سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تصنيف "QS " كشف ضعف الجامعات المصرية.. احتلت الترتيب 552 من بين 800 بسبب انخفاض مخصصات التعليم العالي.. وإهمال البحث العلمي.. ومطالب باعتماد ميزانية أكبر
رغم الجهود التي تبذلها الدولة في الارتقاء بمستوى التعليم الجامعي والسعي لتطويره ورسم استراتيجيات تنهض به للمساهمة في تنمية مختلف نواحي الحياة في المجتمع، جاءت الجامعات المصرية لتحتل الترتيب 552 في تصنيف الجامعات العالمي الإنجليزي QS لعام 2014/2015 لقائمة أفضل 800 جامعة حول العالم، ليفتح ملف التعليم العالي بصورته "المحبطة" والقصور فيه، ما دعا الخبراء للمطالبة باستراتيجية جديدة ومزيد من الدعم المالي في موازنة الدولة في الأعوام القادمة. قال د. "طارق الأفندي" خبير صناعة القرار والمعلوماتية والأستاذ بالجامعة الأمريكية: إن ترتيب الجامعات المصرية جاء طبيعيا ليعبر عن الفجوة بينا وبين الغرب ويعكس مدى القصور في التعليم الجامعي والإهمال الذي يعاني منه قطاع التعليم العالي، مشيرا إلى أن الجامعات التي تحصل على ترتيب متقدم بين الجامعات الدولية إنما تهدف إلى تخريج أفراد قادرون على المشاركة في المجتمع وامتهان أعمال لها مردود عال في عجلة الإنتاج، متسائلا عن دور الجامعات المصرية في علاج مشكلات المجتمع، "هل انتهت مشكلة القمامة واعادة تدويرها، وهل انتهت مشاكل الطاقة، أو ساهمت في تخفيف حدة الجريمة أو العنف المجتمعي والظواهر السلبية المنتشرة في البيئة المصرية؟". وبين "الأفندي" أننا نجيد تدريس مناهج علمية غير مواكبة لتطورات العالم، فالجامعات في العالم تعكف الآن على إيجاد حلول لمشاكل البيئة والطاقة وتجري أبحاث في هذين المجالين بتركيز شديد، فماذا تفعل الجامعات المصرية، معبرا عن دهشته من الكم الهائل من درجات الماجستير والدكتوراه التي تمنحها الجامعات المصرية دون مردود لها حتى في حياة الباحث وتصبح مجرد شهادة على ورق، قائلا أن الجامعات المصرية سخية في منح تلك الدرجات دون ضابط أو رابط. واستنكر خبير صناعة القرار كون الجامعات المصرية طاردة للخبرات والعقليات النابغة، فكثير من الطلاب يبحثون عن المنح في الجامعات الأجنبية خاصة الجامعة الأمريكية لأن المصرية ليست على المستوى ولا تقدم الدعم المنتظر لطلابها علميا وماليا، مشددا على الاهتمام بالتعليم المهني الذي يهدف إلى إعداد الخريج للالتحاق بمهنة مفيدة في خدمة المجتمع. وفسر الأستاذ في الجامعة الأمريكية تدني مستوى الجامعات المصرية بان الخلل يبدأ من متخذي القرار ووصفهم بانهم ليس لديهم وعي كاف بأهداف التعليم الجامعي وكيفية وضع الخطط اللازمة لتطويره لمواكبة ما استجد فيه. أوضح د." سامي أبو بيه" عميد تربية المنوفية الأسبق أن تصنيفات الجامعات على مستوى العالم لا يكون عبثيا أو عشوائيا، لكنه يعتمد على تقديرات ربما لا يعلمها أحد منها عدد الخريجين الذين أصبحوا علماء من الذين أسهموا في إنجازات للبشرية وكم منهم حصل على جائزة دولية أو حتى محلية وطبعا جائزة نوبل، إضافة إلى عدد الخريجين ونسبة المتفوقين منهم، لأن هذه توضع ضمن عوامل الجودة التي يتم التقييم من خلالها وضع الجامعة ومن ثم ترتيبها على المستوى الدولي بين مختلف الجامعات. وأشار "أبو بيه" إلى أنه في ظل تردي أوضاع التعليم العالي ومشاكله المتجذرة في المجتمع المصري سواء منها الاقتصادي والمتمثل في انخفاض ميزانية التعليم العالي والبحث العلمي إلى أدنى مستوياته مقارنة بباقي أوجه الإنفاق في الموازنة العامة للدولة ومنها الاجتماعي والذي يعبر عنه رغبة الطالب المصري في الحصول على الشهادة الجامعية للوجاهة وللهروب من لقب "حاصل على مؤهل متوسط"، ومنها السياسي، حيث افتقاد رؤية واضحة واستراتيجية محددة للنهوض بالتعليم الجامعي، فما يهمنا منذ عقود هو تخريج آلاف الحاصلين على مؤهلات عالية دون النظر في جدواهم ومساهمتهم في المجتمع. وأكد عميد التربية الأسبق أن ما يحدث عندنا لا يمكن أن يرتقي بأي حال من الحوال إلى مفاهيم التعليم العالي أو حتى ما قبل لتعليم الجامعي في أي دولة من دول العالم التي تحترم نفسها، لأن التعليم مرتبط بالتعلم الذي لابد أن يهدف إلى إحداث تغيير في سلوك الفرد وخبراته بما يعود بالنفع على المجتمع وهو ما لا يحدث في مصر، منوها إلى أنه علمائنا المشاهير أمثال زويل ومجدي يعقوب والباز وغيرهم لم يعرفهم أحد إلا لأنهم خرجوا من مصر وحصلوا على جنسيات اجنبية فنجد أن "زويل" أمريكي و"مجدي يعقوب" بريطاني فأخذوا الفرصة ليبدعوا. وبين "أبو بيه" أن الأستاذ الجامعي في كل الدنيا له مساهمات علمية ولابد أن يجري بحوث ودراسات حتى ولو كانت للترقية وهي تتم عندنا لكن ليس بالشكل المطلوب، لأن في الجامعات المصرية ندبر المرتبات "بالعافية" فهل نتوقع أن يتم توفير آلاف الجنيهات لباحث جامعي أو استاذ لعمل دراسة أو بحث يسهم به في كشف علمي ومن ثم تزيد مكانة جامعته بين جامعات العالم وأنا بالكاد أدبر مرتبه شهر بشهر، مطالبا بزيادة ميزانية التعليم العالي حتى يصل ما بين 15و20 % من موازنة الدولة سنويا. وأبدى د. " عادل سلامة" خبير المناهج طرق التدريس توقعه لترتيب الجامعات المصرية على المستوى الدولي نظرا لأنها مازالت تقتصر في منهاجها على أليات وطرق تدريس بدائية وعدم اعتماد أدوات أكثر حداثة فمثلا هل يعقل أن تكون كليات واقسام اللغات في عدد من الجامعات في الأقاليم خالية من معامل اللغات وإذا وجدت فتجهيزاتها بدائية ولا يتم تفعيلها، والتركيز على الحفظ والتلقين. وطالب "سلامة" بالخروج من دائرة المناهج النظرية وطرق التقويم التي تعتمد على الحفظ حتى في الكليات العملية كالطب والهندسة فهي في النهاية تعتمد قياس حفظ الطالب للمقرر وليس قدرته على الابتكار والاستفادة من المقرر في حياته وحل المشاكل التي تواجهه، معبرا عن دهشته من عجز كثير من الطلاب تنفيذ البحوث النظرية التي تطلب منهم لأنهم لم يتعودوا على كيفية جمع المعلومة والبحث العلمي.