عزز المؤلف محمد أمين راضى مكانته بين صناع الدراما المصرية وقدرته على تحريك مياهها الراكدة، بعد تواجد أعماله المميزة للعام الثالث على التوالى، بعد مسلسلى «نيران صديقة» و«السبع وصايا»، وآخرها «العهد»، ويواصل أيضًا قدرته على صنع حالة من النقاش وأحيانا الجدال حول فك رموز أحداث ورموز أعماله. يرى أمين راضى أنه يحاول إعادة كرامة وحقوق المؤلف المسلوبة طوال السنوات الماضية، والتى عادت على أيدى عدد من كبار الكتاب مثل وحيد حامد وأسامة أنور عكاشة، والتى غابت مرة أخرى بغيابهم، والتى أرادت أن تحول المؤلف إلى آلة كاتبة فقط، يكتب للأشخاص أو أبطال المسلسل، ولا يأخذ مساحته فى الخيال أو تنفيذ رؤيته كاملة، وذلك ما يبرر بذله جهدًا أكبر بخلاف جهده فى كتابة المسلسل، سواء فى المناقشة مع المخرج والإنتاج حول تفاصيل العمل أو أبطال المسلسل، وهو حق كان من اختصاصات المؤلف، والقرار النهائى للمخرج بالتأكيد، وأكد أنه مهموم فقط بصناعة الدراما وتطورها، وتنوع محتواها. وحول كون اسمه كمؤلف أصبح مصدرًا للثقة أو إشارة لجودته، سواء للممثلين أو للجمهور، قال إنه يرفض تلك الفكرة، وهى من سلبيات الدراما، لأنه يجب على الفنان أن يختار الأعمال الجيدة والمناسبة له بغض النظر عن اسم المؤلف، وذلك سبب خلافًا له مع أحد أبطال «العهد»، لموافقته على الدور قبل أن يقرأ العمل، لثقته فى اسمه. وكذلك قال مؤلف «العهد»، إنه لا ينفى أو يرفض تأويلات الجمهور أو النقاد للمسلسل، لأنه يرى أن العمل الفنى الحقيقى له عدة مستويات فى التلقى، فمن يرى أن العمل معقدًا أو صعب الفهم فهذا مستوى غير من يرى أن الرموز والأحداث واضحة، وكل ذلك فى صالح العمل، ويقول: «هناك من يريد منى شرحا أو توضيح ما أريد أن أقوله من خلال المسلسل، وإن كان ذلك من واجبى فلأكتب مقالا وليس عملا فنيا»، مشيرا إلى أن هناك أعمالا تعارض نفسها بنفسها. وأبدى راضى عدم إعجابه بنوعيات الدراما التى لا تحفز ولا تنشط تفكير المتلقى، بوجود «حدوتة» واحدة وثابتة طوال حلقات المسلسل، لأنه تعلم منذ صغره ألا يكتب من أجل أن يشعر القارئ بالاسترخاء، كما يقول توفيق الحكيم، لذلك فهو يسعى لجعل ذهن المشاهد متحفزًا طوال أحداث المسلسل، بالمشاهدة الجيدة واليقظة، وذلك لا يتعارض مع مفهوم «التسلية»، ولا يتعارض مع فكرة اتجاهه لكتابة نوعيات أخرى من الدراما فى أعماله المقبلة. وحول إسقاطات المسلسل، خاصة فى الأمور السياسية وعلاقتها بثورة 25 يناير، قال راضى إنه غير معنى بتأويلات الجمهور حولها، والعمل مكتوب قبل أحداث الثورة، وفكرة الثورة ذاتها والصراع على السلطة والحكم، موجودة فى التاريخ، فثورة يناير ليست الأولى أو الأخيرة فى التاريخ، وكذلك من حقه أن يستغل حالة اللازمان واللامكان والفانتازيا فى طرح رؤيته سواء كانت سياسية أو اجتماعية، مثلها مثل أعماله