وليَم شكسبير شاعر وكاتب مسرحي إنجليزي، ويسمى ب"شاعر الوطنية" و"شاعر افون الملحمي". أعماله تتكون من 38 مسرحية و158 سونيته واثنين من القصص الشعرية وبعض القصائد الشعرية، وقد ترجمت مسرحياته إلى كل اللغات الحية. ولد شكسبير وتربي في ستراتفورد أبون آفون وفى سن الثامنة عشر تزوج من أن هاتاواي ورزق بثلاثة أطفال: هم سوزانا وجوديث وهامنت وبين عامين 1585-1592 بدأ يعمل في لندن كممثل وكاتب ناجح في شركة تمثيل تدعى رجال لورد تشامبرلين، وعرفت فيما بعد باسم رجال الملك، ويبدو أنه تقاعد إلى سترادفورد في عام 1613 عندما كان يبلغ من العمر 49 حيث توفى بعدها بثلاثة سنوات. انتج شكسبير معظم أعماله المعروفة بين 1589 و1613 حيث كانت مسرحياته الأولى بشكل عام كوميدية وتاريخية وقد تميزت بالتعقيد والحبكة الفنية، وبحلول نهاية القرن 16 كتب التراجيديات بما في ذلك الملك لير وهاملت وعطيل ومكبث وقد اعتبرها البعض من أفضل الأعمال باللغة الإنجليزية، وفى أواخر حياته قيل أنه كتب الكوميديا التراجيدية والمعرفة أيضًا باسم الرومانسيات وتعاون مع كتاب مسرحيون اخرون. نشرت العديد من مسرحياته في طبعات مختلفة الجودة والدقة خلال حياته في عام (1623) نشرت فيرست فوليو طبعة تم جمعها لأعماله الدرامية عدا اثنين عرفا فيما بعد بانهما لشكسبير. ومن مسرحياته المهمة كانت تاجر البندقية، وقد حظيت بدراسة مستمرة من النقاد العالميين، ومعاداة من قبل التوجه الرسمي لليهود بسبب شخصية حول تاجر شاب من إيطاليا يدعى أنطونيو، ينتظر مراكبه لتأتي إليه بمال، لكنه يحتاج للمال من أجل صديقه بسانيو الذي يحبه كثيرًا لأن بسانيو يريد أن يتزوج. المسرحية بها خيوط أخرى تتحدث عن عداء المسيحيين لليهود، وعن الحب والثروة، والعزلة، والرغبة في الانتقام. أنتجت هذه المسرحية مرات كثيرة، وكان آخر إنتاج لها فيلم تاجر البندقية من بطولة آل باتشينو. كان شكسبير شاعر وكاتب مسرحيا محترم في أيامه، ولكن لم ترتفع سمعته إلى ارتفاعها الحالى حتى القرن التاسع عشر، واعتمد عمله مرارًا واعيد اكتشافها من قبل الحركات الجديدة في التدريس والأداء ولا تزال مسرحياته تتمتع بشعبية كبيرة حتى اليوم، وتتم بشكل مستمر دراستها وتنفيذها واعادة تفسيرها في مختلف السياقات الثقافية والسياسية المختلفة في جميع انحاء العالم. وفي عام 1597 بلغ من النجاح حدا مكّنه من شراء منزل ضخم في ستراتفورد يعرف ب المنزل الجديد. وفي العام التالي اصبح شريكا في ملكية مسرح GLOBE THEATRE لعرض مسرحياته. وفي عام،1612 استقر في ستراتفورد، وامضى السنوات الأخيرة من حياته في محاولات متقطعة للتأليف، إلى أن توفى في عام 1616 وهو بعد في الثانية والخمسين من عمره... ولم يكن له ذرية أحياء. لا يمكن وصف الوضع المالي لشكسبير بالثراء الفاحش، أو البؤس، والذي أثار دهشة الجميع هو امكانية استكشاف كل هذه الأبعاد الإنسانية في مسرحياته من انفعالات المآسي العميقة، إلى الفكاهة الشعبية في مسرحياته الهزلية. وبقدر ما كانت حياته العامة عادية، كان يدرك كل ما يمكن أن تنطوي عليه اخلاق البشر من سمات. لقد كتب شكسبير ما لا يقل عن 154 قصيدة غنائية، وبعض هذه القصائد الغزلية كتبها إلى الجمال الأسود، وهي شخصية قد تكون إحدى غراميات شكسبير من جانبه فحسب. وفي عصر كانت اللغة الانجليزية في اوج ازدهارها، اكتشف فيها شكسبير آفاقا جديدة من الجمال الشعري. فأسلوب جولييت السلس، والبرود المتعالي في أسلوب الملك لير، يسموان كثيرا فوق مستوى أسلوب الحديث العادي، ومسرحية العاصفة تتضمن الكثير من الفقرات الرائعة، بخلاف حديث بروسبير القائل: أن القباب التي تعلوها السحب، والقصور الفاخرة... والمعابد المهيبة، والكرة الارضية العظيمة نفسها... أجل وكل ما خلقته، سوف يتلاشى، وهي مثل هذا البهاء الزائف سوف تذبل ولا تترك وراءها اثرا. هكذا خلقنا، كأننا اطياف احلام، وحياتنا القصيرة يكتنفها