أكد الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر في كلمته اليوم بملتقى حكماء الشرق والغرب في مدينة فلورانسا الإيطالية أن الأزمة العالمية إن تُركت تتدحرج مثلَ كرة الثلج فإن البشرية كلَّها سوف تدفع ثمنها خرابًا ودمارًا وتخلفًا وسفكًا للدِّماء. أضاف أن العناصرَ المتداخلة بين الشَّرق والغرب تُشَكِّل أرضية مشتركة تساعد في بناء تقاربٍ حضاري يقوم على التكامل وتبادل المنافع، وترسيخ مبادئ الديموقراطية والحرية وحَقِّ الإنسان الشرقي. أضاف: نأمل في أن تتوقَّف الدول الغنية عن الاستبداد والتحيز والكيل بمكيالين وتقسيم العالم إلى فُسطاطٍ للغِنَى والأمن والرفاهية والتقدم العلمي والثقافي والفني والحضاري، وفُسطاطٍ للحروب والدماء والإرهاب والخراب والفقر والجهل والمرض. وشدد أن شعور الكراهية الكاسح للنظام العالمي الباطش ليس وَقْفًا على المسلمين في الشرق، بل هو شعورٌ مُشْتَرك بينهم وبين تيار عريضٍ من مُحبِّي العَدالَة والسلام من الغربيين. وأوضح أنه يجب على الشَّرقيين أن يشعروا بروابط أكثر تقاربا وتآلفا، يترابطون بها مع الغرب، وأن يتوقفوا عن اعتبار الحضارة الغربية حضارةً كلُّها شر، وأن يقوموا بجهود كبيرة لتعديل نظرتهم إلى الغرب والغربيين. لفت شيخ الأزهر الشريف إلى أن التعارف المنصوص عليه في القرآن الكريم هو الغاية الإلهية العليا التي خلق الله الناس من أجلها، والتعارف يعني التعاون وتبادل المنافع، وليس الصراع ولا الإقصاء ولا التسلط. وأوضح أن شيوخ الأزهر في أربعينات القرن الماضي سبقوا الجميع في التنبيه على ضرورة الزمالة العالمية بين الأمم كل لاحتواء صراعات الأمم والشعوب. أضاف أنه لا مفر من التقريب بين الشعوب ومن إزالة أسباب الخلاف والبغضاء، ومن أن تصبح الأرض كلها مدينة واحدة، وأن يكون سكانها جميعا كأهل مدينة واحدة. وأوضح أن الإرهاب والعنف وكل ما تناسل من تنظيمات وجماعات وحركات مسلحة والتي ترتدي -في كثير من الأحيان - رداء الأديان... خطر داهم يهدد العالم. وأكد شيخ الأزهر أن الإرهاب وباء ينطلق -دائمًا- من قراءات مغلوطة للكتب المُقدَّسة ومن سياسات عالميَّة عَمياء تدعمه، ومن أموال هائلة لا ينفق عشر معشارها لمحاربة الفقر والجهل والمرض والتخلف في بلدان العالم الثالث.. ولا مفر من التكاتف لوقف هذا الوباء. واختتم شيخ الأزهر كلمته بقوله آن الأوان لحكمة الحكماء أن تغرِّد اليوم في الشرق والغرب وتتغنى بسلام يسود عالَمًا أنهكته الحروب والنِّزاعات، أملًا في إسعاد البشرية وإنقاذ الإنسانية من دمار قد يلوح شؤمه في الأفق البعيد.