سقطت جامعة الأزهر في فخ الاتهام بالإرهاب والتحريض على العنف، بسبب ما لحق بالجامعة من أعمال عنف بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي، كانت فيها الجامعة ساحة قتال ابتعدت فيها عن العلم والبحث والدراسة. علماء الأزهر وخاصة أساتذة علوم الشريعة، استمروا في الدفاع عن الأزهر ومناهج الجامعة من تهمة «الأخونة»، وبالرغم من ذلك ظل هذا الاتهام يلاحقهم خلال العامين الماضيين ولم يتمكنوا من نزع التهمة عن الجامعة وهو ما يؤكد استمرار المعاناة التي لحقت بعلماء الشريعة. علماء الأزهر وأساتذة الجامعة، أكدوا على صمودهم في دفع هذا الاتهام وتبرئة علوم اللغة والشرع من التحريض على الإرهاب، قائلين: إن العيب في من يصدرون العلم في بعض كليات الجامعة وليس في علوم الشريعة والفقه والسنة، كما وضحوا موقفهم من العنف والإرهاب ومن مناهج الإخوان. مستشار شيخ الأزهر: نعيش "مصيبة".. ومناهجنا قادرة على الصمود ضد الإرهاب يقول الدكتور محمد مهنا، أستاذ القانون الدولى بكلية الشريعة والقانون ومستشار شيخ الأزهر، إن حملات التشويه لم نجد لها تفسيرًا أو مغزى، مشيرًا إلى أن ما نعيشه الآن «مصيبة» عظيمة، فليس هناك ضمير نجده في هذه المرحلة التي تعيشها الأمة وهى تتلمس الطريق نحو البناء وسط مخاطر الداخل والخارج. وتابع مهنا: مناهج الأزهر ليست هي الهدف كما يزعم هؤلاء في هجومهم، فالهجوم عليها يستعصى على الفهم، فالتفرد الذي عليه الأزهر يعود إلى منهجه العلمى الأصيل الذي جعله قبلة العلم، فضلًا عن تطلع مسلمى العالم إلى بشارته وكلمته ورأيه في تبديد الشبهات، أما عن دور الأزهر فالجميع يقر بأن دوره هو صفوة تاريخ مصر التي هي صفوة تاريخ العالم الإسلامى، التي تحطم أعداء الإسلام على صخرتها المنيعة، ومناهجنا مازالت قادرة على الصمود في وجه الإرهاب. وأضاف مهنا: إن إمامة الأزهر وعلماءه هي الدافع الذي دفع هؤلاء الحاقدين إلى محاولات التشويه والنيل من علماء الأزهر الذين يمثلون الداعم الأقوى لمصر في حربها ضد المحاربين للإسلام والمحاولين تشويهه. موضحًا أن الفقه والوسطية التي تبناها الأزهر في زمانه، وما زال يعمل على نشرها، هي من أنجبت العلماء ومازالت تنجبهم حتى الآن. وشدد على أن الأزهر ومناهجه هما من صدرا علماء قادوا البشرية للتقدم في العلوم الدينية والدنيوية، موضحًا أن السلفيين يرون أن فقه الدليل فوق فقه المذاهب الذي هو من صميم الإسلام، وإن كانوا غير مؤهلين في ذلك فهم لا يملكون الملكات التي ملكها هؤلاء الأئمة الذين حفظوا التراث، أو علماء الأزهر الأجلاء، فليسوا أهلًا للدليل ومعرفة النصوص وبيانها فهاجموا السنة وسحبوا على النوافل إلى حكم الفروض، وجعلوا من الحلال والحرام كفرًا وإيمانًا، وباتوا يدخلون من شاءوا الجنة ومن شاءوا النار، مشوهين الإسلام الحنيف وحضارتنا العريقة. وتابع مهنا: هناك تيارات تشاركهم في النهج نفسه كالتيارات العلمانية التي يستند أصحابها إلى الافتراضات والتفاصيل التافهة دون ضلوع في التحليل المتعمق، متجاهلين المنهج العلمى في النقد الأدبى والعلمى الذي يدعون تبنيه. عميد كلية أصول الدين: طلاب "الإخوان" بالجامعة 