عندما قررت الحكومة في سبتمبر الماضي رفع سعر السولار من 40 قرشا الي 60 قرشا للتر تكهن البعض بان ذلك بداية لرفع اسعار المنتجات البترولية الاخري ومنها البنزين والذي ظلت اسعاره ثابتة علي مدي ما يقرب من ثلاثة عشر عاما. وجاءت تصريحات رئيس الوزراء فيما بعد لتؤكد هذا الاتجاه عندما ألمح الي ضرورة الكف عن دعم بنزين أصحاب السيارات الفارهة وفجأة ومنذ عدة ايام ودون اية مقدمات نفاجأ باختفاء البنزين 90 من بعض محطات التموين واستبداله بالبنزين 92 والذي يزيد سعره الي 140 قرشا بفارق حوالي 40 قرشا في اللتر بينه وبين البنزين 90. واشتعل الجدل بين من يؤكد ان هذه بداية تحريك اسعار البنزين وبين نفي الحكومة لوجود نقص في البنزين 90 وهو الأمر المحير فكيف تنفي الحكومة ظاهرة يلمسها المواطنون في ممارستهم اليومية؟ ولماذا لا تعلن الحكومة تفسيرا للظاهرة بدلا من نفيها الذي يؤدي لفقدان الثقة وتزايد الاشاعات؟ وما السبب الحقيقي وراء اختفاء البنزين 90؟ هل هو طرح منتج اكثر جودة فقط؟ وهل فرق الجودة بين نوعي البنزين يستحق هذا الفرق في سعريهما؟ أم ان الحكومة قد بدأت في رفع الدعم عن المنتجات البترولية؟ وإذا كان ذلك هو الحقيقة فلماذا لم تعلنها؟ وهل يكون أصحاب محطات البنزين وراء هذه اللعبة؟ هذه التساؤلات والتي أشعلها اختفاء البنزين 90 من بعض المحطات يجيب عنها الخبراء بداية قامت "الأسبوعي" بجولة في عدد من محطات تموين البنزين لاستجلاء حقيقة نقص المعروض من فئة البنزين 90.. ويوضح مديرو عدد من محطات البنزين في منطقة فيصل بالهرم وشارع رمسيس والمهندسين ومدينة نصر: ان اصحاب محطات البنزين ابرياء من اختفاء البنزين 90 وليس لهم مصلحة في اختفائه فعلي الرغم من ان المحطة تربح في لتر البنزين (80 و90) 5 قروش ويزيد ربحها في لتر البنزين 92 الي 7 قروش الا ان معدل بيع البنزين 80 و90 اعلي من معدل بيع البنزين 92 والذي مازال الطلب عليه محددوا رغم طرحه منذ ما يقرب من 7 اشهر فهو لا يناسب الا الاماكن الراقية فقط وهذا ما لمسته "الاسبوعي" في محطة تموين بالمهندسين حيث قال احد العمال بها ان هناك اقبالا نسبيا علي بنزين 92 و95. الدكتور امين مبارك رئيس لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشعب طالب بترشيد دعم المنتجات البترولية فقد اكد ان ما حدث من اختفاء البنزين 90 من بعض المحطات واحلال البنزين 92 مكانه قد حدث في محطات البنزين بالاحياء الراقية فقط والتي تتعامل مع طبقة اجتماعية تستطيع ان تدفع سعر البنزين 92 وليس لديها مشكلة في ذلك بل علي العكس فان نوعية السيارات التي يملكونها من الانسب لها استهلاك البنزين 92. ومع ذلك فان البنزين 90 متواجد في جميع محطات البنزين ومتاح لمن يريده وكان يمكن ان تحتوي المحطات علي الانواع الثلاثة 80 90، 92، لو ان المحطة بها مضخات لجميع الأنواع ولكن ما حدث هو محاولة من اصحاب المحطات لزيادة مبيعات البنزين ال92 فتم احلاله محل البنزين 90 في بعض الاماكن مع الاحتفاظ بالبنزين 80 في كل المحطات وبالتالي ليس هناك مشكلة. الدكتور رضا محرم رئيس قسم التعدين بكلية الهندسة جامعة الازهر: يبدأ حديثه مؤكدا علي ان هناك تباينا بين اختفاء البنزين 90 من العديد من محطات البنزين والذي اكدته المشاهدات الواقعية وبين تصريحات الحكومة بان البنزين 90 متوافر وكل شيء علي ما يرام ويتساءل: لماذا نصدق تصريحات الحكومة؟ ونكذب مشاهداتنا مشيرا الي ان التصريحات تتنافي مع الواقع. واضاف د. رضا انه مع ضرورة ان نستخدم بنزين عالي الاوكتين وبالتالي فان احلال البنزين 92 محل البنزين 90 يعد تقدما مطلوبا في استخدامنا للطاقة ولكن المشكلة هي عدم قيام الحكومة باعلان الامر بصراحة ومناقشة جميع الجوانب الفنية والاقتصادية لاستبدال البنزين 90 -بالبنزين 92- ويعترض د. محرم علي ما جاء بالتصريحات الرسمية من ان السعر العالمي للبنزين يصل الي 10 جنيهات واوضح انه حتي في الدول التي تستورد البترول وتنقله آلاف الاميال لا يتعدي سعر جالون البنزين الذي يقدر ب4 لترات حوالي 2 دولار في الولاياتالمتحدةالامريكية وبذلك يكون سعر اللتر لا يتعدي نصف دولار اي حوالي ثلاثة جنيهات وليس عشرة كما يقول رئيس الوزراء. واستطرد د. محرم موضحا ان البديهي ان يتحدد سعر السلعة بناء علي تكلفتها وبذلك لا يمكن مقارنة سعر البترول في مصر مع سعره في دول تستورد البترول وتنقله لمسافات طويلة ويتحمل السعر بتكاليف النقل او الجمارك وغيرها. واكد ان البترول المصري ملك للمواطنين المصريين فهو مورد مستخرج من ارضنا ويجب ان نستفيد من ذلك برخص سعره ومع ذلك فان وزارة البترول تغطي تكاليف استخراج هذا البترول وتحقق ارباحا من بيع المنتجات البترولية في مصر ويتساءل مجددا: اين الدعم الذي يتحدثون عنه اذا؟!