أسماء المرشحين بالنظام الفردي عن دوائر محافظة شمال سيناء بانتخابات مجلس النواب 2025    سوهاج تطلق مبادرتين جديدتين لضبط الأسعار وتوفير السلع الأساسية للمواطنين    تنظيم قافلة خدمية شاملة لأهالي قرية حلازين غرب مرسى مطروح    نتنياهو يجتمع مع روبيو في القدس.. ماذا بحثا؟    يورشيتش: فضلت مواجهة صن داونز عن الأهلي في نهائي أفريقيا    ضبط 10 أطنان زيت فاسد قبل إعادة تدويره داخل مخزن بطنطا    محمد ثروت يفتتح حفلته في «الموسيقى العربية» ب «مين اللي ميحبش فاطمة».. ويوجه الشكر لوزير الثقافة ورئيس الأوبرا    الدبلوماسية النسوية: هيا نحشد جهودنا معًا من أجل حقوق المرأة والفتيات    وزير الرياضة ومحافظ السويس يفتتحان مقر "اتحاد بشبابها"    وزير الطيران الأسبق: افتتاح المتحف المصري الكبير سيكون حدثًا يليق بتاريخ مصر    نصائح مهمة لتجنب الإصابة بالتهاب أوتار الجسم    إدخال 15 شاحنة وقود وغاز طبيعي إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم    جدول مباريات منتخب مصر في كأس أمم أفريقيا 2025    ورشة عمل ب«الأطباء» تحذر من التوسع العشوائي في إنشاء كليات الطب    ما الدعاء الذي يفكّ الكرب ويُزيل الهم؟.. أمين الفتوى يجيب أحد ذوي الهمم بلغة الإشارة    انتخابات الأهلي - حازم هلال: من الخطأ الاعتقاد أن انتخابات النادي انتهت بالتزكية    مصطفى مدبولي يتابع الموقف المالي للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وتعظيم إيراداتها    المحكمة الإدارية العليا تؤيد استبعاد هيثم الحريرى من الترشح لمجلس النواب    نظر ثانى جلسات تجديد حبس المتهم بدهس أب ونجله فى الشيخ زايد 5 نوفمبر    لقطات رومانسية تجمع حاتم صلاح وعروسه بعد كتب الكتاب.. صور    الزمالك يتقدم بشكوى ضد أسامة حسني للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام    لجنة تطوير الإعلام الخاص تعقد أولى اجتماعاتها    حنان مطاوع تكشف شعورها بعد ترشح فيلمها «هابي بيرث داي» ل الأوسكار    قافلة سكانية متكاملة بقرى مركز العريش    هل تأخير صلاة الفجر عن وقتها حرام؟| أمين الفتوى يجيب    ضبط 50 طن أعلاف منتهية الصلاحية بالغربية    نائب وزير الصحة يوجّه بإنشاء عيادات جديدة لخدمة أهالي وسط سيناء    معجنات الجبن والخضار.. وصفة مثالية لوجبة خفيفة تجمع بين الطعم وسهولة التحضير    الكشف على 1102 مواطن خلال قافلة طبية مجانية بأبو السحما بالبحيرة    أندية وادي دجلة تحصل على التصنيف الفضي في تقييم الاتحاد المصري للتنس    قرار جمهوري بضم السويدي والشريف لعضوية مجلس أمناء التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    الشيخ خالد الجندي: الطعن فى السنة النبوية طعن في وحي الله لنبيه    الأنبا إبرهام: الوحدة المسيحية تحتاج إلى تواضع وحوار ومحبة حقيقية    وزارة التضامن تحدد آخر موعد للتقديم في حج الجمعيات الأهلية 2026    مساعد وزير الخارجية المصري: الاتحاد الأوروبي أصبح شريكًا اقتصاديًا بمعنى الكلمة لمصر    عبد المنعم سعيد: الحزب الجمهوري يرفض إرسال جنود أمريكيين لمناطق نزاع جديدة    رسمياً.. الاتحاد يشكو حكم مباراته ضد الأهلي    «شعبة الخضروات والفاكهة»: هذا التوقيت تحديدًا يُعتبر فترة مؤقتة لارتفاع أي منتج    ب«لافتات ومؤتمرات».. بدء الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب في الوادي الجديد (تفاصيل)    بيتصرفوا على طبيعتهم.. 