أكد عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، أن الجامعة العربية مؤسسة لها ميثاق ولوائح، وتقيم اجتماعات دورية في مواعيد محددة، وبالتالي تعمل كمنظمة إقليمية، تجمع العرب وتؤسس لعملهم المشترك، فى إطار العمل الإقليمي الأشمل ، قائلا:" الجامعة العربية بلورت موقف العرب في القضية الفلسطينية، وكان لها دور هام في بلورة أساس العلاقات العربية العربية، وليس فقط بالنسبة للقضية الفلسطنية، مشيرا إلى أن السنوات العشر الأخيرة كان للجامعة مواقف تمس نزع السلام العالمي، وحقوق الإنسان، والعلاقات مع أفريقيا وأسياو وأوروبا ، وأيضا الدفاع عن قضايا عربية متعددة ، ودعم الدول التي لها قضايا تتعلق بحقوقها . وأضاف موسى، في بيان اليوم الاثنين ، إن هناك قصورا فى فعالية تنفيذ قرارات الجامعة العربية، ولا يختلف ذلك عن كافة المنظمات الدولية، مشيرا الى أن الجامعة العربية مثل الأممالمتحدة، ولكن القرارات جميعا غير ملزمة، وهو أمر متكرر في الحياة الدولية والإقليمية، ولكن درجة الفعالية أقل من الزخم الذي تطرحه المواقف السياسية والإعلامية، كما هو الحال بالنسبة لكافة المنظمات العالمية ، قائلا:" القرارات غير الملزمة من الأممالمتحدة لها فعالية، في حين أن بعض قرارات الجامعة العربية لا يكون لها أي فعالية على الإطلاق. وأكد "موسى" أن درجة التنفيذ بدأت ترتفع وتيرتها، فخلال العشرين سنة الأخيرة كان هناك مشكلة العراق، وكان للجامعة العربية موقف كبير، وحضر جميع زعماء العراق للجامعة لمناقشة الوضع هناك، بهدف التأكيد على أن العراق جزء من العالم العربي، وبعد الغزو الأمريكي وتعيين مجلس رئاسي عراقي كان العراق مهتماً بعلاقته بالأممالمتحدة والجامعة العربية، بهدف اعتراف الدول العربية بأن النظام الجديد هو الممثل للعراق لديها. وقال "موسى" إن كل المكونات العراقية والطوائف تحدثت مع الدول العربية والجامعة حتى يصدر موقف جماعي تجاه النظام الجديد بالعراق وقبوله داخل الجامعة ، مشيدا بدور الجامعة العربية الكبير فى صياغة النص المفسر لعلاقة العراق بالدول العربية فى الدستور العراقى باعتبار أن العراق دولة مؤسسة لجامعة الدول العربية ملتزمة بميثاقها وقراراتها وهو النص الذى صدر به الدستور العراقي. واستطرد قائلا : "يوجد التباس في أذهان الكثيرين بشأن دور الجامعة العربية، وفى الواقع أنه لا يوجد اهتمام بملفات معينة على حساب آخرى وإنما تفرض الظروف مواضيع معينة أحيانا، مشيرا إلى شعور المواطن العربي بخطورة الأوضاع في المنطقة، بالنظر للتطورات الأخيرة بما فيها أفعال «داعش» غير المفهومة من ذبح وقتل، وبالطبع مع خطورة الأوضاع في سوريا، والانقسامات في ليبيا والوضع فى العراق وصعوبة انتخاب رئيس للبنان، ثم الوضع الخطير فى اليمن وكذلك التصريحات من بعض المسئولين الإيرانيين التي تقول إنها تسيطر على 4 عواصم عربية، أى إن الوضع غير طبيعي والحقيقة أننا لم نسمع أبدا عن مثل هذه الأحداث المتلاحقة من قبل . وتابع موسى: "العالم العربي يرى الأمر خطيرا للغاية، وكان ينتظر من دوله التحرك لمواجهة هذه الكارثة، مشيرا إلى أنه قبل القمة العربية الأخيرة نشأ تحالف كرد فعل للأزمة اليمنية، مؤكدا أن القمة الحالية انعقدت في وسط حالة حرب، وكانت القمة محل توافق واهتمام كبير من الرأى العام العربى، مما يوضح بأن الجامعة العربية وجودها مهم، لأنها منظمة يستطيع فيها العرب اتخاذ القرارات المصيرية التى تهم المنطقة بأكملها ، ولهذا وجودها ضروري . وحول شكل النظام الإقليمي الذي تحتاجه المنطقة الآن ، قال موسى: إنه يوجد أكثر من شكل ولكن المهم هو أن يجتمع العرب سويا على مختلف المستويات لدراسة الموقف، متسائلا:" هل صيغة الجامعة العربية تكفي أم نحتاج إلى صيغة مختلفة وأقوى؟ ، مؤكدا أنه على العرب ضرورة رؤية مستقبل العمل العربي المشترك والنظام الإقليمي خلال السنوات المقبلة، ووضع الخطط اللازمة لذلك ، هناك دول كبرى تبحث هذا الموضوع، ويجب أن ندرسه أيضا، وإلى أن يتم ذلك يجب أن تبقى الجامعة العربية قائمة، مؤكدا أن المحفز الرئيسي للتحرك السريع في الملف اليمني هو الحفاظ على أمن الخليج، وأمن الملاحة في البحر الأحمر بالإضافة إلى إبعاد اليمن عن التفكك، موضحا أن الأمور تصل تدريجياً إلى درجة من السخونة الإقليمية وَالتحدى للشعور العربى والتى أظهرته بعض المواقف من دول إقليمية ، مما جعل الدول العربية تتحرك من أجل إنقاذ اليمن كخطوة أولى . وقال موسى " أى أن ما يحدث فى اليمن قد يكون مقدمة لما سيحدث فى باقى نقاط الصدام فى الدول العربية التى تعانى من اضطرابات داخلية لافتا أن الوضع في سوريا وليبيا واليمن أصبح غير مقبول، وأضاف موسى، أن الدور الإقليمي يجب أن يعاد النظر فيه بطريقة مختلفة، فلابد أن يكون لنا سياسة إقليمة باعتبارات إقليمية وأن نوضح علاقاتنا مع بعض الدول كتركيا و إيران ، موضحا أن علاقتنا بإسرائيل الحكم فيها هو موقفها من القضية الفلسطينية، وهذه كلها مواقف يجب أن تدرس جيداً، سواء إيران أو تركيا أو إسرائيل، مشيرا إلى اقتراب إيران من عقد اتفاق مع الدول الكبرى بشأن الملف النووى وآثار ذلك على الوضع الإقليمي وسباق النفوذ . وأكد موسى، على موقف الدول العربية من ضرورة إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية لأنة إذا لم يتم إخلاء المنطقة من الأسلحة النووية يجب أن يدرس العرب كيفية التعامل مع وجود دولة تملك السلاح النووي هي إسرائيل. وقال الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية: إن إيران جزء من المنطقة، و لها طموحات في السيطرة على الدور الإقليمي، مؤكدا أن تصريحات الچنرال قاسم سليماني بالسيطرة على عدة عواصم عربية يمثل تحديا كبيرا للشعوب العربية ، مشيرا إلى أن الدور الإقليمى يجب أن يكون إيجابيا ويقوم على تفاعل و تفاهم إقليمى، مما يستلزم إعادة النظر فى عناصر النظام الإقليمى البازغ فى الشرق الأوسط لضمان فعاليته وإيجابياته بدلا من السلبيات القائمة . وأكد عمرو موسى على أن تركيا دولة مهمة فى المنطقة أيضاً وعليها أن تشعر بأهمية العرب، قائلا:" تركيا تعلم أهمية مصر، وأنه لن يكون هناك مشروع إقليمي بالمنطقة بدون مصر، مؤكدا أنه ليس من حق تركيا التدخل فى الشأن الداخلى المصرى و لذلك عليها إعادة النظر فى سياستها تجاه مصر ، قائلا: "إن تركيا أرادت التدخل في الشأن الداخلي المصري ، وهو ما أدى لتدهور العلاقات التركية المصرية، مؤكدًا على أن الشأن الداخلي لمصر خاص بها وحدها. وأوضح أمين جامعة الدول العربية السابق، أن الجامعة العربية تعاملت مع الربيع العربي بوقوفها مع الشعوب صاحبة الرغبة في التغيير، مشيرا إلى موقف الجامعة من الثورات