الكثير يحلم بالتواصل مع العالم الآخر، في رغبة لمعرفة مصير أحبائهم الذين فارقوا الحياة، حيث يشغل بالهم ماذا حدث لهم بعد الموت؟ وأين انتهى بهم المطاف؟ أسئلة يعجز العلماء رغم القدر الكبير من التقدم الذي توصلوا إليه عن الحصول على أجوبة لتلك الأسئلة، فالموتى لا يثرثرون كثيرا، ربما لأنهم يفشلون مثلنا في إيجاد وسيلة للتواصل مع عالمنا. ولكن سكوت الموتى الأزلى لم يصب بعض المهتمين بما وراء الطبيعة في اكتشاف وسيلة للتواصل معهم، وقد ظهرت بالفعل العديد منها عبر التاريخ، لكن معظمها للأسف كان صعبا ومعقدا ومخيفا، باستثناء لوح «الويجا»، الذي يمكن تشبيهه بالتليفون المحمول ولكن مع العالم الآخر، فهو أيضا يحتوى أرقاما وحروفا و«نعم» و«لا». واقتحام بوابات العالم الآخر ليس أمرا سهلا كما يحسب البعض، فهى مقفلة وموصدة بإحكام، فهناك وسائل وطرق خاصة يستخدمها السحرة والوسطاء الروحيون من أجل وضع رمز المرور، ويمكن اعتبار لوح «الويجا» من بين كلمات السر وأكثرها شيوعا. فبسبب شغف الناس وولعهم الكبير بقصص الأشباح، اخترع الساحر الأمريكى «أليجه بوند» في عام 1890 لعبة منضديه اسماها «الويجا»، اشتق اسمها من دمج كلمتى «نعم» بالفرنسية والألمانية، والأرقام والحروف الموجودة ومرصوصة كلها ومرتبطة بمفاتيح العالم الآخر، وسرعان ما ذاع صيت هذه اللعبة كوسيلة مبسطة وسهلة للاتصال بالعالم الآخر من دون الحاجة إلى تعلم الأساليب الصعبة والمعقدة والمخيفة التي يستخدمها الوسطاء الروحيون لتحضير الأرواح والتواصل معها، فاستخدام «الويجا» لا يتطلب في الحقيقة سوى القدرة على قراءة الحروف الأبجدية والأرقام الصحيحة. لوح اللعب الرئيسى ل«الويجا» مستطيل الشكل، عادة ما يصنع من الخشب، كما يمكن أن يصنع في المنزل من الورق المقوى، وقد خطت على صفحته جميع الحروف الأبجدية إضافة إلى الأرقام من صفر إلى تسعة، وفى زوايا اللوح نقشت أربع كلمات «نعم»، «لا»، «مرحبا»، و«وداعا»، واللعب يتم بواسطة مؤشر مصنوع من الخشب وفى وسطه ثقب لإظهار الحروف والأرقام، ويمكن صناعته من المقوى، يتم تحريكه فوق اللوح بواسطة أصابع اللاعبين. يسمح لأربعة أشخاص بالمشاركة في لعب الويجا، والمفضل أن يكونوا ثلاثة. كما أن قواعد اللعب بسيطة جدا، فيجب اختيار أحد اللاعبين ليكون عريف الجلسة، وهو اللاعب الذي سيقوم بطرح جميع الأسئلة، ثم يقوم اللاعبون بوضع أصابعهم على المؤشر الخشبي، ويجب أن تكون أصابعهم مسترخية وألا يضغطوا على المؤشر بقوة، ثم يقوم عريف الجلسة بطرح السؤال التالى: «هل هناك روح معنا في الحجرة الآن؟». الجواب قد يأتى فورا أو يتأخر لبرهة أو قد لا يأتى أبدا، وفى كل الأحوال على اللاعبين عدم محاولة دفع أو تحريك المؤشر بالقوة، بل عليهم أن ينتظروه حتى يتحرك ويقود أصابعهم فوق اللوح من تلقاء نفسه، فإذا توقف المؤشر فوق كلمة نعم فهذا يعنى وجود روح في الغرفة، وهنا