5 أبراج عفوية لا تعرف التصنع    موعد مباراة منتخب مصر للكرة النسائية وغانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية    العثور على جثة «مجهول الهوية» على قضبان السكة الحديد بالمنوفية    رئيس وزراء لبنان: ملتزمون بإنهاء عملية حصر السلاح جنوب نهر الليطاني قبل نهاية العام    حجز الحكم على البلوجر علياء قمرون بتهمة خدش الحياء العام ل29 أكتوبر    النيابة العامة تنظم دورات تدريبية متخصصة لأعضاء "الأسرة".. صور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    البنك الأهلي يحصد شهادة التوافق لإدارة وتشغيل مركز بيانات برج العرب من معهد «Uptime»    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 139 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    نقابة السجون الفرنسية تندد بوجود ضباط مسلحين لحراسة ساركوزي داخل السجن    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    محمد بن سلمان يعزى ولى عهد الكويت فى وفاة الشيخ على الأحمد الجابر الصباح    مقتول مع الكشكول.. تلميذ الإسماعيلية: مشيت بأشلاء زميلى فى شنطة المدرسة    شبكة العباءات السوداء.. تطبيق "مساج" يفضح أكبر خدعة أخلاقية على الإنترنت    تجدد القصف الإسرائيلي على خانيونس وغزة رغم وقف إطلاق النار    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قتلة القضاة.. الإخوان يهددون ناجي شحاتة ورفاقه بمصير الخازندار
نشر في البوابة يوم 15 - 04 - 2015

أيديهم ملوثة بدمائهم منذ 1948و«البنا» أصدر أوامره بالتصفية بعد أحكام صدرت ضدهم
الجماعة الإرهابية لن تنسى أن القضاء كان سببًا أساسيًا في سقوط محمد مرسي
محمد حبيب: الجماعة قد تُنفذ عملياتها الخسيسة ضد الذين حكموا على القيادات بالإعدام
توالت أحكام الإعدام على قيادات جماعة الإخوان مؤخرًا، وتزايدت معها إشارات الجماعة إلى قضاة تلك الأحكام، باعتبارهم الوجه الآخر للقاضى الخازندار الذي دفع حياته ثمنًا للحكم بالإعدام على عدد من قيادات الجماعة عام 1948، وهو ما يطرح سؤالًا مهمًا: «هل يلقى هؤلاء مصير هذا القاضى؟، وهل يقدم التنظيم الذي ارتكب خلال الأشهر الماضية جرائم لا تُعد ولا تُحصى على اغتيال القضاة؟».
تشكيلات الإخوان توعدت باغتيال عدد من القضاة الذين يتولون النظر في قضايا الجماعة، مؤكدين أنهم حكموا على عدد كبير من قيادات الإخوان، ممن وصفوهم بالثوار في قضايا عنف بالسجن، وأحالوا أوراق عدد كبير من أنصار التنظيم إلى مفتى الجمهورية، وقالت حركة «العقاب الثورى»، التابعة للإخوان على الصفحة التابعة للتنظيم: «إنه واجب على الثوار استهداف القضاة الذين تولوا النظر في هذه القضايا»، مؤكدة أنهم استباحوا حرية مَن وصفتهم بالأحرار، على حد وصفها.
فيما أعدت الجماعة قائمة بعدد من القضاة، تمهيدا لاغتيالهم، تضم كل من لهم صلة بملفات الإخوان الكبرى، مثل رئيس محكمة جنايات الجيزة الذي قضى بالإعدام على قياداتٍ في الجماعة في قضايا عنف وإرهاب وقتل مواطنين، ومنهم كذلك المستشار محمد ناجى شحاتة، وقاضى «اقتحام السجون والهروب من سجن وادى النطرون»، المستشار شعبان الشامي، ورئيس محكمة جنايات المنيا، الذي أحال أوراق 529 إخوانيًا إلى المفتي، المستشار سعيد يوسف صبرى.