20% وتأثيرهم "منعدم" يقول الدكتور بكر زكى عوض، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، إن هناك هجمة شرسة تعرض لها الأزهر الشريف من قبل جماعة الإخوان منذ وصولهم للحكم وحتى الآن، مرجعًا ذلك إلى أن الجامعة بمثابة نقطة الانطلاق نحو المشيخة والسيطرة على الأزهر الشريف على حد رؤيتهم. ويضيف عوض، الجامعة لا تدرس أفكارا متطرفة ولم تخلق إرهابًا لا في السابق ولا في القادم، لأنها ببساطة تستمد مرجعيتها من وسطية الإسلام والرحمة التي أرسل بها النبى محمد، موضحًا أن الكليات الشرعية للأزهر تلعب دورًا مهمًا في تصحيح مفاهيم العقيدة، وثوابت الدين الذي يسعى البعض لتشويهها من خلال التمسح ببعض الأفراد الذين لا يمثلون حجة على الإسلام، وليسوا بأصحاب رسالة مقدسة، ولا أصحاب عصمة لكى يطاعوا وتؤخذ أقوالهم حجة على المسلمين وعلى الإسلام. وتابع عوض: المسلمون يؤمنون بالكتاب والسنة - ما صح قوله عن النبي- لكن ما لم يصح فعقولنا تستطيع أن تفرق بين ما صح عن رسولنا وما لا يصح، لافتًا إلى أن اجتهاد العلماء جزء من رحمة الإسلام ففى اختلافهم واجتهادهم باب لمساعدة العامة من الناس في فهم بعض النصوص التي تستعصى عليهم من قرآن وسنة، حتى لا تحمل على تأويلات خاطئة وتوظف في صناعة فزاعة تنفر منها. وأشار عوض إلى أن ما تعانيه جامعة الأزهر اليوم، هي محاولة لاستغلال طلاب الكليات الشرعية من أصول الدين واللغة العربية والإعلام والشريعة والقانون، في إحداث فوضى، وحينما فشلت بات اليوم الحديث عن مناهج أزهرية تصدر العنف وتخلق إرهابًا، وهو ما لا يجب ترديده عبر وسائل الإعلام فمناهج الأزهر ما زالت كما هي، وقد سبق لها أن أنجبت العلماء الوسطيون الذين يجوبون الأرض بوسطيتهم وعلمهم دفاعًا عن الإسلام والمسلمين، مؤكدًا أن العنف لم يظهر إلا خلال عامى 2012، 2013 حينما وصل الإخوان إلى الحكم وظنوا أنهم ملكوا الأرض فسعوا فيها فسادًا، وقاموا بزرع أناس ليسوا من الأزهر في شيء ليقوموا بتحويله إلى منبر لنشر أفكارهم في استغلال لسلطتهم - وقتها- ولكن سرعان ما انقضى بزوال ملكهم، ولم يكن من بين الأزهريين من ضل طريقه سوى بعض المنتمين إليهم فكرًا كالقرضاوى والبر، ومن المنتسبين إلى السلفية وهم قلة لا تقارن بخريجى الأزهر. وأضاف، هناك محاولة للتأثير على سمعة الأزهر الشريف وجامعته كونه قبلة استقبال ملايين الطلاب من أكثر من 100 دولة إسلامية متواجدة في جامعته ومعاهده التي تحمل لواء الوسطية عن طريق إشاعة الفوضى والخراب مما يؤثر سلبيا على قدوم هؤلاء الطلاب الوافدين وهو ما لم يحدث بحمد الله. وحول مناهج الأزهر، أشار إلى أن طالب الأزهر يعطى كل الآراء الفقيهة المتعلقة بالمسألة ومن ثم العمل على ترجيح أي منها بما يتناسب مع الفكر الوسطى الذي يتبناه الأزهر الشريف، مؤكدًا أن علماء الأزهر يراعون في الترجيح بين أقوال الفقهاء من المتقدمين أمورًا أهمها الزمان والمكان، ومراعاة نصوص القرآن والسنة المتواترة، فالأزهريون لا يكفرون مرتكب الكبائر، وهو عندهم ليس بالمخلد في النار أو الناجى من دخولها بل هو عندنا من المذنب الذي يوكل أمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له. وشدد عميد أصول الدين، على أن هناك عزيمة لدى علماء الأزهر على تصحيح الفكر الخاطئ والعنف الذي عليه طلاب الجماعات المتشددة والمتطرفة، من خلال الرد على كل الأكاذيب التي ينشرونها بين الطلاب، مستطردا التعامل اللين والدعوة للحوار لا مجال لتقديمها الآن فهم لا يستمعون ولن ينصتوا ما دام هناك قوى منحرفة تدعوهم إلى العنف، مؤكدًا أن طلاب الأزهر محصنون وأن هناك قلة فقط هي من تحاول تصوير المشهد بأنه مضطرب تدعمهم جهات أجنبيه وقنوات فضائية تحرض على العنف، مردفا هناك نحو 20٪ فقط من طلاب الجامعة ينتمون إلى الإخوان، أما الطلاب الآخرون فينبذ أفكارهم وأفعالهم التي تتنافى مع صحيح الدين الذي لا يدعو إلى العنف أو التخريب أو الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة التي يدفع ثمنها الأبرياء. عميدة الدراسات الإنسانية: نحرص على تفنيد مزاعم الإرهابيين ودعاة التطرف «كنا فريسة لهجمات طالبات الإخوان، والجامعة شهدت خلال العام الماضى ما لم يحدث خلال تاريخها.. تعرض أساتذة فرع البنات للإهانة، وكدنا نفقد أرواحنا».. بهذه الجمل بدأت الدكتور نجلاء أمين، عميدة كلية الدراسات الإنسانية حديثها عن الإرهاب. مشيرة إلى أنه تمت مواجهة ذلك بكل شجاعة، لأن المرأة في عصر صدر الإسلام كانت تشارك في المعارك بجانب الرجل ومعركتنا الآن هي حماية الجامعة. وقالت: لا ألوم على الطالبات لأنهن تعرضن للاستغلال، واللوم كله على من يحرضهن. ولكن لا أعلم من أين جاءتهن الجرأة لكى يقمن بتخريب كلياتهن غير مباليات بأن الجامعة بيت أغلى وأهم من أرواحهن. لكن نحتسب كل الخسائر عند الله لأن العلم وحمايته واجب علينا. وأضافت عميدة الدراسات الإنسانية، أن الأزهر وجامعته يعدان نبراسا للوسطية السمحة التي رفع لواءها الإسلام الرحيم، وليس بالسيف كما يروج دعاة الإرهاب المنتمون لداعش وغيرهم ممن يحاولون تشويه صورة الإسلام في الغرب تحديدًا. وأوضحت أن الجامعة تقوم بدورها في تقويم طلاب الأزهر المنتمين إلى تيار الإسلام السياسي عموما والإخوان خصوصا من خلال ترسيخ مفاهيم الوطنية والرحمة وحب مصر التي لا تقل أهمية في الإسلام عن مكة. فقد ذكرت دون غيرها من البلاد ما يجعل مكانتها عند الله عظيمة، وأشارت إلى أن الأزهر لا ينبغى أن يُهاجم كونه يدرس أفكار الجماعات المتطرفة والإرهابية وغيرها من الأفكار والمعتقدات التي تبناها الملاحدة وأتباع الديانات الأخرى، لأنها تدرس لطلاب الدراسات العليا إعمالا بالمنهج العلمى الذي يقتضى التوسع ومعرفة أفكار الآخر للرد عليها وفق أسس منهجية. وتابعت: إن بعض ممن يهاجمون الأزهر وجامعته لا يدرون أن أغلب جامعات العالم تدرس الإسلام بجميع مذاهبه، ولا أحد يعتبر في ذلك خطورة على معتقد أبنائهم. عميدة الدراسات الإسلامية بنات ل"البوابة": الطلاب المتطرفون يستمدون أفكارهم من خارج الأزهر كانت كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات، مسرحا لممارسات إرهابية، تعرضت لها عميدة الكلية وزميلاتها من الأساتذة، حيث واجهن أشد ألوان المعاناة من ممارسات طالبات الإخوان ضدهن. الدكتورة مهجة غالب، عميدة