العربية اختلف وفقا لخصوصية كل دولة ، حيث تدخلت جامعة الدول العربية فى الشأن الليبى بشكل سريع نظرا لتعرض عشرات الألوف من المدنيين هناك لأسوء أشكال القصف والقمع بينما إذا نظرنا للوضع السورى فالأطراف بها لم تتعاط بصورة إيجابية مع الزخم العربى والدولى و المآسى الانسانية المعروفة. أما عن كيفية إيجاد حل للأزمة فى ليبيا قال موسى لابد: إن يكون للدول المجاورة لليبيا دور فى حل الأزمة سياسيا وأن تكون أيضا جزءِ من الحوار مع الليبيين لإنقاذ الموقف ، مشيرا إلى أن الأممالمتحدة تحاول أن تعيد الجميع إلى مائدة الحوار مرة أخرى . كما أوضح موسى، أن الوضع فى سوريا خطير للغاية و حل الأزمة السورية سيكون بإسهام عربي، لافتًا إلى أن لا أحد يتمتع بقوة أكبر من بين الأطراف المتنازعة في سوريا، موضحا أن الأطراف الغربية تتحدث فى هذة القضية من منطلق مصالحها فقط، فأحيانا تعتبر أن الرئيس بشار الأسد جزء من المشكلة و أحيانا أخرى جزء من الحل ، قائلا:" الحل لابد أن يكون بإسهام عربى كبير بالإضافة للاستعانة بصيغة جينيف 1التى يمكن أن تكون أساسا يجتمع حوله و يتفاوض علية الأطراف السورية للخروج من الأزمة مع إشراف مجلس الأمن . وتعليقا على أصعب المهام التى واجهها موسى أثناء توليه منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية"، قال :"لدي تجربة ثلاثية، ولكل تجربة مزاياها، والأولى كانت بعد الغزو العراقي للكويت، وأيضا القضية الفلسطينية، وكنت وزير خارجية مصر حينها وكان لدي موقف في هذا، وله صداه الشعبي والدولي، علما بأننى كنت وما زالت غير مطمئن لتصرف الدول الغربية في إدارة عملية السلام بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي أما التجربة الثالثة قد تتعلق بالموقف الناجم عن ثورات ما يسمى بالربيع العربية التى فرضت تغيرا جذريا على الوضع فى المنطقة". وقال موسى: إنه يتوقع عندما تبدأ القوة العربية العمل سينضم إليها عدد قليل من الأعضاء وبعدها يتوقع أن تنضم دول عربية أخرى لتصبح القوة ذات فعالية ودور دفاعي فعال ، وأشار "موسى" إلى تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى، بأن قوة الدفاع المشترك ليست موجهة ضد دولة بعينها مما يعنى إنها قوة عربية دفاعية لحفظ السلام فى المقام الأول. وبشأن العلاقة مع الولاياتالمتحدة ذكر موسى أنه لابد من إعادة تعريف هذه العلاقة وبالذات الامريكية المصرية ، أن العلاقات يجب أن تكون إيجابية لأنها دولة عظمى وليس من الحكمة أن تكون العلاقات على الدوام متوترة أو بها شكوك، ويجب العناية بها وأن تكون صريحة وواضحة. وأوضح موسى، أن المفاوضات فى فلسطين لا يمكن أن تتم حاليا إلا بإيقاف الاستيطان الإسرائيلى، مؤكدا أن انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية، سيعزز من موقفها لاحقًا حين تتوجه للأمم المتحدة مرة أخرى، وسيزيد الاعتراف الدولي بها كدولة . كما أشار موسى إلى أنه لا يمكن اتخاذ الاتحاد الأوروبى كنموذج للوصول إلى الوحدة فى المنطقة العربية و ذلك نظرا لاختلاف الثقافة و الثقل الاقتصادى و السياسى مطالبا بضرورة إقامة علاقات قوية مع الاتحاد الأوروبى فيما يتعلق بالتواصل مع الدول الأوروبية والاستفادة من قدراتها الإدارية وخبراتهم الاقتصادية ، حتى نتمكن من الوصول إلى نفس مستوى الاتحاد فى المستقبل.