وجاء على القائمة أيضًا بعض من يشكل اغتيالهم بعدًا رمزيًا واضحًا، مثل رئيس نادي القضاة، المستشار أحمد الزند، ورئيس الدائرة 23 جنايات شمال القاهرة، التي تنظر قضية أحداث الاتحادية، المستشار أحمد صبرى يوسف، رئيس نادي القضاة بالسويس، والمستشار محمود كامل الرشيدي، الذي قضى ببراءة الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ورئيس مكافحة الفساد بالمكتب الفنى للنائب العام، ممثل النيابة في قضية الاتحادية، المستشار مصطفى خاطر، ومساعد وزير العدل لشئون التنمية الإدارية والمطالبة القضائية، المستشار عادل السعيد.
من جانبه، يرى الدكتور محمد حبيب، نائب المرشد السابق للإخوان، أن كل شيء وارد من الجماعة، ولا يستعبد أن تنفذ خلال الفترة المقبلة سلسلة من الاغتيالات بحق القضاة، ردًا على أحكام الإعدام بحق قيادات التنظيم، محذرًا من فكرة المظلومية التي يعيشها شباب الإخوان في الوقت الحالى، وتحرص القيادات على تعميقها بشكل كبير، قد تصل بهم إلى اغتيال القضاة، كما هو الأمر مع رجال الجيش والشرطة.
وقائع واغتيالات
الإخوان شرعوا خلال الأشهر القليلة الماضية في استهداف عدد من القضاة، وقاموا باستهداف نجل نائب رئيس محكمة استئناف القاهرة، محمد محمود السيد المرلى «26 سنة»، الحاصل على ليسانس حقوق، ومقيم بمنطقة حى الجامعة، بعد قيام ملثمين يستقلون دراجة نارية بإطلاق النيران عليه، وهو ما قاله شهود عيان، فيما روى آخرون منهم أن المستهدف من عملية الاغتيال كان والده الذي كان بصحبته أثناء نزوله من منزله.
وفى نهاية شهر فبراير، قام العشرات من أعضاء الجماعة الإرهابية بتنظيم تظاهرة أمام منزل المستشار حسين قنديل، عضو اليمين بمحاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي، وقيامهم بإطلاق الألعاب النارية والشماريخ، محاولين استهداف منزله لإرهابه وإثنائه عن المشاركة في محاكمة المعزول، إلى أن تدخلت قوات الشرطة، وقامت بتفريقهم، إضافة إلى قيام العشرات من الأهالي بمطاردة عناصر الجماعة الإرهابية، الأمر الذي أدى إلى وقوع اشتباكات عنيفة لقي على إثرها طفل مصرعه بعد إصابته بطلق ناري، كما ذهب الإخوان إلى منزل المستشار أحمد عبد النبي، قاضى محكمة جنح الإسكندرية، الذي أصدر حكما ابتدائيا بسجن بنات الإخوان من «حركة 7 الصبح»، وحاصروه وهددوه بالقتل قصاصًا للبنات.
تاريخ ملوث بالدماء
يد الإخوان لوثت عبر التاريخ بدماء القضاة في عدة وقائع، كانت أشهرها واقعة اغتيال القاضى أحمد الخازندار، حيث كانت هناك قضية كبرى على طاولته، تخص تورط جماعة الإخوان المسلمين في تفجير دار سينما مترو، وحدث الاغتيال يوم 22 مارس 1948، حيث اغتيل وهو يتوجه إلى مقر عمله في المحكمة بالقاهرة، ولما ألقى القبض على الجناة عُثر بحوزتهم ما يثبت أنهم ينتمون إلى الإخوان، بالرغم من أن حسن البنا تنصل منهم، ونفى انتماءهم إلى جماعته، لكن جاءت مذكرات الدُّكتور عبد العزيز كامل ليفضح المستور، رغم أن الرَّجل في كتابه «في نهر الحياة» دافع عن الإخوان، عندما طرحت قضية النُّقراشي التي اعتبرها مِن القضايا التي أرّقت الشيخ البنا.
