الصحفيين تعلن تأجيل تشكيل هيئة المكتب واللجان ل 26 مايو    مشاجرة مسلحة بعين شمس بسبب خلاف بين أطفال    السيدة انتصار السيسى: سعدت اليوم بلقاء أبنائى من ذوى الهمم باحتفالية "أسرتى قوتى"    العروض غير الرسمية والتأشيرات.. تحذير بشأن الحج 2025    أحمد موسى يكشف عدد الشركات المشاركة في مشروع "مستقبل مصر"    بريطانيا تدعو للتحقيق في الهجوم الإسرائيلي على الدبلوماسيين بجنين    سفير أوكرانيا في القاهرة: اتفاق "المعادن النادرة" مع واشنطن إيجابي رغم اعتراض موسكو    بموافقة الشرع.. تفاصيل إعادة مقتنيات جاسوس إسرائيلي إلى تل أبيب    أحمد سالم يكشف آخر مستجدات الحالة الصحية لحسين لبيب.. وملف تجديد السعيد ومستحقات جوميز    الحماية المدنية بالشرقية تسيطر على حريق ضخم قرب برج ضغط عالي    الجمال المصري.. ياسمين صبري تخطف الأنظار بإطلالة جديدة في مهرجان كان    الجمعة.. قصور الثقافة تعرض "حيضان الدم" على مسرح طهطا    كيف كان مسجد أهل الكهف وهل المساجد موجودة قبل الإسلام؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    هل به شبهة ربا؟.. أمين الفتوى يحسم حكم البيع بالتقسيط وزيادة السعر (فيديو)    طريقة عمل كفتة اللحم بمكونات بسيطة ومذاق لا يقاوم    كواليس خروج مسمار 7 سم من رأس طفل بمعجزة جراحية بالفيوم -صور    الكويت ترحب بقرار الاتحاد الأوروبي القاضي برفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا    تذكرة ذهاب بلا عودة.. خطة إسرائيلية لإفراغ شمال غزة عبر مراكز توزيع المساعدات    الآن.. رابط نتيجة الصف الثاني الابتدائي 2025 في الجيزة (فور إعلانها)    «لا تلبي متطلبات العصر ».. «السجيني»: القوانين الاستثنائية القديمة تعيق حل الأزمة بين المالك والمستأجر    "فسيولوجيا فيه مشكلة".. نجل شقيقه يكشف أسباب عدم زواج عبد الحليم حافظ    المدن المتاحة في إعلان سكن لكل المصريين 7    مصرع طفل غرقا في ترعة الصافيه بكفر الشيخ    أول تعليق من ريال مدريد على إدانة خمسة أشخاص بجرائم عنصرية ضد فينيسيوس    هيئة الدواء: تلقينا 12 ألف استفسار منذ تفعيل منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة    افتتاح وحدة تكافؤ الفرص بالجامعة التكنولوجية فى بني سويف -صور    الزمالك يعلن في بيان رسمي توقيع اتفاقية لتسهيل تجديد العضويات    الشباب والتعليم تبحثان استراتيجية المدارس الرياضية الدولية    البورصة توافق على القيد المؤقت ل " فاليو "    مصر تدين إطلاق النار من قبل الجانب الإسرائيلي خلال زيارة لوفد دبلوماسي دولي إلى جنين    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 21-5-2025.. آخر تحديث    ضبط راكبين بأوتوبيس نقل جماعى تحت تاثير المخدرات.. فيديو    مصرع طفل غرقًا في مياه نهر النيل بكفر الشيخ    بعثة "الداخلية" تتوج خدماتها لحجاج القرعة بزيارة الروضة الشريفة.. فيديو    «غيّر اسمه 3 مرات».. حقيقة حساب أحمد السقا غير الموثق على «فيسبوك»    فيتسلار الألماني يعلن تعاقده مع نجم اليد أحمد هشام سيسا    طولان: إلغاء الهبوط لم يكن بسبب الإسماعيلي.. بل لمصلحة ناد آخر    وزارة الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة بعنوان "فتتراحموا"    استعداداً ل«الأضحى».. محافظ الفيوم يوجه برفع درجة الاستعداد القصوى    ماركو بونيتا: أسعى لتحسين تصنيف فراعنة الطائرة ولا أسمح بالتدخل فى اختيارات القائمة الدولية    وزير الخارجية يلتقى مع نظيره الزامبى على هامش الاجتماع الأفريقى الأوروبى    صحة الدقهلية: ختام الدورة التدريبية النصف سنوية للعاملين بالمبادرات الرئاسية    محافظ أسوان يشارك فى إحتفالية فرع الهيئة العامة للإعتماد والرقابة الصحية    قد يكون صيف عكس التوقعات.. جوارديولا يلمح بالرحيل عن مانشستر سيتي بسبب الصفقات    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 20 فلسطينيا على الأقل من الضّفة الغربية    فيديو يكشف طريقة سرقة 300 مليون جنيه و15 كيلو ذهب من فيلا نوال الدجوي    الرئيس السيسى ل الحكومة: ليه ميتعملش مصنع لإنتاج لبن الأطفال في مصر؟    مصادر طبية في غزة: 8 قتلى وأكثر من 60 إصابة نتيجة قصف إسرائيلي على جباليا وسط مدينة غزة    ضبط 7 أطنان دقيق مدعم قبل بيعه في السوق السوداء بالشرقية    لمواليد برج الحمل.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من مايو 2025    «التضامن الاجتماعي» تشارك في احتفالية «جهود الدولة في تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة» بالنيابة الإدارية    «بنسبة 100%».. شوبير يكشف مفاوضات الأهلي مع مدافع سوبر    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    وزير الثقافة يستقبل ولي عهد الفجيرة لبحث آليات التعاون الثقافي وصون التراث ويصطحبه في جولة بدار الكتب بباب الخلق    قبل أيام من حلوله.. تعرف على أبرز استعدادات السكة الحديد ل عيد الأضحى 2025    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    تحت ال50 .. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الأربعاء 21 مايو 2025    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قتلة القضاة.. الإخوان يهددون ناجي شحاتة ورفاقه بمصير الخازندار
نشر في البوابة يوم 15 - 04 - 2015

أيديهم ملوثة بدمائهم منذ 1948و«البنا» أصدر أوامره بالتصفية بعد أحكام صدرت ضدهم
الجماعة الإرهابية لن تنسى أن القضاء كان سببًا أساسيًا في سقوط محمد مرسي
محمد حبيب: الجماعة قد تُنفذ عملياتها الخسيسة ضد الذين حكموا على القيادات بالإعدام
توالت أحكام الإعدام على قيادات جماعة الإخوان مؤخرًا، وتزايدت معها إشارات الجماعة إلى قضاة تلك الأحكام، باعتبارهم الوجه الآخر للقاضى الخازندار الذي دفع حياته ثمنًا للحكم بالإعدام على عدد من قيادات الجماعة عام 1948، وهو ما يطرح سؤالًا مهمًا: «هل يلقى هؤلاء مصير هذا القاضى؟، وهل يقدم التنظيم الذي ارتكب خلال الأشهر الماضية جرائم لا تُعد ولا تُحصى على اغتيال القضاة؟».
تشكيلات الإخوان توعدت باغتيال عدد من القضاة الذين يتولون النظر في قضايا الجماعة، مؤكدين أنهم حكموا على عدد كبير من قيادات الإخوان، ممن وصفوهم بالثوار في قضايا عنف بالسجن، وأحالوا أوراق عدد كبير من أنصار التنظيم إلى مفتى الجمهورية، وقالت حركة «العقاب الثورى»، التابعة للإخوان على الصفحة التابعة للتنظيم: «إنه واجب على الثوار استهداف القضاة الذين تولوا النظر في هذه القضايا»، مؤكدة أنهم استباحوا حرية مَن وصفتهم بالأحرار، على حد وصفها.
