شددت دراسة علمية علي ضرورة تجنب البنوك المصرية للمخاطر الناجمة عن سعر الفائدة قبل تطبيق اتفاقية بازل "2" ونبهت الدراسة التي أعدها د. عبدالعاطي منسي أستاذ البنوك والتمويل بجامعة القاهرة إلي أن البنوك المصرية تحتاج إلي نظام حديث للتدرج الائتماني بتأليف فريق من المصرفيين والأكاديميين للتوصل لمعايير علمية في مواجهة مقررات بازل "2".. وقال منسي إن الهدف العام من اتفاقية بازل سواء الأولي أو الثانية هو التأكد من الملاءة المالية لرءوس أموال البنوك لمجموعة المخاطر التي يتعرض لها العمل المصرفي، ووضع القواعد والمتطلبات التي تضمن استقرار البنوك كمؤسسات مالية وضمان عدم تعرضها للإفلاس، لما لذلك من تأثير علي الجهاز المصرفي والاقتصاد العالمي. وظهرت اتفاقية Basle Accord-I في شهر يولية 1988 بموافقة ممثلين من الأجهزة المصرفية لاثنتي عشرة دولة هي: الولاياتالمتحدة، فرنسا، ألمانيا، إنجلترا، اليابان، كندا، إيطاليا، بلجيكا، هولندا، السويد، سويسرا، لوكسمبرج. وتهدف إلي الوصول إلي صيغة تحقق التوافق فيما بين الأنظمة والممارسات الرقابية الوطنية فيما يتعلق بقياس ملاءمة رأس المال للمخاطر وتعزيز الثقة والسلامة في النظام المصرفي العالمي ولتقليص المنافسة غير المتكافئة. وحددت الدراسة جوانب الضعف في الاتفاقية الأولي في عدة نقاط أبرزها: 1 لم تأخذ اختلاف الحجم "تأثر المقرض الصغير" في الحسبان. 2 الأوزان الترجيحية مأخوذة علي أساس خطر الائتمان فقط وتم إهمال مخاطر مهمة لا تظهر إلا من خلال العلاقة بين الأصول والخصوم ولا تظهر من تحليل جانب الأصول فقط. 3 لم تأخذ في الحسبان جانب الالتزامات وركزت علي الأصول، كما أن سبباً رئيسياً لفشل بعض البنوك هو عدم المطابقة السليمة بين آجال الأصول والخصوم، ولذلك تأثير علي خطري السيولة وسعر الفائدة. 4 لم تراع الاتفاقية الأخطار الأخري التي يمكن أن تتعرض لها البنوك بشكل مباشر بهيكل أصولها أو خصومها مثل: أخطار العمليات، وخطر الإيرادات، وخطر عدم السيطرة. وبالنسبة لاتفاقية Basle-II فقد وضعت مقاييس لكل نوع من الأخطار أبرزها: 1 قياس خطر السوق. 2 قياس خطر الائتمان. 3 قياس خطر العمليات. كما ركزت اتفاقية Basle-II علي أهمية استخدام معايير قياسية معيارية بجانب معايير التصنيف الداخلية Internal Rating Base (IRB) وذلك بالنسبة لخطر الائتمان، وذلك لما ظهر من اعتراضات علي معايير بازل (1) من جانب الممارسين والأكاديميين، وشددت علي ضرورة مراجعة المعايير القياسية ونتائجها بصفة دورية، وقدمت أسلوباً جديداً بالنسبة لمعايير التصنيف الداخلية IRB بتقديم معايير أكثر حساسية لأنواع معينة لخطر الائتمان. كما قدمت عناصر جديدة لإيجاد التعاون بين المعايير القياسية "النمطية المعيارية" والمعايير الداخلية لضمان معالجة أفضل للمشاريع الصغيرة، والمتوسطة، ووافقت علي إجراء مراجعة لهيكل متطلبات رأس المال الأساسي ليتوافق مع المتطلبات الجديدة للاتفاقية. وقدم الباحث عدة توصيات للبنوك المصرية لمقابلة معايير لجنة بازل 1 و2 وما يستحدث عليها من أبرزها: 1 تدعيم ثقافة العاملين بالبنوك بالفكر المصرفي العالمي وتبني ثقافة التفكير الابتكاري واحتضان الإبداع وجعله أساساً للترقي بدلاً من الاعتماد علي الأقدمية المطلقة فقط، للإبقاء علي هؤلاء المستعدين للتفاعل مع مستحدثات الفكر المصرفي العالمي وانتقاده والمشاركة الفعالة في بنائه بدلاً من الوقوف بين المتفرجين. 2 المعالجة الجريئة لترسبات مشكلات الماضي وتضارب السياسات بالمكاشفة والمصارحة والشفافية والعلم، وبصفة خاصة ديون قطاع الأعمال العام، وليس هناك من سبيل لمزيد من التعمية ووزر وازرة وزر أخري، فالتعمية لا تداوي المشكلات بل تساعد علي استفحال كل ما هو خبيث، والشفافية تساعد في الوقاية التي هي خير من العلاج. 3 بدء البنوك المصرية بالتفكير في إنشاء نظام حديث لها للتدريج الائتماني بتأليف فريق عمل ممثل من المصرفيين والأكاديميين المتخصصين في المجال، وهناك ثقة تامة في إمكانية حدوث ذلك وتوصل الفريق المقترح لمعايير تطبيقية علمية من الممكن أن تحدث تغييراً في الفكر المصرفي العلمي وبصفة خاصة في اتجاه تعديل معايير اللجنة بشكل منطقي علمي تطبيقي يقبله المنصفون. 4 التفكير الجدي في الاندماج لعملقة البنوك المصرية لمقابلة المعايير المستحدثة والمنافسة المصرفية الدولية. 5 يجب أن تنتبه البنوك المصرية لمخاطر سعر الفائدة بشقيه الإيرادي والرأسمالي، وسعر الصرف، فلهما تأثير أقوي في بعض الأحيان من خطر الائتمان علي ربحية والملاءة المالية للبنوك، ومن المتوقع أن تشهد الاتفاقية مزيداً من التعديلات لتشملهما. 6 توجيه مزيد من الاهتمام نحو بناء قاعدة فكرية علمية من مصرفيين يكونون فرق عمل مع الأكاديميين تتناول ليس فقط القضايا المصرفية الملحة ولكن تفكر أيضاً في تهديدات محتملة ونقاط ضعف متوقعة، مع مد جسور التعاون مع الجامعات، فهناك العشرات من الباحثين في المجالات الاقتصادية والإدارية والتجارية يرغبون في إجراء بحوث مصرفية وبدلاً من تشجيعهم والتعاون معهم للمصلحة المشتركة يتم وضع العراقيل أمامهم. 7 قيام كل بنك ببلورة مشكلاته التي يمكن أن يطلع عليها المتخصصون من خارجه وبصفة خاصة المتعلقة بمعايير دولية وطرحها علي المجلس الأعلي للجامعات ليطرحها بدوره علي الباحثين لمستوي الماجستير والدكتوراة وما بعدهما، فهذه وسيلة منعدمة التكاليف تقريباً لحل المشكلات وتحتاج فقط إلي التعاون مع الجادين بإمدادهم بالمعلومات المناسبة، ومشاركتهم في تحليل واستقراء نتائج التحليل وتوصيات بحوثهم، وهذا سبقتنا فيه بنوك عالمية كبري، ويمكن التأكد من صدق ذلك بمراجعة مجلات البحوث المصرفية سواء التي تصدرها البنوك العالمية أو المراكز البحثية الأكاديمية.