أماط المحلل الأمريكي المتخصص في القضايا الأمريكية - الصينية مايكل بيلسبري في كتابه الجديد بعنوان "سباق المائة عام" اللثام عن إطلاق الصين برنامج تحديث سري لمدة مائة عام خدع إدارات أمريكية متعاقبة في محاولة لاستبدال النظام العالمي الذي تقوده الولاياتالمتحدة بالنظام الاقتصادي والسياسي الذي يهيمن عليه النظام الشيوعي الصيني. وذكر بيلسبري - الذي عمل في الشأن الصيني والقضايا الاستخباراتية مع كل الإدارات الأمريكية منذ إدارة نيكسون - في مقابلة مع صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية أنه لأكثر من أربعة عقود، عمل الزعماء الصينيون على تهدئة مخاوف رؤساء الإدارات الأمريكية ووزراء الخارجية والمحللين الحكوميين وواضعي السياسات من أجل وضع تقييم خاطئ عن الصين يشير إلى أنها " قوة لطيفة " تستحق دعم الولاياتالمتحدة. واستخلص الكاتب الأمريكي في كتابه أن الاستراتيجية السرية، القائمة على فنون الحكم الصينية القديمة، تمخضت عن نقل واسع النطاق للأموال والتكنولوجيا والخبرات التي عززت الجيش والحزب الشيوعي الصيني الذي يسعى إلى اللحاق بالولاياتالمتحدة بل وبتخطيها في النهاية. وأشار إلى أن ماو تسي تونغ كان قد أطلق برنامج الخداع الاستراتيجي الصيني في عام 1955 وروج للاعتقاد السائد بأن الصين بلد فقير ومتخلف ومنكفئ على نفسه "وبالتالي فعلى الولاياتالمتحدة تقديم يد المساعدة، والتخلي عن أشياء له، لضمان أن تبقى العلاقات ودية" ، إلا أن الكاتب الأمريكي أكد "أن هذا الكلام لا أساس له من الصحة". وتابع بيلسبري أن الاستراتيجية الصينية تهدف أيضا إلى الفوز بالهيمنة الاقتصادية العالمية وأن الحشد العسكري الصيني ما هو إلا جزء واحد من الصورة ، وتسعى الصين لمزج وجمع القوة الاقتصادية والسياسية والعسكرية حتى تتمخض عن ميلاد دولة الصين الجديدة "المهيمنة" عالميا التي ستقوم بتصدير النظام السياسي المعادي للديمقراطية والممارسات الاقتصادية المتوحشة في جميع أنحاء العالم. وكشف النقاب في كتابه أن الانفتاح على الصين في عامي 1969 و 1970، الذي كان يعتبر إحدى المناورات الاستراتيجية الأكثر أهمية لواشنطن، لم يكن بمبادرة من هنري كيسنجر- كبير مساعدي الأمن القومي للرئيس الأمريكي نيكسون آنذاك- بل أن جنرالات الصين كانوا هم من لعبوا بالورقة الأمريكية ضد الاتحاد السوفيتي ، وسط مخاوف من استيلاء موسكو على بلادهم. وذكر المحلل أن الادارة الأمريكية حذفت بعض التفاصيل الحساسة في الكتاب، إلا أن الكتاب يمثل في مجمله "كشف مصرح به لاستراتيجية الصين السرية" والتي تعتبر أحد أكثر الإصدارات المهمة من معلومات للحكومة الأمريكية على مدى أكثر من عقد من الزمان، وهذا ما يضفي أهمية على هذا الكتاب ويبعث برسالة إلى الصين مفادها "نحن لسنا بالجهل الذين تظنونه". وقال بيلسبري إن منشقًا عن الحكومة الصينية كشف عن حملة ضغط فعالة لبكين من 1995 وحتى عام 2000 وهو ما جعل الكونجرس يوافق على منح بكين وضعًا منحها امتيازًا في التجارة الدولية مثل تخفيض الجمارك وخلافه، بعد عدة سنوات من عقاب الصين على المجزرة الدموية التي ارتكبها الجيش في حق المتظاهرين العزل في ساحة تيانانمين في بكين. وأوضح أن عملية النفوذ السرية تم تنفيذها في وقت كانت المخاوف الأمريكية متأججة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في الصين، وعلى الرغم من ذلك تمكنت الصين بنجاح من إقناع قادة الولاياتالمتحدة على تقديم تنازلات تجارية استراتيجية رئيسية للصين. ويكشف كتاب "سباق المائة عام" تفاصيل جديدة للتعاون السري لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي آيه" مع الصين في برامج العمل السرية في أفغانستان وأنجولا وعمليات نقل أسلحة بما يقرب مليار دولار خلال ثمانينات القرن الماضي.