التعليم تكشف حقيقة زيادة مصروفات المدارس الخاصة 100%    قرار جديد بشأن دعوى إلغاء ترخيص شركة أوبر واعتماد نظام المراقبة الإلكترونية    أستاذ اقتصاد: موازنة 2025 قاسية جدا وتمثل انعكاسات لسياسات خاطئة    إعلام عبري: مجلس الحرب بحث الليلة قضية اليوم التالي في غزة    رئيس قطاع الناشئين في الزمالك يكشف عن الاستراتيجية الجديدة    حرارة شديدة حتى الأسبوع المقبل.. الأرصاد ترد على وصف الطقس ب"وحش جهنم"    13 مليون جنيه، القائمون على حفل ليلة النكد في ورطة بسبب أسعار تذاكر الحفل    شذى حسون تبدأ سلسلتها الغنائية المصرية من أسوان ب"بنادي عليك"    11 يونيو.. الطاحونة الحمراء يشارك بالمهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية ال46 على مسرح السامر    تكريم هشام ماجد بمهرجان روتردام للفيلم العربي.. صور    نسرين طافش: "مالقيتش الراجل إللي يستاهلني"    داليا عبدالرحيم: التنظيمات الإرهابية وظفت التطبيقات التكنولوجية لتحقيق أهدافها.. باحث: مواقع التواصل الاجتماعي تُستخدم لصناعة هالة حول الجماعات الظلامية.. ونعيش الآن عصر الخبر المُضلل    لوكا مودريتش يوافق على تخفيض راتبه مع الريال قبل التجديد موسم واحد    نادي الصيد يحصد بطولة كأس مصر لسباحة الزعانف للمسافات الطويلة.. صور    رانيا منصور تكشف ل الفجر الفني تفاصيل دورها في الوصفة السحرية قبل عرضه    4 شهداء فى قصف للاحتلال على منزل بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة    حظك اليوم لمواليد برج الدلو    استمتع بنكهة تذوب على لسانك.. كيفية صنع بسكويت بسكريم التركي الشهي    مدير مستشفيات جامعة بني سويف: هدفنا تخفيف العبء على مرضى جميع المحافظات    وزير العمل يشارك في اجتماع المجموعة العربية استعدادا لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    سم قاتل يهدد المصريين، تحذيرات من توزيع "سمكة الأرنب" على المطاعم في شكل فيليه    رئيس النيابة الإدارية يشهد حفل تكريم المستشارين المحاضرين بمركز التدريب القضائي    موعد مباراة الأهلي والاتحاد السكندري في نهائي دوري السوبر لكرة السلة    فرص عمل للمصريين في ألمانيا.. انطلاق برنامج «بطاقة الفرص»    "بشيل فلوس من وراء زوجي ينفع أعمل بيها عمرة؟".. أمين الفتوى يرد    تكبيرات عيد الأضحى 2024.. وقتها وأفضل صيغة    اتحاد منتجي الدواجن: الزيادة الحالية في الأسعار أمر معتاد في هذه الصناعة    مدبولى: مؤشر عدد الإناث بالهيئات القضائية يقفز إلى 3541 خلال 2023    «مغشوش».. هيئة الدواء تسحب مضاد حيوي شهير من الصيداليات    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    متى إجازة عيد الأضحى 2024 للقطاع الخاص والحكومي والبنوك في السعودية؟    قبل ذبح الأضحية.. أهم 6 أحكام يجب أن تعرفها يوضحها الأزهر للفتوى (صور)    السعودية تصدر "دليل التوعية السيبرانية" لرفع مستوى الوعي بالأمن الإلكتروني لضيوف الرحمن    بعد نهاية الدوريات الخمس الكبرى.. كين يبتعد بالحذاء الذهبي.. وصلاح في مركز متأخر    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية الفرجاني في مركز بني مزار غدا    أخبار الأهلي : من هو اللاعب السعودي خالد مسعد الذي سيُشارك الأهلي في مباراة اعتزاله؟    