بعد نحو 21 شهرا من المفاوضات الشاقة، سبقتها 12 عاما من المباحثات والشد والجذب بين الجانبين، أعلنت القوى الدولية رسميا عن توقيع اتفاق نووى مع إيران، التى تملك أكثر من 19 ألف جهاز للطرد المركزي، بينها أقل من 10 آلاف قيد العمل، إلا أنه لا يزال العالم يشهد جدلا بين مؤيد ومعارض ومشكك فى جدوى الأمر. ويتضمن هذا الاتفاق عددا من الشروط والقيود التى تحول دون تمكن طهران من تطوير قدراتها النووية مستقبلا، وتضمن بقاءها تحت السيطرة، ومن أبرزها خفض عدد أجهزة الطرد المركزى، التى تستخدمها إيران لتخصيب اليورانيوم بمقدار الثلثين لمدة 10 سنوات، سيبقى خلالها عدد أجهزة الطرد المركزى بحدود 5060 جهازا للتخصيب فى موقع نطنز، و1044 جهازا آخر تبقى فى حال العمل، إنما من دون تشغيلها فى موقع فوردو. وشملت الصفقة أيضا السماح بتفتيش المواقع النووية، ومراقبة الأممالمتحدة المواقع العسكرية الإيرانية، ويمكن لإيران أن تبدى الاعتراض على بعض طلبات دخول هذه المواقع. وفى هذا الإطار أوضح وزير الخارجية الفرنسى لوران فابيوس، فى تصريحات لصحيفة «لوموند» الفرنسية، أن طهران كانت قادرة على تخصيب ما يكفى من اليورانيوم لصنع قنبلة نووية فى خلال شهرين، ولكن بعد الاتفاق لن تعود قادرة على ذلك إلا فى خلال 12 شهرًا، كما سيظل حظر الأسلحة ساريا لمدة 5 سنوات بموجب الاتفاق، وستبدأ القوى الدولية رفع حظر تدريجى للعقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران وكذلك حركة الطيران. وأوضح فابيوس أن هناك إجراءات صارمة ستتخذ ضد إيران إذا ما أخلّت ببنود الاتفاق، وستكون معرضة لعقوبات أشد ومنظومة قاسية من القيود، وتشمل أنه فى حال أدركت أى دولة من دول مجموعة 5+1 (أمريكا، فرنسا، بريطانيا، الصين، روسيا + ألمانيا)، أن إيران لا تلتزم بتعهداتها، يمكنها التوجه إلى مجلس الأمن طالبة التصويت على مشروع يؤكد رفع العقوبات عن إيران، فتواجهه بحق النقض الفورى، ما يعيد العقوبات فى خلال 65 يومًا، تجتمع اللجنة المشتركة من الدول الست وإيران لمناقشة المسألة فى مدة أقصاها 35 يومًا منها، فإن فشلت إيران فى إقناع الدولة المعترضة، يرفع الأمر إلى مجلس الأمن، فيعيد العمل بالعقوبات خلال 30 يومًا أخرى. ومن المتوقع أن يصادق مجلس الأمن على الاتفاق، خلال أيام، عن طريق قرار قال فابيوس إن صدوره يعتبر شرطا لا بد منه لدخول النص حيز التنفيذ، علما بأن الدول الخمس دائمة العضوية فى المجلس، شاركت فى المفاوضات بشأن الاتفاق. أهم المواقع النووية الإيرانية بدأ برنامج إيران النووى عام 1974 مع وجود خطط لبناء مفاعلين نوويين تجاريين فى بوشهر بمساعدة ألمانية، وتخلت إيران عن المشروع بسبب الثورة الإسلامية بعد 5 سنوات، لكنها عادت إليه مرة أخرى فى تسعينيات القرن الماضى عندما وقعت طهران اتفاقا مع روسيا لمعاودة العمل فى الموقع. وتمتلك إيران عددا من المواقع النووية المهمة، التى سيطبق عليها الحظر وتخضع للتفتيش والرقابة الدولية المستمرة، وهى كالآتى: 1- منشأة بوشهر النووية فى ديسمبر2007، بدأت موسكو تسليم أسطوانات اليورانيوم المخصب التى يحتاجها مفاعل بوشهر الذى تم ربطه رسميا بشبكة الكهرباء الوطنية الإيرانية فى سبتمبر 2011، ليولد 700 ميجاواط من الكهرباء، وفى أغسطس 2013، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد تفتيش المحطة إن المفاعل يعمل بنسبة 100٪ من طاقته. 2- مفاعل أراك للماء الثقيل كشفت الأقمار الصناعية الأمريكية عن المنشأة التى تنتج الماء الثقيل بالقرب من بلدة أراك لأول مرة فى ديسمبر 2002. ويحتوى الوقود المستنفد من مفاعل الماء الثقيل على البلوتونيوم الذى يمكن استخدامه فى تصنيع قنبلة نووية. وفى أغسطس 2011، زارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية موقع مفاعل أراك. 3- منجم غاشين لليورانيوم فى ديسمبر 2010، قالت إيران إنها أنتجت لأول مرة محليا مركزات خام اليورانيوم (أو ما يعرف بالكعكة الصفراء)، ونقلتها إلى المفاعل الذى يمكن أن يجعلها جاهزة للتخصيب. تقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن الأدلة تشير إلى أن منجم غاشين، الذى يقع بالقرب من ميناء بندر عباس على الخليج، كان الهدف منه فى الأساس هو أن يكون مصدرا لليورانيوم لاستخدامه فى برنامج نووى عسكرى. 4- محطة أصفهان لمعالجة اليورانيوم فى عام 2006، بدأت إيران تشغيل منشأة لمعالجة اليورانيوم بمنشأة الأبحاث النووية فى أصفهان بهدف تحويل الكعكة الصفراء إلى 3 أشكال، وسمحت إيران لمفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة الموقع فى نوفمبر 2013. 5- محطة نطنز لتخصيب الوقود تعد أكبر منشأة طرد مركزى لتخصيب اليورانيوم فى إيران، وتعمل منذ فبراير2007، بالمخالفة لقرارات مجلس الأمن الدولى التى تطالب إيران بوقف تخصيب اليورانيوم، وتتكون المنشأة من 3 مبان كبيرة تحت الأرض، قادرة على تشغيل ما يصل إلى 50 ألف جهاز طرد مركزى. ويتم ضخ غاز سداسى فلوريد اليورانيوم فى أجهزة الطرد المركزى، التى تفصل معظم النظائر الانشطارية لليورانيوم (U-235. 6- موقع بارشين العسكرى تمثل الهدف الرئيسى من موقع بارشين، جنوب العاصمة طهران، فى عمليات بحث وتطوير وإنتاج الذخائر والصواريخ والمتفجرات. وظهرت المخاوف بشأن الدور المحتمل لهذا الموقع فى البرنامج النووى الإيرانى فى عام 2004، عندما ظهرت تقارير تفيد ببناء محطة كبيرة من أجل إجراء التجارب الهيدروديناميكية. 7- محطة قم فى يناير 2012، قالت إيران إنها بدأت تخصيب اليورانيوم فى منشأة فوردو التى تخضع لحراسة مشددة تحت الأرض، بالقرب من مدينة قم المقدسة عند الشيعة. وبدأت إيران بناء الموقع فى السر، لكنها اضطرت لاحقا للاعتراف بوجوده بعد مواجهتها بالأدلة بصور بالأقمار الصناعية فى سبتمبر 2009.