خرجت تصريحات "باتريك ماكجولين"، مسئول الأمن الإلكتروني بمؤسسة "برايس وترهاوس كوبرز"، الخاصة بتصدر مصر قائمة الدول التي تعرضت مؤسساتها الاقتصادية للاختراق خلال عام 2014، لتثير التساؤل حول المستقبل الاقتصادي لمصر عبر شبكة الإنترنت، وخاصة مع اتجاه قطاعات كثيرة "للبيزنس عبر الإنترنت". وجاء ذلك التصريح خلال ورشة العمل التي عقدتها المؤسسة حول "الأمن الإلكتروني وخطر الحروب الإلكترونية على المؤسسات الاقتصادية"، بحضور قيادات مصرفية بالبنك المركزي والبنوك العاملة في مصر وشركات الاتصالات، وهو الأمر الذي يلقي بظلال واسعة على خطورة القضية. وقال الخبير الاقتصادي صلاح جودة، إن القرصنة الإلكترونية داخل مصر تكلفها سنويا ما يصل إلى 1.5 مليار دولار وهو ما يوازي 10 مليار جنيه مصري، مشيرا إلى أن القرصنة الإلكترونية لا تقتصر على الأموال والبيزنس فقط، بل تتعدى ذلك لتشمل الملكية الفكرية أيضا كما يحدث مع الكتب أو الأفلام التي تنسخ وتوضع على الشبكة. وأشار جودة إلى وجود العديد من المظاهر داخل مصر للاختراق والقرصنة وهو ما وقع بالفعل داخل بعض البنوك وهناك قرصنة تأتي عن طريق البريد الإلكتروني والتليفونات المحمولة، وهو أمر خطير إذ يمكن استخدام أرقام التليفون لأغراض معينة مثل الاتصال على أرقام معينة وإنهاء أعمال ما، مؤكدا وجود أشخاص بعينها داخل البنك تربط صرف حسابها بالاتصال بأرقام تليفونات معينة، الأهم من ذلك استخدام التليفونات المحموله والقرصنة عليها واستخدام المعلومات المستخلصة في الأعمال الإرهابية. ولفت جودة إلى أنه يمكن القضاء على القرصنة من خلال القضاء على الجهل في الاستخدام والاتجاه للاهتمام بمجال البرمجة بدلا من أن تقوم الدولة بالاعتماد على مبرمجين من الخارج وإحضارهم لمصر، مشيرا إلى أن الاهتمام بالعلم سيجعلنا من المصدرين للتكنولوجيا. من جانبه، أكد عادل عبد المنعم، خبير أمن المعلومات، رئيس مجموعة تأمين المعلومات بغرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات، وجود كم ضخم من الاختراقات والهجمات عبر شبكة الإنترنت على المستوي العام على مدى العام الماضي بالفعل، مشيرا إلى أن خطر الاختراق لا يقتصر على الهجوم على مصر من الخارج بل يمتد إلى الداخل أيضا بوجود مجموعات داخلية تقوم بذلك مثل المجموعات المعارضة للحكومة، التي تحاول القرصنة أيضا على الجهات الحكومية، مؤكدا أن تنظيم "داعش" ذاته لديه خبراء ويحاولون تنفيذ اختراقات مختلفة عبر العالم علاوة على وجود العديد من الجهات الأخري الخارجية. وأضاف "عبد المنعم" أن العديد من الدول شهدت مؤخرا هجمات إلكترونية، أبرزها هجمة ما يسمي بفريق "صقور الصحراء" وهو فريق من القراصنة العرب شن سلسلة كبيرة من الهجمات على العديد من البلدان وتصدرت فلسطين ومصر قائمة الدول الأكثر تعرضا للقرصنة بين البلدان المختلفة، حيث استهدفت تلك الهجمات المئات من المؤسسات التي تم اختراقها وآلاف من الملفات تم الاستيلاء عليها وتسريبها