يضم 3 من العناصر الموالية للجماعة أعضاء في «لجنة الفتوى» الأول محمد السيد.. مؤيد ل«مرسي» ويدعم «الإرهابية» الثاني فهمي الأزهري.. يتهم «السيسي» ب«قتل العُزَّل» الثالث عماد صلاح الدين.. يصف مؤيدي الرئيس ب«المفوضين لسفك الدماء» محمد الباز أعرف أن «الأخونة» أصبحت تهمة سيئة السمعة، وأن هناك كثيرين استخدموا هذه الكلمة لتصفية خصومهم، وسقط كثيرون ضحية للكيد السياسي، لكننا على طول عملنا لا نفعل ذلك، لا نقترب من هذا الملف إلا بحساب دقيق، ولذلك فلا نعلن هذه التهمة في وجه أحد إلا إذا كان لدينا ما نقوله، ولا هدف لنا إلا تطهير مؤسسات الدولة من الإخوان والمتعاطفين معهم، ليس تأسيسا على سياسة الإقصاء المرذولة، ولكن لأن هؤلاء ثبت بالدليل القاطع أنهم أداة تخريب لا تكف عن العمل، لا يتركون فرصة إلا ويطلون بوجوههم القبيحة علينا، يريدون أن يعطلوا كل شىء، معتقدين أن عجلة الزمن يمكن أن تعود مرة أخرى إلى الوراء، وأن الشعب الذي طردهم من جنته يمكن أن يفتح لهم ذراعيه من جديد. لا أريد أن أبالغ وأنا أفتح هذا الملف، وأقول إن الإخوان يحكمون دار الإفتاء، فلا يمكن لأحد أن يزايد على فضيلة المفتى، الرجل الذي قام بجولة مؤخرا في عدة دول أوربية لتصحيح المفاهيم، ووضع ما يحدث في مصر في سياقه الصحيح، وقد تعرض للأذى من بعض المنتمين إلى الجماعة، وكاد يتم الاعتداء عليه، فهو مساند قلبا وقالبا للدولة المصرية، ويعمل جاهدا من خلال مجموعة من المعاونين والمستشارين المخلصين على التصدى للتشدد والفكر المنحرف والمتطرف. لكن هذا لا يمنعنا على أي حال أن نطرق باب دار الإفتاء، ونعرض بعض ما كتبه بعض أعضاء لجنة الإفتاء، عاكسا فكرهم الإخوانى، أو على الأقل تعاطفهم مع جماعة الإخوان. في 19 إبريل 2012 أي قبل الانتخابات الرئاسية كتب محمد السيد، أحد أعضاء لجنة الفتوى على صفحته الخاصة ب«الفيس بوك» نصا: «أغلب الناس اللى بتدعم د. أبوالفتوح بتدعمه عندا وكرها في الإخوان، وليس لبرامج أو غيره، وتخيلوا كده لو د. أبوالفتوح تصالح مع الإخوان ورجع إلى الجماعة وأصبح مرشح الإخوان، هل سيظل الداعمون له على حالهم أم سينفضون عنه؟». وفى 3 مايو 2012 في أثناء الحملة الانتخابية، كتب محمد السيد: «ما شاء الله لا قوة إلا بالله د. محمد مرسي كان مبدعا في لقائه اليوم في برنامج (الحقيقة) مع وائل الإبراشى، تشعر بحق أنه مهموم ومشغول بقضايا وطنه، وتشعر بحق أن لديه رؤية واضحة ومنهجا ومشروعا، وتشعر بحق قدرته على الإدارة وقوة شخصيته وعمق تفكيره، تشعر بحق أنه رئيس لمصر». قد تقول إن هذا الرأى الذي أبداه أحد أعضاء أمانة الفتوى بالدار خاص به، وإنه على أي حال كان أثناء الحملة الانتخابية لمرسي، وإنه حر فيمن يؤيده، وساعتها لم يكن هناك خطر من الإخوان -على الأقل ظاهريا- ولذلك فلا عيب في أن يقول ما قاله، والكلام يظل صحيحا بالطبع، لكن الخطر أنه يعبر عن قناعة تامة لدى من يقوله، ثم وهذا هو الأهم، لم نعثر عند محمد السيد ما يشير إلى أنه تراجع عن موقفه، أو أنه قام بتصحيح مفاهيمه عن جماعة الإخوان، ولا ما هو رأيه الآن في محمد مرسي الذي يرى أنه رئيسا لمصر بحق. الأمر لا يتوقف عند محمد السيد، فقد واصل عدد من أمناء لجنة الفتوى بدار الإفتاء كتابة آرائهم وأفكارهم في أثناء ثورة 30 يونيو وبعدها. فهذا فهمى الأزهرى في 4 يوليو 2013، أي في اليوم التالى لعزل محمد مرسي يكتب على صفحته: «الأستاذة الدكتورة باكينام الشرقاوى من الشخصيات النادرة التي تستحق التقدير والاحترام».. قد يكون هذا رأيا شخصيا من مواطن عابر في الدكتورة