دائما هناك مسئول عن الخطأ، سواء كان بقصد أو غير قصد، وفي الحالتين تتم محاسبة هذا المسئول، وتوقيع الجزاء عليه، وتتدرج العقوبة بحسب ما يترتب عن الخطأ من خسائر. إن ما حدث الأسبوع الماضي من حريق هائل شب في مركز القاهرة للمؤتمرات هو أمر جلل لا يمكن السكوت عنه ولا التهاون مع المتسبب فيه، أو المسؤول عنه. ولا أعرف أي دولة تتعامل مع منشأة بحجم مركز المؤتمرات بهذه الرعونة، وتهدد صناعة تدر دخلا كبيرا للدولة، وتفتح بيوت آلاف الأسر من ورائها. مركز للمؤتمرات لا يوجد به نظام إنذار وإطفاء للحرائق، أو على وجه أدق، نظام معطل لم يغن ولم يسمن من جوع، تكلف الملايين ليقوم بعمله في حالة الحريق، وكلف أيضا الملايين بسبب عدم كفاءته، أو عدم صيانته. السيدة نجوى رشاد رئيس هيئة المعارض، والمسؤول الأول عن المركز، خرجت بتصريحات كفيلة بإقالتها فورا دون أدنى تفكير، خرجت السيدة نجوى- حسب ما نشر بالصحف - لتؤكد أن المركز لا يوجد به نظام ذاتي للإطفاء، وأن بسالة موظفيها حالت دون امتداد النيران بسرعة أكبر للقاعات المجاورة، وأن الحريق شب في غرفة مغلقة، وليس صحيحا أن ماسا كهربائيا هو سبب الحريق. السيدة نجوى التي تعلم تماما - في اعتقادي- أهمية الكيان الذي تقوم على إدارته، تقر وتعترف بأن المركز لا يوجد به نظام إطفاء ذاتي، وأتساءل ماذا فعلت السيدة الجليلة منذ أن تولت هذا المنصب، لم نسمع لها تصريحا أو نرى لها مطلبا حول وجوبية توافر مثل هذه النظام في المركز. هي تعلم جيدا أن هناك أرضا للمعارض تم هدمها منذ عام 2010 ، لكي يتم بناء منطقة معارض عالمية، تقتحم بها مصر السوق العالمية، وهي تعلم أيضا أن مركز القاهرة لا يكفي ولا يصلح لاستيعاب المعارض المحلية، فما بالنا بالعالمية، ومع ذلك لا حس ولا خبر للسيدة المسؤولة. وإلقاء اللوم كله على السيدة نجوى فيه نوع من الغبن، فالسيد الوزير منير عبدالنور وزير التجارة والصناعة، هو من انتدبها في هذا المنصب لمدة 6 أشهر - انتهت المدة فعليا في منتصف يناير 2015 – حتى تعيين رئيس جديد للهيئة، ويبدو ان مشغوليات وزير التجارة والصناعة كبيرة، فنسى تعيين الرئيس الجديد. في الدول المتقدمة، والتى نتطلع أن نصبح مثلها، يبادر المسؤول إلى الاعتراف بمسؤوليته وتقديم استقالته، لكننا نتطلع أن نصبح دولة كبيرة فقط في الحقوق، بدون تقديم ما علينا من واجبات. سيادة الرئيس، ان إقالة المسؤول عن الخطأ الجسيم، ينبغي ان يكون ضمن أساليب الإدارة في مصر الجديدة التي ننشدها ونتمناها، يجب أن يعرف كل مسؤول ان هناك عقابا حازما وشديدا ينتظره إذا تقاعس عن أداء وظيفته. ان تبرير نجوى رشاد بأن مركز المؤتمرات لا يوجد به نظام ذاتي للاطفاء -ان كان صحيحا- ، كارثة لا يمكن السكوت عنها ، اذا فكم منشأة حيوية في مصر، ننتظر بين ليلة وضحاها ان تتحول إلى كتلة رماد؟ سيادة الرئيس.. ان التقدم للحصول على ترخيص لمزاولة نشاط صناعي في غرفتين، يتطلب موافقة الأمن الصناعي، وتنفيذ مواصفات الحماية اللازمة، فما بالنا بمركز القاهرة للمؤتمرات؟ ان إلقاء المسؤولية على نظام فاسد رحل عنا، كما أوحت تصريحات رئيس الهيئة ،أمر غير مقبول ، فهي جاءت للمنصب من داخل الهيئة، ومع ذلك لم تبادر بشيء لتصحيح الأوضاع، والوزير أيضا يعلم حالة مركز المؤتمرات، فقد كان مكتبه الوزاري يقع بداخلها وقتما كان يشغل حقيبة السياحة منذ سنوات. سيادة الرئيس.. إن الجهذ المبذول والواضح للجميع لجذب الاستثمارات والارتقاء بالوطن وبالمواطن، يشوهه إهمال وتقاعس بعض المسؤولين الذين للأسف ليسوا على قدر وحجم المسؤولية التي تخوضها مصر حاليا. سيادة الرئيس.. إن الحرب على الإهمال يجب أن تكون على نفس المساواة مع الحرب على الإرهاب، فكلاهما يدمر الوطن، فما الفرق بين قتل مواطنين بتفجيرات هنا وهناك، وقتل مواطنين نتيجة إهمال ورعونة مسؤول.