كلاهما بدأ كتاباته عام 1978 أورهان باموق، كتب جودة بك وابناءه، وإبراهيم عبد المجيد كتب في الصيف السابع والستين. وأيضًا قام كلاهما بكتابة الرواية التاريخية حيث حضر تاريخ اسطنبول في رواية اسمي أحمر، كما حضر تاريخ الإسكندرية في رواية لا أحد ينام في الإسكندرية. وأوضح الكاتب العالمي أورهان باموق خلال استضافاته في مهرجان القاهرة الأدبي في دورته الأولى، أنه كروائي ليس معنّي بالتاريخ بشكله المعتاد، ولكنه يهتم بالتفاصيل الدقيقة التي تدور بين الأشخاص، والأماكن المختلفة، تسجل نفسها في الذاكرة الشخصية، مضيفًا أنه حينما كتب رواية "اسمي أحمر" لم يخطر بباله أنه يكتب عن اسطنبول، لكنه كان معني بالكتابة عن الشخصيات التي تعيش في المكان، فالروائي يعبر عن نفسه من خلال نسيج المدينة، والأماكن تكون بمثابة فهرس الزمان، مضيفا أنه حين يرى شجرة جميلة يتذكر معها الحبيبة، ولكن إذا تم قطع هذه الشجرة يشعر أن الحبيبة اصبحت في طي النسيان، لأن اختفاء المكان يعني الإصابة بفقدان للذاكرة. من الجانب الآخر أوضح الكاتب الكبير إبراهيم عبد المجيد خلال فعاليات مهرجان القاهرة الأدبي أن في ثلاثية الإسكندرية كان المكان حاضرًا، مضيفًا أن هناك ثلاث تحولات كبرى أصابت المدينة، واخفت ملامحها تماما، وتتلخص هذه التحولات الثلاثة في فترة الحرب العالمية الثانية، وكانت حينها الإسكندرية بمثابة عاصمة للعالم، لأنها ضمت في شوارعها جنسيات وأديان وطوائف مختلفة وهذا ما عبرت عنه في رواية لا أحد ينام في الإسكندرية، ثم اختفاء هذه المدينة العالمية، لتظهر لنا الإسكندرية المصرية التي عاشت ثورة 52، ورحيل كل الجاليات الأجنبية عنها، ووضحت في رواية طيور العنبر، وأخيرًا الجزء الثالث والأخير من الثلاثية ونقطة التحول الأخيرة، وظهور مدينة جديدة بعيدة كل البعد عن العالمية والمصرية، وتظهر المدينة القبيحة الوهابية، وهذا ما عرضته في رواية الإسكندرية في غيمة. وأضاف عبد المجيد أن المكان هو الأصل والإنسان هو ابن المكان، ففي رواية البلدة الأخرى كانت أول جملة فيها انفتح باب الطائرة فرأيت الصمت، لأن طبيعة المكان هو الصحراء، عكس لا أحد ينام في الإسكندرية التي كانت مليئة بالصخب والمدافع والصواريخ والغارات الجوية إبان الحرب العالمية الثانية. ويرى باموق أن كتابة رواية تاريخية يعد تأريخ جديد للمدينة ولكن بوجهة نظر شخصيات الرواية، فهو لا يهتم بتاريخ الحكام، لأنه مهموم بالسردية العامة عن الأمة فكتابة الأدب هي حرفة الكتابة عن تفاصيل الشخصيات. وأضاف عبد المجيد أن كتابة التاريخ في الأعمال الأدبية، يقتصر على البشر وليس الزعماء، فهو معني بتفاصيل الدقيقة التي تهم الشخصيات مثل أسعار الملابس الداخلي والأحذية وماكينات الحلاقة.. إلخ وهذا انعكاس جديد على الشخصيات المعاصرة للحدث.