الخام المستخدمة فى المناطق الحرة الخاصة، إذ تطالب الوزارة بإلغاء التعديل الذى تم فى الفقرة الأولى من المادة 32 بالقانون رقم 17 لسنة 2015 وعودتها إلى ما كانت عليه. تضمن التعديل الذى تطالب الوزارة بإلغائه، إخضاع البضائع التى تستوردها المناطق الحرة من داخل البلاد للقواعد الخاصة للاستيراد والتصدير والإجراءات الجمركية الخاصة بالصادرات والواردات والضرائب الجمركية والضريبة العامة على المبيعات وغيرها من الضرائب والرسوم، وهو ما سيترتب عليه- من وجهة نظر المستثمرين المتضررين- تمتع البضائع التى تستوردها المناطق الحرة من خارج البلاد بإعفاءات لا تتمتع بها البضائع المستوردة من داخل البلاد، مما سيؤدى إلى ركود المواد الخام ومكونات الإنتاج السوق المحلية. كما تضمنت مذكرة «سالمان» اقتراح إضافة فقرة ثانية للمادة 33 بالقانون يستثنى بموجبها المواد والنفايات الضارة من الخضوع للقواعد العامة للاستيراد من الخارج متى كان ذلك، بغرض التخلص منها بالطرق والوسائل الآمنة وتنص الفقرة المقترحة على: «بعد موافقة وزارة الدفاع»، حيث تتوافر لديها القدرة والأدوات اللازمة للرقابة والسيطرة على أى خطورة قد تنجم عن هذه النفايات. رد الإصلاح التشريعي استندت لجنة الإصلاح فى ردها على مقترح الوزارة بشأن هذه النقطة إلى مذكرة وزارة المالية التى توصى بالإبقاء على إخضاع نظام المناطق الحرة للرقابة الضريبية والجمركية لحماية الاقتصاد الوطنى من جرائم التهرب الجمركى والضريبي، بالإضافة إلى مذكرة وزارة الصناعة والتجارة المؤرخة 16/6/2015، التى تشير إلى أن إلغاء تلك الفقرة يترتب عليه الإخلال بسياسة الحكومة فى حظر تصدير بعض السلع لاعتبارات تتعلق بالسوق المحلية. بناءً على ذلك ترى اللجنة ضرورة الإبقاء على الفقرة الأولى من المادة 32 كما هى بإضافة بند جديد للمادة 32 يسمح بتصدير مستلزمات الإنتاج من داخل البلاد إلى المشروعات الإنتاجية بالمناطق الحرة، وفقًا للقواعد التى يصدر بها قرار من الوزير المختص بشئون التجارة الخارجية، مما يسمح بتحقيق الأهداف الاستثمارية دون الإضرار بسياسات الدولة، بشأن حماية المستهلك المصرى والسوق المحلية، كما ترى اللجنة بشأن المادة رقم (33) الفقرة الثانية اشتراط موافقة وزارة الدفاع فى حالة التخلص من نفايات المشروعات المقامة بالمناطق الحرة مع إضافة وجوب موافقة جهاز شئون البيئة ووزارة الدفاع معا. خناقة التصرف في أراضي الدولة الوجه الثالث من أوجه الخلاف يتعلق بتنظيم طرق التصرف فى الأراضى إذ تضمنت المذكرة أيضا إضافة باب خامس لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار، يتناول بالتنظيم طرق وأساليب التصرف فى الأراضى والعقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة أو لغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، وذلك إذا كان التصرف بغرض الاستثمار للشركات والمنشآت الخاضعة لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار، حيث تضمنت المادة 74 منه إمكانية التصرف فى الأراضى لأغراض التنمية بدون مقابل، وذلك فى المناطق التى يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس الوزراء، ولتوفير المرونة المُبتغاة من التعديلات، يجب يكون إصدار هذا القرار لرئيس الوزراء بعد موافقة مجلس الوزراء، ليكون هناك مرونة فى اتخاذ مثل هذا القرار، وبالتالى قد يرى المشرع إجراء تعديل تشريعى يخول لرئيس مجلس الوزراء سلطة إصدار قرار بتحديد تلك المناطق بناء على موافقة مجلس الوزراء. كما تضمن فى