مع تزامن احتفالات الشعب المصري بافتتاح قناة السويس الجديدة، يتذكر الجميع الملاحم التي خاضها الشعب من أجل الحفاظ على حقه في هذه الأرض التي مثّلت شريانًا عالميًا أثار مطامع الدول الكبرى منذ أن كان المشروع فكرة، وحتى خاضت مصر الحروب دفاعًا عنها. وكان كتاب"قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة"، هو الترجمة العربية للرسالة التي تقدم بها الدكتور مصطفى الحفناوي بالفرنسية، وناقشها بكلية الحقوق بجامعة باريس ونال عنها الدكتوراه في القانون بتقدير جيد جدًا عام 1951، واستفاد منها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في الدراسات التي سبقت عملية التأميم عام 1956؛ ثُم أعاد الحفناوي وأضاف إليها جزءًا آخر يتعلق بحرية الملاحة في القناة بعد عملية التأميم مُستشهدًا فيه باتفاقية القسطنطينية؛ وهو الكتاب الذي أعادت الهيئة العامة لقصور الثقافة نشره في عام 2009. يتناول الكتاب في الجزء الأول منه الموقف القانوني لقناة السويس، والذي شكّل مشكلة لمصر عند جلاء بريطانيا، التي صورت للعالم أنهم لو تركوها لتعطلت فيها الملاحة، ومنعت مصر سير السفن بها؛ وهو ما دعا كامل عبد الرحيم سفير مصر في واشنطن عام 1952 للقول إن مشكلة مصر الأولى أن الأوساط العالمية على جهل تام بحكاية القناة التي بدأ بونابرت بالتفكير في إقامتها أثناء وجوده في مصر، ورفض محمد على للفكرة بقوله "أنا لا أريد أن أفتح على مصر بسفورا آخر"، ثُم فرمان 5 يناير الذي أصدره الخديو سعيد ومات بعدها نادمًا على منح الشركة امتيازات عِدة، ثُم موقف الخديو إسماعيل الذي قال "إنى أريد القناة لمصر ولا أريد أن تكون مصر للقناة"، وتنفيذه للمشروع بعد تسوية الخلافات مع الباب العالى، وأعمال الحفر والانشاء، وافتتاح القناة وكذلك خسائر مصر السياسية والمالية بعد بيع حصتها في أرباح القناة. ويتناول الجزء الثاني من الكتاب النزاع المصرى البريطاني على القناة، وكذلك موضوع النزاع بين مصر وبريطانيا كإحدى مسائل القانون الدولي العام، واستعرض الحفناوي في كتابه رسالته إلى أنطوني إيدن وزير خارجية بريطانيا آنذاك، التي طالب فيها بجلاء بريطانيا عن مصر، وأوضاع القناة المختلفة في آخر مراحل النزاع البريطاني حتى عام 1951، وكذلك حل عملي للنزاع المصري البريطاني بخصوص القناة تمثل الجلاء وتسوية المركز القانوني لمصر بعده. الجزء الثالث من دراسة الحفناوي تناول حرية الملاحة في القناة إضافة بعد تأميم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر للقناة، وذكر استدعاء عبد الناصر له في مساء 23 يوليو 1956 ليُخبره بقرار التأميم، الذي كان وقتها محاطا بتكتم شديد، والملاحة في قناة السويس في ضوء معاهدة القسطنطينية ثُم ختم دراسته بمقارنة قناة السويس بالممرات المائية الأخرى مثل المضايق التركية، قناة بنما، قناة كييل، ونهر الدانوب مُشيرًا إلى أن مصر لم تكن في أي وقت معارضة لقاعدة الملاحة الحرة في القناة، بل سعت إلى الاستفادة منها.