حوار- إسراء عبد التواب: يمتلك رؤية تاريخية يوظفها في مشروعه الأدبي لتنقية التاريخ عبر الأدب، رحلته بدأها بروايته "قمر على سمرقند" ثم أطل علينا مجددا ب "يوم غائم في البر الغربي" عندما انتبه أن نظام"مبارك" أراد أن يحول الشعب المصري إلى مجرد أرقام، فأراد أن يوقف ماكينة التاريخ التي كانت تهرس المصريين، ليؤكد لهم أن لديهم هوية يجب الدفاع عنها. إنه الروائي الكبير محمد المنسي قنديل، رجل يؤمن بضرورة دعم الحكومة للثقافة لإستعادة دورها خاصة وأن هناك أجيالًا قامت بالثورة لم تأخذ فرصتها حتى الآن، مؤكدا أنه قبل منصب رئاسة تحرير مجلة "إبداع" لإعادة أدباء الأقاليم من جديد للمشهد الأدبي بعد غيابهم الطويل عن أضواء المدينة. كل هذا وأكثر تطرق إليه "قنديل" في حواره ل "البوابة": -ما أسباب قبولك منصب رئاسة تحرير مجلة "إبداع"؟ قبلت المنصب، لأن المجلات الثقافية كان لها فضل كبير على، حيث كانت وجهتي الأولى في النشر منذ بداياتي، وأتذكر في شبابي أنني قدمت إلى مكتب الناقد عبد القادر قط حين تولي منصب رئيس تحرير مجلة "إبداع" وكان في يدي نص أدبي قمت بكتابته، ولم يكن حينها يعرفني، ولكن بيني وبينه هذا النص، وعلى الرغم من ذلك نشره، وهذا ما أريد تطبيقه في "إبداع" من خلال الاحتفاء بالنصوص الجيدة بغض النظر عن الأسماء، وأن تفتح صفحاتها لكل أدباء الأقاليم. -هل تجد تعاطفا مع أدباء الأقاليم لأنهم يذكرونك بشبابك؟ بالفعل.. هؤلاء في أمس الحاجة لسماع أصواتهم البعيدة. -وما هي خطتك للوصول إلى لأدباء الأقاليم، وأنت لا تعرفهم؟ حتى الآن أعتمد على علاقاتي الشخصية للوصول إليهم من خلال التعريف بأن المجلة سيكون لديها تطوير جديد في إصدارتها، ففي السابق كانت تصدر فصليا، ولكن في الفترة القادمة ستكون شهرية، لاحتواء الكثير من التجارب. -تحويل المجلة إلى إصدار شهري ليس بالهين.. كيف ستجدون الميزانية لتنفيذ ذلك؟ لابد أن نتفق أن هذه الرؤية قد وافقت عليها وزارة الثقافة، فمن الصعب جدا وجود مجلة أدبية تصدر بشكل فصلي لأنها ستموت سريعا، والمشكلة الثانية أن المجلة كان حجمها كبير جدا، وكانت تركز على نشر الدراسات، ولن أقوم بذلك لأن هناك مجلة اسمها "فصول" تقوم بهذا الدور في نشر الدراسات الكبيرة، وخطتي هي تحويلها إلى مجلة تضم عددا كبيرا من المقالات التي تتراوح كلماتها ما بين الطويلة والقصيرة، ولكن يجب أن تكون مجلة سريعة تحتفي بالشباب وبتجاربهم الجديدة. ثانيا الترجمة لابد أن تدخل كعنصر أساسي لربطها بالفكر المعاصر حتى نخرج من العزلة التي تجعلنا لا نتحدث إلا لأنفسنا فقط.. يجب أن نطلع على الجديد في العالم. -وما هي أبرز نقاط خطتك؟ نتنمى أن تتسع المجلة لإحتواء العديد من الأصوات، كما سنهتم بنشر القصص والروايات، وكذلك الشعر العمودي، والحديث، ولن نكون متزمتين للوقوف على شكل من الأشكال. -وماذا عن آلية التنفيذ؟ المجلة ستستعيد عافيتها مع استقرار الأوضاع في مصر، وبعدها سأفكر في إطلاق موقع إلكتروني خاص بها لتناسب إيقاع العصر الحالي وتصل للبيوت في الأقاليم، لأنها لطريقة التي يفضلها الشباب الآن ويتواصلوا عن طريقها. وحقيقة التصريحات التي سمعتها من المؤسسات الثقافية سواء من وزارة الثقافة أو الهيئة العامة للكتاب، تبشر أن هناك من يريد دعم الثقافة كي تستعيد دورها لربط حركة الشباب بهم، ولدينا أماكن كثيرة للإبداع لم يتم اكتشافها بعد، وهناك أجيال قامت بالثورة لم تأخذ فرصتها حتى الآن، وتستغلهم دور النشر الخاصة. -هذا يعني أنك لم تحتك بمنظومة الثقافة من الداخل فكيف ستنجح وسط كيان ورث تركة ثقيلة من البيروقراطية ؟ لابد أن أتحدث بصراحة شديدة تجعلني اعترف أن وزارة الثقافة ظلت بلا دور بين المثقفين ممن يدعون الثقافة، ولكن وجودها ضروري لأننا عالم نام ونحتاج إلى دعم الحكومة للثقافة حتى يكون لدينا كتاب جيد وفيلم جيد وصحيفة جيدة، ولدي أمل أن تقوم وزارة الثقافة بدورها، ولابد أن تتحول هذه الآمال إلى تنفيذ على أرض الواقع حتى لا تكون مجرد تصريحات، ويلزم ذلك وضع ميزانيات تنفق عليها الأنشطة للقيام بدورها. -هل ستمتلك الجرأة للتمرد ضد "عصفور" وأنت مثقف تعمل تحت مظلته؟ جابر عصفور أول وزير يأتي من باب الثقافة.. فالرجل مثقف كبير، فمثلا فاروق حسني جاء وزيرا ثم اكتشفنا أنه فنان تشكيلي، وصابر عرب جاء وزيرا وبعدها اكتشفنا أنه يعمل في الدراسات التاريخية،كلهم لم يقدموا مصوغات تعيينهم كوزراء ثقافة، كلهم ركبوا حصان الثقافة حين جاءوا وزراء، أما "عصفور" مختلف لأنه مثقف كبير، وهو من النقاد القلائل الذين يمتلكون رؤية في مصر، ومن الطبيعي ألا ينسي رؤيته بل ينفذها، وهو يتولى منصبه لأنه طوال الوقت يسعي لتدعيم الثقافة، وكان دائم الشكوى منها، ولابد ألا تخضع الثقافة لسلطة. -ولكن "عصفور" متهم من قبل البعض بتوزيعه تركة "الثقافة" على أصدقائه المثقفين وأنت كمثقف جزء من هذه التركة برئاستك ل "إبداع" ؟ "أنا مش عايز أدخل في تفاصيل زي دي".. ولا أعتقد أننى قادم من الشارع، أنا كاتب وجئت لإكمال رسالتي، والوزير له حرية الاختيار، وهو مثقف كبير وموجود في الوسط وله علاقات بجميع الناس، وحقه أن يستخدم المثقفين الموجودين حوله ويستفيد منهم، فالرجل يضع سياسة جديدة وخطة جديدة، ومن حقه الاستعانة بمن يراه مناسبا للمرحلة. -وما تقييمك للدكتور جابر عصفور؟ مثقف كبير.. وكان أمينا عاما للمجلس الأعلى للثقافة، وقدم إنجازات كبيرة، وهو من أنشأ المركز القومي للترجمة، وقدم أكثر من ألف كتاب، ومتوقع منه تحقيق طفرة في وزارة الثقافة.