وكانت مصر المتصدرة في سلسلة الاختراقات والتي استهدف العديد من الجهات تعرضت للاختراق الجهات الحكومية المختلفة ووسائل الإعلام والهيئات العسكرية وخاصة إذا ما استثنينا فلسطين باعتبارها دولة محتلة. وذكر "عبد المنعم" أن الجانب الجيد أن الدولة بدأت بالفعل في التعامل مع تلك القضية باعتبارها مهمة وتستدعي الاهتمام، فعلي سبيل المثال وضع البنك المركزي المصري تعديلات وقواعد لوضع ضوابط لتأمين المعلومات في البنوك المتعددة، كذلك هيئة الرقابة المالية التي وضعت ضوابط خاصة بأمن المعلومات بالنسبة للشركات التي تتعامل في السوق المالي والمصرفي والأسهم أيضا، مضيفا: "أننا ننتظر إصدار قانون جرائم المعلومات حتى يكون هناك عقوبة رادعة على المخترقين والمخالفين عبر الشبكة لأن وجود القوانين الرادعة سيعمل على تقنين الجرائم عبر الإنترنت". واستطرد "عبد المنعم" قائلا إنه على الرغم من وجود هجمات كثيرة خلال عام 2014 بالفعل ولكن على الجانب الأخر فهناك مواجهة من الدولة خلال الفترة الأخيرة لتلك الهجمات على مستوي القانوني والإداري داخل العديد من القطاعات، مشيدا بإنشاء مجلس الأمن السيبرانى، الذي كان أحد القرارات القوية لمجابهة المسئلة مطالبا بتحرك المجلس بخطوات قوية لإنهاء تلك القضية. وأوضح "عبد المنعم" أن افضل الممارسات العالمية لتحقيق مناخ آمن داخل مختلف الشركات، تنقسم إلى العديد من الخطوات التي من بينها حصر الموارد المعلوماتية داخل البيئة من قواعد بيانات ووسائل اتصال وأية وسائل أخرى وتصنيف البيانات داخل الجهات المختلفة حسب الأهمية وليكن التصنيف على سبيل المثال ما بين سري وغير سري حيث يجب أن عدم تداول البيانات ذات السرية عبر البريد الإلكتروني وفي حالة وجود معلومات حرجة يتم إتخخاذ إجراء أمني وهو عدم الاتصال بالإنترنت علاوة على ذلك تفعيل برامج الحماية المختلفة مثل "الفايروول" ووضع سياسة أمن معلومات بالمؤسسة المختلفة. فيما أشار محمد مراد، خبير الإنترنت، إلى أن التعرض للاختراق والقرصنة بالنسبة للشركات أو الأفراد بشكل عام أمر شائع وجائز على شبكة الإنترنت بسبب الجهل بقواعد وطرق الاستخدام، حيث يأتي بسبب عدم وجود ملفات ضارة يقوم الشخص أو الجهة بفتحها وتكون تلك الملفات مجهولة ولا تمت بصلة إلى الواقع فقد تأتي في صورة إعلانات أو غير ذلك وبمجرد فتحها وتحميلها على الجهاز يتم القرصنة على البيانات والمعلومات المختلفة داخل الجهاز، مؤكدا أن وقوع تلك الهجمات بسبب عدم وجود برامج حماية مرخصة وذات كود حيث أن هناك برامج حماية ولكنها ضعيفة وغير معتمدة ولذلك يجب على الجميع أن يكون لديهم برامج معمول بها وأصلية حتى لا يتم سرقة بياناته والتعامل بها جدا، وقد يؤدي إلى كثير من التبعات السلبية الأخرى مثل سرقة بيانات الحاسب والاستيلاء على الحسابات البنكية والمعلومات المختلفة التي يمكن "القرصان" استخدامها لتنفيذ أهداف بعينها سواء بالنسبة للفرد المستخدم أو للشركات والقطاعات المختلفة والمتعددة.