تشهَد مدينة أبو ظبي اليوم أولى فعاليات المؤتمر العالمي للصحة، الذي تتواصل فعالياته على مدى خمسة أيام، وتجتمع فيه الأطراف المعنية بمكافحة التبغ من مختلف القطاعات من شتى أنحاء العالم، وذلك للمرة الأولى التي يستضيف فيها إقليم شرق المتوسط فعاليات هذا المؤتمر العالمي. ويقول الدكتور علاء الدين العلوان، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط: «إن هذه لحظة تاريخية في رحلة مكافحة التبغ ومسيرة الصحة العمومية، إذ تدلل بكل وضوح على الرغبة الواضحة وتبعث برسالة تؤكِّد مدى الالتزام والدعم السياسيَّين على أرفع المستويات إزاء مكافحة التبغ من أجل حماية صحة مجتمعاتنا وتعزيزها». ويدور المؤتمر هذا العام حول موضوع الأمراض غير السارية ومكافحة التبغ؛ فالأمراض غير السارية، وعلى رأسها أمراض القلب والسرطانات وداء السكّري وأمراض الرئة المزمنة، هي أحد تحدّيات الصحة العمومية الأكثر إلحاحًا التي تواجه العالم، ولا يُستثنَى منه إقليمنا. وبحسب بيانات منظمة الصحة العالمية أن الأمراض غير السارية هي السبب الرئيسي في الوفيات المبكِّرة حول العالم وأن 82% من تلك الوفيات تحدث حاليًا في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، ومن بين 38 مليون شخص ماتوا بسبب الأمراض غير السارية في عام 2012، بلغ عدد الوفيات المبكِّرة التي كان يمكن تجنُّبها 16 مليونًا، أي 42% من هذا العدد، بعد أن كان 14.6 مليون حالة وفاة في عام 2000. ويمكن تجنُّب وقوع معظم الوفيات الناجمة عن الأمراض غير السارية من خلال التصدّي لعوامل الخطر الرئيسية الأربعة، وهي تعاطي التبغ، والنظام الغذائي غير الصحي، والخمول البدني، وتعاطي الكحول على نحو ضار، ومن بين الإجراءات المهمة المتتالية لمحاصرة وباء الأمراض غير السارية: الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة التبغ (التي احتفلنا بالذكرى السنوية العاشرة لها الشهر الماضي)، ومبادرة السياسات الست MPOWER (التي تدعم تنفيذ الاتفاقية الإطارية)، والإعلان السياسي للأمم المتحدة بشأن الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها. ويتابع الدكتور العلوان: «إننا نُدرك ما علينا فعله؛ وقد وثَّقنا كل التدابير الفعَّالة والمفيدة في مجال مكافحة التبغ، ودعَّمناها بالبيِّنات والبراهين، وفَهِمنا أبعادها». ولذا، فنحن نعلم أن علينا الآن ترجمة البيِّنات والبراهين والمعارف إلى أفعالٍ وإجراءات عملية حتى نتمكَّن من توفير الحماية للمزيد من الأشخاص، ولاسيَّما الشباب، من أضرار التبغ التي لا تخفى على أحد منّا. وتشمل الإجراءات المطلوب اتخاذها رصد هذا الوباء عن كثب ومتابعة أيضًا أنشطة دوائر صناعة التبغ الرامية لتقويض جهود المكافحة،حماية الأفراد من التدخين السلبي، تقديم المساعدة للأشخاص الراغبين في الإقلاع عن التدخين، فرض تدابير الحظر التام والشامل على جميع أنشطة الدعاية والإعلان والترويج وعلى رعاية تلك الأنشطة،زيادة قيمة الضرائب (واحدة من أقوى الأدوات لمحاصرة تعاطي التبغ). ويؤكد الدكتور العلوان: «إننا قادرون على اتخاذ إجراءات أكثر وأفضل من أجل حماية الأفراد من بلاء الأمراض غير السارية، ولكننا نواجه دوائر صناعة التبغ التي تتصف بالشراسة ووفرة التمويل ولا تألو جهدًا في سبيل تقويض مكافحة التبغ على كل الجبهات، وكلما صعَّدنا من إجراءات المكافحة، زادت هي من أساليب التحايل لديها»، موضحًا أننا نواجه منتجات جديدة ومستحدثة لم يتسنَّ بعد حماية الأفراد من تأثيراتها. وأنهي الدكتور العلوان بيانه الصادر منذ قليل ب «إننا لن نقف مكتوفي الأيدي أمام عامل الخطر الأكثر فتكًا في العالم، ولن نغُض الطرف عن المصالح الاقتصادية التي تقف وراءه، وسنكون له بالمرصاد فلا يحصد أرواح الناس، فمعًا نضع حدًا لهذا الوباء».