قال الباحث الأثري أحمد عامر، إن الفراعنة دائمًا ما كانوا يسبقون غيرهم من الحضارات التي عاصرتهم، بل لم ينتهي الأمر إلي هذا الحين فكل يوم نكتشف مزيد من التقدم والدقة في أفكارهم وأعمالهم التي تركوها لنا علي مر العصور، مشيرًا إلى أن فكرة إنشاء مجري ملاحي هو مشروع فرعوني قديم يرجع إلي الملك "خيتي" من ملوك الأسرة التاسعة. وبدات الفكرة عندما نصح ابن الملك "مري كا رع" بأن يحفر قناة في الشرق وأن يجعلها عامرة بالسكان كي يمنع الأسيويين من الاقتراب من أرض مصر، تلك الوثيقة التاريخية تعرف ببردية "بترسبرج" وعلي الرغم من ذلك لا نعرف هل تم حفر تلك القناة في ذلك الوقت ام لا. أما عن إنشاء أول مجري ملاحي في العالم فقد حفرت أول قناة تحت حكم الملك "سنوسرت الثالث" في الفترة "1849:1887 ق.م" بغرض ربط البحر الأبيض المتوسط في الشمال بالبحر الأحمر في الجنوب عبر نهر النيل وفروعه، وعندما جاء الملك "سيتي الأول" قام بحفر القناه مره آخري ،ويرجح أنها كانت في الفترة من "1319: 1300ق.م"، كما فكَّر أيضًا الملك "نيكاو" من الأسرة السادسة والعشرين بحفر قناة تربط بين البحر الأحمر والنيل في الفترة من 595:610 ق.م تقريبًا. وأضاف "عامر" أنه قد أُعيد حفر القناة مره آخري بعد أن كانت مهملة وكان ذلك تحت حكم الحاكم الفارسي "دارا الأول" (داريوس) في الفترة من "486:521 ق.م"، وأثناء فتح الأسكندر الأكبر الأسكندرية أشرف علي تخطيط مشروع القناة لنقل سفنه الحربية من ميناء الأسكندرية إلي ميناء أبي قير بالبحر المتوسط ثم إلي البحر الأحمر عبر الدلتا والبحيرات كما بدأ تنفيذ مشروع قناة الشمال الا أن المشروعين توقفا لوفاته. وفي القرن الثالث قبل الميلاد قام "بطليموس الثاني" (فلاديلفيوس) باستكمال القناة وأصبحت ممتدة من النيل حتي السويس، وقد أعاد "عمرو بن العاص" بناء القناة بعد الفتح الإسلامي لمصر وربط النيل إلى البحر الاحمر لإنشاء خط جديد للإمدادات من القاهرة وقد كانت تستخدم لشحن الحبوب الى الجزيرة العربية ولنقل الحجاج إلى الأراضي المقدسة وقد عُرف باسم خليج أمير المؤمنين، وعندما جاءت الحملة الفرنسية فكرت في إنشاء قناة تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط إلا أن الفكرة لم تنفذ. وفي عام 1854م نجح الفرنسى "فرديناند ديليسبس" في حشد إهتمام نائب الوالي سعيد باشا للمشروع، وفي عام "1858م" تشكلت الشركة العالمية لقناة السويس البحرية، وتأسست الشركة على أنها مؤسسة مصرية خاصة ويملك معظم أسهمها مستثمرين مصريين وفرنسيين ،وكانت شروط الإمتياز تنص علي قيام الشركة الفرنسية بحفر قناة مالحة تربط بين البحر الأحمر والمتوسط وترعة عذبة تربط بين النيل والبحر الأحمر إلى الحكومة المصرية، وتتنازل مصر للشركة عن الأراضي المحيطة بالقناة القابلة للزراعة كما تعفى من الضرائب 10 سنوات، كما أنه من حق الشركة الإستيلاء علي الأراضي اللازمة لحفر القناة التي يملكها الأفراد مقابل تعويض مناسب، وتقدم الحكومة المصرية أربعة أخماس "45" العمال من المصريين، مع الإعفاء الجمركي لجميع الآلات والمواد التي تستوردها الشركة، وتستخرج الشركة المواد الخام من المحاجر الحكومية دون دفع الضرائب، وتحصل مصر على أرباح قدرها "15%" من صافي الأرباح، وتمتلك مصر "44%" من أسهم القناة أي "177642 ألف سهم من أصل 400 ألف سهم. وقد باعت مصر نصيبها في اسهم القناة "177642 ألف سهم " في عهد الخديوي إسماعيل في نوفمبر1875م لسداد بعض الديون، كما تنازلت مصر عن أرباحها في قناة السويس "15%" في عهد الخديوي توفيق عام 1880م لإتحاد الماليين في باريس وفاءً لبعض الديون، وفي عام 1956م قام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس شركه مساهمه مصرية، وقد إستغرق حفر القناة تقريبًا 10 سنوات ومات في حفرها ما يقرب من 120 ألف مصري. أما عن إفتتاح قناة السويس القديمة فقال "عامر" أنه تم عمل حفل افتتاح كبيرًا جدًا في بورسعيد حيث بدأ الإحتفال بالألعاب النارية وستة الآف متفرج شملت العديد من رؤساء الدول، بما فيها الإمبراطورة "أوجينى" وإمبراطور النمسا وأمير ويلز وأمير بروسيا وأمير هولندا، ودخلت قافلتين من السفن فى القناة من المداخل الجنوبية والشمالية، وإلتقتا في الإسماعيلية، وقد استمرت الحفلات لأسابيع وتم إفتتاحها عام "1869م".