بين غفلة وزارة الصحة، وغياب الرقابة القانونية وانعدام ضمير الصيدلى، تبقى حياة المواطن عرضة للخطر بشكل يومى، فصيدليات مصر أغلبها تدار بإشراف خريجى كلية التجارة وأصحاب المؤهلات المتوسطة، وفى أفضل الأحوال طلاب كليات الصيدلة الراغبين فى التدريب، لذلك فليس غريبًا أن تجدهم يصرفون الأدوية للمرضى بدون «روشتة» معتمدة من الطبيب المعالج، أو يصرفون أدوية غير مناسبة للحالة التى تعتبر الطبيب الصيدلى بديلًا عن الطبيب المعالج. ذهبت «جيهان» للصيدلية المجاورة لمسكنها تسأل عن دواء للسعال الجاف لطفلة عمرها 3 سنوات، ففوجئت بمن يقف فى الصيدلية - سنه لا تتجاوز 20 سنة يعطيها دواء لا ينصح طبيًا بصرفه للأطفال دون 6 سنوات، ولولا أنها قرأت النشرة الداخلية للدواء لكانت ابنتها تعرضت لمضاعفات خطيرة أو لما هو أبعد من ذلك. أما «شهد» المصابة بحساسية الصدر، فدخلت لصيدلية مجاورة لها بحى «مدينة نصر»، وطلبت من المساعد أن يهاتف الطبيب الصيدلى لكى تستشيره فى الدواء البديل ل«الفنتولين»، فرفض المساعد وحدثت مشادة كلامية بينهما حينما قال لها «الدكتور النهاردة وبكرة إجازة ومش بيرد على التليفون وأنا اللى ماسك الصيدلية وبصرف الدوا». غير «شهد»، و«جيهان» هناك كثير من الحالات المشابهة حرر أصحابها بلاغات ومحاضر وشكاوى ضد صيدليات تعمل بدون صيدلى، وتعتمد على غير أصحاب المهنة، فتروى لنا شيماء معاناتها قائلة: أبلغت عن صيدلية المقاولين أكثر من مرة، والمفتش يأتى ويذهب دون اتخاذ أى إجراء، رغم أن كل العاملين بالصيدلية طلبة أو مساعدون. قصة طريفة بطلتها «فاطمة» من حلمية الزيتون التى قالت «أعانى عندما أبحث عمن يعطينى حقنة فى الصيدلية، لأن الدكتورة بتخاف، وعندما أطلب ذلك أجدهم يطلبون بنت البواب التى لم تكمل 15 سنة كى تعطينى الحقنة». «دكتور بيطرى هو من يصرف علاج البشر فى إحدى صيدليات حى بولاق الدكرور»، هكذا بدأت «منى» كلامها معلنة غضبها على الصيدليات، وتابعت «للدرجة دى حياة المواطن رخيصة، لو صاحب الصيدلية معهوش فلوس يجيب صيدلى، يبقى يقفلها أحسن، ولا هو عاوز يكسب على حساب أرواحنا إحنا». أسباب انتشار ظاهرة غياب الصيادلة عن الصيدليات يشرحها الدكتور «محمد سعودى» وكيل نقابة الصيادلة، قائلًا: هناك عدة أسباب منها عدم وجود إمكانيات مادية كافية للصيدلى لصرف الرواتب للصيادلة، فليس أمامه سوى أن يأتى بالمساعدين، لحين تدريبهم كى يستطيعوا صرف «الروشتات». وأضاف سعودى: «السبب الآخر هو نقص عدد مفتشى وزارة الصحة عن القدر الذى يسمح بتغطية جميع المناطق، وتابع: لحين حل المشكلة يجب على المواطن أن يتوخى الحذر مع من يتعامل معهم فى الصيدليات، وعدم أخذ الأدوية إلا باستشارة الطبيب الصيدلى، ويتم إبلاغ الجهات المعنية على الفور إذا حدث خلاف ذلك». دكتور «أحمد فاروق» عضو مجلس نقابة الصيادلة، يوضح أن ما يجرى يعد مخالفة صريحة لقانون الصيادلة الذى ينص على «عدم جواز ممارسة المهنة بدون ترخيص، ويعرض المخالف لهذا القانون للسجن ودفع غرامة مالية والحرمان من عمله إذا تكرر الأمر لأكثر من ثلاث مرات». من النسخة الورقية