شهر رمضان الكريم له مذاق خاص لدى بدو جنوبسيناء، حيث العادات والتقاليد الأصيلة المتوارثة من الآباء والأجداد والتي تجسد مدى تكيف ابن صحراء الجزيرة العربية مع الظروف المناخية والجغرافية في الصحراء في حله وترحاله مع الحرص على أداء شعائره الدينية ومن تلك الشعائر شهر الصوم والذي قد يتزامن في بعض السنوات مع فترة القيظ وشدة الحر في الصحراء، ومع ذلك استطاع ابن البادية أن يوازن بين حياته العملية وحياته الدينية بالإضافة لمحافظته على عاداته الأصيلة. قالت عزيزة ألماظ، بنت جنوبسيناء ورئيس ائتلاف سيدات جنوبسيناء: بعادات وتقاليد متوارثة عن الآباء والأجداد يستقبل أهالي جنوبسيناء شهر رمضان في فرحة واستبشار، فرحين بقدوم هذا الضيف الكريم ليحيوا أيامه ولياليه برغم ظروف الحياة الاجتماعية البسيطة قديمًا من حيث اعتمادهم على مياه الآبار في الشرب بوجود بئر في كل منزل وكذا لمبة الجاز أو الفانوس في إنارة البيوت والخضراوات والفواكه تأتى من محافظة السويس أسبوعيًا أو تزيد، وأشارت إلى أنه منذ اليوم التاسع والعشرين يستطلع هلال شهر رمضان، حيث يتجمع الأهالي والشباب والأطفال ومأمور المركز "القسم حاليًا" في جامع المنشية بالعاصمة طور سيناء في انتظار إعلان شيخ الجامع ثبوت رؤية الهلال من أعلى مئذنة الجامع يصعدون الشباب ذوى النظر القوى ومعهم الشيخ حتى ثبوت الهلال فيعلن وقتها الشيخ في ملأ رؤية هلال شهر رمضان المعظم فيتجاذب كل منهم التهنئة بقدوم هذا الضيف الكريم وسرعان ما يذهبون لتعليق الزينات والرايات البيضاء على منازلهم تعبيرًا عن فرحتهم. وعن نوعية الأطعمة التي يعتاد بدو جنوبسيناء على تناولها سواء في الإفطار أو السحور أوضحت ألماظ أن وجبتى الإفطار والسحور يكون لهم عاداتهم وتقاليدهم في ذلك حيث لا يتناولون إلا قليلًا من التمر ونساء القمح الممزوج باللبن الحامض أو الرايب ثم بعد ذلك يذهبون لصلاة المغرب ولا يأتون إلا بعد صلاة التراويح فيبدأ الإفطار المكون من الأرز واللحم لحم الماعز أو الدشيشة باللحم أيضًا والفراشيح واللبن الحامض وهنا يتجلى التكافل الاجتماعي في صورة الإفطار الجماعى، حيث يصطحب كل رجل أولاده ليتعودوا على هذا العادة الحسنة ولا يبقى في المنزل إلا النساء والفتيات فتناول الجميع الإفطار معًا، أما الضيف فيكون له اهتمام خاص حيث تترك له مائدة معدة لذلك وتظل حتى بعد صلاة التراويح ولا يرفع عنها الطعام تحسبًا لوصول أي ضيف أو عابر سبيل أو مار على الطريق. جدير بالذكر أنه يوجد في كل بيت حجرة مستقلة عنه يطلق عليها الديوان أو المندرة فهى معدة لاستقبال الضيوف والزوار وفيها يتناولون الإفطار فيأتي الضيف إليها دون استئذان فهى مخصصة لذلك طيلة شهر رمضان وهنا يتجسد كرم الإنسان العربى الأصيل وتستخدم المندرة مكانًا للتسلية والسمر بعد صلاة التراويح مع تناول الحلوى مثل الكنافة واللحوحى والمشروبات والعصائر والقهوة والحبق حتى موعد صلاة التهجد، وبعد ذلك ينصرفون إلى منازلهم لتناول وجبة السحور التي تتكون من لبن حامض والفراشيح والجبن المصنوع من لبن الماعز وفى أوساط النهار يقومون الأهالي بالتجمع بعد صلاة العصر يتناوبون قراءة القرآن الكريم حتى أذان المغرب، ومن الألعاب الشعبية التي يحرص على لعبها الصبية في أيام رمضان السيجة والحل والعود والبرميل وكلها تلعب على ضوء القمر، أما البنات فيتجاذبن أطراف الأحاديث والحكايات من الجدات والأمهات في المنازل. وانتقدت ألماظ أن في هذه الأيام قليلًا ممن يتمسكون بتلك العادات والتقاليد والباقى انصرف عنها إلى الحياة الاجتماعية الحديثة والمدنية.