ظهر «زواج المسيار» أول مرة فى بعض دول الخليج عام 1973، وعرف مجمع البحوث الإسلامية «زواج المسيار» فى قراره رقم (218) لسنة 2007 بأنه الزواج الذى استوفى الأركان والشروط الشرعية وتمت كتابته فى وثيقة رسمية بواسطة شخص مختص، وغاية الأمر أن الزوجين اتفقا على أن الزوج لا يقيم مع الزوجة وإنما يتردد عليها عندما تتاح له الفرصة. وللفقهاء ثلاثة اتجاهات فى حكم هذا الزواج، الأول: بناء على الآية الكريمة «وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا» وذلك لأن الزواج هكذا استوفى الأركان والشروط الشرعية كما شمل الشكل من التوثيق الذى ألزم به ولى الأمر فكان صحيحا نافذا، وما أخرجه البخارى فى صحيحه أن النبى قال: «المسلمون عند شروطهم»، وما أخرجه البخارى أيضا من حديث عقبة أن النبى قال: «أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج»، وأيضا أنه لا يوجد نهى عن زواج المسيار فكان الأصل فيه الإباحة. والاتجاه الثانى يرى تحريم زواج المسيار وأنه يقع صحيحا مع بطلان ما فيه من شروط وهو اتجاه بعض أهل الفقه وذلك على حسب حديث عائشة أن النبى قال: «ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست فى كتاب الله، من اشترط شرطا ليس فى كتاب الله فليس له وإن اشترط مائة مرة». وفى رواية أخري: «وإن اشترط مائة شرط، شرط الله أحق وأوثق، كما أجمعوا على استحقاق المرأة النفقة فى الجملة بقوة الشرع فلا تسقط فى قوله تعالي: (لينفق ذو سعة من سعته) الطلاق 7، وقوله أيضا: (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف)». والاتجاه الثالث يرى بناء على حديث الرسول: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد»، أن زواج المسيار باطل وأنه يجب التفريق بين الزوجين إن وقع ذلك وهو اتجاه لبعض الفقهاء ويرون أيضاً أن زواج المسيار فيه إهانة للزوجة وابتذالها بتضييع حقوقها. ويرى الدكتور سعد الدين هلالى أستاذ الفقه المقارن، أن الاتجاهات الثلاثة سالفة الذكر صحيحة فى ذاتها، ويمكن العمل بكل اتجاه فى أحوال دون أحوال لتحقيق المقاصد الشرعية المختلفة، وذلك لوجود تعدد وتباين الرؤى الفقهية المستوعبة للأوجه الاجتهادية المحتملة والدالة على سعة الشريعة ويسرها.