أديب ورائي عالمي من أصل فرنسي، رفض جائزة نوبل للآداب، وعندما بلغ بالجائزة كان رده آنذاك: "أنا أرفض الجائزة، وسأحتفظ بأسبابي وراء ذلك لأقولها للصحافة"، وكانت أسبابه هي كان يخاف أن تدفن أعماله وقلمه أحياء، وأن لا يكتب بحرية مرة أخرى.. إنه الأديب والفيلسوف جان بول سارتر. كان سارتر يرى أنه لا يجوز تكريم أي مبدع ومنحه جائزة طوال حياته، ووصف منح الجائزة للذين هم على قيد الحياة ب"قٌبلة الموت". ولد سارتر في مثل هذا اليوم 21 يونيو 1905 بباريس ونشأ لعائلة برجوازية بسيطة كان والده ضابطا بالجيش، وعمه من رجال السياسة، وكانت لوالدته عائلة من المفكرين والمدرسين، أول ما تعرف عليه في طفولته كانت مكتبة العائلة الضخمة التي فضلها عن مصادقة الأطفال واللعب معهم. كان "سارتر" يختلف كثيرًا ويتميز عن باقي أقرانه بسلوكه المائل للعزلة التي شكلتها له القراءة، وتربية جده له الذي كانت شخصيته حادة حتى التحق "سارتر" بالمدرسة العامة وهو في العاشرة من عمره. ومن أبرز الكلمات التي قالها سارتر "المثقف هو الشخص الذي يتدخل فيما لا يعنيه ويمتلك القدرة على الجهر بالحقيقة" ولكنه كان يعيش تفاصيلها منذ أن التحق وهو في السادسة عشرة من عمره بالثانوية في مدرسة "هنري الرابع"، وكتب أول أعماله الأدبية وكانت قصتين قصيرتين يحكي فيهما حكايتين منسوبتين لمدرسين في القرية، واللتين كشفتا جزءا من شخصية سارتر الساخرة من سلطة المجتمعات ونفوره من الحياة الاجتماعية المصطنعة. رسب سارتر في مسابقة شهادة الأستاذية في الفلسفة عام 1928 كان له الفضل في لقاء سيمون دي بوفوار، وأصبح رفيقها حتى آخر أيامها، حصل سارتر على المركز الأول في المحاولة الثانية في المسابقة وحصلت سيمون دي بوفوار على المركز الثاني، طلب سارتر بعد تأدية الخدمة العسكرية أن يتم نقله إلى اليابان، حيث إنها طالما أثارت اهتمامه، ولكن لم يتحقق هذا الحلم، حيث تم إرساله إلى مدرسة "هارف" الثانوية والتي يطلق عليها "فرنسوا الأول"، وكان هذا اختبارًا حقيقيًا لسارتر الذي طالما أخافته الحياة المنظمة والذي نقد دائمًا في كتاباته الحياة الريفية المملة. انتشرت أفكاره الوجودية من خلال المجلة التي أنشأها في 1945 تحت اسم "Les Temps modernes". وكتب سارتر في هذه المجلة وسيمون دي بوفوار وموريس ميرلو بونتي وريمون آرون وآخرون، في الافتتاح لعددها الأول، طرح سارتر تساؤلا عن مبدأ مسئولية الفرد وعن الأدب "الموجه" الذي يأخذ اتجاها واضحا، فبالنسبة لسارتر، الكاتب هو شخص صاحب موقف في عهده حتى إن تظاهر بالموضوعية، طغت هذه الرؤية على جميع النقاشات الثقافية في النصف الثاني من القرن العشرين، واعتبرت هذه المجلة الفرنسية الأكثر شهرة على المستوى العالمي، بذلك أنهى سارتر التقليد الفلسفى الذي يقضي بأن الكاتب دائمًا على الحياد كما قيل كثيرًا في فرنسا الفيشية وألمانيا النازية. اشتهر جان بول سارتر بغزارة إنتاجه الإبداعي، فكتب الرواية والمسرح والفلسفة ومن أهم أعماله "تعالى الأنا موجود"، "التخيل" عام 1963، و"تخطيط لنظرية الانفعالات" عام 1939، "الخيالي" عام 1940، و"الوجود والعدم" عام 1943، و"الوجودية مذهب إنساني" عام 1946، و"نقد العقل الجدلي" عام 1960. توفى سارتر في 15 أبريل عن عمر يناهز 75 عامًا في مستشفى بروسيه بباريس بعد إصابته بأزمة قلبية، ودفن في مقبرة مونت بارناس بباريس "الحي 14"، بعد أن هرع 50 ألف شخص إلى شوارع باريس للسير في موكب الدفن ولإعطائه التكريم المناسب لشخصه.