الأرثوذكسية تتمسك ب«لا طلاق إلا لعلة الزنا».. وباقى الكنائس: لا وجود لها في الإنجيل فجرت أزمة الأحوال الشخصية للأقباط الخلاف بين الكنائس بطوائفها حول تفسير الآية الخاصة بالطلاق لأجل علة الزنا في الكتاب المقدس، في الوقت الذي تتفق فيه الكنائس على أن الطلاق ليس حلا جيدا وأنه أمر مكروه وله أضراره، غير أنها تختلف على مسببات هذا الطلاق، وتفسير الآية نفسها، حيث تُصر الكنيسة الأرثوذكسية بتمسكها بمبدأ أنه «لا طلاق إلا لعلة الزنا» فيما تؤكد كل من الكنائس الأخرى عدم وجود آية بهذا النص من الأساس. وفى هذا السياق قال الأنبا دانيال ممثل الكنيسة الأرثوذكسية، إن هناك تفاسير موسعة لمفهوم الزنا ولا يمكن التخلى عن نصوص الإنجيل، حيث قال السيد المسيح «لا طلاق إلا لعلة الزنا» وهذا نص واضح وصريح ولا نقدر على تغييره. وفى المقابل أكد القس رفعت فكرى رئيس لجنة الإعلام والنشر بالكنيسة الإنجيلية، أنه لا توجد آية تقول صراحة «لا طلاق إلا لعلة الزنا»، فقول السيد المسيح الحقيقى هو: «إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ بِسَبَب الزِّنَا وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِى، وَالَّذِى يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ يَزْنِى» كانت ردا على سؤال الفريسيين لَهُ: «هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ لِكُلِّ سَبَبٍ»، فجاءت إجابته رافضة للطلاق بالإرادة المنفردة للرجل، مؤكدا أن الواقع وقتها كان يجبر المرأة التي يطلقها زوجها على احتراف الزنا لعدم قدرتها على تحمل نفقات المعيشة بعد طلاقها، لذلك قال المسيح «الذي يتزوج بمطلقة يزنى»، أي أنه كان يرد على واقع. وأوضح «فكرى» أن الرد على آية «الذي جمعه الله لا يفرقه الإنسان»، التي يتمسك بها المتشددون في تفسيراتهم، أنه ليست كل الزيجات المسيحية جمعها الله، كما أن موسى النبى كان يعطى كتابا للتطليق من أجل قساوة القلوب، وهو أمر موجود في كل العصور، ما يعنى أن الطلاق قد يكون حلا أمام الأسر المنهارة. فيما أوضح الدكتور أكرم لمعي أستاذ مقارنة الأديان ورئيس سنودس النيل الإنجيلى السابق، أن المسيح بشكل عام لم يقدم تشريعا كموسى مثلًا، لكنه أعطى مبادئ عامة، تترجم بعد ذلك إلى تشريعات، تختلف باختلاف المكان والزمان، فعندما جاء أحد اليهود للمسيح طالبا منه أن يقسم الميراث مع أخيه، رفض المسيح أن يكون قاضيا قائلا له: «من أقامنى قاضيا عليكم» وتساءل لمعى كيف يكون الرعاة الكهنة والقساوسة قضاة. وأشار إلى أنه في موضوع الطلاق عاد السيد المسيح إلى النموذجى، إذ قال، إن هذا من البدء «خلقهما الله ذكرا وأنثى، لهذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته»، لكن عند التطبيق يصطدم هذا النموذجى مع الواقع المعاش، مضيفا أن السيد المسيح يقدم مبدأ أخلاقيا أكثر منه تشريعا قانونيا. واستطرد لمعى، إذا كانت حياة الزوجين تفتقر إلى المبادئ السامية التي ذكرها السيد المسيح فإن حرفية القانون لن تكون عائقا أمامهما، كما أن المسيح رفض الطلاق بإرادة الرجل المنفردة إلا لعلة الزنا، أما باقى الأسباب فيمكن أن تكون سببا للطلاق بموافقة الزوجين، موضحا عدم وجود ما يسمى الشريعة المسيحية. من جهته قال الأنبا نيقولا مطران طنطا للروم الأرثوذكس، أنه لا يوجد في النص اليونانى للكتاب المقدس كلمة «طلاق» من الأساس، فالترجمة الحقيقية للكلمة من «تسريح»، وتمت ترجمته بالعربية لطلق لأنها الأقرب إلى اللغة، معتبرا أن قول «من طلق امرأته إلا لعلة الزنا» قول غير صحيح بالمرة، مشيرا إلى أن هناك جزءا يتجنب الكثيرون الحديث عنه، وهو خاص بإمكانية تطبيق الجميع للآية، حيث يقول المسيح في تكملة حديثه مع الفريسيين «ليس الجميع يقبلون هذا الكلام، بل الذين أعطى لهم»، الأمر الذي يعنى أن المسيح يعطى التعاليم ولا يجبر أحدا عليها، محترما الإرادة الحرة للأشخاص الذين لا يتحملون تنفيذ التعاليم.