فيما روى أحمد عادل كمال، أحد أهم قيادات النظام الخاص بالجماعة الإرهابية، شهادته عن اغتيال الخازندار، بقوله: «في الحقيقة كان الخازندار مستفزا لنا كشباب ممتلئ بالحماسة والغيرة على وطنه ودينه، أنا حضرت المحاكمة، وترافع فيها فتحى رضوان، وبنى دفاعه الأساسي على أن الشباب لم يفعلوا شيئا، والبوليس قبض عليهم في الشارع، ولم يكن هناك شهود فصرخ الخازندار: «دول مسكوا معاهم قنابل يا أستاذ؟ فرد رضوان: هذا دليل على أنهم لم يفجروها، فقال الخازندار: أومال كانت معاهم بتعمل إيه؟ قال رضوان: في هذه الليلة رميت قنابل كثيرة، رأى المتهم جسما غريبا في الشارع فأخذه كحب استطلاع، فوضعها في جيبه ليكتشفها البوليس فيما بعد، وقال فتحى رضوان: نفترض أنهم كانوا عايزين يضربوا.. يضربوا مين؟ هذا احتلال جاسم على نفوسنا طيلة 75 سنة، فرأيت الخازندار انتفض من على المنصة: إيه؟ إنت بتقول إيه يا أستاذ؟ دول حلفاء جاءوا ليدافعوا عنا وموجودين بموجب معاهدة شرف؟ إيه ده الله.. الله.. طلعت من المحكمة قلت: الراجل ده لازم ياخدوا معاه تصرف».
ويتابع قائلًا: «النقراشى كان لا يألو جهدا في ضرب العناصر الوطنية، التي تقاوم الإنجليز، والسير رونالد كامبل قال له في اتصال تليفونى: أنا واثق من أن سلطات الأمن تحت قيادتك تبذل ما في وسعها، للقبض على مرتكبى الحادث، وهنا أريد أن أقول: إن مجيء الخازندار إلى القاهرة لم يكن صدفة، كانت هناك في الإسكندرية قضية مماثلة لعدد من الشبان الوطنيين اتهموا بالاعتداء على جنود الحلفاء، ونظرت القضية أمام محكمة جنايات الإسكندرية، برئاسة أحمد بك الخازندار رئيس محكمة الاستئناف، وصدر الحكم ضدهم بأقصى عقوبة، فلما قبض على الإخوان الذين نفذوا عمليات الكريسماس، صدر قرار بنقل الخازندار ليشغل وظيفة رئيس محكمة استئناف القاهرة، وقدمت إليه القضيتان، قضية حسين ونفيس والمتهم فيها عبدالمنعم عبدالعال.
اغتيال الخازندار
في صبيحة الإثنين الموافق 22 من مارس عام 1948 في الساعة الثامنة والنصف صباحًا، خرج القاضى كعادته من منزله في شارع رياض باشا بحلوان، وكان يسير مُترجلا في طريقه إلى المحطة ليركب القطار إلى القاهرة، وبعد عدة خطوات من منزله، أطلق عليه الرصاص فسقط قتيلا في الحال، فقام الأهالي بتبليغ الأمر في الحال إلى الشرطة.
وبعد مطاردة عنيفة، استطاع البوليس بمساعدة الأهالي القبض على الفاعلين، وهما: «محمود سعيد زينهم طالب بمدرسة الصناعات الميكانيكية 21 سنة، وكان يقيم في شارع عباس بالجيزة، وكان أحد أبطال المصارعة في وزنه، وفاز بالبطولة عدة مرات، وترك التعليم الثانوى لتكرار رسوبه والتحق بالمدارس الصناعية»، أما الثانى فكان «حسن محمد عبد الحافظ 24 سنة، طالب بالتوجيهية، يسكن بالمنزل رقم 12 شارع نافع بن زيد بالجيزة، ومن المصادفات العجيبة أن يكون والدا القاتلين مدرسين للغة العربية».