فيما أعدت الجماعة قائمة بعدد من القضاة، تمهيدا لاغتيالهم، تضم كل من لهم صلة بملفات الإخوان الكبرى، مثل رئيس محكمة جنايات الجيزة الذي قضى بالإعدام على قياداتٍ في الجماعة في قضايا عنف وإرهاب وقتل مواطنين، ومنهم كذلك المستشار محمد ناجى شحاتة، وقاضى «اقتحام السجون والهروب من سجن وادى النطرون»، المستشار شعبان الشامي، ورئيس محكمة جنايات المنيا، الذي أحال أوراق 529 إخوانيًا إلى المفتي، المستشار سعيد يوسف صبرى.
وجاء على القائمة أيضًا بعض من يشكل اغتيالهم بعدًا رمزيًا واضحًا، مثل رئيس نادي القضاة، المستشار أحمد الزند، ورئيس الدائرة 23 جنايات شمال القاهرة، التي تنظر قضية أحداث الاتحادية، المستشار أحمد صبرى يوسف، رئيس نادي القضاة بالسويس، والمستشار محمود كامل الرشيدي، الذي قضى ببراءة الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ورئيس مكافحة الفساد بالمكتب الفنى للنائب العام، ممثل النيابة في قضية الاتحادية، المستشار مصطفى خاطر، ومساعد وزير العدل لشئون التنمية الإدارية والمطالبة القضائية، المستشار عادل السعيد.
من جانبه، يرى الدكتور محمد حبيب، نائب المرشد السابق للإخوان، أن كل شيء وارد من الجماعة، ولا يستعبد أن تنفذ خلال الفترة المقبلة سلسلة من الاغتيالات بحق القضاة، ردًا على أحكام الإعدام بحق قيادات التنظيم، محذرًا من فكرة المظلومية التي يعيشها شباب الإخوان في الوقت الحالى، وتحرص القيادات على تعميقها بشكل كبير، قد تصل بهم إلى اغتيال القضاة، كما هو الأمر مع رجال الجيش والشرطة.
وقائع واغتيالات
الإخوان شرعوا خلال الأشهر القليلة الماضية في استهداف عدد من القضاة، وقاموا باستهداف نجل نائب رئيس محكمة استئناف القاهرة، محمد محمود السيد المرلى «26 سنة»، الحاصل على ليسانس حقوق، ومقيم بمنطقة حى الجامعة، بعد قيام ملثمين يستقلون دراجة نارية بإطلاق النيران عليه، وهو ما قاله شهود عيان، فيما روى آخرون منهم أن المستهدف من عملية الاغتيال كان والده الذي كان بصحبته أثناء نزوله من منزله.
وفى نهاية شهر فبراير، قام العشرات من أعضاء الجماعة الإرهابية بتنظيم تظاهرة أمام منزل المستشار حسين قنديل، عضو اليمين بمحاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي، وقيامهم بإطلاق الألعاب النارية والشماريخ، محاولين استهداف منزله لإرهابه وإثنائه عن المشاركة في محاكمة المعزول، إلى أن تدخلت قوات الشرطة، وقامت بتفريقهم، إضافة إلى قيام العشرات من الأهالي بمطاردة عناصر الجماعة الإرهابية، الأمر الذي أدى إلى وقوع اشتباكات عنيفة لقي على إثرها طفل مصرعه بعد إصابته بطلق ناري، كما ذهب الإخوان إلى منزل المستشار أحمد عبد النبي، قاضى محكمة جنح الإسكندرية، الذي أصدر حكما ابتدائيا بسجن بنات الإخوان من «حركة 7 الصبح»، وحاصروه وهددوه بالقتل قصاصًا للبنات.
تاريخ ملوث بالدماء
يد الإخوان لوثت عبر التاريخ بدماء القضاة في عدة وقائع، كانت أشهرها واقعة اغتيال القاضى أحمد الخازندار، حيث كانت هناك قضية كبرى على طاولته، تخص تورط جماعة الإخوان المسلمين في تفجير دار سينما مترو، وحدث الاغتيال يوم 22 مارس 1948، حيث اغتيل وهو يتوجه إلى مقر عمله في المحكمة بالقاهرة، ولما ألقى القبض على الجناة عُثر بحوزتهم ما يثبت أنهم ينتمون إلى الإخوان، بالرغم من أن حسن البنا تنصل منهم، ونفى انتماءهم إلى جماعته، لكن جاءت مذكرات الدُّكتور عبد العزيز كامل ليفضح المستور، رغم أن الرَّجل في كتابه «في نهر الحياة» دافع عن الإخوان، عندما طرحت قضية النُّقراشي التي اعتبرها مِن القضايا التي أرّقت الشيخ البنا.
