سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اليمن على صفيح ساخن.. سياسيون: الحوثي يقدم نفسه على أنه المتحكم.. خطابه يحمل دلالات متعددة.. وحاول استقطاب الشباب الثائر داخليًا.. ومحللون: هلال شيعي جديد
العديد من الرسائل حملها خطاب "عبد الملك الحوثي"، زعيم حركة "الحوثيين" في اليمن، والتي وصلت مدته قرابة الساعة والنصف، أكد فيه موقف جماعته، والسبب في انقلابها على الحكم في اليمن، وتحركات جماعته وميليشياتها على الأرض، في مواجهة الرئيس عبدربه منصور هادي. وأكد محمد صادق العديني، مدير مركز الحريات الصحفية اليمنية، أن خطاب الحوثي تضمن عددا من الرسائل الواضحة، والتي أكدت أنه في النهاية هو صاحب الفوز الأوسع في اليمن. وأوضح العديني، في تصريحه ل"البوابة نيوز"، أن رسائل الحوثي التي وجهها للداخل، كانت موجهة للرئيس هادي وبقية القوى السياسية، وأكد فيها أن سقف المطالب عال، وأن كل الخيارات متاحة، بل وسيتم فرض تنفيذ اتفاقية الشراكة بالقوة. أما عن رسالته للخارج، فأشار إلى أنها تضمنت تطمينات، وكأنه يقول:"لا تقلقوا على مصالحكم في هذا البلد نحن أقدر على تنميتها وصونها وخلق علاقات قوية وجادة". وأكد العديني، أن الخلاصة في الخطاب، أن الحوثي وبكل اختصار هو من يملك النفوذ الأوسع في القرار السياسي والعسكري في اليمن، وأنه على الجميع التعايش مع هذه الحقيقة واستيعابها. من جانبه قال هاني الجمل، الباحث السياسي المتخصص في الشئون العربية، إن الحوثي حاول استمالة الشباب اليمني في كلمته، فضلًا عن التأكيد أن ظلم توزيع الثروات هو سبب الانقلاب. ولفت الجمل إلى رغبة الحوثيين لحكم اليمن بشكل خفي، عبر التحكم في الحكومة والرئيس وكافة مقدرات الدولة، وبالتالي فهم يرفضون أن يقسم اليمن إلى 6 أقاليم، وإن كانوا مع تقسيمه لإقليمين، شمالي وجنوبي، ما يمكنهم من السيطرة على الشمال. وأضاف أن المهم أن الوضع الراهن يؤكد قدرة إيران على ضبط إيقاع الشيعة وتحركاتهم في المنطقة العربية، بل إن إيران ستتحكم في الوضع الجاري، من أجل السعي والسيطرة على أمريكا من خلال مباحثات "5+1". وقال الدكتور "عبد الله الشعيبي"، الكاتب والباحث اليمني، إن الحوثي، أراد في كلمته التي وجهها للشعب اليمني، إحداث تطمينات للشعب بأنه ليس ضد الرئيس عبدربه منصور هادي، ولا يعمل على إسقاطه. وأضاف أن الحوثي حاول أن يظهر وكأنه يساعد هادي على التخلص من بقايا المتحالفين مع القاعدة، وهو بذلك يخفف من القلق الذي أصاب الناس بعد الاشتباكات الأخيرة، خصوصًا أن إقليم عدن، أعلن عن إغلاق كل المنافذ البحرية والجوية والبرية، تضامنًا مع هادي، ومن هنا كانت كلمته تطمينية، خاصة مع مادامت به قبائل مآرب، وشبوة، وحضرموت، حيث قطعت طريق النفط، وعلقت العمل بشركات النفط، وهذا ما لا يريده الحوثي في هذا الوقت بالذات. وأوضح الشعيبي في تصريحاته ل"البوابة نيوز"، أن تراجع وضع اليمن في مختلف المجالات، يعود بدرجة أساسية إلى فشل اليمنيين في تأسيس دولة النظام