بيزنس بآلاف الجنيهات سنويا كل شيء فيه مباح ومباع، وتغلب فيه سطوة المال على قيم العلم والعمل، لتتحول الجامعات إلى ساحات ومرتع للفساد وتزداد المأساة عندما تتجسد في كليات عريقة يشار لها بالبنان وعلى رأسها كليات الهندسة.. أنه بيزنس مشاريع التخرج ! فهل أصبح شراء مشاريع التخرج الخاصة بكليات الهندسة والمعاهد العليا الهندسية موضة تمارس بين الطلاب من منطلق الكسل أم الفشل أم صعوبة ما يطلبه الأساتذة من طلابهم في تصميم تلك المشاريع؟. بورصة مشاريع التخرج تزدهر خلال هذه الايام تأهبا لتسليم مشاريع التخرج خلال شهرى أبريل ومايو، مما ساعد إلى وصول أسعار مشاريع التخرج في بعض الحالات إلى 4 آلاف جنيه للطالب الواحد، ويصل سعر المشروع إلى 40 ألف جنيه، وذلك في كليات الهندسة، كما وصل الانحدار إلى حد رشوة أستاذ المادة في المعاهد الهندسية، مما دفع "البوابة نيوز" لفتح هذا الملف للتحقيق. يقول س. ل طالب بكلية الهندسة جامعة عين شمس: إننا كطلاب نلجأ إلى المكاتب الاستشارية لإعداد مشاريع التخرج نظرا لصعوبة تنفيذها وعدم توافر الوقت أو الإمكانيات للتنفيذ، مؤكدا أن التكلفة التي يدفعها الطالب تختلف وفقا لطبيعة المشروع والكم الذي انجزه الطالب بنفسه، مؤكدا أنه من الممكن أن تصل تكلفة المشروع إلى 20 ألف جنيه. أما ت-ك- طالبة بكلية الهندسة جامعة القاهرة قسم المدنى، أنها دفعت ما يزيد على 4 آلاف جنيه لإحدى المكاتب لاتمام الجزء الموكل لها مؤكدة أنه من الصعب أن يقوم الطالب بإعداد مشروع التخرج بنفسه، لاحتياجه أدوات غير متوافرة بجانب صعوبة خروج المشروع بشكل احترافى يلقى إعجاب الأساتذة. وأكد ا-م طالب بكلية الهندسة أن الأساتذة على يقين أن هذه المشروعات تم إعدادها بواسطة مكاتب متخصصة، ولا يمكن للطالب إعدادها بنفسه، ولكنهم لا يتدخلون إطلاقا، مشيرا إلى أن هناك مشروعات تخرج تتعدى تكلفتها 5 آلاف جنيه وهذا أمر متعارف عليه منذ سنوات. والتقطت ه-ل اطراف الحديث، قائلةً أن مكتبة شهيرة نقوم بالتعاقد معها لإعداد مشروع التخرج وتقوم هي بالتعاقد مع المهندسين وتعتبر أقل تكلفة من المكاتب الاستشارية، مؤكدة أنه لا يجوز اتهام الطلاب بالفشل للجوء لشراء مشاريع التخرج، في وقت لا يوجد تعليم حقيقيى أو تدريب عملى، فالدراسة تنصب على العموميات في الغالب والخطوط العريضة في وصف المساقات" وبالتالي عرض مادة علمية منزوعة الدسم، على حد قولها. أكد الدكتور أحمد فرحات، رئيس مركز الجودة بكلية الهندسة جامعة القاهرة وأستاذ العمارة بالكلية أنه من المتعارف عليه انتشار بيع مشاريع التخرج لطلاب كليات الهندسة لذلك يتم انتداب أساتذة من كليات الهندسة بالجامعات الأخرى لامتحان الطلاب في مشاريع التخرج الخاصة بكل طالب، وسؤالهم في كل فرع من فروع التصميم، مؤكدا أن المادة الوحيدة التي يرسب فيها الطالب وتتسبب في إعادة العام الدراسي بالكامل وهي مادة مشروع التخرج، وذلك لأن هناك