فنانات استطعن أن يسطرن أسماءهن بحروف من ذهب، بعد تأدية أدوار تمثل علامات في السينما المصرية، وكأنهن خلقن من أجلها، وأبرزت من خلالها صورة الأم في الأسرة المصرية بكل أشكالها الكادحة والبائسة والمظلومة. آمال زايد.. الأم المقهورة ولدت آمال زايد في سبتمبر عام 1910، وبدأت التمثيل عام 1939 وكان أول أعمالها مع كوكب الشرق أم كلثوم في فيلم دنانير، ثم التحقت بالفرقة القومية، وبعدها تزوجت من عبد الله المنياوى وأنجبت ابنتها الراحلة الفنانة معالى زايد، وفى عام 1944 اعتزلت زايد التمثيل وتفرغت لتربية ابنتها، ثم عادت مرة أخرى بعد اعتزال دام 15 عاما، لتعود بقوة وتشارك في 32 مسرحية بخلاف عدد ضخم من الأفلام. تعد زايد من أشهر من مثلن دور الأم في السينما في حقبة الستينات، وتنوعت أدوارها بين الكوميديا والتراجيدى، فلا يستطيع أحد أن ينسى دورها الكوميدى في فيلم "طاقية الإخفاء"، وفيلم "عفريت مراتى"، أما التراجيدى فقد برعت فيه في العديد من الأفلام على رأسها بين القصرين، وشيء من العذاب، وشيء من الخوف، وبياعة الجرايد، وما زال مشهدها مع الراحل يحيى شاهين في فيلم قصر الشوق عالقا في أذهان الجميع، فقد كان مثلا أعلى للقهر والخوف، رحلت زايد عن عالمنا في 1972 تاركة خلفها تركة فنية تعد كنزا للسينما المصرية. أمينة رزق.. الأم العذراء لا يوجد على الساحة الفنية من يستطيع أن ينافس عذراء الشاشة أمينة رزق في مكانتها عند الجماهير، فقد أدت أدوارها ببراعة فائقة يستحيل تكرارها، وارتبطت أفلامها بأذهان المشاهدين فهى الممثلة الوحيدة التي مثلت دور الأم منذ صغر سنها ودون أن تتزوج، لا يستطيع أحد أن ينسى دورها في فيلم دعاء الكروان، والتوت والنبوت، والمولد، وقلب المرأة. ولدت رزق في مدينة طنطا وبدأت دراستها في مدرسة ضياء الشرق، ثم انتقلت ووالدتها للعيش في القاهرة مع خالتها الفنانة أمينة محمد إثر وفاة والدها وكان عمرها ثماني سنوات، ظهرت لأول مرة على خشبة المسرح عام1922، حيث قامت بالغناء إلى جوار خالتها في إحدى مسرحيات فرقة في مسارح روض الفرج. انتقلت الراحلة للعمل مع فرقة رمسيس المسرحية التي أسسها عميد المسرح العربي يوسف وهبي عام 1924 حيث ظهرت في مسرحية «راسبوتين»، وشاركت بالتمثيل في أغلب مسرحيات وهبي، الذي ارتبطت به استاذا وفنانا، ولم تتزوجه رغم حبها الشديد له وكان هذا الانتقال وراء شهرة أمينة رزق التي أصبحت إحدى الشخصيات الأساسية في المسرحيات التي قدمتها الفرقة وكذلك في الأفلام التي أنتجها يوسف بك وهبي. ومن أبرز مسرحياتها التي قدمتها في السبعينات «السنيورة» والمسرحية الكوميدية «إنها حقا لعائلة محترمة جدا» بالاشتراك مع فؤاد المهندس وشويكار وكان آخر ما قدمته على خشبة المسرح قبل شهور مسرحية توفيق الحكيم «يا طالع الشجرة» إلى جانب الفنان أحمد فؤاد سليم. وفي مجال السينما بزغ نجمها كممثلة قديرة وكانت تحظى باحترام العاملين في المجال الفني الذين رأوا فيها مثالا للاحتواء والانضباط، وكانوا ينادونها ب«ماما أمينة" عينت أمينة رزق عضوا بمجلس الشورى المصري. عانت رزق في سنواتها الأخيرة من إهمال الوسط الفنى، فلم تعد تحصل على أدوار تتناسب ومكانتها الفنية، كما لم تحصل على تكريم يناسب مشوارها الفنى منذ أن كرمها الرئيس جمال عبد الناصر، حتى رحلت عن عالمنا في عام 2013. فردوس محمد.. الأم العاقر اسم آخر لامع في سما السينما المصرية، تميزت بملامحها البسيطة ووجهها البشوش وتلقائيتها الشديدة، استطاعت وبجدارة أن تثبت أنها ممثلة من الطراز الأول، تناسبت ملامحها تماما مع دور الأم الذى دائما ما أبدعت في تمثيله، لها تاريخ حافل يعج بالإنجازات، فبرغم تكرارها لدور الأم في العديد من الأفلام، إلا أنها أدت كلا منها بنكهة مختلفة. كانت لفردوس بداية حزينة فقد ولدت يتيمة الأبوين، لكن حياتها أخذت منحنى آخر بعدما تولت أسرة تربطها صله قرابة بوالدتها تربيتها وإعدادها للمستقبل فألحقتها بمدرسة إنجليزى بحى الحلمية، فتعلمت القرأة والكتابة والتدبير المنزلى وتفوقت ثم تزوجت وهى صغيرة السن وطلقت أيضا وهى صغيرة السن، بدأت موهبة التمثيل تبدو عليها وانضمت إلى فرقة عبد العزيز خليل وعملت خلالها في الأوبريتات، ومن المسرحيات التي عملت بها "إحسان بك"، تزوجت للمرة الثانية من الممثل محمد إدريس، ودامت حياتها الزوجية خمسة عشر عاما انتهت بوفاة الزوج ولم تعرف الأمومة رغم أنها صارت من أهم الأمهات في السينما المصرية. ماتت فردوس عام 1961 أثر إصابتها بالسرطان، رغم أن السينما وضعتها دائما في دور الأم فإن أغلب الأدوار كانت قوية الشخصية لا تعرف الخضوع أو الضعف، ومن أبرز أفلامها عنتر ابن شداد، رد قلبى، أين عمرى، الفرسان الثلاثة، الهاربة، وغيرها من عشرات الأفلام.