قال الباحث الأثري أحمد عامر إن الفراعنة دائمًا ما كانوا يسبقون غيرهم من الحضارات التي عاصرتهم في فترة عصورهم المختلفة بل لم ينته الأمر إلى هذا الحين، فكل يوم نكتشف مزيد من التقدم والدقة في أفكارهم وأعمالهم التي تركوها لنا على مر العصور، ففي هذه المرة نشير إلى فكرة إنشاء مجري ملاحي في العالم، حيث بعد ساعات قليلة يتم افتتاح قناة السويس الجديدة، فهذا مشروع فرعوني قديم يرجع إلى الملك "خيتي" من ملوك الأسرة التاسعة الفرعونية عندما نصح ابنه "مري كا رع" أن يحفر قناة في الشرق وأن يجعلها عامرة بالسكان كي يمنع الأسيويين من الاقتراب من أرض مصر، تلك الوثيقة التاريخية تعرف ببردية "بترسبرج" وعلي الرغم من ذلك لا نعرف هل تم حفر تلك القناة في ذلك الوقت أم لا، أما عن إنشاء أول مجري ملاحي في العالم فقد حفرت أول قناة تحت حكم الملك "سنوسرت الثالث" في الفترة "1849:1887 ق.م" بغرض ربط البحر الأبيض المتوسط في الشمال بالبحر الأحمر في الجنوب عبر نهر النيل وفروعه، وعندما جاء الملك "سيتي الأول" قام بحفر القناه مره أخرى ويرجح أنها كانت في الفتره من "1319: 1300ق.م"، كما فكَّر أيضًا الملك "نيكاو" من الأسرة السادسة والعشرين بحفر قناة تربط بين البحر الأحمر والنيل في الفترة من 595:610 ق.م تقريبًا. وتابع "عامر" في تصريحات صحفية اليوم الخميس أنه في عام "1854م" نجح الفرنسى "فرديناند ديليسبس" في حشد اهتمام نائب الوالي سعيد باشا للمشروع، وفي عام "1858م" تشكلت الشركة العالمية لقناة السويس البحرية، وتأسست الشركة على أنها مؤسسة مصرية خاصة ويملك معظم أسهمها مستثمرين مصريين وفرنسيين وكانت شروط الإمتياز تنص على قيام الشركة الفرنسية بحفر قناة مالحة تربط بين البحر الأحمر والمتوسط وترعة عذبة تربط بين النيل والبحر الأحمر، وتنتفع الشركة بالقناة لمدة "99عام" من بدء افتتاحها في "11 نوفمبر 1869م"على أن تؤول بعد ذلك ملكيتها بعد ذلك إلى الحكومة المصرية، وتتنازل مصر للشركة عن الأراضي المحيطة بالقناة القابلة للزراعة كما تعفى من الضرائب 10 سنوات، كما أنه من حق الشركة الاستيلاء على الأراضي اللازمة لحفر القناة التي يملكها الأفراد مقابل تعويض مناسب، وتقدم الحكومة المصرية أربعة أخماس "4/5" العمال من المصريين، مع الإعفاء الجمركي لجميع الآلات والمواد التي تستوردها الشركة، وتستخرج الشركة المواد الخام من المحاجر الحكومية دون دفع الضرائب، وتحصل مصر على أرباح قدرها "15%" من صافي الأرباح، وتمتلك مصر "44%" من أسهم القناة أي "177642 ألف سهم من أصل 400 ألف سهم"، وقد باعت مصر نصيبها في اسهم القناة "177642 ألف سهم " في عهد الخديوي إسماعيل في نوفمبر1875م لسداد بعض الديون، كما تنازلت مصر عن أرباحها في قناة السويس "15%" في عهد الخديوي توفيق عام 1880م لاتحاد المليين في باريس وفاءً لبعض الديون، وفي عام 1956م قام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس شركه مساهمه مصرية، وقد إستغرق حفر القناة تقريبًا 10 سنوات ومات في حفرها ما يقرب من 120 ألف مصري. وأشار "عامر" إلى أن فكرة القناة الجديدة الهدف منها هو إنشاء قناة جديدة موازية بغرض تعظيم الاستفادة من القناة وتفريعاتها الحالية بهدف تحقيق أكبر نسبة من الازدواجية لتسيير السفن في الاتجاهين بدون توقف في مناطق انتظار داخل القناة مما يقلل زمن عبور السفن المارة، وزيادة قدرتها الاستيعابية لمرور السفن في ظل النمو المتوقع لحجم التجارة العالمية في المستقبل وارتباطًا بمشروع التنمية بمنطقة قناة السويس ويرفع درجة الثقة في القناه كأفضل ممر ملاحى عالمى ويقلل من قيمة الفكر في قنوات بديلة تنافسية بالعالم والمنطقة، كما يرفع أيضا درجة الثقة في استعداد مصر لإنجاح مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس وينعكس كل ما سبق على زيادة الدخل القومى المصرى من العملة الصعبة ويصب في خزينة الدولة مباشرة، أما عن العائد من المشروع فإنه سوف يساهم في مضاعفة إيرادات القناة بنحو 259% عام 2023 ليكون 13.226 مليار دولار مقارنة بالعائد الحالى 5.3 مليار دولار مما يؤدي إلى الإنعكاس الإيجابي المباشر على الدخل القومي المصري من العملة الصعبة، وأيضًا زيادة القدرة الاستيعابية للقناة لتكون 97 سفينة قياسية عام 2023 بدلا من 49 سفينة عام 2014، كما أنه سيوفر ما يقرب من مليون فرصة عمل في إنشاء مدن صناعية على ضفاف القناة، منها منطقة إنشاء سفن وحاويات، وتصنيع سيارات وتكنولوجيا متقدمة، وصناعات خشبية ومنسوجات، وأثاث وصناعات زجاجية، وتحقيق عائد سريع وتوفير الأمن الغذائي من خلال إقامة مشاريع الإستزراع السمكي، كما سوف يساعد المشروع على تخفيض زمن انتظار السفن في القناة من 11 ساعة إلى 3 إضافة إلى تقليل زمن العبور ليكون 11 ساعة بدلا من 18 ساعة لقافلة الشمال، ويبدأ إنشاء قناة السويس الجديدة من الكليو 60 حتى الكيلو 90 "ترقيم القناة" إضافة إلى توسيع وتعميق تفريعات البحيرات الكبرى والبلاچ بطول إجمالى 37 كم وإجمالى طول المشروع 72 كم، أما عن مدة تنفيذ المشروع فقد بلغت 12 شهرا "سنة واحدة" بلغت التكلفة التقديرية 8.2 مليار دولار تعادل 60 مليار جنيه قام الشعب المصري العظيم بجمعها في ثمانية أيام فقط.