سيقوم عريف الجلسة بطرح المزيد من الأسئلة. ولكن هناك بعض المحاذير المهمة التي ينبغى تذكرها عند لعب «الويجا»، حيث لا يفضل لعب فرد واحد، فغالبا الكائنات التي تأتى عبر «الويجا» تكون شريرة وحاقدة، وعليه فإن وجود عدة لاعبين معا سيكون بالطبع أكثر أمنا في مواجهة تلك الكائنات وردعها عن محاولة التلبس والإيذاء، يستحب بدء الجلسة بالتعوذ من الشيطان، حيث يقوم اللاعبون بإمساك أيدى بعضهم على شكل حلقة ثم يدعون الله أن يدرأ عنهم الجن والشياطين والأرواح الشريرة، كما يفضل وضع قطعة معدنية فضية فوق اللوح، خاصة أن معظم الروحانيين يؤكدون أن الفضة سلاح فعال ضد قوى الشر والظلام، لا يمكن السؤال نهائيا عن وجود الخالق، فقوى الشر والظلام تكره بشدة فكرة وجود الله، وقد يؤدى تذكيرها بهذا الأمر إلى عواقب وخيمة فيجن جنونها وتبدأ بتكسير وتحطيم كل شيء حولها. كما يحذر أيضا ترك اللعب قبل مغادرة الروح للحجرة، ويكون ذلك بوقوف مؤشر اللعبة فوق كلمة «وداعا»، وبخلاف ذلك قد يتعرض اللاعب المخالف إلى لعنة مدمرة وقد تطارده الأرواح الغاضبة لتحيل حياته إلى جحيم، وفى حالة الشعور بالخوف الشديد أو توجب مغادرة الحجرة لسبب ما، فيتم تحريك المؤشر أولا نحو كلمة وداعا وترديد جملة: «سوف نغادر الآن.. امضى لشأنك بسلام»، وأخيرا لن يتم اصطياد روحا منذ أول جلسة، فقد لا يحدث تواصل أبدا. ومن يقرر لعب «الويجا» عليه أن يعرف أن هناك العديد من القصص عن أمور فظيعة وقعت لبعض الناس بسببها، منهم من أصيب بالجنون وانتهى به الأمر إلى المصحات العقلية، كما حدث في عام 1920 حين تصدرت بلدة صغيرة في كاليفورنيا عناوين الصحف بعد أن أصيب عدد كبير من سكانها بالجنون بسبب الويجا، حيث ألقت الشرطة القبض على سبعة رجال فقدوا عقلهم تماما، وعثروا على فتاة في الخامسة عشرة من عمرها وهى عارية تماما وقد بررت خلع ثيابها بالرغبة في تعزيز قدرتها على التواصل مع الأرواح، موجة الجنون امتدت في الأيام اللاحقة لتطال المئات من السكان، أحدهم كان ضابط شرطة خلع ملابسه وراح يرقص داخل أحد البنوك المحلية، سارع المسئولون في البلدة إلى عقد اجتماع عاجل لتدارك الأمر فقرروا استدعاء طبيب نفسى لفحص سلامة أهالي البلدة من الناحية العقلية، فعرفوا أن السبعة رجال المصابين في البداية بسبب لعب «الويجا»، وبعدها تم فرض حظر شامل على بيع وتداول واستخدام «الويجا». كما أن قوى اللوح الشريرة قد تقود أيضا إلى ما هو أسوأ من الجنون، حيث أقدمت فتاة في الخامسة عشرة من العمر تدعى «ماتى تورلي» على إطلاق النار من مسدس على والدها فأردته قتيلا في عام 1933، الفتاة اقترفت جريمتها بعد أن لعبت «الويجا» مع أمها التي كانت تريد التخلص من زوجها لكى يخلو لها الجو فتتمكن من الزواج بعشيقها راعى البقر، لوح الويجا أخبر ماتى بأن عليها أن تقتل والدها ووعدها بالإفلات من العقاب. النسخة الورقية