قُيدت جريمة قتل الخازندار تحت «رقم 604 جنايات حلوان 1948م» ولقد أصدر النائب العام قرارا بحظر النشر في هذه القضية حتى تستكمل إجراءات التحقيق، وطبقًا لما سجله عبدالرحمن عمار، وكيل وزارة الداخلية في ذلك الوقت، حين أعد مذكرة تحرى قال فيها: «إن جماعة الإخوان ترمى إلى الوصول للحكم بالقوة والإرهاب، وأنها اتخذت الإجرام وسيلة لأهدافها، فدربت شبابًا من أعضائها، أطلقت عليهم اسم الجوالة (لم يكن التنظيم السرى اكتشف وقتها)، وأنشأت لهم مراكز رياضية تقوم بتدريبهم تدريبًا عسكريًا، وأخذت تجمع الأسلحة والقنابل والمفرقعات وتخزنها، وساعدها على ذلك ظروف حرب فلسطين التي استغلوا التبرعات الموجهة لها لشراء الأسلحة لتنفيذ مخططاتها، وخلصت إلى أن وجود هذه الجماعة يهدد الأمن العام.
وبعودة لرواية الدكتور عبد العزيز كامل عن مقتل الخازندار نجده يقول: «كنت في ربيع عام 1948 مدرسا في معهد المعلمين في أسيوط، وبعد مصرع الخازندار، جاءتنى رسالة عن اجتماع عاجل مع الأستاذ المرشد في القاهرة، واستأذنت عميد المعهد الأستاذ عبدالعزيز سلامة في السفر، ولم أكن أغيب عن عملى أو أعتذر، ونظر إلىِّ نظرة طويلة، ووافق على السفر في هدوء دون أن يسأل، وإنما طلب منى أن أحدد أيام الغياب، ولم أستطع فقال: سأحتفظ بخطاب الاستئذان عندى حتى عودتك، وأرجو أن تكون قريبة، وأن تطمئن على الأهل، وكن حريصًا والله معك». ويستمر الرجل في روايته فيذكر: «كانت عودتى إلى القاهرة مفاجأة للأهل، أمى وأخوتى، ولزمت الصمت، وذهبت إلى المركز العام، كان الاجتماع في حجرة المكتبة بالدور الثانى، هذه المكتبة التي تبرع بجزء كبير منها سمو الأمير محمد على توفيق ولى العهد وقتئذ، على إثر كلمات طيبة من سليمان متولى (بك)، مراقب عام المدارس الأميرية، فأرسلها مكتبة كاملة بخزانات الكتب، ولكن هذه الجلسة كانت ذات طبيعة خاصة، ولعلها من أعمق جلسات الإخوان أثرًا في نفسي، ولا زلت أذكر الأستاذ (يقصد الأستاذ حسن البنا) وجلسته، وعليه يبدو التوتر، أراه في حركة عينيه السريعة، والتفاته العصبي، ووجهه الكظيم، وإلى جواره قادة النظام الخاص عبدالرحمن السندى، رئيس النظام، وكان لا يقل توترًا وتحفزًا عن الأستاذ، ثم أحمد حسنين، ومحمود الصباغ، وسيد فايز، وأحمد زكي، وإبراهيم الطيب، ويوسف طلعت، وحلمى عبدالمجيد، وحسنى عبدالباقي، وسيد سابق، وصالح عشماوي، وأحمد حجازي، ومصطفى مشهور، ومحمود عساف».
ويواصل: «كان محور الحديث مصرع المستشار أحمد الخازندار، قال الأستاذ: إن كل ما صدر منه من قول تعليقًا على أحكام الخازندار في قضايا الإخوان، لو ربنا يخلصنا منه، أو لو نخلص منه، معنى لا يخرج عن الأمنية، ولا يصل إلى الأمر، فالأمر محدد، وإلى شخص محدد، وهو لم يصدر أمرًا، ولم يكلف أحدًا بتنفيذ ذلك، ففهم عبدالرحمن هذه الأمنية أمرًا، واتخذ إجراءاته التنفيذية، وفوجئ الأستاذ بالتنفيذ (كان البنا يوجه اللوم إلى قائد النظام الخاص عبد الرحمن السندى).