والقانون، واستشراء الفساد، وعدم وجود جيش وطني واحد ومتماسك، يضبط مسار الفوضى والاحتقانات السياسية والمذهبية في اليمن. وتابع:" كل هذا ساعد على تغلغل التدخل الخارجي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وأن هذا الوضع جعل اليمن تقع تحت الفصل السابع لميثاق الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي، ولو كانت هناك دولة نظام وقانون لكان من الممكن ضبط هذه الفوضى والحد من انتشار السلاح مع القبائل والعشائر وبعض القوى السياسية اليمنية". وأشار إلى أنه وبعد سقوط الرئيس السابق على عبد الله صالح، نتيجة انتفاضة شعبية في مطلع العام 2011، لم يسقط النظام بشكل كامل، إذ سقط الرئيس السابق وبعض رموزه، في حين بقي النظام بنفس آلياته وشخوصه، حتى الذين انشقوا عنه وشاركوا في الحكم بعده، ظلوا على نفس المنهج، وربما أكثر نهمًا وشراسةً في الفساد والاحتكار للسلطة، وبالتالي فشلت تلك الانتفاضة في تحقيق أهدافها، والمتمثلة في إسقاط النظام، وتحولت تلك الأهداف إلى إسقاط الرئيس ورموزه وأقرباءه وتحصل على عبدالله صالح حصانة قانونية وسياسية، جعلته يتدخل في مجرى المشهد السياسي اليمني، رغم أن حزبه كان ولا يزال مشاركًا في الحكومات التي تعاقبت على اليمن، بعد خروجه من السلطة. وأكد الشعيبي، أن سياسة الحكومة بعد خروج صالح من الحكم لم تتغير، إلا ظهور قوى أخرى كانت في السابق مشاركة له في الحكم، والحروب التي قادها على اليمنيين سواء في الجنوب أو الشمال، وبالذات في صعدة، التي شهدت ستة حروب على جماعة أنصار الله، ذات التوجه الزيدي، الذي كسب تعاطف الكثير من اليمنيين. وأضاف:"ويمثل تجمع الإصلاح اليمني ذات التوجه الإخواني أقوى مكون سياسي في عهد صالح وما بعد صالح وشريك صالح في كل حروبه على اليمنيين، وبعد خروج صالح من الحكم احتفظ بغالبية الوزارات والمؤسسات، متجاهلًا حتى شركاه في المعارضة ضد صالح، وشركاه في الانتفاضة ضد صالح في العام 2011م، ومنهم جماعة أنصار الله، التي شعرت بالغبن والخيانة، من قبل شركائهم في الانتفاضة، وهنا وجد على صالح الفرصة لامتصاص غضبهم، فتحالف معهم سياسيًا، ما أثمر عن تمكن جماعة أنصار الله من الزحف على صنعاء العاصمة بثورة أسقطت حكومة الانتفاضة". وأشار الشعيبي إلى أنه ومع ذلك، استسلم تجمع الإصلاح الإخواني للواقع الجديد، الذي بدوره تخلى عن تلك القوى التي كانت تدعمه وتحميه، وكان هذا في 21 سبتمبر 2014م، والتي أطلق عليها جماعة أنصار الله "الثورة"، مما زاد في نفوذها بعد تمددها في معظم المدن اليمنية. وأوضح أنه ومنذُ ذلك اليوم، ورغم اتفاق السلم والشراكة، الذي تم بينهم، وبين بقية تلك المكونات، فالجماعة تشعر بالغبن لعدم استيعابهم في أجهزة السلطة العسكرية والمدنية، فمارست نفوذها ودورها في مؤسسات السلطة من دون مسوغ قانوني، وهو ما يخالف الاتفاق الذي تم في سبتمبر الماضي، فتوسعت الاختلافات حتى بلغت ذروتها في الأيام الأخيرة في الاحتكاكات بين أفرادها وأفراد الحرس الرئاسي.