فيما روى أحمد عادل كمال، أحد أهم قيادات النظام الخاص بالجماعة الإرهابية، شهادته عن اغتيال الخازندار، بقوله: «في الحقيقة كان الخازندار مستفزا لنا كشباب ممتلئ بالحماسة والغيرة على وطنه ودينه، أنا حضرت المحاكمة، وترافع فيها فتحى رضوان، وبنى دفاعه الأساسي على أن الشباب لم يفعلوا شيئا، والبوليس قبض عليهم في الشارع، ولم يكن هناك شهود فصرخ الخازندار: «دول مسكوا معاهم قنابل يا أستاذ؟ فرد رضوان: هذا دليل على أنهم لم يفجروها، فقال الخازندار: أومال كانت معاهم بتعمل إيه؟ قال رضوان: في هذه الليلة رميت قنابل كثيرة، رأى المتهم جسما غريبا في الشارع فأخذه كحب استطلاع، فوضعها في جيبه ليكتشفها البوليس فيما بعد، وقال فتحى رضوان: نفترض أنهم كانوا عايزين يضربوا.. يضربوا مين؟ هذا احتلال جاسم على نفوسنا طيلة 75 سنة، فرأيت الخازندار انتفض من على المنصة: إيه؟ إنت بتقول إيه يا أستاذ؟ دول حلفاء جاءوا ليدافعوا عنا وموجودين بموجب معاهدة شرف؟ إيه ده الله.. الله.. طلعت من المحكمة قلت: الراجل ده لازم ياخدوا معاه تصرف».
ويتابع قائلًا: «النقراشى كان لا يألو جهدا في ضرب العناصر الوطنية، التي تقاوم الإنجليز، والسير رونالد كامبل قال له في اتصال تليفونى: أنا واثق من أن سلطات الأمن تحت قيادتك تبذل ما في وسعها، للقبض على مرتكبى الحادث، وهنا أريد أن أقول: إن مجيء الخازندار إلى القاهرة لم يكن صدفة، كانت هناك في الإسكندرية قضية مماثلة لعدد من الشبان الوطنيين اتهموا بالاعتداء على جنود الحلفاء، ونظرت القضية أمام محكمة جنايات الإسكندرية، برئاسة أحمد بك الخازندار رئيس محكمة الاستئناف، وصدر الحكم ضدهم بأقصى عقوبة، فلما قبض على الإخوان الذين نفذوا عمليات الكريسماس، صدر قرار بنقل الخازندار ليشغل وظيفة رئيس محكمة استئناف القاهرة، وقدمت إليه القضيتان، قضية حسين ونفيس والمتهم فيها عبدالمنعم عبدالعال.
اغتيال الخازندار
في صبيحة الإثنين الموافق 22 من مارس عام 1948 في الساعة الثامنة والنصف صباحًا، خرج القاضى كعادته من منزله في شارع رياض باشا بحلوان، وكان يسير مُترجلا في طريقه إلى المحطة ليركب القطار إلى القاهرة، وبعد عدة خطوات من منزله، أطلق عليه الرصاص فسقط قتيلا في الحال، فقام الأهالي بتبليغ الأمر في الحال إلى الشرطة.
وبعد مطاردة عنيفة، استطاع البوليس بمساعدة الأهالي القبض على الفاعلين، وهما: «محمود سعيد زينهم طالب بمدرسة الصناعات الميكانيكية 21 سنة، وكان يقيم في شارع عباس بالجيزة، وكان أحد أبطال المصارعة في وزنه، وفاز بالبطولة عدة مرات، وترك التعليم الثانوى لتكرار رسوبه والتحق بالمدارس الصناعية»، أما الثانى فكان «حسن محمد عبد الحافظ 24 سنة، طالب بالتوجيهية، يسكن بالمنزل رقم 12 شارع نافع بن زيد بالجيزة، ومن المصادفات العجيبة أن يكون والدا القاتلين مدرسين للغة العربية».