المادة 77 منه، تحديد أسلوب للمُفاضلة بين المستثمرين عند التزاحم على الأراضى والعقارات اللازمة لإقامة المشروعات الاستثمارية، وذلك عن طريق نظام النقاط على أساس المنطقة وطبيعة الاستثمار وحجمه، أو عن طريق نظام القرعة إذ لم تتم المفاضلة وفقا لنظام النقاط، وهو ما أثيرت حوله بعض الآراء والأقاويل من أن الدولة ستتبع نظام القرعة فى اختيار المستثمرين، وهو ما لا يتلاءم مع المشروعات الكبيرة، فى حين أنه باستقراء النص يتضح أن الأصل هو اتباع أسلوب النقاط، وأن أسلوب القرعة ما هو إلا أسلوب بديل لا يتم اللجوء إليه إلا عند عدم التمكن من اتباع أسلوب النقاط إذا كانت طبيعة الأرض أو العقار أو المشروعات تستدعى ذلك، ومع ذلك وحفاظًا على الثقة بين المستثمرين وأجهزة الدولة يرى «سلمان» إجراء تعديل تشريعى بإلغاء أسلوب القرعة فى المُفاضلة على التزاحم على الأراضى والعقارات المنصوص عليها بالمادة 77، وحصر المُفاصلة فى أسلوب النقاط فقط. رد الإصلاح التشريعي بشأن المادة رقم 74، التى منحت المادة لرئيس الجمهورية سلطة التصرف فى الأراضى والعقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة بدون مقابل وفقا للضوابط الواردة بالقانون وبعد موافقة مجلس الوزراء، ولما كان التصرف بالمجان فى أملاك الدولة يتعين أن يكون فى أضيق الحدود ووفقا لاشتراطات وضوابط صارمة، وأن مثل تلك القرارات لا يفترض فيها المرونة، بحكم أنها استثناء على القاعدة يجب إلا يُتوسع فيها، كما أن لرئيس الجمهورية تفويض رئيس الوزراء فى بعض اختصاصاته، مما ترى معه اللجنة الإبقاء على النص الوارد بالقانون رقم 17 لسنة 2015، دون إدخال أى تعديلات عليه. وبشأن المادة رقم 77، التى نظمت كيفية المفاضلة بين المستثمرين فى حالة التزاحم على الأراضى أو العقارات، وذلك باللجوء إلى نظام النقاط، وفى حالة تساوى المستثمرين فى النقاط يتم اللجوء إلى نظام القرعة، ومن ثم نظام القرعة هو نظام احتياطى لا يتم اللجوء إليه إلا بعد تساوى المستثمرين المتزاحمون فى الشروط الفنية والمالية، وأن إلغاء نظام القرعة دون إيجاد بديل يترتب عليه فراغًا تشريعيًا، مما ترى اللجنة معه الإبقاء على النص الوارد بالقانون رقم 17 لسنة 2015 دون إدخال أى تعديلات عليه. إعفاء البضائع المنقولة ترانزيت المذكرة التى أرسلتها وزارة الاستثمار تتضمن إدخال تعديل على الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون نفسه فى ضوء مطالبة مندوبى بعض منظمات الأعمال بحذف عبارة «المحددة الوجهة»، وهو ما يترتب عليه إعفاء كل تجارة للبضائع العابرة ترانزيت بنوعيها المباشر وغير المباشر من الرسوم. فى مذكرتها قالت الوزارة إنه بعد صدور القرار بقانون رقم 17 لسنة 2015، ورد كتاب الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة رقم 1808، بتاريخ 24/3/2015، مشيرا إلى أن الآثار المالية المترتبة على هذا التعديل والتى تتعلق برسم ال1٪ المستحق على نشاط التخزين، وما يستتبعه من التأثير على حصيلة النقد الأجنبى لدى البنك المركزى المصري، فى ضوء أن جميع إيرادات الهيئة من هذه الرسوم تودع بالبنك المركزى، وأن إجمالى قيمة الرسوم المُحصلة من المشروعات التخزينية بالمناطق الحرة عن عام 2014 مبلغ عشرين مليونا وثلاثمائة وستة آلاف، وتسعة وثلاثون دولارا أمريكيا، وتم اقتراح بإجراء تعديل تشريعى بإعادة المادة إلى ما كانت عليه قبل القرار بقانون رقم 17 لسنة 2015. ولم تتناول المذكرة الصادرة عن لجنة الإصلاح التشريعى أى تعديلات فى هذا الشأن.