وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يعقد لقاءا موسعا مع رؤساء غرف التجارة العربية في ألمانيا    إزالة 88 حالة تعد على أراضي أملاك الدولة في أسوان    التقديم غداً.. فتح باب حجز «سكن لكل المصريين 7» بمقدم 100 ألف جنيه (المساحات والأماكن)    الجيش السوداني يعلن تطهير الخرطوم من المتمردين    روبيو: ترامب لم يقدم أي تنازلات ل بوتين فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا    باكستان والهند توافقان على سحب قواتهما إلى مواقع وقت السلم    بث مباشر.. الأهلي 13-11 الزمالك.. دوري السوبر للسلة    لتجنب الإصابات.. الزمالك يعيد صيانة ملاعب الناشئين بمقر النادي    «هدية ساويرس للخطيب».. شوبير يفجّر مفاجأة في صفقة انتقال العش إلى الأهلي    ثروت سويلم: الأندية وافقت على إلغاء الهبوط.. وموقف الرابطة من بيراميدز حال الانسحاب ضد سيراميكا    لابورتا: لامين يامال مشروع نجم مختلف عن ميسي    مصرع ربة منزل على يد نجلها فى قنا    شروع في قتل عامل بسلاح أبيض بحدائق الأهرام    إقبال منخفض على شواطئ الإسكندرية بالتزامن مع بداية امتحانات نهاية العام    يسرا تتألق سينمائيًا بين "بنات فاتن" و"الست" بعد حضورها اللافت في مهرجان كان    غدا.. طرح الجزء الجديد من فيلم "مهمة مستحيلة" في دور العرض المصرية    المهرجان القومى للمسرح المصرى يطلق ورشا احترافية لأساتذة متخصصين    نائب محافظ بني سويف يصطحب مساعد وزير الصحة لمتابعة سير العمل بمشروع إنشاء مستشفى ببا المركزي    في ذكرى يوم فارق من 2020... هل يعود شبح كورونا من جديد؟    «سنطبق اللائحة».. رابطة الأندية تهدد بيراميدز بخصم 6 نقاط    محافظ سوهاج يسلم التأشيرات والتذاكر للفائزين بقرعة حج الجمعيات الأهلية    الوطنية للصحافة تنعي محمود صدقي التهامي الرئيس الأسبق لمجلس إدارة مؤسسة روزاليوسف    رئيس جامعة أسيوط يتابع امتحانات الفصل الدراسي الثاني ويطمئن على الطلاب    وزارة التعليم تكشف إجراءات التعاقد على وظائف المدارس المصرية اليابانية    وفاة عجوز بآلة حادة على يد ابنها في قنا    «زهور نسجية».. معرض فني بكلية التربية النوعية بجامعة أسيوط    خالد عبدالغفار يبحث تعزيز التعاون مع وزيري صحة لاتفيا وأوكرانيا    رئيس الوزراء يعرب عن تقديره لدور «السعودية» الداعم للقضايا العربية    جدل لغز ابن نجم شهير.. هل موجود أم لا ؟ | فيديو    القائمة الكاملة لأبطال فيلم «الست لما» ل يسرا    «الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية» يوضح مواصفات الحجر الأسود؟    المشرف على "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" تستقبل وفدًا من منظمة هيئة إنقاذ الطفولة    عبد المنعم عمارة: عندما كنت وزيرًا للرياضة كانت جميع أندية الدوري جماهيرية    وزير الصحة: مصر تقود مبادرة تاريخية لدعم أصحاب الأمراض النادرة    طريقة عمل البصارة أرخص وجبة وقيمتها الغذائية عالية    ب48 مصنعاً.. وزير الزراعة: توطين صناعة المبيدات أصبح ضرورة تفرضها التحديات