الملف يرصد إرهاب الجماعة منذ نشأتها ويضم قائمة بضحاياها من الجيش والشرطة والمدنيين "بروكسل" رفضت منح أعضاء الجبهة تأشيرات سفر بتأثير من عناصر "إخوانية" موجودة في بلجيكا كنت حاضرًا منذ البداية مع الصديق محمد سعد خير الله، مؤسس الجبهة الشعبية لمناهضة أخونة مصر، عندما فكر في أن يكون مع أعضاء جبهته جزءًا من الدبلوماسية الشعبية، تولدت الفكرة لديه بأن يقوم بجولات في عدة دول أوربية، يعرض على أصحاب القرار والمؤثرين على أصحاب القرار هناك حقيقة جماعة الإخوان المسلمين، التي لم تستسلم لإرادة الشعب المصرى، وقررت أن ترفع شعار «إما أن نحكمكم بالنار أو نحرقكم بها». الفكرة تبلورت أكثر لدى الجبهة وتم طرحها بالفعل في لقاء عقده رئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب مع وفد أعضائها في مكتبه في 9 أكتوبر 2014، ووقتها رحب محلب بالفكرة وأثنى عليها، بل أبدى استعداده لدعمها، على اعتبار أن الدولة وحدها لن تكون قادرة على مواجهة مخططات الإخوان في تحويل الباطل إلى حق، بل سيكون الشعب مطالبًا هو أيضًا بالقيام بدور. كانت الصورة المتوافرة لدى الجبهة الشعبية لمناهضة الأخونة، أن وفود الدبلوماسية الشعبية يتصدرها هواة، يحرصون على التصوير حرصهم على الحياة، يذهبون إلى منتديات دولية ومنظمات عالمية، ويشاركون في فعاليات مؤثرة، لكنهم لا يرددون إلا كلامًا إنشائيا لا قيمة له، لا يمكن أن يسمعه العالم، معتقدين أنهم يمكن أن يؤثروا على العالم لمجرد أنهم يرددون كلامًا منمقًا أو منظمًا، ثم إن هناك من بين أعضاء وفود الدبلوماسية الشعبية من يعملون لمصالحهم الخاصة التي لا يمكن أن يضحوا بها من الأساس، ولذلك فهم يوازنون بين ما يجب أن يقوله لمصلحة مصر، وما يقولونه بالفعل للحفاظ على مصالحهم، واستمرار تدفق التمويل إلى جيوبهم، والنتيجة أن ثمار هذه الوفود تأتى مشوهة تمامًا لا قيمة لها ولا فائدة ترجى منها. لذلك فكر القائمون على الجبهة أن يكونوا جزءًا من محاولات توضيح الصورة أمام العالم، خاصة أنهم يمتلكون ما يدل على ارتكاب الإخوان لأعمال إرهابية بالصوت والصورة، فقد بذلت الجبهة مجهودًا مضنيًا في تتبع كل ما يتعلق بالإخوان المسلمين، وكان لها دور كبير في كشف ملف الأخونة، حيث لديهم ولا تزال قوائم كاملة بأعضاء الإخوان الذين يسيطرون على مفاصل عديدة في الدولة. كان المهندس إبراهيم محلب جادًا جدًا، عندما قال إنه سيتبنى الفكرة التي طرحتها الجبهة الشعبية لمناهضة الإخوان، تحول الاقتراح إلى جدول عمل يستوجب أن تكون هناك إجراءات واضحة، وبالفعل، تم عقد عدة اجتماعات بين أعضاء الجبهة، وعلى رأسهم محمد سعد خير الله ومسئولون في وزارة الخارجية المصرية للتنسيق، وتحديد شكل مساهمة الجبهة في عرض ملفات الإخوان على دوائر عالمية محددة. بعد عدد من الاجتماعات والمناقشات واطلاع وزارة الخارجية على ما لدى الجبهة من مستندات وأوراق وردود على كل ما يوجه للثورة المصرية في 30 يونيو، تم الاتفاق على أن الوجهة الأولى للجبهة هي بروكسل، حيث مقر البرلمان الأوربي، وتم تحديد يوم 24 فبراير 2015 لسفر وفد من الجبهة، ليلتقى في بروكسل عددًا من أعضاء البرلمان، وليشارك في جلسات استماع داخله. بمجرد موافقة رئيس