فنان استطاع أن يعطى للسينما مذاقًا آخر، فبرغم أن معظم أدواره في السينما كانت أدوارًا مساعدة، إلا أنها ببصماتها الكوميدية المميزة لاتزال محفورة في وجدان محبى الكوميديا.. فوجوده كان دائما جزءا أساسى لا يكتمل العمل بدونه، وقد جسد بطولة وحيدة طوال مشواره الفنى وهو فيلم حلاق النساء، ولكن تجسيده للدور الثانى في الأفلام لم يقل عن البطولة أهمية، أعطى الفن كثيرا حتى على حساب صحته حتى وافته المنية في وسط حالة من الصدمة انتابت رفاقه، فقد مات ابن الذوات مفلسا. شارك كل من عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش وإسماعيل ياسين وآخرين لم يستطيعوا أن يجدوا مثل هذا الفنان، الشامى الأصل، المولود في 23 أغسطس 1913، بإحدى قرى عكار في لبنان، فهو من أصول فلسطينية سورية، وقيل إنه ولد في نابلس، وجده كان قاضى نابلس الأول، وكذلك والده، ونشأ في عائلة متدينة، وقد رحل في صباه مع والده إلى نابلس عندما عين قاضيًا هناك، وعندما بلغ العشرين أرسله والده إلى القاهرة ليلتحق بالأزهر الشريف، وهناك عمل بالصحافة الفنية في مجلات مختلفة، إلى أن كانت فرصته السينمائية الأولى مع «آسيا» في فيلم «غادة الصحراء»، ثم كان فيلم «وخز الضمير» في 1931، الذي فتح له أبواب السينما، وبدءًا من 1955 بدأ الظهور مع عبدالحليم حافظ في أكثر من فيلم منها «شارع الحب» و«يوم من عمرى»، وشارك فريد الأطرش فى11 فيلمًا. ورغم أن بدايات النابلسي كانت من خلال أدوار الشاب المستهتر ابن الذوات في أفلام عديدة منها "العزيمة" و"ليلى بنت الريف" و"الطريق المستقيم"، إلا أنه عندما تحول إلى أدوار صديق البطل لكبار النجوم والمطربين أداه بجدارة وسلطت عليه الأضواء. وكان «النابلسى» رحل إلى لبنان بعدما تراكمت الضرائب عليه، وفى بيروت أصبح مديرًا للشركة المتحدة للأفلام وساهم في زيادة عدد الأفلام اللبنانية، ثم تزوج في عام ستين من إحدى معجباته «جورجيت سبات»، وتلاحقت الأحداث سريعًا في الأشهر الأخيرة خاصة بعد أن أعلن بنك إنترا في بيروت إفلاسه الذي كان معناه إفلاس النابلسي هو الآخر لأنه كان يضع كل أمواله في هذا البنك فزادت شكواه من آلام المعدة حتى إن الفنانة صباح التي كانت رفيقته إلى تونس لتصوير فيلم "رحلة السعادة" قالت إنها كانت تسمع تأوهات ألمه من الغرفة المجاورة بالفندق رغم أنه كان حريصا على أن يفتح صنابير المياه حتى يعلو صوت توجعاته. كما أنه كان يشعر بدنو أجله لدرجة أنه كان يترك مفتاح غرفته من الخارج، وبعد عودته أخذت حالته تزداد سوءا إلى أن امتنع عن الطعام تماما قبل أيام من رحيله حتى كانت ليلة 5 يوليو 1968 حيث لفظ أنفاسه قبل وصوله إلى المستشفى ولم تجد زوجته مصاريف الجنازة فتولى صديقه الفنان فريد الأطرش عن طريق شقيقه فؤاد الذي كان يحاول أن يخفي الخبر عن فريد لكنه علم به من الصحف وانهار مريضا حزنا على وفاة صديق العمر. بعد وفاته بأيام قليلة أعلنت الفنانة زمردة وكانت صديقة له سرا يتعلق بحقيقة مرضه، حيث أكدت أنه لم يكن يعاني من مرض بالمعدة كما أشاع ولكنه كان مريضا بالقلب منذ عشر سنوات وأنه تعمد إخفاء ذلك حتى عن أقرب الناس إليه حتى لايتهرب منه المخرجون والمنتجون ويبعدوه عن أفلامهم، وأنها عرفت ذلك بالصدفة، وذلك عندما أرسل معها بعض التقارير الطبية إلى الطبيب العالمي د. جيبسون الذي كان يشرف على علاج فريد الأطرش وهو الذي أخبرها بحقيقة مرض عبد السلام النابلسي دون أن يدري أن النابلسي يخفي ذلك وعقب عودتها صارحته بما عرفت فبكى أمامها واستحلفها أن تحفظ هذا السر وهو ما فعلته حتى وفاته في 5 يوليو 1968 التي حدثت على إثر أزمة قلبية حادة.