أوصى خبراء في الشأن الاقتصادي بضرورة نقل الاقتصاد الفلسطيني من مرحلة الإغاثة إلى التنمية، والتحرر من بروتوكول باريس الاقتصادي وعدم رهن الفلسطينيين بالاقتصاد الإسرائيلي . وخلصت دراسة أعدها مؤخراً مدير المركز العربي للتطوير الزراعي، “,”محسن أبو رمضان“,” إلى أن الاستيطان والاستيلاء على أحواض المياه في الضفة، وإغلاق معابر قطاع غزة الحدودية وكافة الممارسات الإسرائيلية أدت إلى انهيار الاقتصاد الفلسطيني . وتناول أبو رمضان في دراسته واقع القطاع الزراعي، مشيراً إلى تراجع معدلات مساهمته في الناتج القومي الإجمالي، وأن مساهمته كانت تصل إلى 27% في العام 1967، تراجعت إلى 25% في بداية التسعينيات ، إلا أنها وصلت بعد العام 1994 إلى 8% فقط ثم إلى 6.7% في العام 2000، وبلغت 5% في العام 2012 . ويتوقع خبير الاقتصاد الفلسطيني أن تتراجع هذه النسبة خلال العام الحالي، لتصل إلى أدنى مستوياتها, مشددا في ذات الوقت على أن التوقيع على بروتوكول باريس الاقتصادي عام 1994، ساهم بصورة فاعلة في تراجع هذا القطاع تدريجياً . وأشار أبو رمضان إلى أن جميع القطاعات الإنتاجية تراجعت، بما يشمل الصناعة والمنشآت لصالح قطاع الخدمات . ومع توقيع منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاق السلام مع إسرائيل في العام 1993 تم وضع ترتيبات جديدة في المجال النقدي و المالي . وفي وقت نظمّ فيه إعلان المبادئ المعروف باتفاق “,” أوسلو “,” الجوانب السياسية والأمنية بين السلطة وإسرائيل، فإن برتوكول باريس الموقع في إبريل 1994 قد نظم الجوانب المالية والاقتصادية بينهما . ونص برتوكول باريس أن من حق سلطة النقد الفلسطينية التحول إلى بنك مركزي وإصدار نقد فلسطيني بشرط الموافقة الاسرائيلية . وألزم برتوكول باريس الجانب الفلسطيني بالسماح للبنوك الإسرائيلية بالعمل في الاراضي الفلسطينية دون أن يعطي البنوك الفلسطينية الحق في المعاملة بالمثل . كما نص على اعتماد الشيكل الاسرائيلي كأحد العملات الرئيسية إضافة للدولار الأمريكي والدينار الأردني في السوق الفلسطيني . وتراجع اهتمام المانحين بالقطاعات الإنتاجية ومنها القطاع الزراعي، وفق الدراسة التي أعدها “,”أبو رمضان“,” مؤكداً أن القطاع الزراعي استحوذ من أموال المانحين منذ العام 1999 حتى نهاية العام 2008 على أكثر من 6%، بما يشمل الزراعة بشقيها الحيواني والنباتي وكذلك المياه والبيئة، في الوقت الذي كانت نسبة القطاع الحقوقي تصل إلى 22% وقطاع الإغاثة الإنسانية 28 %. وتشير الدراسة إلى تراجع نسبة العاملين في القطاع الزراعي من 55 ألفا في العام 2006 إلى 35 ألف عامل في العام 2010 . وتحدثت عن التداعيات المترتبة على اقتطاع الاحتلال أجزاء واسعة من قطاع غزة بذريعة ما يعرف باسم المنطقة الأمنية العازلة، التي اقتطعت مساحة من أفضل المناطق الزراعية في القطاع كما يؤكد “,”أبو رمضان“,” وتصل إلى 18% من مساحة الأرض الزراعية التي تقدر مساحتها بنحو 22 ألف دونم . وحرمت المنطقة العازلة حوالي 20 ألف مزارع من حقهم في الوصول إلى تلك المنطقة حتى نوفمبر / تشرين الثاني الماضي . ويؤكد أبو رمضان ل“,”الأناضول“,” أن الاقتصاد الفلسطيني يرتهن لمشاريع الإغاثة بعيدا عن التنمية المستدامة إذ يعتمد 80% من الفلسطينيين على المساعدات الإغاثية . ويؤكد المحلل الاقتصادي أن اتفاقية باريس الاقتصادي جعلت من فلسطين بيئة استهلاكية بعيدا عن الإنتاجية والقطاعات الإنشائية والتنموية . وشدد “,” أبو رمضان“,” على أن اتفاقية باريس أبقت الأسواق الفلسطينية استهلاكية وتابعة لإسرائيل التي تحقق أرباحاً بقيمة 4 مليار دولار سنوياً عبر تصدير منتجاتها لأسواق الضفة وقطاع غزة . ويرى خبير الاقتصاد الفلسطيني“,” علي أبو شهلا، أن استقلال الاقتصاد الفلسطيني سيزدهر وينمو بعد أن يتحرر الفلسطينيون من اتفاقية باريس الاقتصادية . وقال أبو شهلا إن هذه الاتفاقية تقف عائقاً أمام تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة في فلسطين . ولفت المحلل الاقتصادي إلى أن المساعدات الخارجية، وكافة المنح لا يتم ترجمتها إلا لواقع إغاثي ولا تحقق أي نسبة من معدلات التنمية . ودعا أبو شهلا إلى ضرورة الانسلاخ من اتفاقية باريس وما خلّفته من آثار اقتصادية سلبية يدفع الفلسطينيون فاتورتها في كل يوم . الأناضول