ذا هيل: تحالف كوريا الشمالية وروسيا قد يلحق ضررا ببايدن في الانتخابات الرئاسية    تعرف على محظورات الحج وكفارتها كما حددها النبي (فيديو)    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    البنك التجاري الدولي يتقدم بمستندات زيادة رأسماله ل30.431 مليار جنيه    علاء نبيل يعدد مزايا مشروع تطوير مدربي المنتخبات    خاص رد قاطع من نادي الوكرة على مفاوضات ضم ديانج من الأهلي    إصابة سائق إثر حادث انقلاب سيارته فى حلوان    وكيل «قوى عاملة النواب» رافضًا «الموازنة»: «حكومة العدو خلفكم والبحر أمامكم لبّسونا في الحيط»    محمد الشيبي.. هل يصبح عنوانًا لأزمة الرياضة في مصر؟    برلماني أيرلندي ينفعل بسبب سياسة نتنياهو في حرب غزة (فيديو)    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل مسن في روض الفرج    الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصفه قرى وبلدات جنوبي لبنان    وزير المالية: مشكلة الاقتصاد الوطني هي تكلفة التمويل داخل وخارج مصر    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    وزير الإسكان ومحافظ الإسكندرية يتفقدان مشروع إنشاء محور عمر سليمان    أمناء الحوار الوطني يعلنون دعمهم ومساندتهم الموقف المصري بشأن القضية الفلسطينية    وزيرة التخطيط ل«النواب»: نستهدف إنشاء فصول جديدة لتقليل الكثافة إلى 30 طالبا في 2030    حفر 30 بئرًا جوفية وتنفيذ سدَّين لحصاد الأمطار.. تفاصيل لقاء وزير الري سفيرَ تنزانيا بالقاهرة    غرفة الرعاية الصحية: القطاع الخاص يشارك في صياغة قانون المنشآت    تحرير أكثر من 300 محضر لمخالفات في الأسواق والمخابز خلال حملات تموينية في بني سويف    جامعة طيبة: امتحانات نهاية العام تسير في أجواء هادئة ومنظمة    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنت الذي أحوجتني!
نشر في الأيام المصرية يوم 27 - 12 - 2011

كان السلطان جلال الدين الدولة بن السلطان ألب أرسلان السلجوقي في مجلس حكمه، إذ دخل عليه رجلان يستغيثان من ظلم وقع عليهما. ولم يجدا ناصراً ولا معيناً ينصفهما؛ فلم استمع إليهما قال: خذا بيدي واحملاني إلى الوزير؛ فامتنعا؛ فقال لهما: لابد من ذلك.
فبلغ ذلك الوزير نظام الملك؛ فقام حافياً وتلقاه متعجباً مستفسراً: ما هذا الذي أرى؟!.
قال السلطان: أنت الذي أحوجتني إلى هذا، لقد عينتك لتدفع عني الظلم؛ فإذا لم تدفع عني؛ أخذاني يوم القيامة هكذا إلى ربي يوم ليخاصماني أمامه، وما يدريني أين يأمر بي فأطرح في النار.
هكذا تذكرت تلك الأدبية الرفيعة التي أوردها الإمام ابن الجوزي في (المنتظم)؛ من أدبيات الحكم الإسلامي إبان الدولة السلجوقية.
وتألمت معها على واقعنا الحالي وقد تعرض الكثير من أبناء شعبنا الطيب الثائر على الظلم والقهر على أيدي حاكميه ومسؤوليه؛ بعد أن كان يطمع في مستقبل حر يتحقق فيها شعار (عيش حرية عدالة اجتماعية) والذي رفعه منذ أوائل مظاهرات ثورة الحرية في 25 يناير 2011م؛ بل كان من أبرز مطالبه في احتجاجات ووقفات السنوات الأخيرة من نظام المخلوع الظالم، وسقط تحته مئات من الشهداء، وفقأت مئات من أعين المحتجين الثائرين، والآلاف من الإصابات الجسيمة والعاهات المستديمة، وسجن وشرد الآلاف أيضاً، وامتهنت كرامة الكثير من الشباب تحت (بيادة) الأمن ثم العسكر!؟.
وما آلمنا منذ أيام هو تعرض بعض المتظاهرات إلى عمليات همجية من السحل وهتك العورات أمام الكاميرات والفضائيات!.
ووجدتني أسطر تلك الرسائل التربوية التي هجات في نفسي من قراءة تلك الحادثة الرائعة:
1-ألا يقرأ تلك الآثار من هم بيدهم مقاليد مصرنا التي ثارت من أجل رفع الظلم فخلعت أعتي نظم الاستبداد في العالم؛ فيتعلمون عاقبة الظلم ومصير الظالمين أمام ثورة المظلومين.