عداء تاريخي
لا شك أن هناك علاقة من العداء الكبير بين الإخوان والقضاء تشبه العلاقة بين الإرهابية ومعظم مؤسسات الدولة مثل الجيش والشرطة والإعلام، مرت تلك العلاقة بمراحل كثيرة، منها ما هو قديم وحديث، أما عن الأزمة الحديثة بين الإخوان والقضاء، فقد بدأت بعد الثورة عندما رفضت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية أوراق اعتماد خيرت الشاطر مرشحا للجماعة لرئاسة الجمهورية، لأنه لم يبرئ ساحته الجنائية من الحكم الصادر ضده في قضية تنظيم الأزهر، وكان هذا هو الموقف الأول، الذي اعتبرته الجماعة المحظورة تعنتا ضدها، لأنه تم استبعاد مرشحها الأساسى لرئاسة الجمهورية، وأيضا تم استبعاد كل من الراحل اللواء عمر سليمان، والشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، لازدواجية جنسية والدته، وكان رد فعل مؤيديه هو محاصرة محكمة القضاء الإدارى في سابقة لم تحدث في تاريخ القضاء، فلم يحدث أن تتم محاصرة محكمة بهذا الشكل الهمجى. في 14 يونيو 2012، وقبل أيام من تسلم محمد مرسي رسميا منصبه رئيسا للجمهورية، تم حل مجلس الشعب تنفيذا لقرار المحكمة الدستورية العليا ببطلان الانتخابات، وفى يوليو 2012 أصدر مرسي قرارا بعودة البرلمان، وفى 22 سبتمبر 2012 قضت المحكمة الإدارية العليا بأن مجلس الشعب قد زال وجوده بقوة القانون، وفى 10 إبريل 2012 اشتعل الصراع بعد أن أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكما بحل الجمعية التأسيسية للدستور بدعوى أنها ضمت أعضاء في مجلسى الشعب والشوري، وهو ما قالت المحكمة: إنه مخالف للمادة 60 من الإعلان الدستورى الصادر في مارس 2011، مما دفع البرلمان لتشكيل جمعية تأسيسية أخرى. ثم كانت الضربة القوية في 22 نوفمبر 2012 عندما أصدر مرسي إعلانا دستوريا مكملا تضمن حزمة من القرارات، أبرزها تحصين القرارات الرئاسية حتى انتخاب مجلس شعب جديد، وإقالة النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود واستبداله بالمستشار طلعت إبراهيم، وتحصين مجلس الشورى والجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، وإعادة محاكمات المتهمين في القضايا المتعلقة بقتل وإصابة وإرهاب المتظاهرين في أثناء الثورة، وانتقد المجلس الأعلى للقضاء الإعلان الدستورى واعتبره اعتداء غير مسبوق على استقلال القضاء وأحكامه، وهو ما أشعل الشارع السياسي. وعن جذور الأزمة التاريخية، فهى تعود إلى أوراق قدمها مؤسس الجماعة حسن البنا بتصور عن شكل سلطات الدولة ومهامها، ومنها السلطة القضائية، وكان أهم ما طرحه البنا في هذا المقام مبدأ استقلالية القضاء وسيادته، وكذلك مبدأ الفصل بين السلطات، وطالب «البنا» كثيرا بضرورة تعديل القانون وفقا للقانون، متناسيًا ضرورة فصل الأمور السياسية عن الدين، وربما ساهمت تلك الآراء في بداية خلق الأزمة بين الجماعة والقضاء. الإخوان لن ينسوا أن القضاة هو السبب الرئيسى في إسقاط محمد مرسي، فموقف القضاة من تجاوزات الإخوان هو من حشد الشعب في مواجهة الجماعة، فالقضاء استعصى على الإخوان، ولم يسمح باختراقه أو التدخل في شئونه، ووقف القضاة يدا واحدة ضد كل محاولات الإخوان للنيل من منصة العدالة، الإخوان كانوا يريدون قضاء مسيسا وفشلوا في ذلك، وهو ما ولد بداخلهم حقدا وضغينة.
من النسخة الورقية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.