باكينام التي كانت مساعدة لمحمد مرسي، لكن يتأكد أنه ليس رأيا عابرا، من واقع ما سبق وكتبه في 3 يوليو، فقد كتب في المرة الأولى: «موقعة (السيسى- إبراهيم) ضد الشرفاء العزل السلميين... أبشروا هذه علامة الإفلاس»... فالثورة عنده ليست إلا موقعة قام بها محمد إبراهيم وزير الداخلية وعبدالفتاح السيسى وزير الدفاع وقتها، بل إنه يصف الموقعة بأنها كانت ضد العزل السلميين، ناكرا ومتنكرا التهديدات بالقتل والسلاح التي رفعها الإخوان وحلفاؤهم في وجه كل من يعارضونهم، وبعد ساعات كتب الأزهرى: «النصر صبر ساعة، هذه ساعات الإشاعات والحرب النفسية، أثبتوا واذكروا ربكم تفلحوا».. لقد جعل من نفسه جنديا يحرض على القتال والحرب ضد ثورة شعب بأكمله خرج ليرفض العيش تحت ظلال جماعة الإخوان المسلمين. وفى 16 يوليو عاد فهمى الأزهرى نفسه ليكتب بالنص على صفحته: «هل هؤلاء مصريون؟ هل تجرى في عروقهم دماء؟ هل يمتلكون شرفا أو كرامة أو نخوة؟ أسئلتى هذه عن الذين يقتلون المصلين، ويعتدون على السلميين، ويحابون الانقلابيين ويحمون البلطجية المأجورين وينشرون الكذب ويقذفون المحصنات». هنا لا تأويل ولا تخريج لكلام الأزهرى الذي يردد نفس كلام الإخوان المسلمين عما جرى من مواجهات بين أعضاء الجماعة وقوات الجيش والشرطة، إنه لا يرى فيما فعله الإخوان خطأ يستوجب حتى العتبا، بل يصر على أنهم سلميون، وأن هناك من يقتل المصلين ويقذف المحصنات، ضاربا عرض الحائط بما جرى على الأرض بالفعل. وفى 10 أغسطس، أي قبل فض اعتصام رابعة العدوية بأيام قليلة، كتب عماد الدين صلاح الأزهرى، وهو أيضا أحد أعضاء لجنة الفتوى بدار الإفتاء على صفحته نصا: «يطيب لى أن أذكر السادة المفوضين بسفك الدماء بجزء من بيان صادر عن دار الإفتاء المصرية في هذا الصدد، وإنى لأرجوهم أن يمعنوا النظر فيه لعلهم يتبرأون أمام الله من سفك الدم الحرام، ويعلنون توبتهم وأوبتهم إليه، قالت دار الإفتاء: (وتشدد على أن تلوث الأيدى بالدماء ليس بالضرورة أن يكون عن طريق القتل المباشر، وإنما الدعة لأى مظهر من مظاهر العنف يرتقى لأن يكون قتلا مباشرا يقع المؤمن معه فيما لا يمكنه الفكاك منه، وأذكر بقول النبى صلى الله عليه وسلم في الحديث عن ابن عمر رضى الله عنه قال: «لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما»)... اللهم إنى أبرأ إليك من كل دم حرام يُراق على أرض هذا الوطن وأنت حسبنا ونعم الوكيل». خطورة كلام الأزهرى أنه استخدم وظيفته في دار الإفتاء، وحاول أن يذكر الناس ببيان أصدرته مقتطعا من سياقه، فلم يقل لنا في أي مناسبة صدر هذا البيان، في محاولة منه للإيحاء بأن دار الإفتاء أصدرته تعليقا على ما يريده النظام من فض اعتصام رابعة العدوية، في هذا من التدليس بالطبع ما فيه، وهذه طريقة الإخوان التي لم يتخلوا عنها حتى الآن، فهم يستخدمون الدين بالطريقة التي تروق لهم وحدهم، والتي تخدم مصالحهم، والأخطر أن عضو أمانة الفتوى كان يحرض من منحوا السيسى تفويضا لمواجهة الإرهاب والعنف، لاعبا بمشاعرهم الدينية في محاولة للسيطرة عليهم، وإقناعهم بأن ما فعلوه يجعلهم مشاركين في القتل. لم نسمع أن عماد الدين صلاح الأزهرى تراجع عن كلامه، أو أن دار الإفتاء علقت بشىء على ما قاله، أو أصدرت بيانا يكذب كلامه، وكان هذا واجبا عليها بالطبع، لأن عضو أمانة الإفتاء كان يتحدث باسمها، وكان هذا في منتهى الخطر. لم يتوقف الأمر عند هذا بالطبع، ففى 14 أغسطس عاد عماد الدين صلاح الأزهرى ليكتب من جديد، وهذه المرة كتب: «بئس حاملى القرآن نحن إن لم ننصر المظلوم ولو بالكلمة، بئس