كلية الدراسات الإسلامية بنات، قالت: إن الأزهر يعانى فقط من طلاب استمدوا أفكارهم من قوى التشدد والتطرف، وهم من يقومون بإشاعة الفوضى والتخريب داخل الحرم الجامعى دون غيرهم، مؤكدة أن الأزهر بخير دائما بما يملكه من رجال وسطيين حملوا لواء الدفاع عن الوسطية التي جاء بها رسول الإسلام. وأضافت، أن الإسلام هو دين الوسطية، ليس بالغلو ولا بالتهاون وهذا نهج الأزهر الشريف منذ تأسيسه وإلى الآن، فالرسول، صلى الله عليه وسلم، ما خيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما، وهذا يجعلنا بحاجة إلى أن نهدأ جميعا لنبنى بلدنا، وكل إنسان مهما صغرت سنه، فله دور في بناء هذا الوطن وليس تخريبه. وشددت غالب على أن وسائل الإعلام والمفكرين مطالبون بدعم الأزهر الشريف في مواجهة حملة التشويه والنيل من مكانته بدلا من المساهمة في تغذية هذه الحرب التي ابتدعها الإخوان والمتطرفون أثناء حكمهم للبلاد، لافتة إلى أن الإخوان سبق أن اتهموا الأزهر بتلك الفرية وحاولوا القضاء على منهجه، وإقحام أناس ليس لديهم أي دراية بالوسطية، وفرض أتباع لهم على غرار عبدالرحمن البر، الذي هو من الأزهر لكنه شأن العناصر الإخوانية التي تخضع لمؤثراتهم ومنهجهم غير المتزن. واستطردت عميدة الدراسات الإسلامية قائلة: إن طالبات الإخوان يتعمدن الإساءة لهذا الصرح لما تربين عليه من أفكار خارجة، وأنهن بحاجة إلى مزيد من الجهد كى يتم تقويمهن من خلال العمل على إعادة تنشئتهن على الوسطية الأزهرية، وأن يلتفتن إلى دروسهن والعلم الأزهرى دون الاستماع لهؤلاء الدعاة المزيفين عبر الفضائيات. مهجة أكدت على أن المناخ العام يعانى من التردى، وأن الطلاب والطالبات يقعون فريسة الاستغلال من قبل التيارات المتشددة، مؤكدة أن هؤلاء الطلاب يأتون إلينا من محافظات مصر الفقيرة، التي يقع سكانها تحت سيطرة التيارات المتشددة. عميد كلية الشريعة الأسبق: «الإرهابيون» يتحايلون على نصوص الشرع «لتبرير» جرائمهم «الأزهر ليس متهما كى يدافع عن نفسه وعن مناهجه التي أخرجت علماء الوسطية، الذين ينشرون الإسلام السمح الوسطى في أفريقيا وآسيا وقارات العالم أجمع»، هذا ما أكده الدكتور رشاد حسن خليل عميد كلية الشريعة الأسبق بالأزهر، وأن مناهج الأزهر بريئة تماما من الأعمال الإجرامية، التي يقوم بها تنظيم «داعش» الإرهابى. وأوضح خليل أن الجماعات الإرهابية تستند إلى بعض النصوص الموجودة في كتب التراث لتبرير أفعالها الإجرامية، كما أنها لا تأخذ هذه النصوص على علتها بل تأخذها مبتورة والضعيف منها ليقولوا بعد ذلك إنها موجودة بكتب الأزهر، مؤكدا أن مناهج الأزهر التي تُتهم بالإرهاب موجودة منذ نشأة الأزهر الشريف ولم تكن سببا في وجود إرهاب في السابق، ولم يخرج من المعاهد والكليات الأزهرية من هم أعضاء في التنظيمات الإرهابية. وشدد عميد الشريعة والقانون الأسبق على أن الأزهر سعى لتصحيح العقيدة الفاسدة وحارب الأفكار الهدامة التي تبناها وأولها البعض رغبة في مُحاربة الإسلام، بل إنه حمل على عاتقه الدفاع عن سنة النبى محمد، وحماية كتب التراث من محاولات التشوية وكيل الاتهامات بالباطل. من النسخة الورقية