المتظاهرون: نحن «عبيد» ومواطنون درجة ثالثة الإعلام الدولي: إطلاق النار على المتظاهرين أثبت «عنصرية» إسرائيل يديعوت أحرونوت: «السود» في إسرائيل ليسوا أفضل من «سود» أمريكا عاصفة من الاحتجاجات ظهرت في إسرائيل خلال الأسبوع الماضى من يهود إثيوبيا، وتغير شكل هذه الاحتجاجات على مدى الأسبوع، فكانت في اليوم الأول ضد عنف رجال الشرطة في عدة أماكن في القدس، ولكن بعد أيام انتقلت الاحتجاجات إلى أماكن أخرى في إسرائيل منها ميدان رابين بتل أبيب، وظهر عدد آخر من الأزمات التي يعانى منها يهود إثيوبيا بعد أن قامت وسائل الإعلام الإسرائيلية بتغطية الاحتجاجات والتحدث مع المتظاهرين ليعرضوا مشكلاتهم وأسباب تظاهرهم. وفقًا لتقارير مراقب الدولة في إسرائيل يبلغ عدد يهود «الفلاشا» نحو 135.500 ألف مواطن من أصول إثيوبية، وهم يشكّلون نحو 1.7٪ من سكان إسرائيل بينهم 51.7٪ من الأسر الإثيوبية الفقيرة جدًا. بدأت المظاهرات بسبب العنف المفرط لرجال الشرطة الإسرائيلية نحو يهود إثيوبيا وتعرضهم للضرب والإهانة، فعلق «يايو إبراهيم» أحد الناشطين الإثيوبيين في جريدة يديعوت أحرونوت: «إنها وصمة عار على إسرائيل أن تطلق الشرطة الغاز والقنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين، إنهم يتهموننا بالعنف ولكن الشرطة الإسرائيلية هي من تسببت في هذا العنف». ليس فقط عنف الشرطة هو من تسبب في إشعال المظاهرات، ولكن أيضا الدونية التي يشعر بها الزنوج في إسرائيل كانت وراء غضبهم، فعلى سبيل المثالى يعانى الزنوج من قلة رواتبهم مقارنة باليهود الغربيين أو الشرقيين أو العرب أيضًا، وعلق «دانى إيدينا» في جريدة «عير هشفوعيت» أنه يعمل مراسلا لجريدة يديعوت أحرونوت ويحصل على راتب أقل من العرب الذين يعملون في نفس الوظيفة بالجريدة، وأضاف: «نحن هنا نعد دون المستوى، السود في قاع المجتمع الإسرائيلى، الإثيوبيون ليس لديهم أمل في حياة أفضل، إنهم يخدمون بلادهم، ولكن يظل المجتمع يعاملهم على أنهم عبيد». والدونية أيضا في التعليم، فيحرم الطلاب اليهود الإثيوبيون في المدارس وفقا لجريدة «ذا ماركر» من الالتحاق بالكليات المرموقة. ولم يختلف الحال كثيرًا عن وضع الإثيوبيين داخل الجيش الإسرائيلى، فحسب ما نشرت جريدة «ذا ماركر» أن 86٪ من الشباب الإثيوبيين ينضمون إلى جيش الدفاع الإسرائيلى، وهى نسبة تعد كبيرة وتعبر عن دوافعهم للخدمة في الوحدات القتالية، إلا أنهم يتم توزيعهم في وحدات لايرغبونها، مقارنة بباقى الطوائف التي تحظى بالوحدات المرموقة في الجيش. وهذه الأسباب أكدها المحلل السياسي الشهير بإسرائيل «بن كيسبت» حيث كتب في مقاله بجريدة معاريف: «إن العنصرية الشديدة تجاه يهود إثيوبيا ليست ذنب نتنياهو، فنتنياهو مسئول فقط عن تجاهلهم وإهمالهم الست سنوات الماضية، لكن الأزمة الحقيقية مدفونة في مجتمعنا منذ سنوات، نحن المسئولين عنها، فهناك من يديرون أنوفهم عندما تدخل عائلة إثيوبية للسكن بجوارهم، أولئك الذين لا يريدون رؤية ولد إثيوبى صديقا لابنهم في المدرسة، وأصحاب العمل الذين لا يوظفون إثيوبيا للعمل إلا بصعوبة، فالمجتمع الإسرائيلى كله مسئول عما وصل إليه يهود إثيوبيا من غضب». ورغم تفاقم الأزمة إلا أن الحكومة الإسرائيلية لم تتخذ خطوات جدية لعلاجها فعقد نتنياهو اجتماعًا مع كل من مفتش الشرطة العام، الجنرال يوحنان دانينو، وممثلين عن وزارات «الأمن الداخلى» والرفاه الاجتماعى والاستيعاب والداخلية ومركز الحكم المحلى ولم يسفر عن شيء واضح. ومؤخرا شكلت الشرطة الإسرائيلية فريق تحقيق خاصا في تل أبيب، يهدف إلى تحديد العوامل التي تحرض على المظاهرات، حيث بدأ الفريق تحليل الصور التي جمعتها الشرطة عن طريق الكاميرات الأمنية المتواجدة في أماكن التظاهرات، وبدءوا بالتحقيق مع 19 متظاهرا كانت الشرطة قد ألقت القبض عليهم وتم حبسهم احتياطيًا استعدادا لعرضهم على محكمة تل أبيب وفقًا لجريدة هآرتس. أما الإعلام الإسرائيلى فبعد أن قام بتغطية الأحداث بشكل مكثف خلال الأيام الثلاثة الأولى، إلا أن التغطية بدأت في التقلص تدريجيًا، بعد أن خرج عدد من الصحف العالمية تندد بسوء معاملة الزنوج في إسرائيل وبدأت تلقى الاتهامات على الدولة العبرية وتتهمها بالعنصرية، ففتحت «نيويورك تايمز» الأمريكية النار على الإدارة الإسرائيلية حيث اتهمتها بتهميش السود، وسوء معاملتهم، واتهم التليفزيون الإيرانى إسرائيل بأنها تفتح النار على مواطنيها السود، وتعتبرهم مواطنين درجة ثالثة، وهو ما جعل يديعوت أحرونوت تتصدى لهذه الحرب، حيث أكد الدكتور «بن بورات» أحد أساتذة الجامعة العبرية، أن حياة السود في إسرائيل تشبه كثيرًا حياة السود في أمريكا. النسخة الورقية