الكرى.... اما شكسبير المؤلف المسرحي، فيكاد يكون كاملا التلاحم بين شخصياته محدد وواضح، واحساسه بالزمن والنتائج رائع. ونجد مشاهد المسرحية تنتقل انتقالا سريعا من قارة إلى أخرى (كما في مسرحية انطونيو وكليوباترا)، دون أن يفقد المشاهدون الاحساس بتتابع الاحداث، أو يبتعدون عن ملاحقتها. وتتجلى عبقرية شكسبير في أروع مظاهرها في الادوار الثانوية، مثل بولينيوس Polinius ومركوشيو Mercutio واينوباربوس Enobarbus وجاك Jacques تبرز شخصيات ظلت تجذب اليها المشاهدين طيلة قرون. اما المهرجون والمغفلون ومنهم بوطوم Bottom، وفالستاف Falstaff اللذان كان في استطاعتهما أن يتكلما بأكثر مما حدد لهما، فقد كانا قادرين على استدرار ضحكات مشاهديهما، بنكاتهما ذات الطابع المختلف. ولا مغالاة في أن جميع المشاهدين يشعرون بالتأثر العميق لمواقف هاملت، وماكبث وعطيل ولير، وهم ينغمسون في الكوارث، في ظروف لا يمكن وصفها الا بأنها مآس شكسبيرية. ولكن تظل الناحية الاقرب إلى المأساة تكمن في أن ترديهم هذا، كان ناتجا من انحرافات في اخلاقهم نفسها. أن في شخصيات شكسبير من التعقيد وفي الوقت نفسه من الاقناع، لدرجة أن النقاد لا يترددون في مناقشة دوافعها الحقيقية، كلما كان هناك مجال للنقد الادبي الجاد. ونظرا لعبقرية شكسبير ومنجزاته وذيوع صيته فيبدو من الغريب أن اسمه لم يصنف مع المائة الأوائل، وهذا ليس استهانة بمنجزاته ولكن نظرا لأن الشخصيات الأدبية والفنية على العموم لا تملك تأثيرًا كبيرًا على التاريخ البشري. فنشاط الزعماء الدينيين والعلماء السياسيين والمكتشفين والفلاسفة أو المخترعين غالبا ما تؤثر في تطورات الحياة البشرية في مختلف المجالات. فالتقدم العلمي مثلا كان له تأثيره الواضح على المشاكل السياسية والاقتصادية وقد أثر أيضا على المعتقدات الدينية والمواقف الفلسفية وتطور الفنون. ولكن يبدو أن شكسبير هو المبرز بين الشخصيات الأدبية دون منازع فقليل من الناس في هذه الأيام يقرؤون شوسر وفرجيل وحتى هوميروس ولكن في أي حفلة مسرحية لإحدى روايات شكسبير يحضرها الكثيرون وغالبا ما يقتبس من أقوال شكسبير من قبل أشخاص لم يقرؤوا أو يروا مسرحياته. فمسرحياته قد سببت السرور والمتعة لكثير من القراء والمشاهدين خلال أربعة قرون تقريبًا ومن المنتظر أن تظل أعماله مألوفة من قبل الناس لعدة قرون نائية. ومع أن شكسبير قد كتب باللغة الإنكليزية إلا أنه كان شخصية معروفة عالميًا وقد ترجمت معظم أعماله بشكل واسع وقرئت مسرحياته ومثلت في عدد كبير من الأقطار. عاش شكسبير أعوامه الأخيرة مع أصدقائه، عيشة وادعة منعزلة، كما يتمنّى جميع العقلاء أن يقضوها، كان لديه من الثروة ما يكفي لاحتياز أملاك تفي بما يحتاج إليه، وبما يرغب فيه، ويروي "نيكولاس رو" عنه: "إن ظرافته الممتعة، وطيبته قد شغلتاه بالمعارف، وخولتاه مصادقة أعيان المنطقة المجاورة". لقد مات شكسبير كما عاش من غير ما يدل كثيرًا على انتباه العالم، ولم يشيّعه إلا أسرته وأصدقاؤه المقربون، ولم يُشِد الكتاب المسرحيون الآخرون بذكراه إلا إشادات قليلة، ولم تظهر الاهتمامات الأولى بسيرة شكسبير إلا بعد نصف قرن، ولم يكلّف نفسه أي باحث أو ناقد عناء دراسة شكسبير مع أي من أصدقائه أو معاصريه. مات شكسبير بعد أن عانى من حُمّى تيفية، وقرع جرس موته في كنيسة "ستراتفورد" في 23 أبريل، في اليوم الذي ولد فيه قبل 53 سنة، وقيل إنه دفن على عمق 17 قدمًا، وهذه الحفرة تبدو عميقة بالفعل، وقد تكون حُفرت مخافة عدوى التيفوس، ولعل شكسبير هو من كتب على الشاهدة: أيها الصديق الطيب، كرمى ليسوع لا تحفر هذا التراب المسّور ههنا مبارك من تحفظ هذه الأحجار وملعون من يحرك عظامي لقد أعطى العالم أعماله، وصداقته الطيبة، ولكنه لم يعطه جثمانه أو اسمه.. حمل المشيعون باقات من إكليل الجبل أو الغار، وألقوها على القبر الذي يزوره إلى يومنا هذا آلاف المعجبين.