الوزراء على الفكرة، وأثناء الاجتماعات التحضيرية للزيارة التي أجريت في وزارة الخارجية، عكف أعضاء الهيئة على إعداد ملف متكامل يرصد إرهاب جماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها، وحتى لحظة دخول الوفد الشعبى إلى البرلمان الأوربي، وتم إعداد قائمة كاملة بشهداء مصر من رجال الجيش والشرطة والمدنيين، الذين سقطوا على يد الجماعة الإرهابية... وكذلك المصابين الذين ألحقت بهم تفجيرات الإخوان أضرارًا بالغة. تم الاتفاق على تحويل كل الجرائم التي ارتكبتها جماعة الإخوان إلى فيلم وثائقى، يقدم معلومات كاملة عن كل العمليات الإرهابية وأعمال الاغتيالات التي نفذتها الجماعة، وهو ما حدث بالفعل، فهناك فيلم لدى الجبهة نحو 25 دقيقة، رصدوا فيه كل جرائم الإخوان، وتم الاتفاق أيضًا على أن يعرض الفيلم كاملًا داخل البرلمان الأوربي، وتم تكليف السفير إيهاب فوزى سفير مصر في بروكسل بالتنسيق من أجل تسهيل عرض الفيلم، وهو ما حصل على وعد به بالفعل. حتى الآن ونحن أمام محاولة وطنية شريفة تقوم بها جبهة شعبية تساندها في ذلك الحكومة ممثلة في وزارة الخارجية، والعمل يقوم على قدم وساق، لكن ولأنه ليس كل ما يريده المرء يدركه، فقد بدأت العواصف من أمام مقر السفارة البلجيكية في القاهرة. يحلو لمحمد سعد خير الله مؤسس الجبهة الشعبية أن يصف ما جرى في مقر السفارة البلجيكية بالمهزلة، ولأنه بطل القصة هنا، فإننى سأسير خلفه وأصفها بالمهزلة أيضًا، حتى قبل أن أسرد تفاصيلها. بدأت وقائع المهزلة عندما توجه وفد الجبهة الشعبية الذي تم الاستقرار عليه ليسافر إلى بروكسل، إلى مقر السفارة البلجيكية في القاهرة، حرص الوفد على أن تكون كل أوراق أعضائه كاملة، استوقفهم أمن السفارة ليسألهم عما يريدون، فأخبروه أنه جرى اتصال بين وزارة الخارجية المصرية والسفارة، ويعرف مسئولو السفارة أن الوفد قادم، ويعرف أيضًا ماذا يريد، لكن الأمن تجاهل الأمر، فاتصل أحد أعضاء الوفد بالخارجية التي عاودت الاتصال مرة أخرى بالسفارة، ودخل الوفد لتبدأ رحلة استيفاء الأوراق. تبادلت الجبهة مع السفارة البلجيكية أوراقًا عديدة، ووصل الأمر بالفعل إلى أن السفارة طلبت من أعضاء الجهة تأكيد حجز الفندق الذي سينزلون فيه في بروكسل، على أن يكون الحجز مدفوع الثمن بالكامل، وهو ما تم بالفعل، واعتبر أعضاء الجبهة أن الأمر انتهى تمامًا، وأنه لا يفصل بينهم وبين الحصول على تأشيرة السفر شىء، فالسفارة جادة وتنهى إجراءاته، وتهتم بتفاصيل ما سيجرى، وعليه فلا يوجد أدنى عائق أمام السفر. لم يكن هذا ما حدث بالفعل، كانت هناك مفاجأة في انتظار أعضاء وفد الجبهة الشعبية، فقد أرسلت السفارة البلجيكية جوازات سفر أعضاء الوفد على عنوان مؤسس الجبهة محمد سعد خير الله، لكن دون الحصول على تأشيرات السفر، أما المفاجأة التي كانت أقرب إلى النكتة البايخة، في أن سبب عدم منح الوفد التأشيرات هو عدم تحديد سبب الزيارة. هل نفهم من ذلك أنه بدأ التلكيك البلجيكى؟ يبدو أن هذا ما حدث بالفعل. لا تركز قليلًا في أن وفد الجبهة الشعبية الذي ذهب إلى السفارة في المرة الأولى كان قد تحدث مع المسئولين هناك عن سبب الزيارة بشكل كافٍ، ركز فقط في أن السفير إيهاب فوزى سفيرنا في بروكسل كان قد اتصل بمؤسس الجبهة مؤكدًا عليه أنه تواصل مع مسئولين في الخارجية البلجيكية وأخبرهم بسبب الزيارة، كما أن السفير كريم مختار المكلف من قبل الخارجية المصرية بإنهاء إجراءات السفر كان قد أخبر سعد خير الله بأن الخارجية أجرت 5 اتصالات وأرسلت إيميلات رسمية لإدارة الإعلام بالسفارة، تم التأكيد خلالها جميعًا أن الوفد سيزور بروكسل ضمن الدبلوماسية الشعبية، وأنه سيقوم بعرض ملف عن الإخوان المسلمين أمام البرلمان الأوربي. ما حدث كان مزعجًا للجميع للجبهة وللخارجية، فطبقًا للأعراف الدبلوماسية فاتصال واحد أو إيميل واحد لينهى الموضوع كله، وكان من المفروض أن يحصل الوفد على تأشيرات بالسفر، لا أن يتم إرجاع جوازات السفر مشفوعة بأن سبب الزيارة غير محدد. ما الذي جرى بالتحديد؟ عبر مصادر دبلوماسية تم التأكد من أن الجبهة الشعبية عندما أعلنت من خلال القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية، بأنها تعد لأكبر ملف عن جرائم وانتهاكات وإرهاب الإخوان المسلمين تمهيدًا للعرض على البرلمان الأوربي، تحركت عناصر من جماعة الإخوان المسلمين موجودة في بلجيكا من أجل إفشال الزيارة أو على وجه التحديد عدم تنفيذها من الأساس، وأن الخارجية البلجيكية رأت أنه من الأفضل ألا يأتى الوفد، وهو ما جعلها تصدر أوامرها لسفارتها في القاهرة بأن تتولى تعطيل مهمة الوفد تمامًا. الخميس الماضى 19 فبراير توجه محمد سعد خير الله مؤسس الجبهة ورئيس الوفد إلى مقر السفارة البلجيكية في القاهرة، لم يأخذ موعدًا من أحد هناك، ولم يطلب من أحد من الخارجية أن يتحدث أو يحصل له على موعد، قرر أن يواجه الأمر على الأرض، حمل معه جوازات أعضاء الوفد، ووقف أمام باب السفارة، طلب منهم أن يدخل، قالوا له إنه جاء دون موعد، ولن يقابله أحد، نقل سعد ما جرى إلى أحد المسئولين في وزارة الخارجية، أجرى اتصالًا بالسفارة سمحوا بعده لسعد أن يدخل ويسلم الجوازات، أراد أن يعرف منهم مصيرها، قالوا له: يوم الأحد سنرد عليك. الأحد غدًا ليس بعيدًا عنا، وهناك وعد أن يحصل أعضاء الوفد وهم محمد سعد خير الله مؤسس الجبهة، وإبراهيم محمود مسئول ملف التعليم بها، وعلى شركس مسئول الجبهة في أوربا، والدكتور نجيب جبرائيل منسق العلاقات الخارجية للجبهة... مع ملاحظة أن يوم تسليم التأشيرات الذي حددته السفارة هو نفسه يوم السفر، لكن أعضاء الوفد قرروا أن يظلوا مع السفارة البلجيكية حتى باب البيت. هذا عن الكلام الرسمى... التأشيرات يوم الأحد، أما عن الكلام غير الرسمى، فهنا يمكن أن نتحدث ولا حرج، فقبل أن يخرج سعد خير الله من السفارة قيل له إن المشكلة ليست هنا في القاهرة، الأزمة هناك في بروكسل، الخارجية البلجيكية متحفظة على سفركم. هنا نأتى إلى النقطة الأهم، فنحن أمام وفد شعبى، يريد فقط أن يسافر لعرض ملف الإخوان، وما فعلوه وارتكبوه من جرائم على البرلمان الأوربي، ونحن كذلك أمام حالة من التعنت والرفض والتعطيل لسفر هذا الوفد المدعوم من الخارجية المصرية، فهل الجماعة الإرهابية وصلت إلى هذه القوة، أم أن السفارة البلجيكية متواطئة مع الإخوان إلى هذه الدرجة، هل لدى السفارة تفسير لتعطيل الوفد، أم أنها ستلتزم الصمت كالعادة؟. من النسخة الورقية