الاقتصادية العالمية    جامعة القاهرة تستقبل وفدا صينيا بمستشفى قصر العيني الفرنساوي    5 فرص عمل للمصريين في مجال دباغة الجلود بالأردن (شروط التقديم)    محافظ بورسعيد: المحافظة ظلمت بسبب إدراجها ضمن المدن الحضرية    محافظة القدس تحذر من دعوات منظمات «الهيكل» المتطرفة لاقتحام المسجد الأقصى    سالم: نجهز ملف كامل حول أزمة القمة قبل الذهاب للمحكمة الرياضية.. ومتمسكون بعدالله السعيد    مهرجان كان يمنح دينزل واشنطن السعفة الذهبية بشكل مفاجئ |صور    بعد دخول قائد الطائرة الحمام وإغماء مساعده.. رحلة جوية تحلق بدون طيار ل10 دقائق    الإفتاء توضح فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة.. وغرة الشهر فلكيًا    "أونروا": المنظمات الأممية ستتولى توزيع المساعدات الإنسانية في غزة    شقق متوسطى الدخل هتنزل بكرة بالتقسيط على 20 سنة.. ومقدم 100 ألف جنيه    السفير المصري ببرلين يوجه الدعوة للشركات الألمانية للاستثمار في مصر    تشديد للوكلاء ومستوردي السيارات الكهربائية على الالتزام بالبروتوكول الأوروبي    ماذا تفعل المرأة إذا جاءها الحيض أثناء الحج؟.. أمينة الفتوى ترُد    "أمين عام مجمع اللغة العربية" يطلب من النواب تشريع لحماية لغة الضاد    المغرب: حل الدولتين الأفق الوحيد لتسوية القضية الفلسطينية    مكتب الإعلام الحكومي بغزة: تصريحات يائير جولان إقرار واضح بجريمة الإبادة الجماعية ضد شعبنا    هل يجوز الحج عمن مات مستطيعًا للعبادة؟.. دار الإفتاء تُجيب    الحبس 3 سنوات لعاطلين في سرقة مشغولات ذهبية من شقة بمصر الجديدة    نقابة الفنانين السورية تنعي بطلة «باب الحارة»    عاجل- الصحة العالمية تُعلن خلو مصر من انتقال جميع طفيليات الملاريا البشرية    بعد تداول فيديو.. ضبط قائد سيارة حاول الاصطدام بسيدة على محور 30 يونيو    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليبرالي نصف الوقت!
نشر في العالم اليوم يوم 05 - 05 - 2005

يبدو أن الليبرالية لدينا لها مفهوم مختلف تماما عن المفهوم الذي يعرفه الكافة والسائد في جميع أنحاء العالم.
الليبرالي لدينا يظل يشيد بحرية الرأي ويلح عليها ويرحب بالنقد ويصر عليه، ولا يزعجه أن أن يتعرض شخصيا للنقد من جانب الآخرين، ولا يضايقه أن يخالف أحد رأيه، ولا ينكر علي الآخرين آراءهم المغايرة أو حتي المناقضة لرأيه ولا يسعي لمصادرة هذه الآراء المخالفة لرأيه، بل علي العكس يبدي دائما قبوله لها تطبيقا لمقولة لوتير الشهيرة: "رأيي يخالف رأيك ولكني علي استعداد لأن أضحي بحياتي دفاعا عن حقك في التعبير عن رأيك"
ولكن عندما ينتقل الليبرالي من مقاعد المواطنين العادين ليجلس علي أحد مقاعد المسئولين ينقلب حاله تماما ويتغير كثيرا.. ينسي كل مبادئه القديمة ومواقفه، ويتحول إلي شخص آخر، يضيق صدره بالنقد، ويعتبر النقد لسياساته وتصرفاته وقراراته هجوما علي شخصه وذاته.. ويعتبر رأيه دائما هو الصواب ورأي الآخرين خطأ.. بل لعله أحيانا يعتبر مجرد أن يدلي أحد برأيه جريمة يجب أن يعاقب عليها!
