أكد د. نبيل زكي أستاذ التمويل والمشتقات المالية بجامعة نيويورك أنه لم يكن يتوقع مطلقا أن يتعرض بنك ليمان براذرز للإفلاس وأن انهيار بنك بهذا الحجم الذي كان يصل مجموع أصوله إلي 670 مليار دولار أمر خطير يتطلب إعادة النظر في المناهج العملية في التمويل خاصة أن ليمان براذرز كان يعد أكاديمية لتخريج الكفاءات المصرفية التي تنتقل إلي كبري المؤسسات المالية العالمية لمجرد أن هذا الموظف تدرب في براذرز. وأوضح د. نبيل زكي أن هذا الأمر يبين شيئا مهما وهو أن البنوك لابد أن تهتم بكل المتغيرات التي أصابت المؤسسات المالية العالمية وتقف علي أسبابها لمعرفة حجم تأثير هذه التطورات عليها، ولكن عيب منطقة الشرق الأوسط أنها تتعامل مع الأزمة الأخيرة علي أنها تخص أمريكا فقط. وينتقد د. نبيل زكي هذا التصور السائد بأن الأزمة ستؤثر علي الاقتصاد الأمريكي فقط وبعيدة عن المنطقة، ولكن الأمر يتطلب اهتماما أكبر من مسئولي إدارات المخاطر بالبنوك لأن العمل بالبنوك ليس مجرد وسيلة للاسترزاق وإنما يقوم علي دراسات متأنية للتمويل الممنوح، ومتابعة للشركات الحاصلة علي قروض بحيث يسهل التحرك بسرعة عند حدوث أي مشكلة. ويري د. نبيل زكي أن البنوك العربية بالمنطقة تعتقد أنها بعيدة عن الأزمة لعدم وجود استثمارات لديها بالمشتقات المالية وهنا أمر يدينها لأنه لو لم يكن لدي البنك استثمارات في المشتقات معني ذلك أنه لا يعمل ولا يقوم بإدارة المخاطر. ويضيف أن هناك بنوكا تقدم لعملائها خدمات التحوط ضد تقلبات سعر الصرف أو الفائدة، وبالتالي تتعرض لمخاطرة، كما أن هناك بنوكا تقوم بدور الوسيط مع بنوك في الخارج لصالح عملائها، لأن العملية مثل الدائرة المتصلة ببعضها البعض فقد يكون البنك لا يتعامل مع بنوك في الخارج ولكنه يقدم الخدمات لعملائه الذين يتعاملون مع بنوك اجنبية، وفي كل الأحوال سيحدث تأثير علي أسواق المنطقة. ويدلل د. نبيل زكي علي قوله بتراجع مؤشر البورصة بالدول العربية بشكل أكبر من أمريكا التي كانت الأساس في الأزمة حيث تراجعت البورصة الأمريكية بمقدار 32%، في حين انخفضت بورصة دبي بنسبة 72%، كما تأثرت مصر بنسبة 56%، والسعودية بنسبة 55%، والكويت بنسبة 38%، مشيرا إلي أن الهبوط الذي أصاب أسواق المال والأسهم أثر بالضرورة علي التدفقات النقدية الخاصة بالعملاء حيث تتراجع قدرتهم علي الوفاء بديونهم وهو ما سينعكس بالضرورة علي سوق الائتمان بطريق غير مباشر، وبالتالي نحن لسنا بمنأي عن الأزمة. وانتقد د. نبيل زكي طريقة تطبيق البنوك المصرية لمعايير "بازل2"، مؤكدا أنها لم تقم بتطبيقها كما ينبغي حيث تركز المصارف علي معيار كفاية رأس المال فقط دون الاهتمام بمعايير بازل الأخري مثل تأهيل انظمة الحاسب الآلي، وتدريب الكوادر البشرية لجعل النظام المصرفي قويا وقادرا علي مواجهة تحديات السوق. ويشير د. نبيل زكي إلي الخسائر التي مني بها ميريل لينش جراء الأزمة المالية حيث تم بيعه لبنك أوف أمريكا ب17 مليار دولار، واعتبر أوف أمريكا أنه خسر مع شرائه لينش وظهر ذلك في ميزانيته علي الرغم من أن ميريل لينش لديه حجم أعمال يصل إلي نصف تريليون دولار، كما تراجعت القيمة السوقية لسيتي جروب إلي 20 مليار دولار بدلا من 255 مليار دولار في منتصف 2007. ويوضح أن حجم ميزانية سيتي جروب كان يصل إلي 2 تريليون دولار وهو أكبر من دخل الدول العربية مجتمعة، وبعد الأزمة تراجع إلي 900 مليار دولار، وكان حجم الأموال التي يستثمرها سيتي بنك نحو 37 مليار دولار. المشتقات ليست أمرا سلبيا أو "بعبعا" ولكن تتوقف علي كيفية إدارة مخاطر الاستثمار فيها، ولابد أن يستخدم البنك المشتقات للتحوط مع ضرورة فهمها جيدا حتي لا يسيء استخدامها. وأوضح أن حجم الاستثمار في المشتقات علي مستوي العالم بلغ 668 تريليون دولار في أكتوبر 2008 وهو ما يعادل 12 مرة حجم مجمل الدخول القومية في العالم التي تصل إلي 54.3 تريليون دولار. وأشار إلي أن فريق الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش المكون من بن برنانكي محافظ الاحتياطي الفيدرالي، ووزير المالية السابق هنري بولسون الذي كان رئيس أكبر مؤسسة مالية "جولد مان ساكس" فريق كفء، ولكنه لم يستطع أن يحقق نجاحا لأن العالم تغير والعولمة كان لها آثار سلبية ومخاطر علي الاقتصاد، ولم يكن لديهم القدرة علي تحديد هذه المخاطر ومن الطبيعي أن تتأثر الدول القوية ولذلك تعرضت أمريكا للأزمة في البداية. ويري د. نبيل زكي أن الاقتصادات بمنطقة الشرق الأوسط هشة ولذلك تتأثر بالأزمة، مشيرا إلي أن بنك الخليج الكويتي قام بالاستثمار في مشتقات مالية خطرة. دون دراسة جيدة.