قُيدت جريمة قتل الخازندار تحت «رقم 604 جنايات حلوان 1948م» ولقد أصدر النائب العام قرارا بحظر النشر في هذه القضية حتى تستكمل إجراءات التحقيق، وطبقًا لما سجله عبدالرحمن عمار، وكيل وزارة الداخلية في ذلك الوقت، حين أعد مذكرة تحرى قال فيها: «إن جماعة الإخوان ترمى إلى الوصول للحكم بالقوة والإرهاب، وأنها اتخذت الإجرام وسيلة لأهدافها، فدربت شبابًا من أعضائها، أطلقت عليهم اسم الجوالة (لم يكن التنظيم السرى اكتشف وقتها)، وأنشأت لهم مراكز رياضية تقوم بتدريبهم تدريبًا عسكريًا، وأخذت تجمع الأسلحة والقنابل والمفرقعات وتخزنها، وساعدها على ذلك ظروف حرب فلسطين التي استغلوا التبرعات الموجهة لها لشراء الأسلحة لتنفيذ مخططاتها، وخلصت إلى أن وجود هذه الجماعة يهدد الأمن العام.
وبعودة لرواية الدكتور عبد العزيز كامل عن مقتل الخازندار نجده يقول: «كنت في ربيع عام 1948 مدرسا في معهد المعلمين في أسيوط، وبعد مصرع الخازندار، جاءتنى رسالة عن اجتماع عاجل مع الأستاذ المرشد في القاهرة، واستأذنت عميد المعهد الأستاذ عبدالعزيز سلامة في السفر، ولم أكن أغيب عن عملى أو أعتذر، ونظر إلىِّ نظرة طويلة، ووافق على السفر في هدوء دون أن يسأل، وإنما طلب منى أن أحدد أيام الغياب، ولم أستطع فقال: سأحتفظ بخطاب الاستئذان عندى حتى عودتك، وأرجو أن تكون قريبة، وأن تطمئن على الأهل، وكن حريصًا والله معك». ويستمر الرجل في روايته فيذكر: «كانت عودتى إلى القاهرة مفاجأة للأهل، أمى وأخوتى، ولزمت الصمت، وذهبت إلى المركز العام، كان الاجتماع في حجرة المكتبة بالدور الثانى، هذه المكتبة التي تبرع بجزء كبير منها سمو الأمير محمد على توفيق ولى العهد وقتئذ، على إثر كلمات طيبة من سليمان متولى (بك)، مراقب عام المدارس الأميرية، فأرسلها مكتبة كاملة بخزانات الكتب، ولكن هذه الجلسة كانت ذات طبيعة خاصة، ولعلها من أعمق جلسات الإخوان أثرًا في نفسي، ولا زلت أذكر الأستاذ (يقصد الأستاذ حسن البنا) وجلسته، وعليه يبدو التوتر، أراه في حركة عينيه السريعة، والتفاته العصبي، ووجهه الكظيم، وإلى جواره قادة النظام الخاص عبدالرحمن السندى، رئيس النظام، وكان لا يقل توترًا وتحفزًا عن الأستاذ، ثم أحمد حسنين، ومحمود الصباغ، وسيد فايز، وأحمد زكي، وإبراهيم الطيب، ويوسف طلعت، وحلمى عبدالمجيد، وحسنى عبدالباقي، وسيد سابق، وصالح عشماوي، وأحمد حجازي، ومصطفى مشهور، ومحمود عساف».
ويواصل: «كان محور الحديث مصرع المستشار أحمد الخازندار، قال الأستاذ: إن كل ما صدر منه من قول تعليقًا على أحكام الخازندار في قضايا الإخوان، لو ربنا يخلصنا منه، أو لو نخلص منه، معنى لا يخرج عن الأمنية، ولا يصل إلى الأمر، فالأمر محدد، وإلى شخص محدد، وهو لم يصدر أمرًا، ولم يكلف أحدًا بتنفيذ ذلك، ففهم عبدالرحمن هذه الأمنية أمرًا، واتخذ إجراءاته التنفيذية، وفوجئ الأستاذ بالتنفيذ (كان البنا يوجه اللوم إلى قائد النظام الخاص عبد الرحمن السندى).