مفهوم طبعا أن نصادف مسئولين يزعجهم النقد ولا يحترمون آراء الآخرين المخالفة لآرائهم، ويحبون دائما الاشادة المستمرة بهم وبما يفعلونه.. ولكن الذي ليس مفهوما أن يكون من بين هؤلاء المسئولين من يعتنقون الليبرالية، وكانوا يناضلون من أجل تطبيقها في الاقتصاد والسياسة وكل شئون الحياة.. فهل مقاعد السلطة لها هذا التأثير العجيب والغريب في معتقدات البشر وآرائهم ومواقفهم الفكرية والسياسية إلي هذا الحد؟.. أم أن هؤلاء السادة الليبراليين ليسوا بليبراليين حقا وإنما كانوا يتظاهرون فقط بذلك، ربما لأنها موضة العصر، أو لأنها الوسيلة الأكثر نجاحا للوصول إلي مقاعد السلطة؟
نعم.. إن مفهوم الليبرالية ذاته يتعرض الآن لاعتداء صارخ وحاد في العالم كله سواء في جانبه السياسي أو جانبه الاقتصادي.. حيث تتعرض حريات المواطنين العاديين حتي في أعتي البلاد الليبرالية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، لاعتداءات وتجاوزات صارخة.. وحيث تتعرض حقوق المواطنين الاقتصادية والاجتماعية، خاصة للبسطاء وغير القادرين للانتقاص والاهمال لدرجة شاع معها في أوروبا أن الليبرالية الجديدة في العالم صارت ليبرالية متوحشة، في ظل سيطرة المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية، الذين اتخذوا إجراءات عديدة تحد من حريات المواطنين، وتمنح أجهزة الأمن سلطات واسعة في الاعتقال أو التفتيش والمراقبة، وأيضا انجازوا للأغنياء علي حساب أبناء الطبقة الوسطي، خاصة فيما يتعلق بالعمل والتأمين الصحي والضرائب علي وجه التحديد.
ولكن.. كل ذلك رغم جسامته وضخامته وتأثيره الهائل علينا في مصر لا يبرر أن يناقض الليبرالي نفسه وينقلب علي أفكاره ومبادئه بهذا الشكل عندما تتاح له الفرصة للجلوس علي أحد مقاعد المسئولين.
ولا أقصد هنا أن المحافظين الجدد مازالوا يتظاهرون بالليبرالية أو أنهم لا يفعلون مثلما يفعل بعض الليبراليين في مقاعد المسئولين عندنا حيث إنهم لم يخلعوا أردية الليبرالية كلها ولا يصادرون الآراء المخالفة لهم، وإن كانوا لا يستجيبون لها بالطبع، مثلما حدث بشكل صارخ جدا في حرب العراق، حينما لا تثنهم المعارضة الأوروبية القوية والرفض العالمي الواسع عن شي هذه الحرب علي العراق وغزو أراضيه.
ولكن الذي أعنيه هنا هو اصرار بعض الليبراليين حينما يصلون إلي مقاعد المسئولية علي الازدواجية في العمل.. يسعون إلي تطبيق سياسات مفرطة في الليبرالية في المجال الاقتصادي.. بينما يسلكون مسلكا معاديا تماما لليبرالية في مواقفهم السياسية والعمل العام.
فهم متحمسون جدا لالغاء الدعم والاسراع ببيع كل الشركات العامة بلا استثناء ويستخفون بمن يتحدثون عن شركات استراتيجية يجب الاحتفاظ بها.
وهم يرفضون بل ويستنكرون مجرد المشاركة الحكومية في توفير بعض فرص العمل، ويسعون للتخفف سريعا وبشكل متعجل من كثير من الاعباء الاجتماعية في شتي المجالات، التعليم والصحة وغيرها ولكنهم في المقابل لا يقبلون أن ينقذهم أحد أو يتحفظ علي بعض قراراتهم وأعمالهم.
ويرفضون مجرد سماع الرأي المخالف، ويعتبرون رجسا من عمل الشيطان، لأنهم في اعتقادهم هم وحدهم الذين يملكون ناصية الحقيقة، ويحتكرون الحكمة وحدهم، كما أنهم وحدهم هم الذين يفهمون.
وهذا أمر غريب وعجيب.. كيف يكون المرء ليبراليا في أمر ومعاديا لليبرالية في أمر آخر؟ أو كيف يكون نصف ليبرالي ونصف معادي لليبرالية؟! هنا من حقنا أن نتشكك في ليبرالية مثل هذا المسئول.. فهي ليبرالية غير صادقة أو مفتعلة وغير سليمة أو أنه يتظاهر بالليبرالية بينما يضمر في صدره أفكاره ومبادئ أخري تماما مناقضة لمفهوم الليبرالية.
ولن يصدق أحد أن مثل هؤلاء ليبراليين حقا إلا إذا تخلصوا من هذه الازدواجية الغريبة والمستهجنة، وانتهجوا سبيلا واحدا في كل الأمور وكل المجالات، وطبقوا مبادئ الليبرالية مع المخالفين لهم في الرأي، وعادوا يتقبلون النقد، ولا يعتبرون من ينقدهم عدوا أو خصما لهم، لأنه لا يصح أن تكون ليبراليا نصف الوقت فقط!
فهل سيحدث ذلك؟ نتمني.. ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.