يقدر الخبراء ثمن ثلثي احتياطيات صندوق النقد الدولي من الذهب بنحو 42 مليار دولار فهل تستطيع الأسواق أن تستوعب هذه الكمية إذا طرحت خلالها مباشرة أم أن البيع سيتم للمصارف المركزية. يري د. سمير رضوان خبير في شئون البورصات المالية والاقتصاد الإسلامي بالجامعة الأمريكية أن بيع احتياطيات صندوق النقد الدولي من الذهب يكون بالطرح في السوق بصفة عامة حيث يمكن للبنوك المركزية في مختلف دول العالم شراء احتياجاتها وفي نفس الوقت يكون للمؤسسات والشركات فرصة للشراء. ويقول د. رضوان إنه من الواضح أن الصندوق ليست لديه استراتيجية وتوجه محدد في عملية البيع وهل يبيع للبنوك المركزية أو لمؤسسات تتعامل في المعادن النقدية؟ ويتصور د. رضوان أنه إما أن يعلن صندوق النقد الدولي عن رغبته في بيع جزء من أرصدته فتسارع البنوك المركزية ممثلة لحكوماتها للشراء وإذا كانت راغبة في زيادة رصيدها من الذهب كغطاء أو أن تسارع المؤسسات التي تقوم بعمليات المضاربة في بورصات العقود علي الذهب أو تلك الراغبة في الاحتفاظ برصيد ذهبي يوازي احتياجاتها بتقديم عطاءات شأنها في ذلك شأن عطاءات أذون الخزانة التي تصدرها البنوك المركزية في بيع المزايدة. ويري د. سمير رضوان أنه في وسع الصندوق عرض الرصيد الذهبي للبيع في البورصات ولكنه لن يفعل ذلك حتي لا تتأثر أسعار الذهب بزيادة المعروض ويقول إنه من الأفضل أن يكون البيع علي فترات زمنية قصيرة أو متباعدة وفقاً لتوجهات السوق ومؤشرات العرض والطلب علي الذهب. ويشير د. سمير إلي أنه مع تراجع قاعدة الذهب حيث كان يقاس قديما قوة العملة لدولة ما بما تمتلكه من ذهب أو فضة أصبح الآن يقاس بحجم السلع والخدمات التي تمتلكها الدولة أي بالناتج القومي الإجمالي مما يضعف إقبال البنوك المركزية علي الذهب كغطاء نقدي. ويري د. رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية أن البيع سيكون بطرح الكمية للجميع سواء للبنوك المركزية في دول العالم أو للشركات والمؤسسات ومن لديه استعداد للشراء سوف يشتري ليس شرطاً أن يبيع لجهة محددة، ويضيف د. رشاد أن قيام صندوق النقد بطرح هذه الكمية والتي تقدر بنحو 42 مليار دولار جاء بعد دراسة لاحتياجات السوق ومتطلباته موضحاً أن النظام النقدي في العالم مر بمراحل متعددة فكانت البداية تقتضي ضرورة وجود غطاء ذهب يعادل قيمة النقود التي تصدرها الدولة ولكن مع تطور الزمن بدأ الأمر يتغير وعلي سبيل المثال في مصر أصبحنا نقول إنه يمكن أن يكون الغطاء مكونا من 50% ذهباً و50% استرلينياً وفي فترة تالية أصبح الغطاء مكونا من أذون الخزانة وذلك قبل قيام ثورة 52. وأوضح د. رشاد أن تطور نظرية الغطاء الذهبي والتي مر بها الاقتصاد العالمي أثر بشكل كبير علي أسعار الصرف حيث قامت بعض الدول رغبة في تخفيض حجم وارداتها وزيادة صادراتها بتخفيض عملتها وهنا قام الصندوق بوضع ضابط هو منع تخفيض العملة إلا في حدود 2% فقط. ويري د. رشاد أن طرح صندوق النقد الدولي لبيع نحو ثلثي احتياطياته الذهبية يعد فرصة لكثير من الدول التي تريد تقوية مراكزها المالية بالشراء مؤكداً أنه يفضل أن تأخذ البنوك المركزية جزءا من هذه الكعكة تدعيماً لمراكزها المالية ولكنه ليس الزاماً حيث تري دول أخري أن قوة وسلامة موقفها الاقتصادي لا يرتبط بأن يكون غطاءها النقدي من الذهب إنما يتوقف بالدرجة الأولي علي قوة عملتها والضمانات التي تتخذها مقابل إصدارها للأوراق النقدية سواء أذون خزانة علي الدولة نفسها أو أذون خزانة دولة أخري أو جعل احتياطياتها سلة من العملات. ومن جانبه يؤكد د. بكري عطية عميد كلية العلوم المالية والمصرفية سابقاً أن بيع احتياطيات الذهب لصندوق النقد الدولي سواء للبنوك المركزية في دول العالم أو طرحها في الأسواق يتوقف علي الدراسات التي يقوم بها الصندوق والتي ستفصح عن أي الخيارين أفضل وإن رأي د. بكري أنه إذا كان بيع ما يساوي 42 مليار دولار لسداد ديون الدول الفقيرة فمن الأفضل بيعها للبنوك المركزية لتلك الدول لدعم اقتصادياتها أما في حالة طرحه في الأسواق فإن ذلك سيؤثر علي أسعار الذهب ويؤدي إلي انخفاضها. ويقول د. بكري إن قاعدة الذهب لم تعد الأساس بل تراجعت كثيراً مؤكداً أن هناك بنوكا مركزية لا يوجد لديها احتياطي ضخم من الذهب مثل اليابان وأصبح الأساس قوة اقتصاديات الدول وبالتالي قوة عملتها. ويري أن مسئولي صندوق النقد عند قيامهم بالتفكير في بيع هذا الحجم من احتياطياته الذهبية جاء نتيجة لأن ديون الدول الفقيرة بدأت في التأثير بقوة علي حركة الاقتصاد العالمي. ويتساءل حمدي عفيفي مساعد مدير عام المصرف الإسلامي الدولي للاستثمار والتنمية لماذا يفكر صندوق النقد في بيع احتياطياته من الذهب في هذا التوقيت بالذات خاصة أن هناك بنوكاً مركزية مثل سويسرا تقوم ببيع احتياطياتها الذهبية مؤكداً أنه ذلك سيؤثر قطعاً علي س