جذب وتشجيع الاستثمار هدف قومي محل اتفاق عام. تحت ذلك الهدف الأساسي والعنوان الرئيسي تظهر العديد من التساؤلات الرئيسية الخاصة بتحقيق ذلك الهدف بما يحقق أكبر فائدة اللاقتصاد القومي والتنمية الشاملة المستهدفة في مصر، ويمكن تلخيص كل ذلك في التساؤل التالي: ما أولويات الاستثمار في مصر؟ عرضت "الأسبوعي" السؤال علي عدد من خبراء الاقتصاد الذين أكدوا ضرورة وجود رؤية واضحة لهذه الأولويات التي تحقق الأهداف المطلوبة من التنمية الاقتصادية الشاملة التي تستهدفها مصر وتتمثل في: جذب الاستثمارات وتوفير فرص العمل المطلوبة.. وتحقيق أعلي قيمة مضافة للاقتصاد المصري. في البداية يوضح الدكتور وجيه دكروري أمين عام اتحاد غرف مجموعة ال15 ان أولويات الاستثمار لابد أن ترتبط بالسياسة الصناعية لمصر، مطالباً بالتركيز علي صناعات المستقبل ذات القيمة المضافة العالية، والتي يمكن لمصر أن تغزو بها الأسواق العالمية وتضمن تحقيق قاعدة صناعية ترتكز علي سوق واسعة، مشيراً إلي أن السوق المصري لا يتمتع بقوة شرائية كبيرة رغم تعداده السكاني الكبير ولذلك فإن وجود أسواق جديدة يعد حجر الزاوية في جذب الاستثمارات. يري د.وجيه أن الاتفاقيات التجارية التي تعقدها مصر مع العديد من الدول توفر أسواقاً واسعة، وهو أمر يجب أن ندعمه بالتركيز علي الاستثمار في "صناعات الريادة" والتي ستشكل مستقبل الدول، وهي الصناعات الالكترونية وصناعات الفضاء والصناعات الذرية والتي تتميز بقيمتها المضافة العالية، ويتطلب ذلك أن تقوم الحكومة من خلال برنامج تحديث الصناعة بانتقاء مجموعة من الصناعات تكون لها الأولوية في جذب الاستثمار وأن تعدد جميع الدراسات لترويج الاستثمار في هذه الصناعات حتي يمكن لمصر أن تحتل موضع قدم ريادي في الاستثمار في صناعات الغد قبل أن يفوت الوقت. أولويات ويتفق مع الرأي السابق الدكتور محمد عسكر أستاذ الإدارة بالجامعة الأمريكية ويؤكد أننا نحتاج لإيجاد مناخ يساعد علي الاستثمار في المجالات الابتكارية علي أن تقوم علي المعرفة كمدخل أساسي لهذه الاستثمارات، ويضرب د.عسكر المثال بدولة مثل الهند التي استطاعت أن تغزو العالم بصادراتها من البرمجيات والتي تعتمد أساساً علي عقول أبنائها. وأضاف د.محمد عسكر إن مصر بها عقول متميزة تحتاج فقط لتوفير المناخ الملائم للاستفادة منها، وينصح بأن يتم التركيز علي مجالات تكنولوجيا المعلومات والتي يمكن أن تجذب استثمارات هائلة. أما الدكتور أحمد جلال المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية فيطالب بالتركيز علي المجالات التي يمكن من خلالها جذب الاستثمارات الضخمة مثل مجالات البنية الأساسية. من طرق وكهرباء واتصالات وغيرها، ويوضح إن هذه المجالات تتطلب تسهيلات خاصة لجذبها، وخاصة بالنسبة للمستثمر الأجنبي الذي يحتاج لإطار جيد للعمل خاصة في النشاطات التي تتميز بنوع من الاحتكار، كما يقيم ربحيته بعوامل عديدة أهمها التسعير ووجود جهاز رقابي قوي. ويلفت د.أحمد جلال إلي أن الاستثمار في مجالات معينة مثل الكهرباء يحتاج لترتيبات خاصة، مشيراً إلي أن دولاً مثل تشيلي وماليزيا والأرجنتين قامت بوضع إطار جيد للرقابة علي قطاع الاتصالات وحددت أسعاراً لخصخصة هذا القطاع علي أساس اقتصادي مما جعلها تحقق نتائج ممتازة حيث حصلت المكسيك علي أكثر من 12 مليار دولار من خصخصة قطاع التليفونات فقط. قطاعات التنمية الشاملة ومن جانبها تؤكد الدكتورة هبه حندوسة أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية والمنسق لتقرير التنمية البشرية في مصر عام 2004 ضرورة الاهتمام بالسياحة باعتبارها من أهم القطاعات التي تتمتع فيها مصر بميزة نسبية ويمكنها جذب استثمارات كبيرة. وأضافت ان السياحة من أكثر المجالات استيعاباً للأيدي العاملة، كما أنها تساعد علي زيادة فرص العمل في مجالات أخري مرتبطة باحتياجات السائحين، مما يجعل الاستثمارات السياحية هي الرائدة في تحقيق غاية الاستثمار وهو توفير فرص العمل. وتضيف الدكتورة يمن الحماقي أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس وعضو مجلس الشوري بأن قطاعي الزراعة والصناعة يجب أن تكون لهما الأولوية في جذب الاستثمارات أولاً: لأنهما من القطاعات كثيفة الأيدي العاملة مما يساعدنا في القضاء علي مشكلة البطالة، وثانياً: لاحتياجنا الشديد لسد حاجتنا من الغذاء والذي ننفق الكثير من العملة الصعبة لاستيراده، كما أن تطوير صناعتنا هو ضرورة لتقدمنا بشكل عام. ومن جانبه يشير الدكتور مختار الشريف الخبير الاقتصادي وعضو اللجنة الاقتصادية بالحزب الوطني إلي أن السوق هو الذي يحدد المجال الذي مازال غير متشبع ويحتاج للمزيد من الاستثمارات، وطالب بأن تقوم وزارة الاستثمار بإعداد خريطة استثمارية مفصلة توضح بها أولويات السلع والخدمات المطلوب الاستثمار بها، وكذلك المناطق التي يمكن الاستثمار بها والمزايا التي تعود علي المستثمر في كل سلعة أو خدمة أو منطقة. ويوصي د.مختار بأن يتم منح حوافز استثمارية للمجالات والمناطق التي نضع لها الأولوية واعتبر أن المناطق الصناعية في المدن الجديدة يجب أن تحظي بأعلي المميزات نظراً لأن الاستثمار بها يحقق هدفاً قومياً وهو الخروج من الوادي الضيق وايجاد مجتمعات عمرانية جديدة.