عداء تاريخي
لا شك أن هناك علاقة من العداء الكبير بين الإخوان والقضاء تشبه العلاقة بين الإرهابية ومعظم مؤسسات الدولة مثل الجيش والشرطة والإعلام، مرت تلك العلاقة بمراحل كثيرة، منها ما هو قديم وحديث، أما عن الأزمة الحديثة بين الإخوان والقضاء، فقد بدأت بعد الثورة عندما رفضت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية أوراق اعتماد خيرت الشاطر مرشحا للجماعة لرئاسة الجمهورية، لأنه لم يبرئ ساحته الجنائية من الحكم الصادر ضده في قضية تنظيم الأزهر، وكان هذا هو الموقف الأول، الذي اعتبرته الجماعة المحظورة تعنتا ضدها، لأنه تم استبعاد مرشحها الأساسى لرئاسة الجمهورية، وأيضا تم استبعاد كل من الراحل اللواء عمر سليمان، والشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، لازدواجية جنسية والدته، وكان رد فعل مؤيديه هو محاصرة محكمة القضاء الإدارى في سابقة لم تحدث في تاريخ القضاء، فلم يحدث أن تتم محاصرة محكمة بهذا الشكل الهمجى. في 14 يونيو 2012، وقبل أيام من تسلم محمد مرسي رسميا منصبه رئيسا للجمهورية، تم حل مجلس الشعب تنفيذا لقرار المحكمة الدستورية العليا ببطلان الانتخابات، وفى يوليو 2012 أصدر مرسي قرارا بعودة البرلمان، وفى 22 سبتمبر 2012 قضت المحكمة الإدارية العليا بأن مجلس الشعب قد زال وجوده بقوة القانون، وفى 10 إبريل 2012 اشتعل الصراع بعد أن أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكما بحل الجمعية التأسيسية للدستور بدعوى أنها ضمت أعضاء في مجلسى الشعب والشوري، وهو ما قالت المحكمة: إنه مخالف للمادة 60 من الإعلان الدستورى الصادر في مارس 2011، مما دفع البرلمان لتشكيل جمعية تأسيسية أخرى. ثم كانت الضربة القوية في 22 نوفمبر 2012 عندما أصدر مرسي إعلانا دستوريا مكملا تضمن حزمة من القرارات، أبرزها تحصين القرارات الرئاسية حتى انتخاب مجلس شعب جديد، وإقالة النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود واستبداله بالمستشار طلعت إبراهيم، وتحصين مجلس الشورى والجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، وإعادة محاكمات المتهمين في القضايا المتعلقة بقتل وإصابة وإرهاب المتظاهرين في أثناء الثورة، وانتقد المجلس الأعلى للقضاء الإعلان الدستورى واعتبره اعتداء غير مسبوق على استقلال القضاء وأحكامه، وهو ما أشعل الشارع السياسي. وعن جذور الأزمة التاريخية، فهى تعود إلى أوراق قدمها مؤسس الجماعة حسن البنا بتصور عن شكل سلطات الدولة ومهامها، ومنها السلطة القضائية، وكان أهم ما طرحه البنا في هذا المقام مبدأ استقلالية القضاء وسيادته، وكذلك مبدأ الفصل بين السلطات، وطالب «البنا» كثيرا بضرورة تعديل القانون وفقا للقانون، متناسيًا ضرورة فصل الأمور السياسية عن الدين، وربما ساهمت تلك الآراء في بداية خلق الأزمة بين الجماعة والقضاء. الإخوان لن ينسوا أن القضاة هو السبب الرئيسى في إسقاط محمد مرسي، فموقف القضاة من تجاوزات الإخوان هو من حشد الشعب في مواجهة الجماعة، فالقضاء استعصى على الإخوان، ولم يسمح باختراقه أو التدخل في شئونه، ووقف القضاة يدا واحدة ضد كل محاولات الإخوان للنيل من منصة العدالة، الإخوان كانوا يريدون قضاء مسيسا وفشلوا في ذلك، وهو ما ولد بداخلهم حقدا وضغينة.
من النسخة الورقية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.