أبى شهر فبراير إلا أن يزيد وشاح الحداد سوادا، بعد مرور أسبوع واحد على الذكرى الثالثة ل«مجزرة بورسعيد» التي راح ضحيتها 74 من مشجعى الأهلي، إذ حول أول يوم تعود فيه الجماهير إلى مدرجات مباريات الدوري بعد غياب 3 سنوات، إلى مجزرة جديدة، ضحاياها هذه المرة من جماهير الزمالك. ففى الخامسة مساء أمس الأول الأحد، وقبل 3 ساعات من انطلاق مباراة الزمالك وإنبى في الجولة 20 من مسابقة الدوري الممتاز، اشتبكت الشرطة مع الجماهير التي تدافعت لدخول ملعب الدفاع الجوى بدون تذاكر وبأعداد أكثر من المسموح، وهو ما رفضه أمن الاستاد. وحاولت جماهير الزمالك اقتحام بوابات الاستاد، فتصدى لها الأمن خوفًا من اندساس عناصر مخربة ودخول أدوات ممنوعة مثل الشماريخ والألعاب النارية، فبدأت الأحداث تشتعل مع وقوع حالات إغماء وإصابات بين الجماهير، من جراء إطلاق الشرطة قنابل الغاز. مع سقوط الإصابات ازدادت الأمور تعقيدًا، وأشعل عدد من أعضاء رابطة «وايت نايتس» النيران في إحدى سيارات الشرطة، ما جعل قوات الأمن تتعامل بقوة مع المشهد، وتغلق البوابات في وجه الجماهير المتزاحمة أمام البوابات والمتدافعة في الممر الحديد الخاص بالدخول. لم يكن المشهد ينقص ظهور رئيس نادي الزمالك وإبداء اعتراضه على موقف الجماهير الغاضبة، التي حاولت منع دخول أتوبيس الفريق من البوابة الرئيسية للاستاد، لتشتعل الأمور من جديد ويعتدى بعض المشجعين بالضرب على قوات الأمن، التي ردت بإطلاق كثيف للغاز، قبل أن تتناثر أنباء عن سقوط قتلى من جانب الجماهير. ورغم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين والسماح للاعبى الزمالك بدخول الملعب في «مدرعة» تابعة لقوات الأمن، وانصراف عدد كبير من الجماهير ودخول البعض الآخر إلى الملعب، استمرت الاشتباكات. وفى الوقت الذي ترددت فيه أنباء عن ارتفاع عدد الضحايا، وصلت تعليمات عليا إلى مسئولى اتحاد الكرة وقوات الأمن بإقامة المباراة، وهو ما وافق عليه الحكم والفريقان، لتنطلق المباراة في الثامنة مساء، متأخرة عن موعدها بنصف ساعة. وبعد وصول تأكيدات عن وجود قتلى خارج أسوار الاستاد، اشتعل الموقف في المدرجات، وأدارت الجماهير ظهرها إلى الملعب، وهتفت مطالبة بإلغاء اللقاء، مطالبة بحقوق زملائهم الذين سقطوا خارج الأسوار. ورفض عمر جابر لاعب الزمالك المشاركة، لارتباطه بعلاقة قوية مع «وايت نايتس»، ما أغضب زملاءه ورئيس ناديه، الذي أعلن إيقافه لأجل غير مسمى، وخلال سير الأحداث هتفت الجماهير للاعب الذي رد التحية لهم في الملعب، وسط حالة من الحزن، بعد أن تأكد تماما سقوط أكثر من 10 ضحايا وقتها. وسادت حالة من التعتيم داخل الملعب على ما يجرى بالخارج، من أجل استكمال اللقاء، ولكن إشارات جماهير الفريق الأبيض داخل الملعب، ومطالبة لاعبى الفريق بالانسحاب وعدم استكمال اللقاء، كان يؤكد أن كارثة وقعت، وهو ما تأكد خلال الشوط الثانى من المباراة، ورسم علامات الحزن على الجميع، قبل أن تفجع مصر بنبأ وصول عدد القتلى إلى 22 مشجعًا. ويكرس الحادث في الأذهان أن فبراير هو شهر الكوارث التي تمر بها مصر خلال السنوات الأخيرة الماضية، حتى أصبح البعض يطلق عليه «فبراير الأحمق»، بعد أن شهد حريق قطار الصعيد الذي أسقط ألف ضحية في 2002، وحادث «عبارة السلام» الذي أسقط 1400 في 2006 و«موقعة الجمل» التي أسقطت عددًا ضخمًا من القتلى لم يتحدد إلى جانب 2000 مصاب، وذلك عام 2011، قبل عام واحد من مجزرة بورسعيد التي أودت بحياة 74 من مشجعى الأهلي. من النسخة الورقية