مدعى التصوف نحن إن لم نأخذ على يد الظالم ونمنع ظلمه، بئس أبناء الأزهر نحن إن لم نسر على درب الأقدمين، خبنا وخسرنا إن لم نمش على خطى الدردير والباجورى والمهدى العباسى وحسونة النواوى، حسبنا الله ونعم الوكيل في الظالمين ومن أعانهم ومن رضى بظلمهم ومن سكت يوم لا يجوز السكوت». لا يحتاج كلام عماد الأزهرى إلى مزيد من التعليق، وأترك لكم استبيان التحريض في كلامه ودعوة الأزهر وعلماء الدين إلى التصدى للنظام، ومواجهته، فقد قام بحالة من الابتزاز الدينى لعلماء الدين، في محاولة لأن يقفوا أمام النظام، الذي لم يفعل أكثر من فض اعتصام، أراد أن يفضوه أصحابه بطريقة سلمية، لكنهم رفضوا وأصروا على المواجهة التي لم تكن في صالحهم على الإطلاق. ■ ■ ■ قد تقول إن هؤلاء ليسوا موجودين في دار الإفتاء، وهو ما يمكن أن تقوله دار الإفتاء بالفعل لنا، ويمكن أن تقرأ رد الدكتور إبراهيم نجم هنا أيضا عن اتهام بعض أعضاء أمانة الفتوى بالتعاطف مع الإخوان، لكن مصادر مطلعة داخل دار الإفتاء قالت لنا كلاما آخر تماما، ونحن نثبته هنا من باب رفع الحرج على الجميع، فنحن لا نهدف إلى الفضح، بل نسعى إلى الكشف عن الحقيقة التي أعتقد أنها ستفيدنا جميعا. فقد أشارت مصادر قريبة من دار الإفتاء إلى أن مسئولين بالدار قالوا إن عددا من أمناء الفتوى بالدار من أنصار جماعة الإخوان والمتعاطفين معهم لا يزالون يباشرون أعمالهم في أمانة الفتوى تحت علم وبصر المسئولين في الدار. المصادر وصفت ما يحدث بأنه نوع من التستر على هؤلاء الأنصار، لكن دعونا نفترض حسن النية في الأمر كله، ونقول إن هناك شيئا من الحرج في المواجهة. لكن حسن النية لا يفيد كثيرا في مثل هذه المواقف، فلا بد من المواجهة الواضحة والصريحة التي لا تقبل تأويلا، تقول مصادرنا من داخل دار الإفتاء، إن هناك عددا من المسئولين بالدار يعلم جيدا تحركات الأعضاء المنتمين إلى الجماعة والمتعاطفين معها، بل وتعرف جيدا ما يكتبونه على صفحاتهم الخاصة بشبكة التواصل الاجتماعى، وكلها كتابات تعكس قناعاتهم بجماعة الإخوان وتحركاتها، كما أن المسئولين يتساهلون جدا في تقديم هؤلاء الأعضاء لشيوخ من الدار يتقابلون مع المواطنين الذين يلجئون إلى دار الإفتاء طلبا للفتوى، وهو ما يمكن أن يكون عاملا في نشر فكرهم، واستقطاب عدد من المواطنين إلى صفهم، فأمامهم شيوخ يعملون في دار الإفتاء المؤسسة الرسمية، ويسمعون منهم إلى ما يؤيد موقف الإخوان، وهو ما من شأنه أن يزرع مزيدا من الفتنة بين المواطنين. وتضيف المصادر أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فالمسئولون في الدار لم يسمحوا لأعضاء أمانة الفتوى من المتعاطفين مع الإخوان بلقاء المواطنين الطالبين للفتوى فقط، لكنهم يشركونهم في البعثات الخارجية التي يرسلها الأزهر إلى مختلف دول العالم، وهنا الخطر الأكبر. وتضيف المصادر القريبة من دار الإفتاء، أن هؤلاء الأعضاء الذين يعملون في أمانة الفتوى ثبت تورطهم بعد أن أعلنوا في أكثر من موقع رفضهم إقالة محمد مرسي، ورفضهم لما حدث من فض اعتصام رابعة العدوية بالقوة. ■ ■ ■ إننا هنا لا نتهم أحدا، أو بالمعنى الصحيح لا نريد أن نتهم أحدا بما ليس فيه، لكننا فقط نحاول أن نلقى الضوء على ما يحدث في مؤسسة نثمّن ما قامت ولا تزال تقوم به، نشير إلى أنها لا يجب أن تحمى من يمثلون خطرا على أمن الدولة القومى، أم أن لسادتنا في دار الإفتاء رأيا آخر، أرجو ألا يكون لهم رأى آخر، وألا يكتفوا بكلام إنشائى لا يقدم ولا يؤخر مثل الذي قاله مستشار المفتى، الذي يمكن أن تقرأه الآن.