العديد من الطلبة يقومون بتقديم مشاريع غاية في الدقة، ولكن خلال الامتحان لا يستطيع الطالب أن يقوم بشرح ما قام برسمة مما يكشف عن وجود فساد. وأضاف أن بعض الخريجين، والمهندسين القدامي يقومون باستئجار بعض الشقق القريبة من كليات الهندسة لعمل مشاريع التخرج للطلبة حيث يتربح هؤلاء الخريجين مئات الآلاف من تلك المشاريع، مشيرا إلى أن كلية الهندسة جامعة القاهرة تقوم بمتابعة الطالب في مشروع التخرج مرتين في الأسبوع للتأكد من أن كل خطوة في مشروع التخرج قام بها الطالب. وتابع الدكتور أحمد فرحات، أنه في حالة تورط الخريجين أو ضبطهم سيكونون تحت طائلة القانون ولكن لا يستطيع الطالب أن يقوم بالإبلاغ لأنه هو المستفيد من وجود تلك الشقق وهؤلاء المرتزقة، مشيرا إلى أن هناك العشرات من الطلاب نقوم بإكتشاف سرقة مشروعهم من مشروع آخر أو أنه قام بشرائه من إحدى المكتبات المهمة أو عن طريق الشقق سالفة الذكر، ولذلك يكون هناك العديد من الراسبين بسبب ذلك التجاوز. أضاف مصدر بالتعليم العالي أن المعاهد الهندسية بها تلاعب كبير في مشروعات التخرج، وذلك لأن الأستاذ المكلف بمشروع التخرج هو من يتابع الطلبة في المشروع، وفي العديد من الأوقات يقوم الطلبة برشوة استاذ المادة للحصول على الدرجة النهائية، مشيرا إلى أنه لا يوجد رقابة على المعاهد الهندسية في مشروعات التخرج وخاصة ما يقوم بة الطالب حيث أن المعاهد التكنولوجية تقوم بتقديم مشاريع خاصة عن الطاقة الشمسية أو فلاتر لتنقية الأتربة في مصانع الاسمنت أو المياه. كما أكد مصدر آخر بوزارة التعليم العالى أن الظاهرة برزت منذ سنوات ولكنها تضاعفت، بسبب ضعف المناهج والتدريس بالكليات العملية بشكل كبير، وضعف الطلاب الخريجين، مشيرا إلى أن هناك توسعا في أعداد الكليات على حساب المادة العملية والتدريب الذي يكاد يقل تدريجيا وهو ما ظهر هذا جليا في عدم وجود بيئة جامعية صحية. وأشار الدكتور صلاح عبد العظيم محمد، أمين عام جامعة عين شمس، إلى أنه بسبب البطالة التي تزداد يومًا بعد يوم بين الشباب الجامعي، يستغل بعض الشباب قدراتهم على طرح أفكار لمشاريع التخرج وبيعها للطلاب، مؤكدا أن مشروعات التخرج التي تكون بلا مراجع، بجانب عدم قدرة الطالب على مناقشتها تثبت أن الطالب ليس من أعد مشروعه، مؤكدا أن الجامعة حتى الآن لم ترصد مشاريع تخرج تم بيعها من قبل مراكز و"سناتر" إعداد مشاريع التخرج، ولكن نظرًا لانتشار لافتات بيع وإعداد مشاريع التخرج بمنطقة مول الزعفران والسناتر المحيطة لجامعة عين شمس، مناشدا المصنفات الأدبية والفنية ملاحقة تلك المراكز لعدم وصول الحال بمشاريع التخرج إلى بيعها كما تباع رسائل الماجستير والدكتوراه. وأشارعبد العظيم إلى أن الجامعة تشدد على مراجعة مشاريع التخرج تحسبًا للجوء الطلاب لتلك المراكز، وفتح تحقيق ببيع مشاريع التخرج حال وجود أي حالة هذا العام، وناشد الطلاب عدم التعامل مع هذه المراكز.