العيد الوطني الأكثر توترا من 400 عام “,”البوابة نيوز“,” تلتقي رموز العمل الشعبي ومشاركين في المسيرات القطلونية السلسلة البشرية التي قطعت إقليم قطلونية من الشمال إلى الجنوب، واكتملت كما هو متوقع في الخامسة وأربعة عشر دقيقة لم تكن مفاجأة كحشود العيد الوطني لقطلونية في العام الماضي. لكن نجاحها اليوم أكد وعي المنظمين بالتحدي وقدرتهم على إشاعة الأمل في نفوس الجماهير. لم يعد العيد القومي للإقليم الأكثر إنتاجا ونموا اقتصاديا في إسبانيا مجرد يوم للبكاء على الماضي والمجد أو للمطالبة الخجولة بالاستقلال أو بوضع خاص داخل الدولة الإسبانية. مسيرة العام الماضي جعلت الأصوات أكثر وضوحا، والمطالب أكثر مباشرة. وعلى هذا الوتر لعب رئيس الحكومة القطلونية “,”أرتور ماس“,”، الذي قام بالدعوة لانتخابات مبكرة كان يتوقع الفوز فيها بأغلبية مطلقة تتيح له الضغط على حكومة “,”ماريانو راخوي“,” من جانب كما يمكنه من خلالها تمرير قوانين جديدة خاصة بالتعليم والمعاشات والرعاية الصحية جوهرها تقليص النفقات. لم يحصل “,”أرتور ماس“,” وحزبه “,”التقارب والاتحاد“,” على هذه الأغلبية. وكان عليه التحالف مع حزب يساري انفصالي هو “,”الحزب اليساري الجمهوري القطلوني“,”، من أجل تسمية رئيس الحكومة وتمرير القوانين. لكن المشهد اليوم يختلف تماما. قبل أيام من الاحتفال الأكبر في تاريخ قطلونية كان “,”أرتور ماس“,” يقوم بالتواصل مع “,”ماريانو راخوي“,” رئيس الحكومة الإسبانية من أجل التوصل لحل وسط لهذا الوضع الذي يشكل أزمة لكليهما. بشكل مباشر أعلن “,”أرتور ماس“,” أنه لن يقوم بأي خطوة خارج الإطار القانوني والدستوري. وهذا يعني أنه لن يكون هناك استفتاء على الإطلاق. لكنه ما زال يؤكد على سعيه لإجراء استفتاء على الاستقلال دون أن يوضح أي خطوات محددة سوى الحوار مع الحكومة المركزية. على العكس من هذا، فقد حضر رموز حزب التقارب والاتحاد الحاكم المسيرات الشعبية اليوم وشارك بعضهم في السلسلة البشرية. لكن رئيس الإقليم اكتفى بحضور احتفالي بروتوكولي رمزي في (حديقة القلعة) كما هي العادة كل عام، وشهد المراسم الرسمية التي قدمت فنا وثقافة شعبيين وركز المتحدثون على الكلام عن التاريخ واللغة القطلونيين.. وبرر “,”أرتور ماس“,” غيابه عن الاحتفالات الشعبية والسلسة البشرية بسبب مهام المنصب. هذا الموقف قد يراه البعض ابتعادا وانفصالا عن الحركة الشعبية التي تعمل على الحشد منذ شهور من أجل مسيرات ضخمة في كل المدن الكبرى إضافة إلى السلسلة البشرية التي اكتملت في الخامسة وأربعة عشر دقيقة. لكن يمكن قراءة المشهد من زاوية مختلفة، وهي رغبة القطلونيين ودعاة الانفصال في الضغط على أكثر من جبهة. حيث يظل الحوار السياسي قائما بينما يستغل الضغط الشعبي كورقة في يده. إضافة إلى تقديم صورة حضارية عن قطلونية إلى العالم الخارجي كشعب يلجأ للحوار، ومحب للسلام والتعايش. لكن هذه السلسلة التي يطلق عليها اسم (الطريق القطلوني) قد يمثل نجاحها ضغطا شديدا على الحكومتين المحلية والمركزية. وبخاصة حكومة الإقليم لو لم تستطع تحقيق أشواق ورغبات الشعب القطلوني في إقامة وطن خاص. هذه الحكومة التي استغلت الدعم الشعبي والحزبي من أجل تمرير قوانين تعصف بمبادئ العدالة الاجتماعية في مقابل قيامها بالعمل على استقلال قطلونيا لم تحقق أي نجاح يذكر في مهمتها. بل أن الكثير من المواطنين الذين صمتوا ولم يعترضوا على إغلاق مستشفىات ومدارس بأكملها، إضافة إلى تقليل رواتب موظفي الحكومة وإنهاء التعاقد مع بعضهم وبخاصة ذوي العقود المؤقتة. هذه التضحيات التي لم تؤدي إلى شيء، ما زالت ماثلة في ذهن المشاركين في مسيرات اليوم. لكنهم يشاركون هذه المرة بعقلية مختلفة. يشاركون لهدف واضح، لكن الآليات والطرق لتحقيقه غير واضحة. الملايين التي شاركت اليوم في المسيرات أو في السلسلة البشرية، واللذين قاموا بتعليق العلم الجمهوري القطلوني الجمهوري ذي اللونين الأصفر والأحمر مع نجمة زرقاء في الجانب، على النوافذ والشرفات، كل هؤلاء ينتظرون رد فعل السياسيين على رغبتهم. استطلاعات