وجه د. محمود محيي الدين وزير الاستثمار انتقادا حادا للقطاع المصرفي واتهمه بالتوقف عن منح تسهيلات ائتمانية للقطاع الخاص مما يؤدي إلي اعادة تحقيق أهداف التنمية. وقال محيي الدين: إن القطاع الخاص لم يحصل علي أية تسهيلات من البنوك خلال الفترة الأخيرة، مؤكدا أن البنوك أصبحت تفضل الاستثمار في شراء الأوراق المالية وسندات البورصة بدلا من تقديم تسهيلات ائتمانية للمستثمرين وأصحاب المشروعات. وعلي الجانب الآخر رفض مسئولو البنوك الاتهامات مؤكدين أن البنوك لم تتوقف عن منح التسهلات الائتمانية لأصحاب المشروعات الجادة والناجحة وانها مازالت تمنح تسهيلات بناء علي قواعد سليمة ومشروعات حقيقية بعكس ما كان يحدث في الماضي. أكد المهندس محمد عبدالوهاب وزير الصناعة السابق ورئيس البنك المصري التجاري علي أنه توجد سيولة كبيرة لدي البنوك ولكن البنوك تشدد في منح الائتمان في الفترة الأخيرة نتيجة لحالات التعثر التي شهدها القطاع وصعوبة استرداد المديونيات المستحقة لدي عدد من العملاء المتعثرين. ونفي عبدالوهاب توقف البنوك عن منح التسهيلات الائتمانية للقطاع الخاص مشيرا إلي أن ما حدث هو العودة من جديد إلي احترام القواعد السليمة للائتمان بعد اهدارها علي يد عدد من قيادات البنوك السابقين. وقال إن البنوك لم تتوقف عن منح تسهيلات لمشروعات جديدة أو الدخول في شراكة مع العميل لإدارة المشروع وخروجه من تعثره طالما أنه تعثر لظروف خارجة عن ارادته ونتيجة للظروف الاقتصادية السيئة. وأكد رئيس البنك المصري التجاري علي أن البنوك تتبع حاليا سياسة جديدة لمنح القروض علي أساس لا يزيد حجم القرض الممنوح علي 40% من رأسمال المشروع وعدم تقديم القرض في شكل نقود سائلة وإنما في شكل شيكات بأسماء الجهات المتقدمة للمشروع بجانب الاشراف الفعلي من البنك علي التنفيذ. وقال محمد عبدالوهاب إن وزير الاستثمار كان عضوا لمجلس إدارة البنك المركزي قبل توليه المنصب الجديد وبالتالي فهو علي علم بالتجربة التي مرت بها البنوك وإذا كان هناك تراجع عن أداء وظيفتها كان يجب عليه اقتراح طرق لتشجيع البنوك علي القيام بوظيفتها بدلا من توجيه الانتقادات للبنوك. وأضاف أرفض تحميل البنوك المسئولية الكاملة عن توقف المشروعات الجديدة ولكن يجب علي الحكومة أن تعترف بالمشكلة وتقوم بحلها بدلا من القائها علي عائق البنوك. أشار إلي أن الحكومة تستطيع إعادة الثقة المفقودة بين البنوك والقطاع الخاص وعليها أن تشجعها علي العودة مرة أخري لمنح قروض من جديد من خلال تقديم مزايا وحوافز ضريبية للمصارف التي تقدم تسهيلات ائتمانية لمشروعات جديدة كإعفاء فوائدها من الضرائب مثلا. مؤكدا أن أحد أسباب إحجام البنوك عن تقديم القروض يرجع إلي عدم وجود تنمية حقيقية وعدم ظهور مجالات جديدة للاستثمار وكذا عدم إنشاء شركات أو مشروعات جديدة يمكن من خلالها توجيه الاستثمارات إليها. وأشار عبدالوهاب إلي أن وجود عدد كبير من المستثمرين هربوا بعمل باستثماراتهم خارج مصر للعمل في الدول العربية والأوروبية بسبب التعقيدات الروتينية والبيروقراطية ولبنوك ليست سببا مباشرا لهروبهم مؤكدا إذا قامت البنوك كلها وأعلنت عن استعدادها لتمويل مشروعات جديدة فإنها لن تجد من يتقدم للحصول عليها لأن هناك خوفا من الافراد من الخسارة نتيجة عدم التنمية الحقيقية للسوق. واتفق مع الرأي السابق علي نجم محافظ البنك المركزي السابق ورئيس الدلتا الدولي الذي أشار إلي أن البنوك تفضل الاستثمار في الأوراق المالية بدلا من فتح تسهيلات جديدة قد تؤدي إلي ايجاد المزيد من حالات التعثر وأضاف أن الاستثمار في شراء أذون خزانة وسندات طويلة الأجل يمثل بديلا جيدا وفعالا لاستثمار ما لديها من سيولة بدلا من تقديم القروض. وقال إن هذا الاستثمار لا يعبر عن الدور الحقيقي للقطاع المصرفي ولكنه جاء نتيجة لحالات التعثر مما دفع البنوك إلي هذا الحل مشيرا إلي أن البنوك التي تعرضت لأعلي نسبة من التعثر هي التي لجأت لهذا الحل. وقال نجم إن البنوك لم تتوقف عن منح التسهيلات الائتمانية فهي تقدم تسهيلات ولكن للمشروعات الناجحة التي تقوم علي أسس سليمة ومدروسة جيدا فإذا وجه مشروع جيد له دراسة جدوي لن تتقاعس البنوك عن منحه الائتمان المطلوب. وقال طارق حلمي الرئيس التنفيذي لبنك المؤسسة المصرفية العربية ABC (مصر) إن مشكلة التعثر الموجودة حاليا ترجع إلي عام 1992 حيث كانت البنوك تعاني من تضخم السيولة لديها وتريد استثمارها مما جعل بعض البنوك (تجري) وراء كبار العملاء الذين يمتلكون أنشطة كبيرة وتمنحهم قروضا دون التشدد علي وجود الضمانات الكافية فوجدت نفسها أمام كارثة وهي هروب المليارات إلي الخارج والتي لم تعد حتي الآن وأدت إلي ضياع كثير من أموال البنوك.