الماضية كنيران صديقة والسبع وصايا، فقد يرغب فى طرح رؤى اجتماعية معينة أو صادمة وليس بالضرورة سياسية أو متعلقة بالثورة، مشيرًا إلى أن الحديث عن العنف أو القتل المتكرر فى أعماله متعلق أيضا بالمتلقى، لأن هناك أعمالا أخرى رومانسية واجتماعية، وقد يكون الأمر أقل صدمة وأكثر اعتيادية لدى البعض بعد «السبع وصايا». وتحدث محمد أمين راضى عن فكرة قياسه لمدى اهتمام وتفاعل الجمهور لأعماله، واعتبر «العهد» هو أكثر أعماله مشاهدة، بعد انضمام فئات جماهيرية جديدة ومختلفة بعد «السبع وصايا»، وعلى الناحية الأخرى اعتبر وسائل التواصل الاجتماعى أهم وسيلة لرصد اهتمامات الجمهور وتفاعلهم، وهناك ما يقرب من 46 مليون مستخدم لهذه الوسائل، لا يمكن إغفالهم، وهو ما لاحظ تطوره فى مسلسله الجديد. وقال إنه كان متخوفا من البداية من حكم أو عقدة «كاتب العمل الواحد»، بعد نيران صديقة، وبعد تقديمه السبع وصايا وما حققه من جماهيرية أكبر أراد أن يتخلص من فكرة كونه مؤلف السبع وصايا، فجاء «العهد»، والآن تخلص من تلك المخاوف أو الضغوط، ولكن مع وجود «الخوف من الفن» وليس الخوف مما هو وراء الفن. وأبدى راضى تعجبه من نقد البعض له من تكرار فريق العمل أو كما يطلق عليها «الشللية»، لأنهم لم يكرروا فريق العمل، فهناك أسماء تشارك لأول مرة مثل آسر ياسين وغادة عادل وصبا مبارك وغيرهم وبعض الوجوه الجديدة، ولا يوجد غير صبرى فواز الذى عمل معه فى الثلاثة أعمال، وقال إن فكرة «فريق العمل الواحد»، موجودة فى كل المجالات وليست عيبا، بل لها مميزات، سواء فى الفن أو الاقتصاد أو أى مجال آخر طالما كانوا موهوبين ومتميزين. ونفس الأمر حول فكرة الحكم على المسلسل أنه مقتبس من بعض الأعمال، ويرى أنه لا يعنيه ذلك، لأنها دائما تخرج بسبب فكرة إعادة تدوير الموروث الشعبى أو الأساطير، ويعتبر ذلك الحكم نابعًا من ضحالة الفكر، لأن المثقف الحقيقى هو من يبحث دائما عن أصل الأشياء، وليس آخر ما اطلع عليه أو شاهده، فكل الأعمال الحديثة التى قرنوها بالمسلسل، تعود لنفس المصدر والأساطير، ولكن مع اختلاف طريقة التناول والتدوير والهدف من وراء ذلك، وهو نفس الأمر الذى تكرر معه بمقارنة أعماله بنجيب محفوظ، أو الإشارة إلى أنه يسير على طريقته أو يستلهم منها، والذى قال إنه إذا صح فإنه شرف له ولا يعيبه، وإنه لا يجرؤ على تأكيد ذلك أو حتى الحديث عن أسلوبه بموازاة أو بمقارنة مع أعمال محفوظ. واختتم حديثه حول فكرة تواجد عنصر الموسيقى بقوة فى أعماله، وقال إنها ترجع لميوله دائما إلى الموسيقى والأعمال الغنائية، وأنه يتمنى تقديم أعمال «ميوزيكال»، ولذلك يعتبر أنه حقق جزءًا منها فى أعماله، خاصة مع وجود هشام نزيه، الذى يعتبر دور موسيقاه موازيًا لدور النص المكتوب، أما عن تأليف توظيف الموسيقى داخل العمل فهى ترجع إلى هشام والمخرج خالد مرعي.