2-ألا يتعلم أولئك الجالسين على كرسي الحكم من كلمات هذا السلطان التي تترجم مدى خوفه من ربه.
3-ومن هنا نستطيع أن نفسر هذه النتائج التي أفرزتها انتخابات دول الربيع الثوري العربي، وشوق الشعوب إلى عالم نظيف يحكم به من يخاف الله عز وجل في شعبه وفي مسؤولياته؛ فكانت النتائج في صالح الأحزاب ذات التوجه الإسلامي.
4-وهي رسالة ترد على أولئك الليبراليين الذين يملأون الأرض صراخاً والسماء ضجيجاً والفضائيات جعجعةً بمقولات ترسخ أن الحكم الإسلامي عاش سنوات معدودة فقط في ظل الخلفاء الأربعة رضوان الله عليهم ثم تحول إلى دكتاتوريات تحكم بالأوتوقراطيين الذي يحكمون العباد بسيف رب العباد.
5-نهوض وسقوط ... وما أشبه الليلة بالبارحة:
وهي الرسالة العظيمة؛ لأن هذه الدولة السلجوقية (433-619ه) كما يقول المؤرخ الرفيع د. عبد الحليم عويس رحمه الله في كتابه (أوراق ذابلة من حضارتنا: دراسة لسقوط ثلاثين دولة إسلامية) كان لها الفضل في إنقاذ الخلافة العباسية؛ عندما استدعاهم الخليفة العباسي (القائم) ضد المتمرد الشيعي (البساسيري)، فتزعموا الخلافة وحموها من كثير من عثرات السقوط ولكنهم لم يتطاولوا على الخليفة، وامتدت فتوحاتهم إلى آسيا الصغرى حتى قيل أنها كانت أحد أسباب قيام الحروب الصليبية.
وبعد أن سطرت صفحات رائعة من الحضارة الإسلامية تحولت من الصعود إلى الهبوط عندما تسرب إليها سوس السقوط الحضاري نتيجة لأخطاء خالدة ومتكررة:
(1)تقسيم الدولة إلى نظام الإقطاعات وإسنادها إلى شخصيات سلجوقية، ليشغلوهم عن التفكير في الحكم؛ فبدأ التفتيت عندما كون كل منهم إمارة صغيرة وحاول الإنفصال بها.
فهل أمة إقرأ لا تقرأ تاريخها؛ لأنها نفس أخطاء سقوط الأندلس، وما تم في اتفاقية (سايكس بيكو) ثم ما زال يحدث في بعض الدول والممالك العربية المعاصرة؛ وأبرزها السودان والعراق، وما يحاك في الظلام لمصر على أيدي أقباط المهجر وطابورهم الخامس بيننا!.
(2)اختيار الأمراء على أساس نظام التوريث لا على الكفاءة.
وهذا الخطأ لا يحتاج إلى تعليق فالواقع أبلغ وأوضح من أن نوضحه.
(3)التهاون أمام حركات التمرد الباطنية مثل الحركة الإسماعيلية بزعامة قائدها الحسن الصبح؛ فأدي إلى إنهاك الدولة وإشغالها عن مقاومة عملية التفتيت الداخلي للزعامة السلجوقية للخلافة العباسية.
والواقع الحالي يشهد أن تعثر طريق ثورات الربيع العربي خاصة في مصر؛ هو هذا الداء الداخلي.
فهل سنقرأ تاريخنا، أم سيعيد التاريخ نفسه لجهلنا وتجاهلنا؟.
6-أما الرسالة الأخيرة؛ هل من الممكن أن تنضج إرادتنا الوطنية فنختار زعامات تمارس سياستها في حكم البلاد وتنضبط أخلاقياً بميراثنا الحضاري الإسلامي؛ فتخشى الله فينا وفي بلادنا؛ فتصرخ فيمن بغى وقصر وظلمنا هذه الصيحة الرائعة: أنت الذي أحوجتني؟!.
د. حمدي شعيب
زميل الجمعية الكندية لطب الأطفال (CPS)
خبير تربوي وعلاقات أسرية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.