الرأي تؤيد الاستقلال بفارق بسيط قامت إذاعة راديو (سير) باستطلاع للرأي جاءت نتائجه معبرة عن حالة محتملة من الانقسام في المجتمع القطلوني. إذ أيد 52 % من اللذين تم استطلاع رأيهم انفصال قطلونية عن إسبانيا. لكن الإذاعة اعتبرت أن هذه النسبة تعبر عن أغلبية واضحة وصريحة مؤيدة للاستقلال. بينما أعلن 24 % رفضهم للاستقلال. وفي المقابل أعلن 15.9 % أنهم لم يتخذوا قرارا حتى الآن أو أنهم لم يريدوا الافصاح عن نيتهم في التصويت. بينما أعلن 7.7 % أنهم سيمتنعون عن التصويت في الاستفتاء. وأبرز الاستطلاع قضيتين أخريين، الأولى هي حصول قطلونية على وضع مالي أفضل في موازنة الدولة، على غرار النموذج المتبع في إقليم الباسك. لكن تأييد الانفصال عن إسبانيا لم يتأثر كثيرا في حال حدوث هذا. والقضية الأخرى هي الخروج من الاتحاد الأوروبي بعد الاستقلال. وقد أيد 47 % قرار الاستقلال حتى لو كان الخروج من الاتحاد الأوروبي من عواقبه. وأهم النتائج في هذا الاستطلاع هي الموافقة بنسبة 80 % على حق كل اقليم في الدولة الإسبانية على إجراء استفتاء على الاستقلال. البوابة نيوز تلتقي بعض المشاركين والمنظمين في المسيرات وفي السلسلة البشرية التقت “,”البوابة نيوز“,” خلال مسيرات اليوم بأحد منظمي المسيرات في مدينة برشلونة “,”جينيس أرناو“,” الذي قال إن الحشود في مدينة برشلونة هذا العام أقل من العام الماضي، لكنه برر ذلك بتكوين السلسلة البشرية التي تتطلب 400 ألف شخص على الأقل، وبخاصة أن بعض نقاط السلسلة كان بها أكثر من صف. كما أن العديدين قاموا بعمل المسيرات في مدنهم وقراهم دون السفر إلى برشلونة. وحول السياسة التي يتبعها “,”أرتور ماس“,”، رئيس الحكومة المحلية، قال “,”جينيس أرناو“,” إنه لم يكن من مؤيديه من قبل، لكنه الآن يقف خلفه لأنه يعبر عن طموح الشعب القطلوني. وبخاصة بعد أن أدرك أبعاد الحركة الشعبية والحشود التي خرجت في العام الماضي فقام بالتصرف كرئيس منتخب للشعب القطلوني وتعهد بتحقيق حلمه. وحول تصريحات “,”أرتور ماس“,” المتعلقة بتأجيل الاستفتاء إلى العام 2016 واستكمال الحوار مع الحكومة المركزية، قال “,”أرناوا“,” إنه مقتنع بأن الاستفتاء سيعقد في العام القادم، وأن 2016 سيكون نقطة النهاية في علاقة قطلونيا بإسبانيا. ومن جانبها قالت “,”مارتا كاربونيي“,” المشاركة في مسيرات اليوم وكانت ملتفة بعلم كبير يغطي كل جسدها، إن المسيرات لم تعد مركزية كما كانت من قبل. الآن تقوم طائرات الهليكوبتر بتصوير المشاركين في كل أنحاء قطلونية. في مدن وقري صغيرة، إضافة إلى السلسلة البشرية الأضخم في تاريخ إسبانيا. وحول سياسيات الحكومة الحالية وتعبيرها عن الإرادة الشعبية، قالت مارتا إنها تؤمن بالحوار والمفاوضات. لو انتهى هذا الخيار إلى طريق مسدود قد يمكن اللجوء لطرق أخرى مثل العصيان المدني. وقال “,”ريكاردو بويج“,” إنه جاء من خارج برشلونة للمشاركة في مسيرات برشلونة لأنه اعتاد على هذا كل عام، لكنه ترك الكثير من جيرانه في مسيرات صغيرة أو جالسين أمام أبواب البيوت لعدم قدرتهم على السفر. وحول إدارة حكومة “,”أرتور ماس“,” للوضع، قال إنه سياسي مشهور بنزعته القومية، لكنه الضغط الشعبي أدى به إلى اتخاذ مواقف حادة ، بالرغم من أن البعض يرى أنها غير كافية. وأضاف “,”خابيير ألفونسو“,”، أحد المنظمين في أحد أحياء برشلونة، أن حشود العام السابق كانت تلقائية، وإنه لا يثق في السياسيين سواء في قطلونيا أو إسبانيا، حيث تقوم النخبة السياسية بصياغة قوانين تحميها وتقوى من نفوذها. لهذا فإن الهدف الآن بالنسبة له هو الحصول على الاستقلال، وبعد ذلك يمكن صياغة قوانين ودستور مختلفين، وأكثر شفافية. هذه الآراء التي تتفق في رغبتها في الحصول على الاستقلال، وترى الحوار الذي يقوم به رئيس الحكومة خيارا سياسيا جيدا، تنتظر خطوات ملموسة في الأسابيع والأشهر القادمة. وتنتظر موعدا للاستفتاء على الاستقلال في العام القادم. فهل تحصل على هدفها؟ وماذا سيكون رد فعلها في حالة بقاء الوضع كما هو عليه “,” “,” “,” “,” “,” “,” “,” “,” “,” “,” “,” “,”